المساعدات الأميركية لإسرائيل.. الدور والهدف

المساعدات الأميركية لإسرائيل.. الدور والهدف



أشكال الدعم الأميركي لإسرائيل
المساعدات الأميركية.. الحقائق والمعطيات
المساعدات الأميركية وأهمية إسرائيل الإستراتيجية
مستقبل المساعدات الأميركية لإسرائيل

حفل تاريخ إسرائيل منذ إنشائها في عام 1948 بارتكاب مجازر فظيعة بحق الأطفال والشيوخ والنساء في لبنان وفلسطين وهضبة الجولان ومصر وغيرها من الدول العربية.

وقد كان للمساعدات الأميركية المباشرة وغير المباشرة لإسرائيل منذ ذلك العام دور بارز في تمويل حروبها وعدوانها على الدول العربية، وهي بالتالي أي الولايات المتحدة شريك لإسرائيل في إرهابها وعدوانها وقتلها للأطفال والشيوخ والنساء العرب على امتداد فترة الصراع العربي الإسرائيلي (1948-2007).

أشكال الدعم الأميركي لإسرائيل
لقد شكلت المساعدات الأميركية لإسرائيل إحدى أهم وأبرز دلالات العلاقات الأميركية الإسرائيلية، فتجاوبت الإدارات الأميركية المتعاقبة منذ عام 1948 مع الإستراتيجية التي تقوم على تطوير التحالف مع إسرائيل وترسيخه في مختلف الميادين السياسية والاقتصادية والثقافية والدبلوماسية.

وقد تجلى ذلك في الدعم الأميركي لإسرائيل في أروقة المنظمة الدولية واستخدام حق النقض الفيتو ضد أي محاولة لاستصدار قرار يدين ممارسات إسرائيل واعتداءاتها المتكررة على الدول العربية.

وذهبت الإدارات الأميركية إلى أبعد من ذلك في إفشال استصدار أي قرار دولي يدين الأعمال التعسفية لإسرائيل في المنطقة، وقد وضح التوجه الأميركي لدعم إسرائيل سياسيا وعسكريا ودبلوماسيا خلال ستة عقود من العدوان الإسرائيلي والتوسع في المنطقة العربية.

ومن أهم ملامح الدعم الأميركي لإسرائيل في المستوى السياسي والدبلوماسي سياسة الضغط المستمر على المنظمة الدولية التي أجبرت على إلغاء القرار الدولي الذي يساوي بين العنصرية وإسرائيل.

المساعدات الأميركية.. الحقائق والمعطيات

"
تبعا للمساعدات الأميركية اللوجستية الحكومية السنوية لإسرائيل، وكذلك المساعدات الطارئة، فإن قيمة هذه المساعدات خلال الفترة 1948-2007 وصلت إلى نحو 98 مليار دولار, منها نحو60% مساعدات عسكرية و40%مساعدات اقتصادية
"

بيد أن المساعدات الأميركية لإسرائيل برزت لكونها الأهم في إطار الدعم الأميركي لإسرائيل، فحلَت تلك المساعدات العديد من الأزمات الاقتصادية الإسرائيلية مثل التضخم في منتصف الثمانينيات من القرن المنصرم.

كما حدت من أزمات اقتصادية إسرائيلية مستعصية واكبت تطور الاقتصاد الإسرائيلي، كما كان ولايزال للمساعدات الأميركية لإسرائيل الدور الحاسم في تحديث الآلة العسكرية الإسرائيلية، وتجهيزها بصنوف التكنولوجيا الأميركية المتطورة، من طائرات وغيرها، وبالتالي تمويل العدوان الإسرائيلي على الدول العربية وخاصة على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وتبعا للمساعدات الأميركية اللوجستية الحكومية السنوية لإسرائيل، وكذلك المساعدات الطارئة، فإن قيمة المساعدات الأميركية لإسرائيل خلال الفترة (1948-2007) وصلت إلى نحو (98) مليار دولار منها نحو (60%) هي قيمة المساعدات العسكرية، و(40%) قيمة المساعدات الاقتصادية.

ومن المقدر أن تصل قيمة المساعدات الأميركية الحكومية التراكمية لإسرائيل إلى نحو 101 مليار دولار بحلول عام 2008.

وإذا أضفنا القيمة التراكمية للمساعدات الأميركية غير المباشرة لإسرائيل خلال الفترة المشار إليها والمقدرة بنحو 50 مليار دولار، فإن حجم المساعدات الأميركية الحكومية المباشرة وغير المباشرة سيصل إلى (148) مليار دولار أميركي في نهاية العام الحالي 2007.

وبالمقارنة مع حجم المساعدات الخارجية السنوية المقدمة من الولايات المتحدة الأميركية إلى العديد من دول العالم، فإن إسرائيل تستحوذ على نحو 25% من إجمالي تلك المساعدات.

حيث باتت تلك المساعدات جزءا من البنية الهيكلية للاقتصاد الإسرائيلي الذي تطور منذ عام 1948 وفق نسق يخدم التوجهات الإسرائيلية الإستراتيجية.

المساعدات الأميركية وأهمية إسرائيل الإستراتيجية
ومن الأهمية الإشارة إلى أن المساعدات الأميركية لإسرائيل كانت تقتصر قبل عام 1967على المساعدات الاقتصادية فقط، بيد أن توسع إسرائيل في الأراضي العربية عام 1967 غير من أهمية إسرائيل في الإستراتيجية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط.

واعتبر هذا العام منعطفا تاريخيا بين المرحلة التي كانت تؤدي فيها إسرائيل دورا مهما في إطار المصالح الأميركية، وبين المرحلة التي أصبحت فيها تؤدي الدور الرئيسي لتحقيق مصالح الولايات المتحدة الأميركية في الشرق الأوسط.

وبناء على ذلك أخذت نسبة المساعدات العسكرية في التزايد، حيث بلغت ذروتها في سنة 1974، وهي السنة القياسية للمساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل خلال الفترة التي تلت حرب يونيو/حزيران.

وقام إبانها الجيش الإسرائيلي باحتلال أراض سورية ومصرية، إضافة إلى احتلاله باقي الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك بغية تعويضها عن بعض خسارتها في حرب أكتوبر/تشرين الأول عام 1973 في الجبهتين المصرية والسورية.

"
المساعدات الأميركية لإسرائيل كانت تقتصر قبل عام 1967على المساعدات الاقتصادية فقط، بيد أن توسع إسرائيل في الأراضي العربية عام 1967 غيّر من أهمية إسرائيل في الإستراتيجية الأميركية بمنطقة الشرق الأوسط
"

وقد ازدادت المساعدات الأميركية الحكومية لإسرائيل مع زيادة الاعتماد الأميركي على دورها في الشرق الأوسط، فوصلت قيمة المساعدات خلال الفترة (1975-1982) إلى (17804) ملايين دولار، منها (66.3 %) كانت على شكل مساعدات عسكرية.

وكان الدعم العسكري في عام 1979 قياسيا خلال تلك الفترة فبلغ 83% من إجمالي المساعدات في السنة المذكورة، ومرد هذا الارتفاع في نسبة المساعدات العسكرية هو المحاولات الأميركية الحثيثة لتعويض إسرائيل عن انسحابها من شبه جزيرة سيناء المصرية، وإقامة قواعد عسكرية ومطارات إسرائيلية فضلا عن رادارات لمراقبة المناطق العربية المحيطة بالدولة العبرية بعد اتفاقات كامب ديفد التي وقعت بين رئيس مصر السابق أنور السادات ومناحيم بيغن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق برعاية الرئيس الأميركي آنذاك جيمي كارتر.

استمرت الولايات المتحدة في دعمها المالي والعسكري لإسرائيل فوصلت قيمة تلك المساعدات إلى 17879 مليون دولار خلال الفترة (1983-1988)، إذ قدمت الولايات المتحدة الأميركية مساعدة اقتصادية طارئة لإسرائيل خلال عام 1985 بلغت قيمتها نحو 1500 مليون دولار، وذلك لإنقاذ الاقتصاد الإسرائيلي من أزمات التضخم التي بلغت أعلى معدلاتها في تاريخ الدولة العبرية.

وتوالت المساعدات الأميركية لإسرائيل خلال الفترة (1989-2007) وبنفس الوتائر السابقة، على الرغم من حدوث حرب الخليج الثانية من جهة، وانهيار الاتحاد السوفياتي السابق من جهة أخرى، وبلغت قيمة تلك المساعدات خلال الفترة المذكورة نحو 57 مليار دولار.

أي بواقع ثلاثة مليارات دولار سنويا، منها مليار ومائتا مليون دولار على شكل مساعدات اقتصادية، ومليار وثمانمائة مليون دولار هي قيمة المساعدات العسكرية.

وقد قدمت الولايات المتحدة خلال بداية عقد التسعينيات من القرن المنصرم مساعدات اقتصادية إضافية لاستيعاب المهاجرين اليهود من دول الاتحاد السوفياتي السابق الذين تجاوز مجموعهم منذ عام 1990 وحتى بداية عام 2007 مليونا ومائتي ألف يهودي، يشكلون نحو 22% من التجمع اليهودي في فلسطين، ناهيك عن مساعدات عسكرية طارئة تحت حجج سياسية مختلفة.

مستقبل المساعدات الأميركية لإسرائيل
لقد مولت الولايات المتحدة الأميركية إسرائيل في كافة حروبها على العرب، فزادت من قيمة المساعدات العسكرية والاقتصادية قبل أي عدوان، وكذلك الحال بعد العدوان لتعويض إسرائيل عن خسائرها الاقتصادية والعسكرية في ذات الوقت.

وبالنسبة لمستقبل المساعدات الأميركية لإسرائيل، فهذا يرتبط إلى حد كبير بالعلاقات الإستراتيجية الأميركية الإسرائيلية، من جهة، وبنفوذ اللوبي اليهودي في مراكز القرار الأميركي من جهة أخرى.

"
المتتبع للعلاقة بين تل أبيب وواشنطن يلحظ أن نفوذ اليهود المنظم في الولايات المتحدة وكذلك أهمية دور إسرائيل في إطار المصالح الأميركية الشرق أوسطية سيبقيان على تلك المساعدات في المدى المنظور
"

والمتتبع لتلك العلاقة يلحظ أن نفوذ اليهود المنظم في الولايات المتحدة، وكذلك أهمية دور إسرائيل في إطار المصالح الأميركية الشرق أوسطية سيبقيان على تلك المساعدات في المدى المنظور، وسيتحمل دافع الضريبة الأميركي فاتورة تلك المساعدات، التي تؤثر ولو بشكل قليل على دخله الفردي من الناتج المحلي الأميركي.

وتبقى الإشارة إلى أن الحديث في الأوساط الأميركية والإسرائيلية عن إمكان استغناء إسرائيل عن تلك المساعدات في ظل تحقيق إسرائيل لمعدلات نمو اقتصادي يفوق معدلات النمو السكاني فيها، هو ضرب من ضروب الخيال في المدى المنظور.

خصوصا أن تلك المساعدات مكنت إسرائيل من استيعاب الآلاف من المهاجرين اليهود في الماضي، وحدّت من تفاقم بعض المشكلات الاقتصادية فيها.

هذا فضلا عن تمويل التوسع والحملات العسكرية الإسرائيلية المختلفة، ومن بينها تمويل الجيش الإسرائيلي في ارتكاب مجازر منظمة في القرى والمخيمات والمدن الفلسطينية خلال السنوات الماضية من انتفاضة الأقصى.

وصولاً إلى العدوان على الشعب اللبناني في صيف العام المنصرم 2006 وارتكاب أفظع المجازر التي ذهب ضحيتها مئات الأطفال في قانا ومروحين والغازية وغيرها من القرى والبلدات اللبنانية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.