هل تودع اليابان دستور السلام؟

epaselect epa04877880 A crowd of people gathers around the Pace Prayer statue to offer prayers for victims killed by the atomic bombing of Nagasaki in 1945 after the 2015 Nagasaki Peace Ceremony at the Nagasaki Peace Park, in Nagasaki, south-western Japan, 09 August 2015. Nagasaki marks the 70th anniversary of the atomic bombing, killing about 74,000 people and injuring about 75,000 people of 240,000 population in 1945.

في فبراير/شباط الماضي، دعا رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي المجلس التشريعي الوطني لتعديل المادة 9 من دستور البلاد الذي ينبذ الحرب كوسيلة لتسوية النزاعات.

وقال آبي إن هذا الدستور الذي وضعته الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية يحتوي على "بعض الأجزاء التي لا تنسجم مع الوضع الراهن". إنه يشعر بالقلق خاصة تجاه النص الدستوري الذي يمنع اليابان من الحفاظ على "القوات البرية والبحرية والجوية"، ويعتبر أن ذلك متناقض مع وجود قوات الدفاع الذاتي في البلاد.

ويبدو أن اقتراح آبي لا يحظى بشعبية كبيرة. وفقا استطلاع للرأي، فإن نحو 50.3٪ من الشعب الياباني يعارضون تعديل المادة 9، بينما يدعم هذا الإجراء 37.5٪ فقط. ما يسر آبي هو أنه لا يبدو أن للانتقادات الكبيرة لجهوده جذورا عميقة. فالناخبون -كما يبدو- هم أقل قلقا بشأن الاتجاه السياسي الذي يسلكه آبي وأكثر اهتماما بشأن قراره بإعطاء الأولوية القصوى لهذه القضية.

إن تعديل الدستور من شأنه أن يعطي أساسا قانونيا أقوى لما يطمح إليه آبي من تدابير الدفاع المثيرة للجدل، ويرفع القيود المفروضة على نشر القوات اليابانية في الخارج ويراجع مفهوم تحديد الدفاع عن النفس ليشمل مساعدة الحلفاء

إن تعديل الدستور من شأنه أن يعطي أساسا قانونيا أقوى لما يطمح إليه آبي من تدابير الدفاع المثيرة للجدل. هذه الأحكام التشريعية الجديدة التي عرضت في العام الماضي ترفع القيود المفروضة على نشر القوات اليابانية في الخارج وتراجع مفهوم تحديد الدفاع عن النفس ليشمل مساعدة الحلفاء. وهذا الأمر أيضا لا يحظى بشعبية كبيرة، على الأقل ظاهريا، حيث إن نحو 51٪ من الناخبين اليابانيين لا يوافقون على هذه الإجراءات، مقارنة مع 30٪ توافق عليه.

ومن المؤكد أن الكثيرين في اليابان يشعرون بالقلق إزاء الآثار المترتبة على جدول أعمال آبي، معتقدين أن ذلك يتعارض مع الأمن القومي للبلاد والموقف الدولي لليابان، ويشعرون بالقلق نحو تحركات دفاع آبي التي من شأنها أن تجر اليابان إلى الحرب، وتضع حدا لموقفها السلمي بعد الحرب.

هناك انتقادات أخرى متعلقة بالمخاوف الناتجة عن سياسة اليابان الجديدة الخاصة بالدفاع والتي بإمكانها الإساءة إلى علاقاتها مع جيرانها. وقد أعربت العديد من البلدان بالفعل عن هذه المخاوف، حيث ذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية هونغ لي أن هذا النهج الياباني الجديد "بعيد عن اتجاه العصر المتسم بالسلام والتنمية والتعاون".

كما علق نظيره في وزارة الخارجية بكوريا الجنوبية أن بلاده "لن تتسامح" بشأن ممارسة اليابان لحق الدفاع الجماعي عن النفس في شبه الجزيرة الكورية "دون طلب أو موافقة [جمهورية كوريا]". وأعلنت وسائل الإعلام الرسمية الكورية الشمالية أن إصلاحات آبي تهدف إلى "تمهيد الطريق لغزو دول أخرى".

من المؤكد أن الكثيرين في اليابان يشعرون بالقلق إزاء الآثار المترتبة على جدول أعمال آبي، معتقدين أن ذلك يتعارض مع الأمن القومي للبلاد، ويشعرون بالقلق نحو تحركات دفاع آبي التي من شأنها أن تجر اليابان إلى الحرب

ولا ترتكز المعارضة تجاه جدول أعمال آبي على أي احتجاجات أساسية، في بعض الحالات، يتركز الاهتمام على شرعية العملية القانونية نفسها. وفقا لأحد الاستطلاعات فإن 67٪ من اليابانيين لا يوافقون على الكيفية التي دافع بها الائتلاف الحاكم عن هذا المشروع القانوني في البرلمان. هناك شعور كبير في اليابان أن حكومة آبي "لم تبذل جهدا كافيا" لشرح هذه التشريعات للجمهور، وبتجاهلها انتقادات غالبية الناخبين، تسيء حكومة آبي لمصداقية النظام الديمقراطي الياباني.

وبالمثل، لا يوافق نحو 51٪ من المستطلعين على هذه القوانين بحجة أنها ليست دستورية ومخالفة للمادة 9 من الدستور، وهو النص الذي يرغب آبي في تغييره. ومن غير المحتمل أن يدعم المستطلعة آراؤهم إلغاء القوانين. وفي الحقيقة فإن بعضهم مستعد للسكوت إذا نجح آبي في تعديل الدستور.

هناك أيضا إجابة بسيطة وعملية تفسر لماذا لا يدعم المعارضون للقوانين الجهود المبذولة لإلغائها، إذ يرغب معظم اليابانيين في تجنب أي مناقشة تسبب الخلاف ومن شأنها صرف انتباه الحكومة عن الأولويات الأخرى.

لقد تقلص الاقتصاد الياباني أكثر من المتوقع في الربع الأخير من عام 2015، وشهدت سوق الأسهم حالة اضطراب منذ بداية هذا العام. وبغض النظر عن مدى عدم تحمس اليابانيين اتجاه مشروع آبي لقانون الأمن ومحاولاته لتغيير الدستور، فهم يفضلون وضع القضية في الدرجة الخلفية من الاهتمام. وبهذه الطريقة، يمكن للحكومة أن تركز على اهتمامات الناخبين: تحويل وتطوير اتجاه الاقتصاد وتوفير برامج الضمان الاجتماعي في البلاد.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان