مستقبل العالم.. المدن المسيّرة بالبيانات

An undated NASA illustration shows Arctic sea ice at a record low wintertime maximum extent for the second straight year, according to scientists at the NASA-supported National Snow and Ice Data Center (NSIDC) and NASA. At 5.607 million square miles (14.52 million square kilometers), the Arctic sea ice is the lowest maximum extent in the satellite record, and 431,000 square miles (1,116,284 square kilometers) below the 1981 to 2010 average maximum extent, according to

ماذا ترى عندما تنظر إلى هاتفك أو جهازك اللوحي؟ وحدات؟ صور؟ إلهاء رقمي؟ أرى البيانات. إننا نخلق في كل يوم كميات هائلة من المعلومات، ولها نوع من أثر فتات الخبز الذي يشكل خريطة لمصالحنا وعاداتنا وتفاعلاتنا.

وبالنسبة لأولئك الذين هم في صناعة التخطيط الحضري؛ فإن مجموعات البيانات المتباينة هذه توفر فرصا كبيرة. ذلك أن هذه البيانات التي ينشئها المستخدمون يمكنها -إذا استُخدمت بشكل صحيح- أن تساعد المخططين في بناء المدن، التي تلبي بشكل أفضل الاحتياجات الحقيقية للناس.

لكننا نواجه مشكلة: العالم يغرق حرفيا في البيانات. وإذا أراد المخططون الاستفادة الكاملة من جميع المعلومات -التي ينتجها الناس عن غير قصد- فإنهم بحاجة إلى تحسين الأساليب التي يتم بها جمع البيانات، وتحليلها وتقاسمها بين القطاعين العام والخاص.

العالم يغرق حرفيا في البيانات، وإذا أراد المخططون الاستفادة الكاملة من جميع المعلومات -التي ينتجها الناس عن غير قصد- فإنهم بحاجة إلى تحسين الأساليب التي يتم بها جمع البيانات، وتحليلها وتقاسمها بين القطاعين العام والخاص

وإذا نجحنا في تحقيق ذلك، فإن العقبات الكبرى التي يواجهها العالم -بدءا من الفقر إلى تغير المناخ- قد تصبح أكثر مرونة.

ومن أهم الابتكارات التي تتبناها وكالات التخطيط العالمية: مفهوم "البيانات المفتوحة"، أي المعلومات التي يمكن لأي شخص استخدامها لتحسين أي جانب من جوانب الحياة العامة.

وفي بيئة البيانات المفتوحة هذه؛ يتم توفير مجموعات بيانات من النقل والتعليم والرعاية الصحية -وعدد لا يحصى من مجموعات البیانات الأخرى- للقطاع العام لتحسین الخدمات الحالیة، أو إنشاء خدمات جدیدة.

وعلى سبيل المثال؛ تجمع قاعدة العناوين الوطنية الفرنسية معلومات المواقع من أجل تحسين التحليل المكاني وأوقات الاستجابة للطوارئ، في حين تسهل منصة البيانات الحضرية للاتحاد الأوروبي تبادل البيانات عبر الاتحاد الأوروبي.

وعندما تعمل الحكومات والجامعات ومراكز البحوث ومراكز الابتكار معا لتبادل المعلومات، فإنهم يصبحون شركاء حقيقيين في عملية التخطيط الحضري.

ويمكن أن يؤدي استخدام البيانات المفتوحة أيضا إلى تعزيز الشفافية، وبناء الثقة في عملية صنع القرار وسياسات الحكومة الرسمية. ومن المؤكد أنه من الضروري التغلب على العديد من التحديات قبل أن تتمكن الحكومات من فتح بوابات البيانات.

يجب أن تحمي الأطر القانونية الهوية الشخصية؛ وينبغي اعتماد بروتوكولات البيانات لضمان ألا تستبعد القرارات السكان المحرومين من التكنولوجيا؛ وهناك حاجة إلى منصات جديرة بالثقة لتمكين تبادل البيانات بين الوكالات والبلديات دون خطر التخريب.

ولكن بمجرد التغلب على هذه العقبات؛ ستكون فرص التخطيط الأفضل غير محدودة عمليا. وتوضح الحلي الذهبية -في شكل تفاصيل رقمية- كيفية تحرك الناس في البيئة التي بنيت بالفعل، وكيف يتفاعلون معها.

وعندما تجمع هذه البيانات مع بيانات من مصادر حكومية (مثل المعلومات المتعلقة بنوعية الهواء أو أنماط المرور أو الجريمة أو الصحة)؛ فإنه يمكن أن تؤدي المعلومات التي يولدها المستخدمون إلى مدن أكثر استدامة.

سيستغرق بناء عالم البيانات المفتوحة وقتا طويلا؛ وسيحتاج الناس إلى أن يصبحوا مرتاحين لفكرة المعلومات التي ينشئها المستخدم لتعميمها بحُرية. ولكن الحكومات قد اعترفت فعلا بأهمية البيانات المفتوحة في مواجهة تحديات التخطيط الرئيسية

فعلى سبيل المثال؛ سيتيح رسم خرائط توضح كيفية ومتى يسافر الناس للمخططين تقييم مكان الاستثمار الأفضل في وسائط نقل أكثر نظافة، مثل شبكات تأجير الدراجات أو محطات شحن السيارات الكهربائية.

ويعد التفاعل بين تحديات النقل والمناخ أحد أكثر المجالات الواعدة في اختبار حلول البيانات المفتوحة. واليوم، يعيش ما يقارب نصف سكان العالم في المدن؛ ولكن المدن تمثل حوالي 75% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، ويمكن أن يعزى جزء كبير منها إلى النقل.

وفي العديد من أنحاء العالم؛ أدت إستراتيجيات التنمية الحضرية في القرن العشرين إلى خلق مدن فوضوية تركز على السيارات، ولكن بالنظر إلى تسارع وتيرة التحضر فإن هذا النهج غير مستدام.

وفي مواجهة هذه التحديات؛ أصبحت البيانات المفتوحة أداة رئيسية في إعادة تحديد عملية التخطيط الحضري. ولهذا السبب فإن حكومتي (كوستاريكا) تستخدمها لفهم كيف تؤثر قطاعات -مثل النقل والزراعة والطاقة- على إستراتيجيات التخفيف من حدة تغير المناخ.

ومن المزمَع وضع النظام الوطني لمقاييس تغير المناخ في كوستاريكا، الذي يجري تطويره حاليا، كأداة بيانات مفتوحة المصدر ستدمج المعلومات من مختلف الوكالات الوطنية في بوابة عامة واحدة.

والهدف من ذلك هو المساعدة في تحسين عملية صنع القرار وتعزيز قدرة البلاد على رصد أهدافها المتعلقة بتغير المناخ والوفاء بها. وفي نهاية المطاف؛ سيتم استخدام النظام لإشراك سكان كوستاريكا في برامج الاستدامة، في حين سيتم تقاسم شفرة المصدر مع البلدان النامية الأخرى.

حقا سيستغرق بناء عالم البيانات المفتوحة وقتا طويلا؛ وسيحتاج الناس إلى أن يصبحوا مرتاحين لفكرة المعلومات التي ينشئها المستخدم لتعميمها بحُرية. ولكن الحكومات قد اعترفت فعلا بأهمية البيانات المفتوحة في مواجهة تحديات التخطيط الرئيسية.

إن بوابة تغير المناخ في كوستاريكا هي مجرد مثال واحد على الكيفية التي يمكن بها لتحسين الوصول إلى المعلومات أن ييسر التخطيط الحضري. ولذلك؛ قف لحظةً -في المرة القادمة التي تلتقط الهاتف الذكي الخاص بك- للنظر في الإمكانات الكاملة لهذا الجهاز، والتي تمثّل مستقبلا أكثر استدامة للجميع تمسكه بين يديك.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان