الإسلام والإسلاميون والديمقراطية

الإسلام والإسلاميون والديمقراطية



شائع في الأوساط المعادية للإسلاميين وللإسلام ذاته إلقاء تهمة العداء للديمقراطية على الإسلاميين والتحذير من دخولهم طرفا في المنتظم السياسي القانوني، وهو اتهام خطير في مناخات دولية مستهدفة الإسلام ودعاته وفي ظل أنظمة ما اعتادت أسلوبا للحكم غير أسلوب الانفراد، وهي تعيش في حالة هلع من مطالب التغيير الديمقراطي التي تجتاح العالم.

"
هناك نظام ديمقراطي كلما كان متاحا للمحكومين محاسبة حكامهم بشفافية واستبدالهم بيسر دون مشقة ولا عنف، أي كلما كان القانون معبرا عن إرادة الناس وصوته الأعلى
"

فما مدى مصداق هذا الاتهام؟ هل الإسلام والإسلاميون خطر على الديمقراطية؟

1- حتى لا نذهب بعيدا في متاهة تحديدات الديمقراطية وحرصا على الوضوح نقصد بالديمقراطية نظاما سياسيا، مهما تنوعت صوره من رئاسي إلى برلماني، وخلفياته الثقافية من حيث علاقته بالدين مسيحيا كان أم يهوديا أم بوذيا أم هندوسيا علمانيا متشددا أم علمانيا معتدلا، فإنه يلتقي على تعدد أشكاله وخلفياته في مبادئ تترجمها في الواقع جملة من المبادئ والآليات.

أهمها: قيام النظام السياسي على أساس مبدأ المواطنة بمعنى اشتراك أهل البلاد جميعا في امتلاك الوطن وحقوق متساوية فيه، وعلى أساس تعاقد صريح بينهم -باعتبارهم شعبا- على إقامة نظام سياسي "دولة" هم أصحاب السلطة عليها، يملكونها ولا تملكهم، إلى جملة من الآليات، يمارس الشعب صاحب السلطة من خلالها هذه السيادة بما يحقق تداول السلطة سلميا عبر انتخابات نزيهة حق المشاركة فيها على قدم المساواة متاح لجميع المواطنين وقد يكون واجبا وليس مجرد حق.

وتعتبر العملية الانتخابية المصدر الذي تستمد منه كل السلط في الدولة شرعيتها: السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس دولة أو رئيس حكومة ضمن دورية محددة وكذا انتخاب الهيأة البرلمانية.

وقد تمتد العملية الانتخابية لتشمل السلط التنفيذية الفرعية، فضلا عن مؤسسات الحكم المحلي كالبلديات ومؤسسات المجتمع المدني مثل النقابات وما إليها من مختلف المؤسسات الأهلية التي تغطي سائر اهتمامات المجتمع، بما يحقق بشكل دوري اختبار تطور اتجاهات الرأي العام صاحب السلطة، ليعرف موقع الأغلبية، وليراجع كل طرف سياساته في ضوء ذلك.

كما يضمن للأقلية أن تعارض، مع إبقاء الباب أمامها مفتوحا للوصول إلى الحكم كلما تحول الرأي لصالحها فتحولت أغلبية.

ولأن الحرية وما تقتضيه من اختلاف هي من فطرة الإنسان فإن هذا النظام يضمن حق الاختلاف وممارسة الحريات الإنسانية بشكل علني منظم مثل حرية التفكير والاعتقاد والممارسة الدينية وحق التعبير وإقامة الجمعيات والأحزاب وحق التقاضي إلى قضاء مستقل وفق شروط المحاكمة العادلة المتعارفة، وكذا الحريات الخاصة.

كما يبذل الوسع في توفير الحد الضروري في الأقل من مقومات الكرامة الإنسانية كالشغل المجزي والصحة والتعليم. وتكاد تشترك في إقرار هذه الحقوق الإعلانات الحقوقية الإنسانية.

كما أن من قواعد هذا النظام توزيع السلطات على أوسع نطاق مقابل تمركزها في النظام الدكتاتوري، وإقامة بعضها رقيبا على بعض، ومساءلة كل صاحب سلطة ومحاسبته سواء عبر الصحافة أم عبر مؤسسات دستورية مختصة بما يضمن خضوع كل ممارسة للسلطة في أي مجال للقانون.

كما يضمن مبدأ المحاسبة. ويضمن بالنتيجة يسر ممارسة حق سحب السلطة واستبدالها. والهدف من كل هذه الآليات هو توفير شروط الكرامة الإنسانية.

والخلاصة أن هناك نظاما ديمقراطيا كلما كان متاحا للمحكومين محاسبة حكامهم بشفافية واستبدالهم بيسر دون مشقة ولا عنف، أي كلما كان القانون معبرا عن إرادة الناس، وصوته الأعلى.

الديمقراطية هي جملة من التسويات والترتيبات الحسنة التي تتفق عليها النخب المختلفة من أجل إدارة الشأن العام بشكل توافقي بعيدا عن القهر، وعلى أساس المساواة في المواطنة حقوقا وواجبات على اعتبار أن الوطن مملوك من قبل كل سكانه بالتساوي، مع التسليم بسلطة الرأي العام مصدرا لشرعية السلطة، وذلك بصرف النظر عن نوع العقائد السائدة.

2- هذا النوع من الأنظمة لم يعرف بهذا الشكل إلا في العصر الحديث ومر بأطوار كثيرة ولا يزال تحت التجربة ويتعرض لسنة التطور فلا أحد ينسب إليه الكمال، بل إنهم لم يجدوا ما يعرفونه به إلا بأنه أقل الأنظمة سوءا بسبب ما خالطه من عيوب مثل تدخل أصحاب المال في التأثير على الرأي العام عبر ما يملكون من وسائل الإعلام بما يحيف بمبدأ المساواة ويكاد يجعل المال والسلطان دولة بين الأغنياء.

"
الشهادة العملية للنظام الديمقراطي هي في تصاعد تجاه الهجرة إليه وإلى حواضره، بما في ذلك من جعلوا رزقهم هجاءه وهم يستظلون بظله
"

ولكن كثيرا من أعمال البشر لا تستوي سهولة كشف عيوبها وسهولة اكتشاف وتوفير البديل الأحسن منها. وأكبر شهادة للنظام الديمقراطي تتأتى من مقارنته بغيره من الأنظمة. وما ينبغي أن تصل بالبعض الروح العدمية إلى حد تفضيل نظام دكتاتوري زهدا في ديمقراطية ناقصة.

وهل نكون من الحمق فنفضل الحرمان من الحرية على أن نحصل عليها ناقصة؟ معيبة أو أن يحصل عليها معنا خصومنا؟

والشهادة العملية للنظام الديمقراطي هي في تصاعد اتجاه الهجرة إليه وإلى حواضره، بما في ذلك من جعلوا رزقهم هجاءه وهم يستظلون بظله.

وهجرة الناس عادة إنما تكون في اتجاه البحث عن وضع أفضل. تماما كما كانت هجرة الشعوب نحو حواضر الإسلام زمن تحضرنا، وذلك رغم كل سلبيات الديمقراطيات التي لا ترجع إلى آليات الديمقراطية وإنما قيم الجشع الرأسمالي وماديته.

3- ورغم محاولات العلمانيين المتطرفين المتكررة لأدلجة النظام الديمقراطي بما يقيم رباطا لا ينفك بينه وبين شتى ضروب العلمنة وإقصاء الدين من المجال العام وحتى الخاص، فإن واقع التطبيقات المتنوعة للنظام الديمقراطي تشهد على توفره على أسس متينة لحيادية آلياته وعدم ارتباطها بأي منظور أيديولوجي علمانيا كان أم دينيا.

إنه نظام يقوم على تسويات يصل إليها الفرقاء يستعيضون بها عن الوسائل العنيفة بالوسائل السلمية في حل خلافاتهم سواء أكانوا من عرق واحد أو دين واحد أو لغة واحدة أم كانوا مختلفين في كل ذلك أو بعضه.

فإذا اتفقوا على أنهم مواطنون أحرار في وطن مشترك وأن لا مناص لهم من التعايش السلمي فإنهم سيجدون في آليات الديمقراطية ما يسعفهم في تنظيم حياتهم بما يضمن مصالحهم المشتركة وحقوقا لهم متساوية من خلال تنظيم الشأن العام وفق آليات الديمقراطية المعروفة، التي تملك من المرونة والسماحة ما يمكن معه تصور عمل أكثر من نظام قانوني واحد داخل نفس الدولة.

ففي نظام فدرالي -مثل الولايات المتحدة أو ألمانيا أو الهند أو ماليزيا أو نيجيريا- يمكن لولاية أو أكثر أن تختار تطبيق نظام قانوني مثل حظر أشياء أو إباحة أخرى خلافا لولاية أخرى.

وليس لتوفر هذه السماحة في التعامل مع التعددية علاقة لازبة بالعلمانية فقد تكون هذه الأخيرة أساسا للدكتاتورية كما هي الحال في الأنظمة النازية والشيوعية وعديد الأنظمة العربية، بينما هي الأساس الفكري لكثير من الأنظمة الديمقراطية في العالم.

وقل الأمر ذاته بالنسبة للدين فقد يتخذ أساسا لتسويغ أنظمة دكتاتورية كما حدث في تاريخنا وتاريخ شعوب أخرى، وقد يمثل أساسا للسماحة والقبول بالتعدد أو على الأقل للتعايش.

ففي اليابان وسريلانكا مثلا تقوم ديمقراطية ذات خلفية بوذية، وفي الهند ديمقراطية ذات خلفية هندوسية، وفي أوروبا وأميركا أنظمة ذات صلة وثيقة بالمسيحية حتى إن بعضها لا ينص على العلمانية أصلا مثل المملكة المتحدة، حيث تلتقي في شخص الملكة الرئاستان الدينية والسياسية.

ولا ينكر أحد مكانة الدين اليوم في دولة مثل الولايات المتحدة أو إسرائيل أو الهند.

وفي العالم الإسلامي محاولات متكررة لإقامة أنظمة ديمقراطية تعددية لا تزال تغالب كثيرا من الصعوبات، لعل أوفرها نجاحا ماليزيا ولبنان وإيران والأردن واليمن والبحرين والمغرب وإندونيسيا وباكستان وبنغلاديش والسودان.

"
ليس في الإسلام عند التأمل في تعاليمه ومقاصده وتجربة تطبيقه النموذجية في عصر النبوة والراشدين ما يمنع الترتيبات التي جاء بها النظام الديمقراطي علاجا لآفة الدكتاتورية التي اكتوى بنارها معظم تاريخ الإسلام وبقية شعوب الأرض
"

4- ليس في الإسلام عند التأمل في تعاليمه ومقاصده وتجربة تطبيقه النموذجية في عصر النبوة والراشدين ما يمنع الترتيبات التي جاء بها النظام الديمقراطي علاجا لآفة الدكتاتورية التي اكتوى بنارها معظم تاريخ الإسلام وبقية شعوب الأرض، وذلك بعيدا عن كل أدلجة يلح على ادعائها طرفان متقابلان هما العلمانيون المتطرفون الذين لا يفتؤون يلحون على مبدأ خذوا الغرب جملة أو دعوه جملة.

ومقابلهم الجماعات المتشددة في التيار الإسلامي التي اتخذت من مقاومة الديمقراطية بدل مقاومة الدكتاتورية -التي هم بعض ضحاياها- ركنا أعظم في دعوتهم تكفيرا للديمقراطية بشكل يدعو إلى الاشمئزاز مع أن لا أحد كفّر وسائل الاتصال وسائر الأدوات التي طورها الغرب، تواصلا مع تراث الحضارات التي سبقته وبالخصوص الحضارة الإسلامية التي قامت على أساس دين جعل مقصده الأسنى تكريم الإنسان "ولقد كرمنا بني آدم".

واعتبر الناس جميعا إخوة بالبنوة إلى أب واحد والمخلوقية لرب واحد. ودعاهم إلى التعاون والتوحد وإقامة العلاقات بينهم على أساس العدل والإحسان والشورى، والتعاون على البر، ودفع الظلم، حتى اعتبره قرينا للشرك.

وكانت أشد حملات كتاب الإسلام الخالد -بعد الشرك- على الظلمة والطغاة والفراعين أعداء النبوات ورمزهم فرعون.

ومثلت تجربة النبوة نموذجا للعدل والشورى والتسامح مع المخالف كما جسدت "الصحيفة" التي نظمت العلاقات في المدينة بين مختلف مكونات تركيبها الاجتماعي والديني على أساس الاعتراف بحقوق المواطنة للجميع مؤمنين وكافرين رجالا ونساء، سابقة تاريخية دستورية غاية في الأهمية، مثلت قاعدة متينة جدا لما تميزت به الحضارة الإسلامية -رغم كل الانحرافات- من تسامح ديني ومذهبي وتعدد للأنظمة القانونية والتعليمية داخل الدولة الواحدة، تجسيدا لمبدأ عظيم من مبادئ الإسلام في إقرار حرية الاعتقاد والدين وهي أساس كل الحريات، "لا إكراه في الدين". "لكم دينكم ولي دين".

ولذلك لم يتلوث تاريخ الإسلام على امتداده بحروب التطهير العرقي والديني التي سادت في حضارات أخرى تأسيسا على مبدأ عظيم قام عليه بنيان حضارة الإسلام لخصته الآية الكريمة "لا إكراه في الدين".

كما مثل أول لقاء بين كبار الصحابة على إثر وفاة نبيهم في اجتماع السقيفة صورة جميلة وتقدمية لهيأة برلمانية تجسد قيمة الشورى وتؤكد أصالة مفهوم الدولة في الإسلام واستمراريتها دون ارتباط بشخص الحاكم، وأن شرعية السلطة في هذه الدولة لا تستمد من وراثة ولا من وصية ولا من دعاوى ثيوقراطية وإنما مصدرها الوحيد الناس.

عموم المسلمين الذين عرض عليهم ترشيح أبي بكر في المسجد من أهل الحل والعقد أقروه خليفة عليهم وقاموا يؤدون له البيعة في تعاقد حقيقي "البيعة"، تأسست عليه سلطة الخلفاء الراشدين.

لكن هذا العقد وإن حافظ الحكام بعد مرحلة الرشد وخلال أنظمة التغلب -التي سادت- على شكله، فقد أفرغ من معناه، فكان ذلك سببا رئيسا في تدهور حضارة الإسلام بغلبة أنظمة الجور وتعطّل الشورى في الحكم، وإن استمرت في مجالات العلم والثقافة.

إلا أن العودة إلى روح النظام القبلي مع مزيج من التراث الإمبراطوري الثيوقراطي السائد في العالم يومئذ حيث قامت دول الإسلام العظمى كاد يفرغ الشورى رمز سلطة الأمة من كل مضمون.

فعرفت الخلافة على أنها خلافة عن الرسول، والخليفة نائب له بينما خطاب التكليف موجه إلى الأمة بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وإنفاذ كل شرائع العدل، وليس موجها إلى الخليفة إلا كوكيل عن الأمة تتعاقد معه لإنفاذ مهمة الاستخلاف المنوطة به، وتراقبه وتصرفه بمقتضى ذلك متى شاءت، لأنه نائب عن الأمة.

ولكن المسلمين قصّروا في وضع الترتيبات والآليات التي تيسر ذلك، وشوّشت الأنماط الثيوقراطية والقبلية التي ورثوها رؤيتهم الشورية، بما سهّل مسعى الطغاة في الانقلاب بالخلافة الراشدة إلى ملك عضوض.

وبان نقص الآليات المنظمة للشورى واضحا في مسألة مطالبة الأقطار الجديدة التي دخلت الإسلام وتشبعت بمثالية عدالته بحقها في السلطة وفي عزل الخليفة الراشد الثالث فلم تسعفها الآليات المتوفرة التي وضعت لمجتمع المدينة في إدارة مجتمع إمبراطوري.

وجاء تعبير الخليفة عن رفضه لمطالب الثوار بعزله في صيغة توحي بأن السلطة التي بيده مخولة له من قبل الله. وكانت قناعة خليفته كاملة بأن فئة المهاجرين والأنصار -التي ولت من قبله- هي صاحبة السلطة (أهل الحل والعقد)، ولا شأن بممثلي الأقطار الجديدة العظيمة بالأمر.

"
الآليات الشورية التي حكمت مجتمعا صغيرا هو المدينة لم تتطور لتحكم أمة مترامية الأطراف، فغلبت روح العصر القبلية والإمبراطورية على روح الإسلام الشورية، حتى قيست البيعة وهي رمز مبدأ تعاقد الأمة مع الحاكم على عقد البيعة
"

ومعنى ذلك أن الآليات الشورية التي حكمت مجتمعا صغيرا هو المدينة لم تتطور لتحكم أمة مترامية الأطراف، فغلبت روح العصر القبلية والإمبراطورية على روح الإسلام الشورية، حتى قيست البيعة وهي رمز مبدأ تعاقد الأمة مع الحاكم على عقد البيعة.

واختصرت الأمة صاحبة السلطة في رجل أو رجلين قياسا على الشهادة بما جرد الأمة من سلطتها وأسبغ على السلطة صفة الامتلاك الشخصي. فتم الانتقال من حكم الشورى، حكم الأمة إلى حكم الغلبة.

وذلك أن غلبة الروح الإمبراطورية الثيوقراطية السائدة يومئذ سرعان ما أخذت تجتاح النموذج الإسلامي الشوري الديمقراطي لينتهي الأمر إلى نظام خليط منهما ومن مواريث القبيلة.

لكن ذلك لم يجعل من السلطة بعد عصر الراشدين وفي خطها العام دكتاتورية مركزية مطلقة، إذ خفف من الاستبداد أن وسائل الاتصال ما كانت تتيح للحاكم أن يبسط يده ولا أن يمد عينه إلى كل أنحاء مملكته -حال حكوماتنا اليوم- وكان ذلك في الوقت ذاته عائقا أمام شورى الأمة.

كما أن الإسلام حد من سلطة الحاكم: سلطة وضع القانون كانت بيد المجتمع عبر الفقهاء فهم القادرون على استخراج القانون من مصادر الدين.

وسلطة القضاء كانت بأيدي العلماء أيضا –عدا ما تعلق بمنازعات السلطة- وكذا سلطة فرض الضرائب لم تكن بيده لأنها محسومة بالمقادير التي حددتها نصوص الشريعة.

أما سلطة الثقافة والتعليم فلم يكن له دخل فيها بل هي اختصاص العلماء، فكان الحكم نوعا من الشراكة بين الحكام والعلماء، بينما الدكتاتوريات السائدة في عالم الإسلام اليوم استبدت بكل السلط بما في ذلك سلطة الدين، فتحول العلماء موظفين صغارا لديها، وابتلعت كل مؤسسات المجتمع التقليدي بما في ذلك مؤسسة الوقف العتيدة التي كانت أساس استقلال المجتمع الأهلي وعلمائه.

وهذا ما جعل هذه الأنظمة هجينا غريبا، أقرب إلى أنظمة الإقطاع الأوروبي ما قبل الحداثة بمسوح فجة من الإسلام والحداثة، أبعد ما تكون عن نموذج الديمقراطيات المعاصرة التي تأتي إساءاتها لمبادئ الديمقراطية من منزعها القومي على حساب الإنساني ومن تمركزها على المصالح والقيم المادية، مما يمكن للإسلام أن يعيد إليه التوازن مستفيدا مما توفره الديمقراطية من آليات ليس فيها عند التحقيق ما يصادمه بل ما يخدمه.

فكيف تأتى للبعض أن يرمي الإسلاميين بالعداء للديمقراطية؟