دور التحول الشبكي في تحقيق السيادة الرقمية

الذكاء الاصطناعي (بيكسابي)
برزت مؤسسة الشبكات المفتوحة "أو إن إف" (ONF) في أميركا في العقد الماضي، لتقود حقبة جديدة من الابتكار (مواقع التواصل)

٢في عالم اليوم، هناك 3 شبكات تتكامل سويا لتمكين التحوّل الرقمي وتسهيل العمليات التجارية التي سوف تؤثر بشكل إيجابي على تجربة العملاء، هذه الشبكات هي:

  • شبكة الوصول اللاسلكية، وعادة ما تكون مدارة ومتحكما فيها من قبل مزودي الخدمات والمشغلين في الدولة.
  • شبكة الحوسبة السحابية، وهي شبكة عامة تحتاج إلى الإنترنت للوصول لخدمتها.
  • وأخيرا شبكات الشركات والمؤسسات، التي تعتمد على شبكة الوصول اللاسلكية في الاتصال بشبكة السحابة. وتلعب شبكة الوصول اللاسلكية دورًا مهمًا من خلال تسهيل خدمات الاتصال التي تمكّن شبكات المؤسسة من الاستفادة من خدمات الحوسبة السحابية.

تُستخدم تلك الشبكات الثلاث تقنيات تقليدية قديمة، وعليه تواجه تحديات مستمرة من حيث الأداء، وتوزيع الأحمال، وإدارة حركة مرور البيانات، لذلك فهي لا توفر الحدّ الكافي من المرونة والانسجام بين أجهزة الشبكة المختلفة، لأن طبيعتها ذات وظائف ثابتة وليست ديناميكية، ويتم تهيئتها يدويا، مما يجعلها أكثر عرضة للأخطاء، ولا تدعم الأتمتة في الخدمات، كما أنها لا تتيح الابتكار والتطوير في طريقة عملها.

لا تزال شبكات المؤسسات والشركات تستخدم أجهزة الشبكة التقليدية، مثل الموجهات وأجهزة التبديل وحتى أجهزة الحماية، مثل الجدار الناري. هذه الأجهزة تم تصميمها منذ عقود، وبالرغم من ذلك نحاول أن نستخدمها في التحول الرقمي الكامل!

لتحقيق المرونة المطلوبة في خدمات الشبكة والاستفادة الكاملة من الخدمات السحابية والحفاظ على الأداء والموثوقية والجودة، تحتاج شبكة الوصول اللاسلكية إلى تغيير جذري في هيكلها الأساسي. هذا التغيير يجب أن يُدعم بالبرمجة والأتمتة من خلال تقنية الشبكات الافتراضية، لتكون متسقة مع تقليل تكاليف التشغيل وخفض تكلفة رأس المال، وعليه يمكن القول إن شبكة الوصول اللاسلكية الحالية فشلت في تلبية متطلبات تحقيق التحول الرقمي المنشود.

تكمن المشكلة في أن توجّه المؤسسات نحو تطبيق التحول الرقمي، يصاحبه حاجة إلى تحسين الأداء والمراقبة والأمن لشبكتها بشكل كبير، وفي نفس الوقت، يجب عليها أيضًا الحفاظ على معقولية التكلفة. فعلى سبيل المثال، تحتاج التطبيقات الحرجة إلى سعة كافية لنقل البيانات في الشبكة مع زمن كمون منخفض، وإمكانية التنقل السريع. هذه الاحتياجات تختلف من تطبيق إلى آخر، حيث إن لكل تطبيق قواعد أمان وخصائص أداء خاصة به، لذلك تحتاج الشركات إلى تحويل شبكتها لدعم المتطلبات الجديدة.

بالرغم من التطور الكبير والحلول الجديدة من مصنعي أجهزة الشبكة، فإنها ظلت عاجزة عن إحداث أي تغيير جوهري في تحسين هيكل البنية التحتية للشبكة، وذلك لأن جميع حلول الشبكات مغلقة، ولا تتيح الابتكار والتطوير في خدمات الشبكة لمن هم خارج الشركات المطورة، إضافة إلى ذلك فهي باهظة التكاليف، لذلك جاءت الحاجة إلى خلق بنية تحتية مفتوحة وقوية ومؤمنة وبسيطة ذات تكلفة منخفضة وسهلة التعامل.

برزت مؤسسة الشبكات المفتوحة (ONF) في أميركا في العقد الماضي، لتقود حقبة جديدة من الابتكار في مجال الشبكات، متبنية أنظمة مفتوحة المصدر تدعم البرمجة من خلال تقنية الشبكات المعرفة بالبرمجة، اعتمادا على تقنيات مفتوحة المصدر، مما مكن من تصنيع أجهزة جديدة للشبكة القابلة للبرمجة. تعمل هذه التقنية الجديدة على إعادة هيكلة شبكات الوصول اللاسلكية بشكل فعال، لينعكس ذلك في أداء شبكات الحوسبة السحابية وشبكات المؤسسات. وبذلك مهدت "إن إف أو" (ONF) الطريق نحو التحول الشبكي الكامل وتعزيز مبدأ السيادة الرقمية، والتي تعد البنية التحتية للشبكة من أهم أدواته.

عرفت "إيه دبليو إس" (AWS) التحول الشبكي بأنه "إعادة تصميم الشبكات بالكامل بما في ذلك: شبكة السحابة، وشبكات المنطقة الواسعة (WAN)، والفروع، ومراكز البيانات، وشبكات اتصال المستخدم عن بُعد، والبنية التحتية لأمن الشبكة".

يفتح التحول الشبكي الباب أمام إمكانيات جديدة لخفض التكاليف بنسبة 50% في التكلفة الإجمالية للملكية من خلال الأنظمة الأساسية المفتوحة والأتمتة، وزيادة 30% في تحسينات إنتاجية القوى العاملة لتحسين العمليات، وخفض الجهود اليدوية بنسبة 82% باستخدام أدوات البيانات السحابية. وعليه فإن التحول الشبكي الكامل سيضع الشركات على طريق التحول الرقمي بوتيرة أسرع.

هل التحول الشبكي يسرّع التحول الرقمي؟

لا تزال شبكات المؤسسات والشركات تستخدم أجهزة الشبكة التقليدية، مثل الموجهات وأجهزة التبديل وحتى أجهزة الحماية، مثل الجدار الناري. هذه الأجهزة تم تصميمها منذ عقود، وبالرغم من ذلك نحاول أن نستخدمها في التحول الرقمي الكامل!

أكد الخبراء أن الأجهزة والمعدات الحالية للشبكة غير مناسبة تمامًا لدعم تطبيقات الجيل الخامس. لذلك نستطيع القول إن هناك تحولا رقميا تاريخيا قيد التنفيذ، دون مراعاة احتياجات التطبيقات لمصادر الشبكة، وعليه يمكن القول إن التحول الشبكي أصبح ضرورة ملحة ومهمة جدا في عمليات التحول الرقمي، حيث إنه يمكّن التحول الشبكي للشركات من الوصول إلى إمكاناتها الكاملة عبر تعظيم أداء الشبكة وكفاءتها، مع تقليل التكاليف التشغيلية وتلبية احتياجات كل عميل بشكل أفضل. يُعد تحسين أداء الشبكة من أكثر الاستثمارات التي يمكن أن تؤثر على الأعمال التجارية من خلال مجموعة واسعة من الطرق الفعالة.

وفّرت الدراسة البحثية لسوق التحول الشبكي من شركة "بزنس ريسيرش" (Business Research) إحصاءات تقديرية لحجم الاستثمار في التحويل الشبكي، حيث شملت الدراسة حجم السوق العالمي لصناعة التحويل الشبكي، والأسهم، والمنافسين، وقطاعات سوق تحويل الشبكة التفصيلية، واتجاهات السوق والفرص. وقد أشار التقرير إلى أن من المتوقع أن ينمو حجم سوق تحويل الشبكة العالمية من 25.53 مليار دولار في عام 2021 إلى 38.96 مليار دولار في عام 2022، بمعدل نمو سنوي مركب (CAGR) ليبلغ 52.61%.

كما أن من المتوقع أن يصل حجم سوق التحول الشبكي في العالم إلى 228.77 مليار دولار في عام 2026، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 55.67%.

مشروع "إيثر" نقلة جديدة نحو التحول الرقمي للمؤسسات

أكد الخبراء أن الاضطراب الرقمي الذي تشهده معظم قطاعات الأعمال حاليا سيكون المحرك في تحقيق تغييرات جذرية في الاقتصاديات والمدن والمجتمعات ومشهد الأعمال. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل ستكون تقنية شبكات الاتصال الحالية قادرة على التحول إلى عصر الصناعة 4.0؟ العصر الذي سوف يفتح الباب أمام تطبيقات وخدمات جديدة تستخدم تحليلات البيانات القائمة على الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي وأتمتة العمليات في الوقت الفعلي.

يمكن أن يؤدي إدخال تقنيات التحول الشبكي الجديدة هذه إلى إحداث تحوّل كبير في طرق عمل الموظفين وتفاعل العملاء مع مؤسستك، وقد تحتاج أيضًا إلى الإتيان بشركاء وخبراء خارجيين لتدريب فريقك وزيادة قدرة مؤسستك، كما ستحتاج إلى تنظيم ذلك كجزء من إستراتيجية التحوّل الرقمي الخاصة بك.

ظلت إستراتيجيات التحول الرقمي للمؤسسات تترقب التطبيق الكامل لشبكات الجيل الخامس، والسؤال المهم الذي يطرح نفسه: هل تطبيق الجيل الخامس المدار من مزودي خدمات الإنترنت في الدول سيفتح الطريقة للوصول إلى الثورة الصناعية الرابعة، ويمكّن من تنفيذ تطبيقات زمن الوصول المنخفض (الوقت الفعلي تقريبًا) مع الاستفادة من خدمات السحابة العامة؟ هذا ما لم تؤكده التجارب حتى الآن. لذلك ظلت الحاجة إلى الابتكار في طريقة عمل الشبكات مُلّحة وضرورية.

خلال العقد الماضي، برزت مؤسسة الشبكات المفتوحة "أو إن إف" (ONF) لتعمل في بحوث مبتكرة في مجال الشبكات، لخلق إطار شبكيّ جديد ومبسط عرف بـ"إس دي إن" (SDN) -الشبكات المعرفة بالبرمجة- وهي بنية شبكة اتصالات توفر تحسينات كبيرة في أداء الشبكة، مما يجعلها أكثر ديناميكية وقابلية للإدارة وفعالية من حيث التكلفة والقابلية للتكيف.

وخلال العامين الماضيين، كشفت "أو إن إف" عن آخر مشاريعها، والذي عرف باسم "إيثر" (Aether)، وهي أول منصة مفتوحة المصدر تدعم شبكات الجيل الخامس الخاصة كعرض مُدار عبر سحابة الحافة، لتمكين المؤسسات والشركات من تنفيذ تطبيقات زمن الانتقال المنخفض (الوقت الفعلي تقريبًا)، وتسريع عمليات التحول الرقمي التي ستنفذ في الطيف المرخص وغير المرخص والمرخص قليلاً (خدمة راديو النطاق العريض للمواطنين "CBRS") المتوفر في العديد من البلدان في الوقت الحاضر.

سوف يفي إيثر بالمتطلبات الفنية التي تمكّن من استخدام تطبيقات الصناعة 4.0 على الشبكة، وذلك لأنه يوفر الآتي:

  • خفض زمن الوصول لخدمات الحوسبة السحابية، وذلك بتطبيق حوسبة الحافة.
  • تعريفات فئة التطبيق وتخصيص الموارد بصورة تفاعلية ومرنة.
  • توفير الموارد المحددة لكل تطبيق (network slicing) عند الحاجة إليها.
  • استخدام الطيف الترددي للنطاقات المرخصة وغير المرخصة (CBRS).
  • مراقبة الطاقة وتحسينها، وضبط طاقة الإرسال والهدوء التلقائي لوقت الخمول.
  • التحكم في الاتصال بين شبكات المؤسسات وشبكات مزودي الخدمات العامة.
  • توفير أمان كبير للشبكة مع جودة الخدمة (QoS) من خلال تطبيق حوسبة الحافة.
  • الدعم الكامل للأتمتة في خدمات الشبكة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.