الأميركيون ضد المال في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس

epa03523471 Represntatives of the 113th congress raise their right hand as they are sworn in by US Speaker of the House John Boehner during the opening session of the 113th Congress on the House floor in the US Capitol in Washington, DC, USA 03 January 2013. EPA/SHAWN THEW

تتجه أنظار الجميع الآن صوب الولايات المتحدة مع اقتراب موعد انعقاد انتخابات الكونغرس في نوفمبر/تشرين الثاني. ومن المؤكد أن النتيجة ستجيب على العديد من الأسئلة المثيرة للقلق، التي أثيرت قبل عامين، عندما فاز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية.

تُرى هل يعلن الناخبون الأميركيون أن ترامب لا يمثل أميركا؟ هل يتبرأ الناخبون من عنصريته، وكرهه للنساء، وعدائه للمهاجرين، وسياسة الحمائية التي يصر على انتهاجها؟ هل يقولون إن رفضه لسيادة القانون الدولي تحت شعار "أميركا أولاً" ليس ما ترمز له الولايات المتحدة وتمثله؟

أو هل سيوضحون أن فوز ترامب لم يكن حدثا تاريخيا راجعا إلى عملية تمهيدية في الحزب الجمهوري أنتجت مرشحا معيبا وعملية تمهيدية في الحزب الديمقراطي أنتجت الخصم المثالي لترامب؟

الآن أصبح مستقبل أميركا معلقا في الميزان، والمناقشات المحتدمة التي تدور حول الأسباب التي أدت إلى نتائج عام 2016 ليست أكاديمية بحتة.

ويراهن كثيرون الآن على الكيفية التي ينبغي للحزب الديمقراطي -والأحزاب المماثلة من اليسار في أوروبا- أن يوفق بها أوضاعه في سعيه إلى الفوز بأكبر عدد من الأصوات؛ فهل يميل نحو الوسط أو يركز على حشد الشباب، والتقدميين، والقادمين الجدد المتحمسين؟

كثيرا ما يصرح الناس بأنهم لا يدلون بأصواتهم لأنهم يعتقدون أنها لا تُحدث أي فارق: فالحزبان متماثلان تماما. وقد أثبت ترامب أن هذا غير صحيح. كما أظهر الجمهوريون -الذين تخلوا عن أي مظهر من مظاهر الاستقامة المالية وصوتوا في العام الماضي لصالح تخفيضات ضريبية هائلة لمصلحة أصحاب المليارات والشركات- أن هذا غير صحيح

هناك من الأسباب الوجيهة ما يجعلنا نعتقد أن المسار الأخير من المرجح أن يجلب النجاح الانتخابي، ويحبط المخاطر التي يفرضها ترامب. والواقع أن إقبال الناخبين الأميركيين سيئ للغاية، ويصبح أشد سوءا في سنوات الانتخابات غير الرئاسية.

إعلان

ففي عام 2010؛ أدلى 41.8% فقط من الناخبين بأصواتهم، وفي 2014 أدلى بأصواتهم 36.7% فقط من الناخبين المؤهلين، وفقا للبيانات الصادرة عن مشروع انتخابات الولايات المتحدة. والإقبال على التصويت من جانب الديمقراطيين أشد سوءا، وإن كان يبدو أنه يتجه نحو الصعود في هذه الدورة الانتخابية.

كثيرا ما يصرح الناس بأنهم لا يدلون بأصواتهم لأنهم يعتقدون أنها لا تُحدث أي فارق: فالحزبان متماثلان تماما. وقد أثبت ترامب أن هذا غير صحيح. كما أظهر الجمهوريون -الذين تخلوا عن أي مظهر من مظاهر الاستقامة المالية وصوتوا في العام الماضي لصالح تخفيضات ضريبية هائلة لمصلحة أصحاب المليارات والشركات- أن هذا غير صحيح.

وبرهن أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون -الذين احتشدوا خلف ترشيح قاضي المحكمة العليا بريت كافانو، رغم شهادته المضللة والدليل الموثوق على سلوكياته الجنسية في الماضي- على أن هذا غير صحيح. لكن الديمقراطيين مسؤولون أيضا عن عزوف الناخبين.

ويتعين على الحزب أن يتغلب على تاريخ طويل من التواطؤ مع اليمين، من خفض الضريبة على المكاسب الرأسمالية في عهد الرئيس بيل كلينتون (الذي زاد من ثراء أعلى 1% دخلا) وتحرير السوق المالية من الضوابط التنظيمية (الذي ساعد في جلب الركود العظيم)، إلى إنقاذ البنوك عام 2008 (الذي قدم أقل القليل للعمال المزاحين وأصحاب المساكن الذين يواجهون حبس الرهن العقاري).

وعلى مدار ربع القرن المنصرم؛ بدا الحزب أحيانا أكثر تركيزا على الفوز بدعم أولئك الذين يعيشون على المكاسب الرأسمالية مقارنة بأولئك الذين يعيشون على الأجور. ويشكو العديد من الناخبين الذين يلزمون بيوتهم من أن الديمقراطيين يعتمدون على الهجمات على ترامب، بدلا من طرح بديل حقيقي.

يتجلى التعطش لنوع مختلف من المنافسين في دعم الناخبين لمرشحين تقدميين، مثل المرشح الرئاسي السابق عضو مجلس الشيوخ بيرني ساندرز، وألكساندريا أوكاسيو كورتيز من نيويورك (28 عاما)، التي هزمت مؤخرا الديمقراطي الرابع في الترتيب في انتخابات الحزب الديمقراطي التمهيدية لمجلس النواب.

إعلان

لقد نجح التقدميون من أمثال ساندرز وكورتيز في تقديم رسالة جذابة للناخبين الذين يتعين على الديمقراطيين أن يعملوا على حشدهم لتحقيق الفوز.

وهم يسعون لاستعادة القدرة على الوصول إلى حياة الطبقة المتوسطة بتوفير وظائف لائقة مجزية، وإعادة ترسيخ الشعور بالأمان المالي، وضمان الوصول إلى التعليم الجيد (دون الديون الطلابية الخانقة التي يواجهها العديد من الخريجين حاليا) والرعاية الصحيةاللائقة، بصرف النظر عن الظروف الطبية القائمة من قبل.

السياسة الأميركية أفسدها المال، والتلاعب في تقسيم الدوائر الانتخابية، والمحاولات المكثفة لحرمان المواطنين من حقوقهم. لم يكن مشروع القانون الضريبي لعام 2017 أقل من رشوة للشركات والأثرياء لحملهم على صب مواردهم المالية في انتخابات 2018. وتُظهر الإحصاءات أن المال عنصر بالغ الأهمية في السياسة الأميركية

وهم يدعون إلى الإسكان الميسّر والتقاعد الآمن حيث لا يصبح كبار السن فريسة لقطاع مالي جشع. كما يسعون إلى تأمين اقتصاد سوق أكثر ديناميكية وتنافسية وعدلا عبر الحد من تجاوزات قوى السوق، والتحول المالي، والعولمة، وبتعزيز قدرة العمال التفاوضية.

الواقع أن مزايا حياة الطبقة المتوسطة الإضافية هذه يمكن تحقيقها. وكانت متيسرة قبل نصف قرن عندما كانت البلاد أفقر كثيرا مما هي عليه اليوم؛ وهي متيسرة اليوم.

والحق أن لا اقتصاد أميركا ولا ديمقراطيتها تملك ترف التقاعس عن تعزيز قوة الطبقة المتوسطة. وتشكل السياسات والبرامج الحكومية (بما في ذلك الخيارات العامة للتأمين الصحي، واستحقاقات التقاعد التكميلية، وقروض الرهن العقاري) أهمية بالغة لتحقيق هذه الرؤية.

من المشجع أن نرى هذا الدعم الدافق لهذه الاقتراحات التقدمية والزعماء السياسيين الذين يدعمونها. وأنا على يقين من أن الغَلَبة تكون دوما لمثل هذه الأفكار في أي ديمقراطية طبيعية.

لكن السياسة الأميركية أفسدها المال، والتلاعب في تقسيم الدوائر الانتخابية، والمحاولات المكثفة لحرمان المواطنين من حقوقهم. لم يكن مشروع القانون الضريبي لعام 2017 أقل من رشوة للشركات والأثرياء لحملهم على صب مواردهم المالية في انتخابات 2018. وتُظهر الإحصاءات أن المال عنصر بالغ الأهمية في السياسة الأميركية.

إعلان

وحتى في ظل ديمقراطية معيبة -بما في ذلك الجهود المتضافرة لمنع بعض المواطنين من الإدلاء بأصواتهم- تشكل قوة الناخبين الأميركيين أهمية كبرى. وسنكتشف قريبا ما إن كانت أكثر أهمية من الأموال التي تتدفق إلى خزائن الحزب الجمهوري. من الواضح أن مستقبل أميركا السياسي والاقتصادي -وفي الأرجح السلام والرخاء في العالَم بأسره- يعتمد على الإجابة على ذلك.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان