متى يحتاج طفلك إلى معلم ظل؟

معلم الظل مساعد تربوي يعمل مباشرة مع طفل من ذوي القدرات المختلفة لحل مجموعة متنوعة من صعوبات التعلم (شترستوك)

يتعلم الطفل في المدرسة سبل تطوير مهاراته الأكاديمية، ويساعده المعلم العام في تطوير المعرفة، لفهم العالم من حوله، إلى جانب ما يتعلمه بالاحتكاك مع زملاء الدراسة. ومع ذلك، لا يتعلم الأطفال جميعهم بالطريقة نفسها، وقد يحتاج بعضهم إلى دعم إضافي، لتخطي صعوبات التعلم الناتجة عن إصابتهم باضطراب طيف التوحد، أو اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة، أو عسر القراءة، وصعوبة النطق، والسلوك المعادي للمجتمع، وكذلك الاكتئاب والتوتر الناتجان عن تعرضهم للتنمر في البيئة الدراسية بسبب اختلافهم.

فرص متساوية في التعليم

ظهر حديثا مسمى جديد لمعلمي التربية الخاصة للأطفال الملتحقين بالمدارس العامة ولا تتناسب قدراتهم مع زملائهم، هو "مدرس الظل" أو "مدرس الدعم التعليمي"، ليساعد الطالب على أداء أفضل في بعض الأنشطة أو كلها طوال اليوم الدراسي، وبعده، لإنهاء الواجبات المدرسية.

ويعرف مركز "أوليفيا" الخيري لخدمات دعم التعلم "مدرس الظل" بأنه "مساعد تربوي يعمل مباشرة مع طفل من ذوي القدرات المختلفة، لحل مجموعة متنوعة من صعوبات التعلم، في سنوات الدراسة المبكرة، لمساعدته على حضور فصل دراسي عادي مع تلقي الاهتمام الإضافي الذي يحتاج إليه، وتعزيز تفاعله الإيجابي مع زملائه، ودعم احتياجاته العاطفية والنفسية، والتكيف مع بيئة مدرسية قد لا تتناسب مع قدراته، وسدّ الفجوات المعرفية في عملية التعلم، وخلق حلقة وصل بين المدرس العام وأولياء الأمور ومقدمي الرعاية الطبية للطفل".

الأطفال لا يتعلمون جميعهم بالطريقة نفسها وقد يحتاج بعضهم إلى دعم إضافي لتخطي صعوبات التعلم (شترستوك)

وتتبع الدول مناهج مختلفة في التعامل مع صعوبات الأطفال في مراحل التعليم؛ إذ عرضت وزارة التعليم النيوزيلندية تجربتها الشاملة بموجب قانون التعليم والتدريب لعام 2020، بتوفير مدرسي ظل رسميين وغير رسميين لدعم التعلم للأطفال والمراهقين الذين يواجهون صعوبات جسدية ونفسية وعقلية في الفصول الدراسية العادية، كاضطراب طيف التوحد، وصعوبات الكلام، وصعوبات التواصل، وعسر القراءة، والسلوك العنيف، وفقدان البصر أو السمع، لزيادة وتحسين قدرتهم على التعلم والمشاركة، وإدارة السلوك الصعب، ومساعدة المدارس في العمل مع أولياء الأمور لحل مشكلات أطفالهم التعليمية.

مع ذلك، لا تزال مهنة "مدرس الظل" أو "مدرس الدعم" تخصصا غير معترف به في كثير من الهيئات الدراسية في العالم، إلا في بعض المدارس الدولية الرفيعة المستوى، لكن العدد المتزايد لمعلمي الظل الخاصين على مدار السنوات الماضية يعدّ مؤشرا واضحا على الخدمة الحيوية التي يقدمونها للطلاب والأسر، وذلك ما يدفع العديد من الأسر إلى البحث عن "معلم ظل" من خارج المدرسة على أمل نجدتهم.

ما صعوبات التعلم؟

تواصلت الجزيرة نت مع عدد من معلمي الظل في الوطن العربي، لسؤالهم عما يدور ببال أم لطفل يواجه صعوبات في التعلم في مدرسة عامة.

يشرح مدرس الظل والاختصاصي في تنمية مهارات مرضى اضطراب التوحد عبد الله عماد اختلاف الأعراض الواجب على الأم ملاحظتها في سلوك طفلها؛ من حالة إلى أخرى، حسب رؤية الأم، قبل عرضه على "مدرس ظل" متخصص، ويقسم الأعراض إلى: سلوكية، ومعرفية، ونفسية.

وعرض عماد أكثر ملاحظات الأمهات شيوعا، فذكر منها: صراخ الطفل في الأماكن العامة، حركة الطفل المستمرة من مكانه، حركة الطفل السريعة لأخذ ما يريد من دون تفكير، ضعف تركيز الطفل في الفصل الدراسي، عدم تسجيل الطفل لدروسه، فشل الطفل في الدفاع عن نفسه في المدرسة وعدم شكواه، ضعف ثقة الطفل بقدراته، فشل الطفل في تكوين صداقات في المدرسة وخارجها، اختلاف سلوك الطفل عن سلوك أقرانه، تجاهل المتكلم، تكرار حركة أو جملة.

ووضح عماد اختلاف نهج العمل مع الطفل حسب عمره وحالته، وأكد ضرورة ملازمة المدرس للطفل، لتقديم المساعدة الفورية لتعديل سلوكه، أو تحسين مهاراته داخل الفصل وخارجه، ثم العمل عن بعد عند ملاحظة تحسن في استجابة الطفل، وقدرته على أداء مهاراته مستقلا.

كذلك تختلف فترة التدريب حسب الصعوبات التي تواجه الطفل، وظروف ولي الأمر، واستجابة الطفل، واستجابة الأسرة لتغيير بيئة الطفل الأساسية، وتوفير بيئة مناسبة تضمن استمرار النتائج، بخاصة أن أشد الصعوبات التي تواجه معلم الظل هي اعتياد المجتمع المحيط بالطفل لسلوكه العنيف، أو التعاطف مع صراخه المستمر لتلبية طلباته، فذلك ما يحتاج من المعلم توعية الأهل بطرائق التعامل السليمة.

أشد الصعوبات التي تواجه معلم الظل هي اعتياد المجتمع المحيط بالطفل لسلوكه العنيف (شترستوك)

ما يحتاجه معلمو الظل من الأسرة

تنتظر كل أم من "معلم الظل" أفضل النتائج، وتقليل صعوبات ابنها ليتعامل كطفل طبيعي في عمره، لكن ذلك يتطلب من المعلم فهم خلفية الطفل وتطوره الاجتماعي والعاطفي بالتشابك مع قدراته التعليمية.

تفضل شروق محمد لقب "معلمة دعم"، وتؤكد للجزيرة نت أن الهدف من المتابعة تحسين القصور وليس الشفاء التام، خاصة لحالات الشلل الدماغي، والإعاقة البصرية والسمعية والحركية، ومتلازمة "داون"، واضطراب طيف التوحد.

تفرق شروق بين الدعم المعرفي والأكاديمي، فتبدأ رحلتها مع الطفل فور تشخيصه باضطراب عقلي، لتنمية مهارات التخاطب والتفاعل مع البيئة المحيطة، قبل دمجه في البيئة المدرسية، لضمان قدرته على التفاعل في الفصل، وبناء صداقات.

وتشرح معلمة الظل، هدير، في حديثها للجزيرة نت، بعض الصعوبات الخارجية التي تواجهها عند تدريب الطفل، بدءا من نقص الوعي بقصور قدرات بعض الأطفال، إذ يعيقهم عن التعامل بصورة معتادة في المواصلات، وقد تحتاج إلى مرافقة الطفل إلى مدرسته أو النادي، كذلك تواجه أزمة في تقبّل المدارس العامة وجود مدرّس غير رسمي في الفصول لمراقبة سلوك أطفال تتابعهم بوجه خاص.

فلا يقتصر دور "معلم الظل" على مساعدة الطفل لأداء واجباته المدرسية عن بعد، بل يشترك معلمو الظل مع معلمي المدرسة في العديد من الواجبات والأهداف، ويجب العمل جنبا إلى جنب مع المعلم في الفصل الدراسي لتقديم الدعم الأكاديمي والاجتماعي والسلوكي والعاطفي للطلاب الذين يعانون صعوبات في التعلم.

المصدر : الجزيرة