تركيا ستكون صديقة ورفيقة وشريكة لأفريقيا

Turkey's President Recep Tayyip Erdogan (5th L) and Somalia's President Hassan Sheikh Mohamud (4th L) open the new terminal of Aden Abdulle International Airport in Mogadishu, January 25, 2015 in this handout photograph from the African Union Mission in Somalia (AMISOM). REUTERS/AMISOM Photo/Ilyas Ahmed/Handout via Reuters (SOMALIA - Tags: POLITICS TRANSPORT BUSINESS) ATTENTION EDITORS - THIS PICTURE WAS PROVIDED BY A THIRD PARTY. REUTERS IS UNABLE TO INDEPENDENTLY VERIFY THE AUTHENTICITY, CONTENT, LOCATION OR DATE OF THIS IMAGE. FOR EDITORIAL USE ONLY. NOT FOR SALE FOR MARKETING OR ADVERTISING CAMPAIGNS. THIS PICTURE IS DISTRIBUTED EXACTLY AS RECEIVED BY REUTERS, AS A SERVICE TO CLIENTS. NO SALES. NO ARCHIVES

سيبدأ القادة السياسيون ورجال الأعمال الأتراك بزيارات تاريخية إلى أوغندا وكينيا والصومال على مدار الأيام القليلة القادمة. وسنسعى إلى تعزيز وتوثيق التعاون مع حلفائنا في المنطقة، وإلى إيجاد وتطوير حلول للتحديات المشتركة وإلى استكشاف فرص المنفعة المتبادلة.

كثير من الناس في العالم يربط القارة الأفريقية بالفقر المدقع، وبالصراعات العنيفة وبحالة عامة من اليأس؛ لكن لدى شعب تركيا وجهة نظر مختلفة، فنحن نعتقد أن أفريقيا تستحق الأفضل.

تمتلك أفريقيا ثلاث مزايا جوهرية:
أولا، تحظى القارة بسكان في سن الشباب المتصف بالحيوية في وقت تمر به أوروبا وأجزاء أخرى من العالم بمرحلة الشيخوخة بشكل سريع. فإذا ما تعاون العالم مع الحكومات المحلية والوطنية في المنطقة، فإننا سنتمكن من خلق السبل المناسبة للشباب لإحداث تأثير إيجابي في مجتمعاتهم. كما أن لدى المرأة الأفريقية أيضا القدرة على أن تصبح لاعبا أكثر فاعلية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية.

تمتلك أفريقيا مزايا جوهرية، فهي تحظى بسكان في سن الشباب المتصف بالحيوية في وقت تمر فيه أوروبا وأجزاء أخرى من العالم بمرحلة الشيخوخة بشكل سريع. وهي أيضا تنعم بموارد طبيعية هائلة. ولدى شعوب أفريقيا روح المبادرة

وعلاوة على ذلك، فإن قارة أفريقيا تنعم بموارد طبيعية هائلة. أوغندا وكينيا -من ضمن دول أخرى- لا تمتلكان احتياطيات نفطية كبيرة فحسب، بل لديهما أيضا الكثير من الأراضي الخصبة، وتسقط الأمطار فيهما بانتظام. ولكي نكون واضحين، فإن بقية أفريقيا لا تختلف عنهما، وذلك على الرغم من سنوات من الحكم والاستغلال الاستعماريين التي جردت المجتمعات المحلية من ممتلكاتها. فإذا توقف العالم عن التصرف بدافع من الجشع وركّز على مساعدة الشعوب الأفريقية لمساعدة نفسها، فإن القارة يمكن أن تصبح قوة اقتصادية.

وأخيرا، فإن لدى شعوب أفريقيا روح المبادرة التي يمكن أن تشكل تحولا في القارة؛ فعلى الرغم من عقود من الاستغلال والتحديات المختلفة، فقد وجدت القارة دائما وسيلة للبقاء على قيد الحياة من خلال الابتكار. ولأن أفريقيا بدأت  تأخذ دورا أكثر بروزا في الساحة الدولية، فإن روح المبادرات ستساعدها في بناء مستقبل أكثر أمنا للجيل القادم.

منذ عام 2002، والحكومة التركية تعمل جاهدة لمساعدة الدول الأفريقية على اكتشاف إمكاناتها وعلى اتخاذ خطوات في الاتجاه الصحيح.

في محاولة لتنشيط علاقاتنا المهملة منذ فترة طويلة مع القارة؛ أطلقت تركيا في 2005 مبادرة أفريقية للتعاون بشكل وثيق مع أصدقائنا وحلفائنا في المنطقة. ونعتزم عقد قمتين للشراكة بين تركيا وأفريقيا خلال السنوات المقبلة، واحدة في إسطنبول بتركيا والأخرى في مالابو بغينيا الاستوائية. وإن هذه الأحداث لا تشكل فرصة لنا لتوجيه الشكر لشعب أفريقيا على الاستقبال الحار، ولكن أيضا للتأكيد مجددا على التزامنا بشراكة طويلة الأجل. وبالفعل، فإن هاتين القمتين تسجلان نقطة تحول في علاقات تركيا مع أفريقيا.

وفي الوقت نفسه، فإن المسؤولين والمنظمات غير الحكومية التركية كانت تعمل مع المجتمعات المحلية لمعالجة المشاكل الملحّة. وعلى مر السنين، فقد ساعد نموذج المساعدات التركية الإنسانية التي تركز على التنمية الملايين من الناس للوقوف على أقدامهم ، بما في ذلك الآلاف في الصومال التي ضربها الجفاف.

ومنذ عام 2011، ظلت الصومال واحدة من أكثر ثلاثة بلدان متلقية للمساعدات التنموية التركية، واستمرت جهودنا لإكمال المستشفى التركي الصومالي للتعليم والبحوث، وهو أكبر منشأة طبية في شرق أفريقيا، في العام الماضي.

أطلقت تركيا في 2005 مبادرة أفريقية للتعاون بشكل وثيق مع أصدقائنا وحلفائنا في المنطقة. ونعتزم عقد قمتين للشراكة بين تركيا وأفريقيا خلال السنوات المقبلة، واحدة في إسطنبول بتركيا والأخرى في مالابو بغينيا الاستوائية

وكدليل على التزام تركيا المستمر لمستقبل الصومال، فإنني سأفتتح خلال زيارتي المقبلة السفارة التركية الجديدة في مقديشو، وهي أكبر بعثة دبلوماسية تركية.

كما أن وكالة التعاون والتنسيق التركية، أو "تيكا"، لا تزال نشطة في جميع أنحاء القارة وتقوم بتنفيذ مئات المشاريع الإنسانية والتنموية لتوفير رعاية صحية أفضل، ولتعزيز الزراعة، وحماية البيئة وتسهيل التجارة.

وفي الوقت نفسه، فإن أكثر من أربعة آلاف و500 من الطلاب الأفارقة يواصلون تعليمهم في جامعات تركيا المرموقة، وذلك على شكل منح دراسية من لدن الحكومة التركية والمنظمات غير الحكومية، وإن نموذج المساعدات التنموية التركية هو تركيزنا على الاحترام المتبادل.

وفي السنوات الأخيرة، شهدت علاقات تركيا الثنائية مع الدول الأفريقية تحسنا، وفي الحقيقة، فإن العدد المتزايد للزيارات الرسمية للقادة الأتراك والأفارقة ساعدنا في تعزيز العلاقات مع القارة، وكذلك في تعزيز الشراكات بين الأنداد وخدمة مصالح الطرفين.

ومنذ توليت الرئاسة التركية في أغسطس/آب 2014، كان من دواعي سروري زيارة تسعة بلدان أفريقية واستضافة عدد كبير من القادة الأفارقة بمناسبة الزيارات الثنائية ومؤتمرات القمم الدولية.

ولم يقتصر تعاوننا مع أفريقيا على الزيارات الرسمية؛ فعلى مدى العقد الماضي، وقعت تركيا على عدد من المعاهدات وأطلقت مشاريع مشتركة في مختلف أنحاء القارة في تحد للدور التقليدي بين المُستغِل والمستَغَل. وكدليل على إيماننا بأفريقيا، فإن الخطوط الجوية التركية وقعت قرارا جريئا لدخول السوق الأفريقية وسرعان ما توسعت شبكتها إلى 48 وجهة في 32 بلدا. ومنذ العام 2000، فإن تجارة تركيا مع أفريقيا بجنوب الصحراء نمت ثمانية أضعاف لتصل إلى ستة مليارات دولار حيث بلغ عدد السفارات التركية في أنحاء القارة 34؛ أي بزيادة تمثل خمسة أضعاف.

كما لا يقتصر تعاون تركيا مع أفريقيا على الدبلوماسية أو التجارة، فنحن في الساحة الدولية ملتزمون بتعزيز مصالح الدول الأفريقية. ولما كنا استضفنا مؤتمر الأمم المتحدة الرابع المعني بالبلدان الأقل نموا في 2011، فإن إسطنبول تكون بذلك قد مهدت الطريق للقمة الإنسانية العالمية الأولى على الإطلاق الأسبوع الماضي؛ حيث انضم ممثلون من 173 دولة، بما في ذلك 32 دولة من جنوب الصحراء لدول أخرى من أجل إصلاح النظام الإنساني الدولي جنبا إلى جنب مع المنظمات غير الحكومية والمتطوعين والناجين من الأزمات الإنسانية، وأعطت القمة الأمل للملايين من الناس في أفريقيا وأماكن أخرى.

وفي إطار المضي إلى الأمام، فإن تركيا تتطلع إلى العمل بشكل وثيق مع أصدقائها الأفارقة وحلفائها في مجموعة من المجالات.

لا تزال العديد من الدول الأفريقية، ومن بينها أوغندا وكينيا والصومال، على الخطوط الأمامية في الحرب ضد المعاناة الإنسانية، بينما تكرس الدول الغربية مواردها لبناء جدران أطول، وتكثف الأمن وتشدد القيود على السفر

ولا تزال العديد من الدول الأفريقية، ومن بينها أوغندا وكينيا والصومال، على الخطوط الأمامية في الحرب ضد المعاناة الإنسانية، بينما تكرس الدول الغربية مواردها لبناء جدران أطول، وتكثف الأمن وتشدد القيود على السفر. وبعد أن أنفقنا أكثر من 10 مليار دولار لتوفير الإغاثة الإنسانية لثلاثة ملايين سوري داخل حدودنا، فإن الحكومة التركية ستستمر برفع مستوى الوعي بشأن جهود الدول الأفريقية.

كما أن الشعب التركي وشعوب أفريقيا متحدون أيضا في تجاربهم مع الإرهاب، فنحن كبلد يواجه تحديات حاسمة بما في ذلك الإرهاب وعدم الاستقرار الإقليمي وأزمة اللاجئين؛ يمكن أن ندرك طبيعة المأزق الذي يجد شركاؤنا مثل أوغندا وكينيا أنفسهم فيه.. وماضون إلى الأمام، متعهدين بالعمل مع حلفائنا وأصدقائنا الأفارقة بشكل وثيق في مجال مكافحة الإرهاب من بين قضايا أخرى.

وأخيرا، فإن تركيا ستتخذ الخطوات الضرورية لتعزيز المبادرات التي كان لها أثر إيجابي على الاقتصاد التركي على مدى العقد الماضي. وإن سوق الحرف اليدوية وبيت الثقافة الأفريقية الذي انطلق في العاصمة التركية أنقرة بدعم من سيدة تركيا الأولى صاحبة المعالي أمينة أردوغان يمثل خطوة ملموسة لتوليد الدخل لسيدات الأعمال في أفريقيا. كما نأمل في تبادل خبرات المشاريع التي لدينا مع شعوب أفريقيا.

ويظهر التعاون المتنامي بين تركيا وأفريقيا أنه يمكن تحقيق الكثير عن طريق إشراك شركائنا بصدق وإيجاد الحلول التي تخدم مصالح الجانبين، كما يبعث برسالة قوية بشأن إمكانيات أفريقيا الحقيقية بالنسبة للعالم.

ولدي واحد من الأمثال الأفريقية المفضلة الذي يقول: الفقر الحقيقي هو عدم وجود أصدقاء. ولكن اليوم وإلى الأبد، ستكون تركيا صديقة ورفيقة وشريكة لأفريقيا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.