موت جيمس بوند.. المفرّ المسدود!! (3)

International Women's Day Celebrated in Istanbul
خلال اليوم العالمي للمرأة في إسطنبول (غيتي)

على قدم وساق، تجري إعادة تشكيل المجتمع البشري، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وفكريا، بتخطيط وتنفيذ وإدارة هيئة الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة، وشركائها من أصحاب المصلحة والقطاع الخاص والمؤسسات الخيرية والمجتمع المدني، ضمن ما يعرف بعملية "تحويل العالم" التي من المفترض أن تتحقق بحلول 2030.

ونتابع في هذه السلسلة وقفتنا عند الهدف الخامس الخاص بتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، لنقترب أكثر من مقاصده المعلنة، وكيفية العمل من أجلها، وما تحقق منها حتى الآن، والآثار المترتبة عليها.

يحدد هذا الإطار القانوني والسياسي والدولي التزامات الدول بالقضاء على التمييز ضد المرأة وتعزيز المساواة بين الجنسين، بما في ذلك مجال الأطر القانونية، إذ تعهدت الدول الأعضاء بإلغاء أي قوانين متبقية تميّز على أساس الجنس

حتى تتضح الصورة

لمزيد من الوعي والإدراك، رأينا تأجيل الحديث عن الآثار المترتبة على الهدف الخامس، وهل سيساهم فعلا في تحقيق الاستقرار؟ أم سيقود إلى فوضى مدمرة؟ لنقدم لمتابعي هذه السلسلة صورة أوضح عن تفاصيل وثائق تحقيق الهدف، وبالأخص للمختصين والنشطاء والمهتمين.

فعلى غرار سائر أهداف التنمية المستدامة، تم إعداد جميع الوثائق التفصيلية بالهدف بصورة علمية، ومنهجية واضحة، سهلة التطبيق والقياس في الدول المتقدمة والنامية على السواء، تسمح بقياس مستوى التحقيق في جميع الدول الأعضاء الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة للتحوّل الشامل، وتم إعدادها بحرفية عالية، لا تترك مجالاً للدول أن تلتف عليها وتتنصل من التزاماتها تجاهها.

ينص الهدف الخامس على "تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة"، ولتحقيق هذا الهدف وضعوا له المحددات التالية:

  1. الأهداف الفرعية المنبثقة عن الهدف، التي تحدد مساحات العمل الرئيسية التي يختص بها، وعددها 6 أهداف فرعية.
  2. مؤشرات القياس اللازمة لضبط العمل في الأهداف الفرعية، وضمان تحقيقه، وعددها 12 مؤشرا.
  3. التعريف والمنطلق الخاص بكل مؤشر من المؤشرات.
  4. مصادر البيانات ومنهجية الجمع لكل مؤشر.
  5. طريقة الحساب والاعتبارات المنهجية الأخرى.
  6. تصنيف البيانات.
  7. المصادر.
  8. المنظمات الدولية للمراقبة العالمية.

ولأن مساحة المقال لا تتسع لتناول تفاصيل تخطيط جميع الأهداف الفرعية، فإننا سنكتفي للتمثيل بتناول الهدف الفرعي الأول، حسب ما ورد في الوثيقة الخاصة به، ويمكن الرجوع إلى بقية الأهداف في الرابط التالي:

https://unstats.un.org/wiki/display/SDGeHandbook/Goal+5

الهدف الفرعي الأول: إنهاء جميع أشكال التمييز ضد النساء والفتيات في كل مكان.

مؤشر القياس:

التأكد من أن الأطر القانونية في وضع يسمح لها بالتعزيز والإنفاذ والمراقبة للمساواة وعدم التمييز على أساس الجنس.

التعريف والمنطلق:

1- التعريف: يعمل هذا المؤشر على قياس جهود الحكومة في وضع الأطر القانونية التي تعزّز وتنفّذ وتراقب المساواة بين الجنسين. ويتم تقييم الأطر القانونية باستخدام استبيان.

2. المفاهيم: يشتمل مصطلح "الأطر القانونية" على: القوانين (الآليات، السياسات) وخطط التعزيز والإنفاذ والمراقبة.

3. المنطلق والتفسير: وينطلق هذا المؤشر من أن المساواة وعدم التمييز على أساس الجنس، يعدّ من المبادئ الأساسية في الإطار القانوني والسياسي الدولي، بما في ذلك اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو" (CEDAW)، التي تضم 189 دولة طرفًا، ومنهاج عمل بكين (BPFA). ويحدد هذا الإطار القانوني التزامات الدول بالقضاء على التمييز ضد المرأة وتعزيز المساواة بين الجنسين، بما في ذلك مجال الأطر القانونية، حيث تعهدت الدول الأعضاء بإلغاء أي قوانين متبقية تميّز على أساس الجنس.

ورغم وجود تقدم في إصلاح القوانين لتعزيز المساواة بين الجنسين منذ ذلك التاريخ، فإن التمييز ضد المرأة لا يزال مستمرا في العديد من البلدان، حتى في حالة حدوث إصلاحات قانونية، ولا تزال هناك ثغرات في التنفيذ، وسيكون هذا المؤشر حاسمًا في تسريع التقدم في تنفيذ الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة، وجميع الالتزامات الأخرى المتعلقة بنوع الجنس في خطة التنمية المستدامة لعام 2030.

مصادر البيانات وطريقة جمعها:

البيانات الخاصة بهذا المؤشر مستمدة من تقويم الأطر القانونية، باستخدام المصادر والوثائق الحكومية الرسمية، ولا سيما القوانين والسياسات وخطط العمل. ويتم إجراء التقويم من قبل النظراء القطريين على مستوى الدولة، بما في ذلك مكاتب الإحصاء الوطنية، ومنظمات المجتمع المدني، والأجهزة الوطنية للمرأة، والباحثين القانونيين المتخصصين في المساواة بين الجنسين، وذلك باستخدام الاستبيان.

ويُطلب من البلدان تعيين نقطة محورية، للقيام بالتنسيق على المستوى القطري الضروري لجمع البيانات والتحقق منها. وتقع معظم نقاط الاتصال المعينة داخل مؤسسات المرأة الوطنية، ويوجد عدد منها داخل مؤسسات الإحصاء الوطنية، وبعضها داخل مؤسسات المرأة الوطنية والجمعيات الإحصائية الوطنية.

وبعد التحقق، يتم إرسال البيانات مع القوانين والسياسات ذات الصلة والمصادر الأخرى المدرجة، إلى نقاط الاتصال المعينة والنظراء القُطريين لمراجعتها والتحقق من صحتها، والوصول إلى الإجابات النهائية.

طريقة الحساب والاعتبارات المنهجية الأخرى:

تم توضيح طريقة حساب نتائج الاستبيان، والاعتبارات التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار تحرّيا للدقة العلمية في تحديد استنتاجات الاستبيان ومؤشراته.

تصنيف البيانات:

غير متوفرة عند إعداد هذا المخطط.

المصادر:

إعداد وثيقة هذا المؤشر اعتمد على المصادر التالية:

  • قاعدة البيانات الرسمية لأهداف التنمية المستدامة.
  • المنهجيات والموجّهات المتفق عليها دوليا.
  • البنك الدولي.
  • منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية "أو إي سي دي" (OECD).
  • منظمة الأمم المتحدة للمرأة (UNwomen).

المنظمات الدولية للمراقبة العالمية:

من أجل المراقبة العالمية التي تقوم بها المنظمات الدولية، أشارت الوثيقة إلى أنها اعتمدت على بيانات الأمم المتحدة للمرأة والبنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ولمزيد من المعلومات يمكن زيارة موقع: https://unstats.un.org/sdgs/dataContacts/

بطاقة الاستبيان

واستكمالا لصورة العمل في هذا الهدف الفرعي، نقف عند بطاقة الاستبيان التي تم إعدادها لجمع المعلومات الخاصة بالموضوعات التفصيلية المتصلة بالهدف والمؤشر الخاص به، والتي تحتوي على 44 سؤالا مزدوجا، تغطي مجالات أربعة رئيسية، تشمل جوانب التعزيز والإنفاذ والمراقبة في كل منها.

والمجالات الأربعة هي:

  • الأطر القانونية الشاملة والحياة العامة.
  • العنف ضد المرأة.
  • العمالة والمزايا الاقتصادية.
  • الزواج والعائلة.

وكانت الأسئلة على النحو التالي:

المجال الأول: الأطر القانونية الشاملة والحياة العامة

التعزيز:

  • إذا كان القانون العرفي مصدرًا صحيحًا للقانون بموجب الدستور، فهل يعتبر باطلاً إذا كان ينتهك الأحكام الدستورية المتعلقة بالمساواة أو عدم التمييز؟
  • إذا كان قانون الأحوال الشخصية مصدرًا صحيحًا للقانون بموجب الدستور، فهل يعتبر باطلاً إذا خالف الأحكام الدستورية المتعلقة بالمساواة أو عدم التمييز؟
  • هل يوجد قانون للتمييز يحظر التمييز المباشر وغير المباشر ضد المرأة؟
  • هل يتمتع الرجال والنساء بحقوق متساوية وإمكانية تقلّد المناصب العامة والسياسية (التشريعية والتنفيذية والقضائية)؟
  • هل هناك حصص للنساء (مقاعد محجوزة) في البرلمان الوطني؟
  • هل هناك حصص للنساء في قوائم المرشحين للبرلمان الوطني؟
  • هل للنساء والرجال حقوق متساوية في منح الجنسية لأزواجهم وأطفالهم؟

الإنفاذ والمراقبة:

  • هل ينشئ القانون هيئة مستقلة متخصصة مكلّفة بتلقي شكاوى التمييز على أساس الجنس (على سبيل المثال: المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، ولجنة المرأة، ومكتب التظلمات)؟
  • هل المساعدة القانونية مطلوبة في المسائل الجنائية؟
  • هل المساعدة القانونية إلزامية في الشؤون المدنية/الأسرة؟
  • هل تحمل شهادة المرأة وزن الأدلة نفسه في المحكمة مثل شهادة الرجل؟
  • هل هناك قوانين تتطلب صراحة إنتاج و/ أو نشر إحصاءات النوع الاجتماعي؟
  • هل هناك عقوبات على عدم الامتثال للحصص المقررة للنساء أو حوافز لإدراج النساء في قوائم المرشحين للانتخابات البرلمانية الوطنية؟

المجال الثاني: العنف ضد المرأة

التعزيز:

  • هل هناك تشريع خاص بالعنف الأسري يشمل العنف الجسدي؟
  • هل هناك تشريع بشأن العنف المنزلي يشمل العنف النفسي/العاطفي؟
  • هل هناك تشريع خاص بالعنف المنزلي يشمل العنف المالي/الاقتصادي؟
  • هل هناك أحكام تعفي الجناة من مواجهة تُهم الاغتصاب إذا تزوج الجاني الضحية بعد إزالة الجريمة، أو إذا لم تكن موجودة في التشريع؟
  • هل تم إلغاء الأحكام التي تخفف العقوبات في قضايا ما يسمى بجرائم الشرف، أو لم تكن موجودة في التشريع؟
  • هل القوانين المتعلقة بالاغتصاب تقوم على عدم الموافقة، دون اشتراط إثبات استخدام القوة الجسدية أو الإيلاج؟
  • هل التشريع يجرم صراحة الاغتصاب الزوجي؟
  • هل توجد تشريعات تتناول بالتحديد التحرش الجنسي؟

الإنفاذ والمراقبة:

  • هل توجد التزامات في الميزانية تنص عليها الكيانات الحكومية، من أجل تنفيذ التشريعات التي تعالج العنف ضد المرأة، من خلال إلزام الحكومة بتوفير الميزانية أو تخصيص التمويل لتنفيذ البرامج أو الأنشطة ذات الصلة؟
  • هل توجد التزامات في الميزانية تنص عليها الكيانات الحكومية من أجل تنفيذ التشريعات التي تعالج العنف ضد المرأة من خلال تخصيص ميزانية محددة و/ أو تمويل و/ أو حوافز لدعم المنظمات غير الحكومية للأنشطة التي تتناول العنف ضد المرأة؟
  • هل هناك خطة عمل أو سياسة وطنية للتصدي للعنف ضد المرأة، تشرف عليها آلية وطنية معنية برصد ومراجعة التنفيذ؟

المجال الثالث: العمالة والمزايا الاقتصادية

التعزيز:

  • هل ينص القانون على عدم التمييز على أساس الجنس في العمل؟
  • هل ينص القانون على المساواة في الأجر عن العمل المتساوي القيمة؟
  • هل يسمح القانون للمرأة بالقيام بالأعمال نفسها التي يقوم بها الرجل؟
  • هل يسمح القانون للمرأة بالعمل في ساعات الليل ذاتها التي يعمل فيها الرجل؟
  • هل ينص القانون على إجازة الأمومة أو إجازة الأبوة المتاحة للأمهات وفقا لمعايير منظمة العمل الدولية؟
  • هل ينص القانون على إجازة أبوة مدفوعة الأجر، أو إجازة والدين متاحة للآباء أو للشركاء؟

الإنفاذ والمراقبة:

  • هل هناك كيان عام يمكنه تلقي الشكاوى بشأن التمييز بين الجنسين في العمل؟
  • هل رعاية الأطفال متاحة للجمهور أو مدعومة؟

المجال الرابع: الزواج والأسرة

التعزيز:

  • هل الحد الأدنى لسن الزواج 18 عاما على الأقل، دون استثناءات قانونية، لكل من النساء والرجال؟
  • هل للمرأة والرجل حقوق متساوية في عقد الزواج (أي الموافقة) وبدء الطلاق؟
  • هل للنساء والرجال حقوق متساوية في أن يكونوا أوصياء قانونيين على أطفالهم أثناء الزواج وبعده؟
  • هل للنساء والرجال حقوق متساوية في الاعتراف بهم كرئيس للأسرة أو رب الأسرة؟
  • هل للنساء والرجال حقوق متساوية في اختيار مكان العيش؟
  • هل للنساء والرجال حقوق متساوية في اختيار المهنة؟
  • هل للنساء والرجال حقوق متساوية في الحصول على بطاقة الهوية؟
  • هل للنساء والرجال حقوق متساوية في التقدم للحصول على جوازات السفر؟
  • هل للمرأة والرجل حقوق متساوية في امتلاك الممتلكات الزوجية والوصول إليها والتحكم فيها، بما في ذلك عند الطلاق؟

الإنفاذ والمراقبة:

  • هل الزواج دون السن القانوني باطل أم لاغٍ؟
  • هل توجد محاكم أسرة متخصصة؟

وعلى هذا النحو، تم التخطيط والاستعداد لبقية الأهداف الفرعية للهدف الخامس، والمؤشرات المحددة لها، بالزيادة أو النقصان، وبما لا يترك مجالا للدول الأعضاء لتفرّ من الاستحقاقات المترتبة عليها. وقد حرصت على عرض الاستبيان كاملا، حتى نقف على حجم التفاصيل التي تجري مراجعتها وإعادة بنائها، ولو استعرضنا بقية الأهداف الفرعية لاتسعت دائرة الدهشة، ولربما تحولت إلى صدمة.

طبعا، فإن هذه الوثيقة وأخواتها يجري العمل بها منذ عدة سنوات على مستوى العالم، وتتم متابعة تنفيذها وإعداد التقارير اللازمة حولها وتقديمها إلى اللجان الإشرافية المختصة سنويا. وهو ما يفسر لنا الكثير من التحركات والتغيرات والقوانين والإجراءات التي حدثت -ولا تزال تحدث- في بلداننا في السنوات الأخيرة، وسنتناول في مقالنا القادم بإذن الله النتائج التي تحققت في هذا الهدف على مستوى العالم في هذه الفترة.

يتبع.. (نتائج مبهرة أم صادمة؟)

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.