الحاجة إلى نظام إيكولوجي عالمي للتعليم
ويندي كوب ودزينغاي موتمبوكا
يجتمع رؤساء الدول وكبار المسؤولين من جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة (193 دولة) بنيويورك في الشهر الحالي، لمحاولة إحراز تقدم في أصعب التحديات الإنمائية في العالم، بما في ذلك ضمان التعليم الجيد للجميع.
إن التقدم في هذا المجال ليس مجرد ضرورة أخلاقية؛ فمن الحيوي أيضا وضع البلدان على الطريق نحو التنمية المستدامة. ولكن النجاح لن يكون سهلا. وسيتطلب ذلك استثمارات جديدة كبيرة في القيادة المحلية، وهي عنصر من عناصر العمل الإنمائي الدولي الذي نادرا ما يحظى بالاهتمام الذي يستحقه.
و"القيادة" -في هذه الحالة- لا تعني بالضرورة شخصا يتمتع بأعلى منصب في الحكومة أو مراتب الأعمال، بل تكون من خلال إجراءات تهدف إلى تحسين صلاحية المجتمع، ويمكن أن تأتي من أي شخص.
لقد رأينا بشكل مباشر كيف يمكن لوجود مجموعة متنوعة من القادة المشاركين على جميع المستويات (من المعلمين وأولياء الأمور والطلاب وصانعي السياسات والدعاة وغيرهم)، أن يساعد في نجاح أو فشل جهود مجتمع أو بلد لتحقيق أكبر قدر من الفرص لتحسين نظام التعليم |
لقد رأينا بشكل مباشر كيف يمكن لوجود مجموعة متنوعة من القادة المشاركين على جميع المستويات (من المعلمين وأولياء الأمور والطلاب وصانعي السياسات والدعاة وغيرهم)، أن يساعد في نجاح أو فشل جهود مجتمع أو بلد لتحقيق أكبر قدر من الفرص لتحسين نظام التعليم.
والخبر السار هو أن المربّين والمدافعين عن التعليم في جميع أنحاء العالم الآن يدركون قيمة القيادة المحلية المستنيرة. وقد دعت اللجنة الدولية لتمويل فرص التعليم العالمية مؤخرا إلى زيادة الاستثمار في "نظام اٍيكولوجي عالمي للتعليم"، من شأنه أن يساعد على تقوية هذه القيادة. وينبغي لبقية المجتمع الدولي الاستجابة لهذه الدعوة.
وسيشمل النظام البيئي للتعليم العالمي شراكات جديدة بين المانحين الثنائيين والمتعددي الأطراف، والمجتمع الخيري، والمنظمات العالمية غير الربحية. وستعمل هذه الشبكة الديناميكية مع الجهات الفاعلة المحلية لدعم تقوية القيادة والابتكار، مع إنشاء قنوات جديدة فعالة لهؤلاء القادة لتبادل المعارف والخبرات والحلول عبر المجتمعات والبلدان.
وكما هو الحال؛ فإن هذا النوع من النظام التعليمي البيئي غير موجود. وبدلا من ذلك، فإن نحو 17 مليار دولار من المساعدات الأجنبية الموجهة نحو التعليم تُرسل كل عام مباشرة إلى الحكومات المحلية أو المشغلين المحليين.
إن المنظمات الإقليمية أو العالمية التي يمكن أن تساعد في تطوير البنية التحتية للتعلم العالمي، ودعم التنمية القيادية بين أصحاب المصلحة المحليين، والمساعدة في إنشاء قنوات فعالة للمعرفة، ونقل أفضل الممارسات بين المجتمعات؛ لا تتلقى أي استثمارات حقيقية.
وهذا يُعد فرصة ضائعة، لأن الوعد الذي قطعته هذه النظم الإيكولوجية بالإسراع بالتقدم العام قد ثبت في مجالات أخرى ولا سيما قطاع الصحة العامة. وعلى مدى السنوات الخمس والثلاثين الماضية؛ تضاعف -بسبب وباء الإيدز العالمي- عدد الشراكات الدولية والمنظمات غير الحكومية العاملة على تعزيز الصحة العامة أكثر من أربع مرات، فوصل إلى أكثر من مئتين.
واليوم، تهتم منظمات غير حكومية ومنظمات من المجتمع المدني بالمشهد العالمي للصحة العامة، الذي يضم -إلى جانب العديد من الشراكات بين القطاعين العام والخاص ومنظومة الأمم المتحدة، وغيرها من المنظمات الحكومية الدولية- شبكة فعالة تساعد على التقدم. وهذا النظام البيئي الناضج -وإن كان ناقصا- ساعد بالتأكيد في تحسين حياة ملايين الناس في أنحاء العالم، بل وساهم في إنقاذ حياتهم.
إذا قمنا بزيادة الاستثمار المتعدد الأطراف الحالي في الجهات الفاعلة الإقليمية والعالمية في مجال التعليم غير الربحي -حتى ولو كان مبلغا صغيرا- فإنه يمكن للعالم أن يبدأ في تطوير نظام إيكولوجي مشترك لتعزيز الابتكار المحلي |
هناك منظمة تساعد في دعم التنمية المستمرة للنظام الإيكولوجي للصحة العامة اسمها "النتائج من أجل التنمية"، التي تقود شبكة التعلم المشتركة للتغطية الصحية الشاملة. وعبر إنشاء وتعميق الروابط التي تمكّن الممارسين وصانعي السياسات -في جميع أنحاء العالم- من تبادل خبراتهم مع نظرائهم في أماكن أخرى؛ تساعد شبكة التعلم المشتركة على ضمان إحراز تقدم نحو تحسين تغطية الرعاية الصحية في العالم بشكل أسرع.
وهذا هو بالضبط نوع النهج المطلوب لتحقيق هدف المجتمع الدولي المتمثل في ضمان توفير التعليم الجيد للجميع. وبالنظر إلى أوجه التشابه الملحوظة في أسباب عدم المساواة، والتحديات التي تؤثر على التعليم عبر المجتمعات المحلية والبلدان؛ فإن تقاسم المعرفة بين القادة المحليين -ناهيك عن بناء القدرات الفعالة- يُعد فعالا، كما كان عليه الحال في قطاع الصحة.
ونحن بحاجة ببساطة إلى نظام إيكولوجي عالمي للتعليم لدعم هذه الجهود، ونحتاج إليه بأسرع ما يمكن. وتتيح اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في هذا الشهر فرصة هامة لمحاولة تحقيق هذا الهدف.
وإذا قمنا بزيادة الاستثمار المتعدد الأطراف الحالي في الجهات الفاعلة الإقليمية والعالمية في مجال التعليم غير الربحي -حتى ولو كان مبلغا صغيرا- فإنه يمكن للعالم أن يبدأ في تطوير نظام إيكولوجي مشترك لتعزيز الابتكار المحلي، والتعلم وتنمية المهارات القيادية وبناء القدرات. وسنزيد -بشكل كبير- احتمالات تحقيق التقدم في التعليم (رفاهنا الجماعي) الذي نسعى إليه جميعا.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.