ماذا يحدث في أفريقيا الوسطى؟

ماذا يحدث في أفريقيا الوسطى؟ رأفت صلاح الدين

undefined

لا تكاد الأمة الإسلامية تصحو من مأساة حتى تباغتها أخرى، إحدى المآسي الجديدة هي ما يتعرض له المسلمون في أفريقيا الوسطى من مجازر تشعل أوارها فرنسا التي لم تنسَ ماضيها الاستعماري البغيض، حيث هيأت الظروف لحدوث المجازر ضد المسلمين في عنوان جديد لحرب إثنية.

تحد جمهورية أفريقيا الوسطى تشاد من الشمال والسودان من الشمال الشرقي، وجنوب السودان شرقا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية الكونغو في الجنوب والكاميرون غربا، وتصل مساحتها إلى نحو 620 ألف كيلو متر مربع، ويقدر عدد سكانها بحوالي 4.4 ملايين نسمة، والعاصمة هي بانجي.

نسبة المسلمين فيها -حسب المصادر المحايدة- تقدر بحوالي 20-25% من السكان، وتوجد النسبة الكبرى منهم في شمال البلاد في جهة حدود تشاد والسودان، حيث نشأت هناك سلطنة إسلامية في نهاية القرن السابع عشر الميلادي عندما نزح عدد من سلاطين مملكة باجرمي الإسلامية في جنوب تشاد بعد سقوط مملكتهم إلى المنطقة الشمالية من أفريقيا الوسطى، خاصة مدينة إنديلي، فساهموا بشكل كبير في نشر الإسلام وسط الوثنين، امتدادا لدورهم السابق في أسلمة جنوب تشاد، كما كان لسلطنة دارفور الإسلامية أثر كبير في أسلمة الجزء المتاخم للحدود السودانية الأفروسطية.

بينما تبلغ نسبة المسيحيين حوالي 45-50%، وهم موزعون بين كاثوليك وبروتستانت، وباقي السكان يدينون بديانات محلية.

أفريقيا الوسطى مستعمرة فرنسية سابقة من عام 1889 حتى عام 1959، حيث تعتبر فرنسا كل مستعمراتها جزءا من تراب فرنسا إلى الآن، ولم تسمح لأي منها بالاستقلال الحقيقي.

إعلان
تقدر نسبة المسلمين بنحو 20% من السكان، أغلبهم يقطنون في الشمال، حيث نشأت هناك سلطنة إسلامية في نهاية القرن السابع عشر الميلادي عندما نزح عدد من سلاطين مملكة باجرمي الإسلامية في جنوب تشاد إلى تلك المنطقة 

ترأس الدولة بعد الاستقلال الرئيس ديفد داكو في الفترة من 1959-1966، (ويعد من ثمار المدارس الكنسية، ومن ثم أصبح عُرفا متبعا أن كل من يتولى أمر رئاسة أفريقيا الوسطى يجب أن يكون نصرانيا كاثوليكيا)، ثم الإمبراطور جان بيدل بوكاسا الذي حكم في الفترة من 1966-1979، ثم ديفد داكو مرة أخرى الذي أعيد بانقلاب فرنسي على الإمبراطور بوكاسا، فحكم في الفترة من 1979-1981، ومن بعده كان الرئيس أندريه كولينجبا الذي حكم في الفترة من 1981-1993، وجاء بعده الرئيس أنجي فيليكس باتاسيه (1993-2003)، ثم الرئيس فرانسوا بوزيزيه (2003-2013).

تعود أسباب الأحداث الأخيرة إلى عام 2008 عندما نشبت مشكلة بين الرئيس فرانسوا بوزيزيه وجنوده (المرتزقة) الذين ساعدوه على الاستيلاء على السلطة في 15/5/2003 بانقلاب على الرئيس باتاسيه، وهؤلاء متفرقون من حيث الانتماءات القبلية والمناطقية وكذلك الأديان.

ومما يذكر أن هناك قبيلتين كبيرتين تقطنان في منطقتي الشمال الشرقي من البلاد، وهما رونغا التي يعود الفضل إليها بعد الله عز وجل في الحفاظ على السلطنة الإسلامية في شمال البلاد، حيث عاصمة السلطنة إنديلي، ولها وجود قوي داخل الدولة من حيث الكوادر المسلمة، أما القبيلة الأخرى فهي قولا، وهي أيضا من القبائل الشمالية التي لها عدد من الكوادر المسلمة في الدولة، ومن بينهم عدد من الثوار الحاليين الذين تسلموا الحكم في بانجي.

وقد اعتمدت الحكومة سياسة "فرّق تسد" في تعاملها مع أبناء الشمال الشرقي، فأثارت الفتنة بين القبيلتين لإشغالهما عن المطالبة بحقوق أهل الشمال من تقاسم الثروة، والمشاركة السياسية في الحكم، والتنمية المفقودة نهائيا في هذه المناطق، مما أشعل بينهما صراعا دمويا، راح ضحيته عشرات الآلاف من القبيلتين.

وبعد فقدان عشرات الآلاف ما بين جريح وقتيل توصلت القبيلتان إلى اتفاق بينهما لوقف القتال، وشكلتا مجموعتين ثوريتين مع القبائل الأخرى المقيمة في هذه المنطقة، وصبتا جام غضبهما على الحكومة والجيش النظامي، فاستمرت الحرب بين الحكومة وهاتين المجموعتين، غير أن الحكومة استطاعت توقيع اتفاقية سلام مع إحدى الجبهتين بشروط، ومن بينها مطلب أساس للتحالف، وهو تنفيذ الوعود التي قطعتها الحكومة على نفسها في السنوات الماضية بتسديد المستحقات المالية للجنود التابعين للحركات المعارضة، ودمج هؤلاء الجنود في الجيش الوطني، وإطلاق سراح المعتقلين من العسكريين وغيرهم.

إلا أن بوزيزيه لم يستفد من الدروس السابقة، فساهمت حكومته في تأجيج الصراع الديني مرة أخرى باعتباره قسّا سابقا، ودفع قواته للاعتداء على ممتلكات المسلمين، ولعل أشهر تلك الحوادث ما جرى عام 2010، وراح ضحيته المئات من المسلمين وغيرهم، مما اضطر الحكومة التشادية إلى إرسال وزير الدفاع حينها لإرسال رسالة مبطنة لوقف الاعتداءات أو الرحيل.

وفي أواخر عام 2012 -تحديدا في أكتوبر/تشرين الأول- بدأت القوات التشادية المتمركزة في العاصمة بانجي لحماية القصر الجمهوري والمنشآت الرئيسة الخروج من أفريقيا الوسطى، فاتحة المجال لحركة المعارضة بالوصول إلى سدة الحكم، حيث لاحظت الحكومة التشادية التذمر الشديد لدى كل أطياف المعارضة والشعب -المسلمين وغيرهم- من الأوضاع المعيشية الصعبة، مع أن أفريقيا الوسطى من أغنى الدول الأفريقية بالمعادن والمياه، فتحركت قوات المعارضة بناء على هذه الإشارة من الحكومة التشادية صوب العاصمة، وأوقفتهم الحكومة التشادية في منطقة بوالي -على بعد ستين كيلو مترا- لحين عقد المساومات بين الأطراف الخارجية (تشاد، وفرنسا، وأميركا).

وقد استقر الرأي على منح مهلة أخرى للرئيس لعلها تساهم في إعداد النخبة الجديدة التي تحكم البلاد، وضمان حصة كل طرف، فاتفقوا على عقد مؤتمر ليبرافيل في العاصمة الغابونية في 11يناير/كانون الثاني 2013، ومن أهم البنود التي اتفقوا عليها: تسليم رئاسة الحكومة للمعارض نيكولا تشانغاي، وهو من أكثر المحامين شهرة في الدولة، وكان يترأس مكتب حقوق الإنسان، كما أنه رئيس لأكبر الأحزاب المعارضة في البلاد، وتعيين وزير الدفاع من المعارضة المسلحة.

كما تم الاتفاق أيضا على:
– أن الحكومة التي ستشكل لا بد أن تضم جميع أطياف المجتمع الأفرووسطي ومكوناته، وأن تستمر لمدة 12 شهرا، بعدها ينتخب مجلس برلمان يشرف على الانتخابات الرئاسية المقترحة إقامتها عام 2016.

– ألا يترشح الرئيس بوزيزيه لفترة رئاسية جديدة، وعدم إشعال النعرات القبلية في أوساط الشعب، المسلمين وغيرهم.

اعتمدت الحكومة سياسة "فرّق تسد" في تعاملها مع أبناء الشمال الشرقي، فأثارت الفتنة بين قبيلتي رونغا وقولا لإشغالهما عن المطالبة بحقوق أهل الشمال من تقاسم الثروة، والمشاركة السياسية في الحكم، والتنمية المفقودة

وقد مثل المعارضة في هذه المفاوضات الزعيم الحالي للمعارضة ميشيل أندوتوجيا، والذي تولى السلطة بعد هروب بوزيزيه، وهو من أبناء المسلمين في شمال البلاد، وكان قنصلا لأفريقيا الوسطى في ولاية نيالا بغرب السودان، ومن هناك انضم إلى المعارضة المتمركزة في الحدود السودانية التشادية منذ عام 2008، حيث انضم إليها في وقت متأخر، وذلك له دلالات معينة!

وكان من ضمن أهم البنود -التي طرحت لأول مرة- بند يتعلق بأن تكون للإسلام مكانة حقيقية بين الأديان المعترف بها في الدولة، وأن يحتفل رسميا بعيدي الأضحى والفطر، ويدرجان ضمن أعياد الدولة الرسمية، وعدم التعرض أو اضطهاد المسلمين، خصوصا في ما يتعلق بالأوراق الثبوتية، حيث لم يكن الحصول على الجواز في السابق متاحا إلا بصعوبة، كان الشخص الذي اقترح هذه المقترحات ضمن وفد "سيليكا" وكان شديد التمسك بها هو حسن عثمان أحد قيادات المسلمين، وأحد الكوادر العلمية المهمة في أفريقيا الوسطى، حيث يحمل درجة الماجستير في الاقتصاد من جامعة بانجي، لكن هذا القيادي المسلم اختفى بعد انتهاء المفاوضات في ظروف غامضة، ولا يعرف مصيره حتى الآن!

غير أن الحكومة لم تستجب لهذه المطالب، ولم تفِ بما تم الاتفاق عليه في اتفاقية ليبرافيل، مما أدخل المنطقة في صراع مفتوح على كل الجبهات، فاتحدت الجبهتان في حركة واحدة سمّت نفسها  "سيليكا"، أي (العقد) بلغة السنغو المحلية، أي تعاقدوا وتعاهدوا لإسقاط الحكومة المركزية في بانجي، وبناءً على هذه الوحدة وجدوا دعما قويا بالعتاد والسلاح من متمردي كل من دولة جنوب السودان، ومتمردي تشاد، على أن تضمن الحركة الوليدة بعد وصولها إلى سدة الحكم دعم الحركتين بالمقابل في صراعهما مع حكومتيهما المركزيتين بناء على تعاهد بينهما.

بدأت شرارة الاقتتال في مارس/آذار 2013، ونجح مسلحو تحالف "سيليكا" -الذين أغلب عناصرهم من المسلمين- في الإطاحة بالرئيس المسيحي فرانسوا بوزيزيه الذي تناصره مليشيات مناهضي بالاكا المسيحية والمدعومة فرنسيا.

ويقدر تعداد مقاتلي "سيليكا" بنحو 25 ألف مقاتل وفق بعض التقديرات، ويتزعم الائتلاف ميشال دجوتوديا (الذي كان يحمل اسم "محمد ضحية" قبل أن يغير اسمه)، وهو أول رئيس مسلم تولى الحكم بعد سيطرة قواته على العاصمة والقصر الرئاسي وفرار بوزيزيه في 24 مارس 2013، لتنصب حركة سيليكا زعيمها ميشال جوتوديا رئيسا انتقاليا للبلاد يوم 18 أغسطس.

وتم تشكيل الحكومة المؤقتة من 28 وزيرا، بمن فيهم وزراء الدولة، وأسندت لأول مرة في تاريخ الدولة 14 وزارة للمسلمين، إضافة إلى وزارة سيادية، وهي وزارة الداخلية التي عيّن وزيرا لها القائد نور الدين آدم، إضافة إلى أن معظم مستشاري الرئيس هم من المسلمين، وكان رئيس الجمهورية قد التقى وفدا رفيعا من المسلمين ما بين تجار وبرلمانيين وعلماء، وأسفر هذا اللقاء عن تلك التشكيلة الوزارية.

في 13 سبتمبر/أيلول 2013 قام الرئيس دجوتوديا رسميا بحل قوات "سيليكا"، كما تم الإعلان عن دمج بعض مقاتليها في الجيش.

انزعجت الدوائر الغربية بشكل كبير من التمكين الذي حظي به المسلمون في عهد الحكومة الجديدة قبل الانقلاب عليها، ذلك أن الموارد المالية لم تعد محصورة على الوزراء النصارى، حيث كانوا يستغلون تلك الإمكانيات علاوة على مناصبهم السامية في الدولة لبناء الكنائس والمعاهد اللاهوتية، وهو ما يؤكد حضور البعد العقدي في التدخل العسكري الفرنسي الأخير في مستعمرتها السابقة جمهورية أفريقيا الوسطى.

كان التخطيط للتدخل لقطع الطريق على السكان المسلمين الذين أصروا على إدراج مطالبهم الأساسية من الحريات والحقوق الأساسية ضمن بنود اتفاقية مؤتمر المصالحة في ليبرافيل، كان يقود هذه المؤامرات فرنسا التي حصلت على تفويض من مجلس الأمن للتدخل في أفريقيا الوسطى، فقامت بنشر قرابة 1600 جندي على أراضي أفريقيا الوسطى في 15 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وبعدها قام الرئيس الفرنسي هولاند بزيارة خاطفة إلى بانجي، لتنضم إلى القوة الأفريقية المشتركة "ميسكا" المنتشرة بالفعل في البلاد بنحو ستة آلاف عسكري.

ظن الجميع إلى أن فرنسا ستعزل الرئيس ديوتوديا زعيم تحالف "السيليكا" دون إراقة دماء، لكن في الحقيقة القوات الفرنسية لم تفعل شيئا من هذا القبيل، ما قامت به هو نزع أسلحة مقاتلي "السيليكا"، ولم يحدث أي نوع من التفاوض السياسي معها أو وضع حد لمليشيات المعارضة التي لا تقل وحشية في تصرفاتها، وأيضا تم إضعاف حكومة ديوتوديا عسكريا، بينما لا يوجد أي دعم سياسي لأي طرف.

ماذا حدث بعد ذلك؟

بدأت شرارة الاقتتال في مارس/آذار 2013، ونجح مسلحو تحالف سيليكا، وأغلبهم من المسلمين، في الإطاحة بالرئيس المسيحي فرانسوا بوزيزيه الذي تناصره مليشيات مناهضي بالاكا المسيحية والمدعومة فرنسيا

لم تستقر جماعة سيليكا في الحكم حتى ظهرت مجموعات أخرى مكونة من مليشيات قروية للدفاع الذاتي، تضم مجموعة من المزارعين المسيحيين ملقبة باسم "أنتي بالاكا" أو "مناهضو السواطير".

ظهرت هذه المجموعات من أتباع الرئيس بوزيزيه منذ سبتمبر/أيلول 2013 في شمال غرب أفريقيا الوسطى ردا على التجاوزات التي ارتكبها مسلحون من صفوف تحالف سيليكا المتمرد، ولرغبتهم في انتقال الحكم إلى رئيس مسيحي.

ثم كان فجر الخميس 5 ديسمبر/كانون الثاني 2013، حيث تمت عملية انقلابية بامتياز، قادها زمرة من المرتزقة بدعم (فرنسي، كاميروني، جنوب سوداني)، وبمباركة رجال الكنيسة، كانت عملية قتل المسلمين في حي بوينغ تضليلا للجيش الوطني للتحرك بعيدا عن مقاره حول القصر، وهو ما يفسح المجال أمام هذه المليشيات والمرتزقة لاقتحام القصر والإذاعة والتلفزيون، وإعلان الانقلاب مباشرة بتغيير الحكومة، لتأتي القوات الفرنسية لاستكمال اللازم وفرض الأمر الواقع.

لذا جرت التمثيلية الأخرى، وهي استصدار قرار من الأمم المتحدة صبيحة المجزرة لتثبيت الحكومة الجديدة، مع أن القوات الفرنسية قد وصلت إلى أفريقيا الوسطى قبل الموافقة، ودخلت مدينتي بوار، وبربرتي الغنيتين بالألماس والذهب، وحين أدركت باريس فشل محاولتها الانقلابية بدأت تعلن أن هناك حربا أهلية تجري بين المسلمين والمسيحيين، وأنها ما جاءت إلا لوقف هذا الاحتراب، وأن على المجتمع الدولي دعمها في هذه الجهود.

ثم في 9 ديسمبر/كانون الأول 2013 أقدمت القوات الفرنسية بالتعاون مع القوات الأفريقية الموجودة في البلاد على نزع أسلحة أكثر من سبعة آلاف من مقاتلي سيليكا، ووضعهم في ثكنات مختلفة بالعاصمة، وهو إجراء أغضب المسلمين، باعتبار أن هذه القوات كانت تمثل لهم شيئا من الحماية في مواجهة المليشيات المسيحية.

ولذلك نظم المسلمون احتجاجات في بعض شوارع العاصمة، منددين بالانحياز الفرنسي لصالح المسيحيين، وأقاموا المتاريس بالإطارات والحجارة، احتجاجا على انتشار القوات الفرنسية، وقالوا إن هذا الأمر يترك المسلمين عزلا من دون حماية من مليشيا "مناهضو بالاكا".

وفي 10 يناير/كانون الثاني 2014 أُعلنت استقالة ميشيل ديوتوديا في بيان أصدرته إيكواس، المجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا المكونة من عشر دول، وذهب إلى منفاه الاختياري في بنين.

كما استقال من منصبه أيضا رئيس وزراء جمهورية أفريقيا الوسطى نيكولاس تينغاي الذي كان على علاقة متوترة بميشيل ديوتوديا.

ثم قام برلمان جمهورية أفريقيا الوسطى بانتخاب سامبا-بانزا في 20 يناير/كانون الثاني 2014 من قائمة تضم ثمانية مرشحين لتكون أول رئيسة مؤقتة للبلاد.

وتعرف مليشيا مناهضي بالاكا أو مناهضة السواطير بلغة السانغو أيضا بالمليشيات المسيحية للدفاع الذاتي، وهي جماعات مسلحة محلية أنشأها الرئيس المسيحي فرنسوا بوزيزيه، وتضم في صفوفها بعض جنود الجيش الذين خدموا في عهده.

مارست بالاكا عمليات قتل وحشية ضد المدنيين المسلمين، رغم عجزها عن تحقيق أي نتيجة أمام تحالف سيليكا، وتضمنت جرائم هذه المليشيات بحق المسلمين حرق الجثث وبتر الأعضاء وتدمير المساجد وتهجير أعداد كبيرة من السكان المسلمين

وقد مارست بالاكا عمليات قتل وحشية ضد المدنيين المسلمين على الرغم من عجزها عن تحقيق أي نتيجة أمام تحالف سيليكا، وتضمنت جرائم هذه المليشيات بحق المسلمين حرق الجثث وبتر الأعضاء وتدمير المساجد وتهجير أعداد كبيرة من السكان المسلمين.

وإضافة إلى البعد الطائفي والعقدي في الموضوع يبدو الصراع على السلطة والموارد أحد الأسباب الداخلية القوية لما حدث في أفريقيا الوسطى، أما على المستوى الخارجي فهناك أطراف دولية وإقليمية متورطة في الصراع من أجل مصالحها ولضمان نفوذها في البلد الأفريقي الضعيف الذي يمتلك موارد ضخمة، وفي مقدمة القوى الدولية تبرز فرنسا، المستعمر القديم لأفريقيا الوسطى والوصي الحالي على البلاد المدعوم من القوى الغربية (أوروبا والولايات المتحدة)، وفي مواجهة الصين الغريم الشرقي.

مؤخرا، نقبت مؤسسة البترول الوطنية الصينية عن النفط في شمال شرقي البلاد وكانت النتائج مثمرة، إلى جانب شريكتها السودانية فحازتا على احتكار التنقيب عن النفط بعد أن اضطرت شركة أميركية إلى وقف عمليات البحث عن النفط، إثر تعرضها لهجمات مسلحة في شمال البلاد.

كما تستثمر الشركات الصينية في قطاعات أخرى عديدة، خاصة في مجال الطاقة والبناء والاتصالات، ويبدو أن هذا البلد يشكل سوقا واعدة للمنتجات الصينية في ظل ضعف بنيته التحتية وإنتاجيته، وعلى الرغم من الدور الصيني المتعاظم فإن فرنسا لا تزال المستثمر الأول في جمهورية أفريقيا الوسطى، حيث تتمتع فرنسا بامتيازات وافرة لشركاتها، خاصة في مجال الطاقة والنقل والاتصالات.

وحيث لا يبدو مطلقا أن الوجود الفرنسي محايد بين الفرقاء في أفريقيا الوسطى، قال إبراهيم عثمان المتحدث باسم الرئيس السابق ميشال دجوتوديا -في تصريحات له- "إن المسلمين لا يريدون فرنسا هنا، تجارة الذهب والألماس التي تشكل 80% من حجم اقتصاد البلاد في يد المسلمين، وفرنسا هنا من أجل انتزاع هذه السيطرة والإشراف على آبار البترول واليورانيوم".

وأضاف أن "الصحافة الفرنسية لا تعكس الوجه الحقيقي للمذابح والاحتلال، والنقطة المهمة الثانية هي اعتناق عدد كبير من المسيحيين الإسلام عن طريق التزاوج بين المسلمين والمسيحيين، وتزايد هذه الأعداد تدريجيا".

وإضافة إلى فرنسا، هناك أيضا لاعبون إقليميون يحركون الأحداث بشكل أو بآخر في أفريقيا الوسطى، مثل جنوب أفريقيا وتشاد.

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان