بناء المدرسة العالمية

Syrian children, who are refugees, stand in queues at a school in Al- Zaatri refugee camp, in the Jordanian city of Mafraq, near the border with Syria February 12, 2013. The children resumed classes at school following a rainstorm three weeks ago that led the refugees at the camp to use the school building as a shelter. REUTERS/Muhammad Hamed (JORDAN - Tags: POLITICS EDUCATION)
رويترز


هذا العام هو عام حاسم بالنسبة للتعليم على مستوى العالم، فرغم التزام المجتمع الدولي بضمان التعليم الابتدائي العالمي، لا يزال هناك حوالي 58 مليونا من أكثر أطفال العالم تهميشا خارج الصف المدرسي، وبينما نسعى لتوسيع التزام المجتمع الدولي وذلك حتى تتاح لكل طفل بحلول عام 2030 فرصة الالتحاق بالتعليم الثانوي، يجب أن نعمل بجد من أجل توفير التمويل اللازم.

ولهذا السبب فإن منتدى التعليم العالمي الذي يمتد لأربعة أيام في كوريا الجنوبية -بلد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون– هو مهم كذلك، وطبقا لمعظم التقديرات فإن توفير تعليم ثانوي عالمي سوف يكلف الجهات المانحة الدولية مبلغ 22 و50 مليار دولار أميركي إضافي سنويا وحتى لو قامت الدول النامية بزيادة التزاماتها. لو فشلنا في جمع الأموال فإن من المؤكد أن آمال وطموحات ملايين الأطفال سوف تتحطم.

سوف يركز المنتدى على كيفية جسر هوة التمويل، وفي وقت لاحق وبالتحديد يوم 7 يوليو/تموز المقبل سوف تقوم رئيسة الوزراء النرويجية إيرنا سولبيرج ووزير خارجيتها بورج بريندي بعقد قمة في أوسلو بهدف تعزيز وضع التعليم بين الأولويات العالمية ومكافحة الاتجاهات السلبية المتعلقة بالتمويل وتحديد الأساليب من أجل دعم الطلاب بشكل أكثر فعالية.

قصة بان كي مون الشخصية توضح الفرق الذي يمكن أن يحدثه التعليم في تغيير حياة الإنسان، فقد تلقى تعليمه الابتدائي تحت ظل شجرة بفضل مساعدة اليونيسيف، وقد وفرت اليونسكو الكتب التي كتب عليها "يجب على الأطفال أن يعملوا بجد وبهذا تكونوا قد وفيتم دينكم للأمم المتحدة"

إن هناك مؤتمرات أخرى، بما في ذلك مؤتمر أديس أبابا العالمي المتعلق بالتمويل والتنمية والكونغرس العالمي الدولي للتعليم واجتماع مبادرة آب فور سكول على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة والجلسة الثامنة والعشرون للمؤتمر العام لليونسكو، سوف تكون بمثابة منتديات للعمل والمناقشة.

من المناسب أن أول تلك الفعاليات سوف تقام في كوريا الجنوبية، وأن بان سوف يكون أحد المتحدثين الرئيسيين، فقصة بان الشخصية توضح الفرق الذي يمكن أن يحدثه التعليم في تغيير حياة الإنسان.

لقد نشأ بان في كوريا التي مزقتها الحرب في الخمسينيات وتلقى تعليمه الابتدائي تحت ظل شجرة بفضل مساعدة اليونيسيف. ولقد وفرت اليونسكو الكتب التي كانت عليها الكتابة التالية: "يجب على الأطفال أن يعملوا بجد وبهذا تكونوا قد وفيتم دينكم للأمم المتحدة". لم يكن أحد يتخيل أن أحد هؤلاء الطلاب سوف يتمكن من سداد دينه وذلك عندما أصبح أمينا عاما للأمم المتحدة واستخدم موقعه من أجل قيادة حملة مبادرة التعليم العالمي أولا لمنح الفرصة التي حصل عليها للآخرين.

إن التعليم حيوي من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة الأخرى، فالتعليم يؤدي إلى تحقيق مكاسب في الصحة وتمكين المرأة والتوظيف وجودة الحياة بشكل عام. إن المشكلة هي أن توفير نظام تعليمي مناسب يتطلب على الأقل 5% من الناتج المحلي الإجمالي لأي بلد وحوالي 20% من الإنفاق العام، علما أن القليل من الدول النامية قد تعهدت بالإنفاق على هذا النطاق.

وفي الوقت الحاضر فإن المساعدة الخارجية سوف تكون ضرورية. إن هناك محددات واضحة لقدرة الدول الفقيرة على حشد الموارد المحلية اللازمة من أجل توفير التعليم الثانوي للجميع، وعليه يتوجب على المجتمع الدولي أن يساعد في تعويض الفارق وذلك بمساعدة المؤسسات والشركات الخاصة والمنظمات الخيرية والتمويل على المستوى العالمي والوطني.

إن مسألة التعليم لا تزال تفتقد محسنا كبيرا مثل بيل غيتس، ورغم أن الشراكة العالمية للتعليم قد جمعت أكثر من ملياري دولار أميركي ضمن جهودها من أجل التجديد، فإن البرامج الصحية لديها ممولون أكثر، وهذا ينعكس على سبيل المثال في مبلغ 12 مليار دولار أميركي تم جمعها لمصلحة الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا، علما أنه مؤخرا فقط لعبت النرويج دورا طليعيا من أجل جعل التعليم لجميع أطفال العالم أولوية وطنية.

تصرف أغنى بلدان العالم حوالي مائة ألف دولار على تعليم طفل حتى سن 16، وعلى النقيض من ذلك في منطقة جنوب الصحراء فإن الطفل من عائلة فقيرة سوف يحصل على أقل من أربع سنوات من التعليم بقيمة 150 دولارا سنويا، علما أن 12 دولارا أميركيا من ذلك المبلغ فقط مصدره الدول الأغنى

إن التعليم حاليا يشكل 1% فقط من المساعدات الإنسانية في حالات الطوارئ على الرغم من حقيقة أن ملايين الأطفال هم لاجئون في حاجة للمساعدة وليس فقط لأيام أو أسابيع ولكن عادة لسنوات. إن حوالي نصف الأطفال الذين لم يلتحقوا بالمدارس -حولي 28 مليون طفل- يعيشون في بلدان الصراعات مع وجود ملايين محاصرين في مخيمات اللجوء أو مدن الخيام.

إن من المقترحات التي تتم مناقشتها في اجتماعات هذا العام هو تأسيس صندوق للتعليم خلال الحالات الطارئة وبرنامج تنسيقي من أجل المساعدة في إرسال الموارد إلى بلدان مثل سوريا التي ترك الصراع فيها حوالي 3 ملايين طفل خارج المدارس، وفي نيبال كذلك يوجد لدينا 25 ألف غرفة صفية بحاجة عاجلة لإعادة البناء أو التعديل من أجل تحمل الزلازل.

إن الجهود من أجل توفير مساعدات إنسانية في حالات الطوارئ هي فقط جزء من أجندة التعليم العالمي، وكما تقوم التسهيلات المالية الدولية المتعلقة بالتطعيم بتوفير آليات تمويل للصحة فيتوجب علينا أن ننظر في إيجاد أدوات تمويلية مبتكرة مثل سندات التأثير الاجتماعي والوعد ليس فقط بزيادة الالتحاق ولكن أيضا تحسين إمكانية المحافظة على الطلاب وتحسين تعليمهم.

أما اليوم فإن أغنى بلدان العالم تصرف حوالي مائة ألف دولار أميركي على تعليم طفل حتى سن السادسة عشر، وعلى النقيض من ذلك في منطقة جنوب الصحراء فإن الطفل من عائلة فقيرة سوف يحصل على أقل من أربع سنوات من التعليم بقيمة 150 دولارا أميركيا سنويا، علما أن 12 دولارا أميركيا من ذلك المبلغ فقط مصدره الدول الأغنى.

إن هدفنا الطويل المدى هو التحقق من أن مواطني الدول الأفقر على مستوى العالم لا يتمتعون بنفس الفرص التعليمية فحسب، ولكن أيضا بنفس معدلات التحصيل التي يتمتع بها نظراؤهم في الدول الأغنى، وفقط عندما يتحقق ذلك سوف يكون بإمكاننا القول إنه قد تم الانتصار في الصراع من أجل حق التعليم وإننا خلقنا عالما يتمكن جميع الأطفال فيه من تحقيق آمالهم وطموحاتهم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.