قواعد جديدة للحصول على الجنسية التركية عن طريق الاستثمار

A Turkish voter, living in Germany, holds her passport to cast her vote on Turkey's presidential and parliamentary elections at the Turkish consulate in Berlin, Germany, June 7, 2018. REUTERS/Hannibal Hanschke
الحصول على الجنسية التركية من خلال الاستثمار العقاري يتطلب بذل المزيد من المجهودات لتوخي الحيطة (رويترز)

اعتبارا من 23 مارس/آذار عام 2021، هناك بعض التغييرات المهمة في قواعد الجنسية التركية من خلال الاستثمار، وتتعلّق أغلبية هذه التغييرات بالاستثمارات العقارية. لذلك، يجب على الأجانب الذين يخططون للقيام باستثمارات عقارية في تركيا من أجل الحصول على الجنسية التركية أن يكونوا أكثر حرصا بعد تلك التغييرات، نظرا لأنها تفرض بعض القيود المهمة على أهلية الاستثمار العقاري لطلبات الجنسية.

وفقا للمعنى الحرفي لهذه القاعدة الجديدة، لن يكون بإمكان التركي/ة المتزوج/ة من أجنبية بيع عقاراته/ها إلى مستثمر أجنبي يسعى للحصول على الجنسية التركية. بالإضافة إلى ذلك، سيتعيّن على المستثمر الأجنبي الآن التحقق مما إذا كان مالك العقار التركي متزوجا من شخص أجنبي، الأمر الذي يبدو مزعجا لكلا الجانبين.

بعبارة أخرى، للأسف، أصبحت إجراءات الجنسية الآن أكثر تعقيدا. لهذا السبب، يحتاج المستثمرون الأجانب في الوقت الراهن إلى التعاون مع الخبراء القانونيين أكثر من أي وقت مضى لإكمال استثماراتهم وإنهاء إجراءات طلبات الجنسية بسلاسة.

فيما يلي التغييرات الأخيرة:

1- حتى قبل التغييرات، لم يكن مسموحا بالفعل بشراء عقار من أجنبي. كان على المستثمرين الأجانب الذين يستثمرون بغرض الحصول على الجنسية التركية شراء عقارات من أتراك، حيث لا تزال هذه القاعدة سارية. في المقابل، هناك الآن قاعدة إضافية تنص على أنه لن يُسمح أيضا بشراء عقار من شريك وأبناء شخص أجنبي.

وفقا للمعنى الحرفي لهذه القاعدة الجديدة، لن يكون بإمكان التركي/ة المتزوج/ة من أجنبية بيع عقاراته/ها إلى مستثمر أجنبي يسعى للحصول على الجنسية التركية. بالإضافة إلى ذلك، سيتعيّن على المستثمر الأجنبي الآن التحقق مما إذا كان مالك العقار التركي متزوجا من شخص أجنبي، الأمر الذي يبدو مزعجا لكلا الجانبين.

إذا فُهمت بهذه الطريقة، فستُقيّد هذه القاعدة الأشخاص المولودين في تركيا بشكل كبير. لهذا السبب، في اعتقادي، قصد المشرع شيئا آخر بهذه القاعدة الجديدة، بالتالي، ينبغي تفسيرها بطريقة مختلفة. مع ذلك، لم نتمكن من توضيح هذه النقطة بعد. لذلك، لا بد من الاعتراف بأن هذا البند الجديد محير حاليا، وقريبا سنكون قادرين على الحصول على مزيد من التوضيح حول هذا الموضوع.

2- إذا باع أجنبي عقارا لتركي، ثم باعه التركي إلى مستثمر أجنبي جديد، فلن يمثّل ذلك مشكلة بالنسبة للمستثمر الأخير، حيث يمكنه استخدام تلك العقارات لطلب الجنسية. مع ذلك، هناك قيود جديدة ومهمة على هذا الاحتمال الآن: إذا كان مالك العقار الأجنبي السابق (قبْل مالك العقار التركي) يحمل جنسية مالك العقار الأجنبي الأخير (آخر مستثمر) نفسها، فيُعدّ المستثمر الأخير غير قادر على استخدام هذا العقار في طلب الجنسية، رغم أنه اقتنى بالفعل العقار من شخص تركي.

في المقابل، هناك شرط إضافي لكي يكون هذا القيد ساريا: ينبغي أن يكون البيع بين مالك العقار الأجنبي السابق ومالك العقار التركي بعد تاريخ 12 يناير/كانون الثاني عام 2017. وفي حال كانت عملية نقل العقار الأولى قبل هذا التاريخ، فلن تكون هناك أية مشكلة للمستثمر الأخير.

لنجسد ذلك:

كان هناك مصري (أحمد) يمتلك عقارا في إسطنبول، ثم باعه لشخص/ شركة تركي/ة في 15 يناير/كانون الثاني عام 2017. وفي يونيو/حزيران عام 2021، قرّر مصري آخر (رشاد) شراء هذا العقار من مالك العقار التركي الحالي. في هذه الحالة، لن يتمكن رشاد من التقدم لطلب الحصول على الجنسية من خلال هذا العقار. وفي حال لم يكن رشاد مصريا بل مغربيا، أو إذا لم يكن البيع الأول في 15 يناير/كانون الثاني عام 2017، وإنما في 11 يناير/كانون الثاني عام 2017، سيتمكّن رشاد من استخدام هذا العقار لأغراض تخصّ الجنسية.

3- إذا اشترى مستثمر أجنبي عقارات من شركة تركية، فلا ينبغي أن يكون بين شركاء تلك الشركة من يحمل جنسية المستثمر، ويعني ذلك أنه يتعيّن على المستثمر التحقق من هيكل الشراكة الأخير للشركة العقارية التركية التي يشتري/تشتري منها العقار. في السابق، كان هذا القيْد موجّها فقط للشركات التي يكون فيها المستثمر أو زوجته/ زوجها أو أطفاله/ها شركاء. أما في الوقت الراهن، وقع توسيع نطاق التقييد.

لنجسد ذلك:

اشترى أحمد (مصري) شقة من شركة "إكس إكس إكس" المحدودة في إسطنبول. هناك شريكان في شركة "إكس إكس إكس" المحدودة: سليم (تركي) ورشاد (مصري). لذلك، لن يتمكن أحمد من استخدام هذا العقار لطلب الجنسية بسبب وجود رشاد داخل الشركة كشريك.

5- ربما يتمثّل التغيير الأكثر أهمية في أن العقارات التي استُخدمت سابقا كاستثمار مؤهل لطلب الحصول على الجنسيّة لا يمكن استخدامها مرة أخرى لطلب آخر. وفي حال لم يقع استخدام سوى حصة واحدة من تلك العقارات لغرض الحصول على الجنسيّة، فلن تكون هذه الحصة مؤهلة مرة أخرى، مقارنة ببقيّة الحصص.

6- هناك قاعدة أخرى حساسة ومبهمة من شأنها أن تخلق بعض المخاطر للمستثمرين الأجانب: إذا بِيع العقار الذي استُخدم لطلب الحصول على المواطنة إلى المالك السابق مرة أخرى بعد انتهاء فترة الحظر التي تمتد 3 سنوات، فسيكون بإمكان مكتب المواطنة التركيّة الاستفسار حول عمليّة البيع لتحديد ما إذا كان هناك بيع احتيالي رُتّب مسبقا بين الطرفين. وفي حال استنتاج السلطات التركية أن عملية البيع كانت مسبقة الترتيب وأنها عمليّة احتيالية، فسيكون بإمكانها إلغاء الجنسية بأثر رجعي.

أنا شخصيا أنتقد هذه القاعدة الجديدة. في البداية، يصبح بيع العقار بعد 3 سنوات من حقّ المستثمرين الأجانب بموجب القانون. لذلك، لا يهم ما إذا أعيد بيع العقار إلى المالك السابق أو شخص آخر. ثانيًا، لا تقدم القاعدة أيّة تفاصيل أخرى، ولا يمكننا معرفة الطريقة التي سيُجرى من خلالها هذا التحقيق والمعايير التي ستستنتج السلطات بناء عليها وجود عملية بيع احتيالية.

تتعارض اللغة الحالية للقاعدة مع المبدأ الأساسي المتمثّل في "شرعية العقوبات". آمل أن يكون هناك المزيد من الوضوح في المستقبل حول هذا الشرط. في الوقت الراهن، يتمثّل الخيار الأكثر أمانا للمستثمرين الأجانب، الذين تحصّلوا على الجنسية التركية وانتهت فترة السنوات الثلاث المرتبطة بذلك، في عدم بيع عقاراتهم مرة أخرى إلى المالكين السابقين.

7- كما هو معروف، تعتبر عقود بيع العقارات الأولية بمثابة استثمارات مؤهلة لطلب الجنسية التركية. ويقع إبرام هذه العقود للمشاريع العقارية قيد الإنشاء التي لا يمكن أن تخضع حينها لعقود البيع. وفي حال استُخدم عقد بيع العقارات المبدئي لغرض الجنسية، وإذا لم يكتمل المشروع العقاري حتى انتهاء فترة السنوات الثلاث من الحظر، فبإمكان المستثمر حينها بيع (تحويل) عقده إلى طرف ثالث (مستثمر آخر).

لا تضرّ هذه الخطوة عادة بإجراءات الحصول على الجنسية التي أنهاها المستثمر الأجنبي. في المقابل، غيّرت القيود الجديدة هذا الوضع، ففي حال تمّت عمليّة بيع مماثلة يمكن لمكتب الجنسية التركية فتح تحقيق حول هذا التحويل لفهم ما إذا كان هناك تحويل احتيالي رُتّب بشكل مسبق بين الطرفين. وفي حال استنتجت السلطات التركية أن نقل عقد بيع العقارات الأولي كان مرتّبا واحتياليّا، فسيكون بإمكانها إلغاء الجنسية بأثر رجعي.

جميع انتقاداتي الموضحة بالنسبة للشرط رقم 6 تتماشى كذلك مع الشرط رقم 7.

8- أثناء بيع العقار، ينبغي على المستثمر الأجنبي أن يصرح بعدم وجود مستند غش غير صحيح مقدّم. وفي حال كان هناك أي مستند، فسيتحمّل المسؤولية كاملة. في الواقع، وحتى دون اعتماد هذا الشرط، كان هناك أساس قانوني يمكّن السلطات التركية من إلغاء الجنسية التركية الممنوحة للأجنبي في حال تقديم أيّة وثيقة غير صحيحة أو مزوّرة. ومع فرض مثل هذا الشرط، تقدم السلطات التركية أدلة مباشرة على المسؤولية العامة للمستثمر. في هذا الصدد، ينبغي على المستثمرين الأجانب بشكل خاص الامتناع عن تقارير تقييم أسعار العقارات المتلاعبة.

في الختام، ينبغي عليّ الاعتراف بأن التغييرات الجديدة سلّطت قدرا كبيرا من الأعباء الإضافية على المستثمرين الأجانب ومحاميهم. ومع التغييرات الجديدة، يتطلب الحصول على الجنسية التركية من خلال إجراءات الاستثمار العقاري بذل المزيد من المجهودات لتوخي الحيطة.

علاوة على ذلك، يمكن انتقاد بعض القواعد الجديدة، لأنها مقيدة ومبهمة دون مبرر. وستستنفد حالة عدم اليقين التي ستنجم عن هذه القواعد طاقة المستثمرين الأجانب والمحامين إلى أن يقع توضيح الأمور أكثر، وهو ما يعدّ السبب الذي يجعل العمل مع الخبراء القانونيين الأكفاء في هذا المجال أكثر أمانًا بالنسبة للمستثمرين الأجانب.

وينبغي على القانون الخاص بهم أن يشمل إجراء دراسة أولية جادة حول الاستثمار المقصود أولاً ثم تأكيد امتثاله للمتطلبات القانونية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.