المتعاونون الجمهوريون مع ترمب

us congress jan 2014

بعد تسعة أشهر من رئاسة دونالد ترمب؛ يبدو أن قادة الحزب الجمهوري يدركون أخيرا الواقع القاسي لبلادهم المعرضة للخطر. لكنهم يملكون الخيار الآن: يمكنهم إما الاستمرار في التعاون مع ترمب، وبالتالي الحفاظ على قيادته وكراهيته المدمرة؛ أو التخلي عنه وإعطاء الأولوية للديمقراطية في بلدهم قبل الولاء لحزبهم أو قبيلتهم.

تشير التصريحات الأخيرة التي أدلى بها عضو مجلس الشيوخ الجمهوري من ولاية تينيسي بوب كوركر إلى أن هناك توجها ضد ترمب؛ فقد قال كوركر إن "البيت الأبيض أصبح مركزا للرعاية النهارية للبالغين"، ثم حذر من أن تهديدات ترمب على تويتر قد تضع الولايات المتحدة "على طريق الحرب العالمية الثالثة"، كما حذر السيناتور جون ماكين من التهديد الذي تمثله "القومية الزائفة وغير الناضجة".

لكن الشرف السياسي الحقيقي يتطلب أكثر من إدانات محتشمة (لم يشر ماكين إلى ترمب بالاسم في خطابه) أو الانسحاب ببساطة، كما فعل كوركر وعضو الحزب الجمهوري بات تيبيري من ولاية أوهايو.

تشير التصريحات الأخيرة التي أدلى بها عضو مجلس الشيوخ الجمهوري من ولاية تينيسي بوب كوركر إلى أن هناك توجها ضد ترمب؛ فقد قال كوركر إن "البيت الأبيض أصبح مركزا للرعاية النهارية للبالغين"، ثم حذر من أن تهديدات ترمب على تويتر قد تضع الولايات المتحدة "على طريق الحرب العالمية الثالثة"، كما حذر السيناتور جون ماكين من التهديد الذي تمثله "القومية الزائفة وغير الناضجة"

وبدلا من ذلك، فإن الشرف يستدعي تغيير المسار السياسي، كما فعل ونستون تشرشل -الذي يعتبرانه بطلا بلا شك- عندما انتقل من الحزب الليبرالي إلى حزب المحافظين. وكما أثبت تشرشل؛ فإنه ليس هناك خطأ في تغيير الولاءات السياسية. ومع ذلك، من العار إظهار الولاء لحزب أو قضية مشينة أو مؤسفة.

ويجب على الجمهوريين اليوم -الذين يظنون أنه يمكنهم تأخير الانفصال عن ترمب مخافة الإضرار بسمعتهم- أن يتذكروا مصير الآخرين (في الاتحاد السوفياتي عام 1917، وألمانيا عام 1932، وفي روسيا وتركيا اليوم) الذين اعتقدوا أنه بإمكانهم ترويض وحش.

وكذلك بالنسبة لرئيس تحرير صحيفة "برافدا" نيكولاي بوخارين الذي كان مُفضلا عند فلاديمير لينين؛ فلأكثر من عقد -بعد الثورة البلشفية- حاول بوخارين التوفيق بين فهمه الأكاديمي لـ"دكتاتورية البروليتاريا" وتنفيذها في العالم الحقيقي. ولم يكن ذلك صعبا جدا بينما كان لينين مسؤولا: فرغم إراقة الدماء التي خلفها النظام الجديد، فإن القتل الجماعي لم يكن هدفه أو مصدره الرئيسي للطاقة.

لكن حدث تغيير مع تولي جوزيف ستالين السلطة، وقد كان الإرهاب بالنسبة له وسيلة وغاية. ومع ذلك، فقد انحاز بوخارين إلى ستالين للتخلص من ليون تروتسكي وغيره من البلاشفة الذين سعوا إلى التقيد بشكل وثيق بأوامر لينين لكنهم عارضوا ستالين.

وخلص بوخارين إلى أن أساليب ستالين ستُحوّل التطور السريع للاتحاد السوفياتي إلى قوة صناعية، وكان مستقبل الشيوعية بالنسبة له أهم بكثير من فقدان بضعة آلاف من الأرواح، أو حتى بضعة ملايين.

وسرعان ما ندم بوخارين على هذا التفكير؛ فبمجرد استبعاد تروتسكي، هاجم ستالين جميع البلاشفة الكبار الآخرين، ووصفهم بأنهم "أعداء الشعب"، وهي عبارة أحياها أنصار ترمب الشعبويون -مثل المتشددين المصوتين لصالح "البريكست" في بريطانيا– للتنديد بأي شخص يجرؤ على تحدي نظام "سلالتهم وأرضهم". وقد أُعدم بوخارين عام 1938.

كما راهن فرانز فون بابن أيضا على ترويض زعيم دكتاتوري؛ ولتحقيق أهدافه السياسية الخاصة، أقنع بابن الرئيس الألماني بول فون هيندينبرغ بتعيين أدولف هتلر في منصب المستشار عام 1933. وهو سياسي محنك ذو طابع استبدادي، واعتقد بابن أنه بمجرد أن يتولى هتلر السلطة، يمكنه السيطرة على الزعيم النازي الذي اعتبره بابن ريفيا متباهيا.

وبدلا من ذلك، وفي ليلة السكاكين الطويلة؛ قام النازيون بمطاردة وإعدام زملاء بابن الموثوق بهم: هربرت فون بوس وإريش كلاوسينر، وسيطروا على الحكومة. كان مصير بابن أكثر روعة من بوخارين، رغم أن هتلر أرسله للعمل سفيرا لبلاده في النمسا ثم تركيا. وبعد الحرب العالمية الثانية، تمت تبرئة بابن في محاكمات نورمبرغ.

في الآونة الأخيرة انضم جمهوريو الكونغرس بالفعل إلى الديمقراطيين لسن عقوبات "ترمب" ضد روسيا، وكانت هناك خطوات نحو التعاون على إبقاء الإعانات التي يعتمد عليها برنامج "أوباما كير"، بعد قيام ترمب بإيقافها بأمر تنفيذي. هذه خطوات تسير في الاتجاه الصحيح. ولكن، مع سلوك ترمب الذي أصبح متقلبا وخطيرا للغاية؛ فإن ذلك ليس كافيا

كما دفع بوريس بيريزوفسكي -ذو السمعة الغامضة- الرئيسَ الروسي السابق بوريس يلتسين إلى التقرب من مستبد مستقبلي. لقد كان بيريزوفسكي هو من أثار انتباه يلتسين إلى فلاديمير بوتين، وتوقع أن يكون الضابط السابق في جهاز الاستخبارات السوفياتية (كي جي بي) المرشحَ المثالي لحماية ثروات عائلة يلتسين -وكذلك ثروة بيريزوفسكي الخاصة- عندما يتقاعد يلتسين.

ولكن بعد تولي بوتين السلطة، خسر بيريزوفسكي إمبراطوريته التجارية، واضطر إلى الهجرة إلى بريطانيا حيث توفي في ظروف مشبوهة.

وأخيرا في تركيا؛ عمل الرئيس رجب طيب أردوغان وسلفه عبد الله غل معا لإنشاء حزب العدالة والتنمية الذي هيمن على السياسة التركية منذ عام 2002. ولكن، حين مركز أردوغان السلطة في يده، استغنى عن غل. وبالمثل، أيد رئيسُ الوزراء التركي السابق أحمد داود أوغلو طويلا أردوغان، إلى أن أدى تطور الخلافات -بسبب ازدراء أردوغان لموقف رئيس الوزراء نفسه- إلى إجبار أوغلو على الاستقالة في العام الماضي.

وبطبيعة الحال، فإن الديمقراطية الأميركية أقوى من الديمقراطية في تركيا أو روسيا. ولكن بأكاذيبه المخزية والهجمات القاسية على أولئك الذين يختلفون معه، واقتراحه الأخير أنه قد يكون من المناسب "إيقاف" رخصة البث الإخبارية الرئيسية لشبكة الأنباء الأميركية؛ أظهر ترمب أنه غير مهتم بالتقيد بالمعايير الديمقراطية.

إن إضعاف الديمقراطية ثمن مرتفع جدا تدفعه الولايات المتحدة، لكن ما السبب؟ في البداية، أراد الجمهوريون استخدام ترمب لتمرير تشريع من أجل إلغاء قانون الرعاية بأسعار معقولة لعام 2010 (أوباما كير) وتمرير الإصلاح الضريبي.

ولكن بعد عشرة أشهر من السيطرة على الرئاسة وكلا مجلسيْ الكونغرس، لم يحقق الجمهوريون شيئا من الناحية التشريعية. وعند هذه النقطة، يبدو أنهم يريدون ببساطة السلطة من أجل السلطة فقط، وهذا يعني هزيمة الديمقراطيين وليس التعاون معهم.

ولكن قد يتغير الأمر؛ ففي الآونة الأخيرة انضم جمهوريو الكونغرس بالفعل إلى الديمقراطيين لسن عقوبات "ترمب" ضد روسيا، وكانت هناك خطوات نحو التعاون على إبقاء الإعانات التي يعتمد عليها برنامج "أوباما كير"، بعد قيام ترمب بإيقافها بأمر تنفيذي.

هذه خطوات تسير في الاتجاه الصحيح. ولكن، مع سلوك ترمب الذي أصبح متقلبا وخطيرا للغاية؛ فإن ذلك ليس كافيا. إن الجمهوريين -الذين يريدون أن يكونوا في الجانب الصائب من التاريخ- لا يمكن أن يبقوا في جانب ترمب فترة أطول.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.