آداب المائدة.. كيف ينقلها الآباء إلى أبنائهم؟

من آداب المائدة تعليم الطفل عدم اللعب بالأدوات في أثناء انتظار الطعام (بيكسلز)

عمّان- يعد اكتساب آداب المائدة منذ الصغر أمرا مهما، وذلك لغرس السلوك الراقي والمهذب في الأطفال، ولتجنيبهم المواقف المحرجة، وليتحقق لديهم التعامل مع الذات والآخرين بطريقة جاذبة، بسلوك أو قول، حتى مع أقرب الناس إليهم.

فكيف ينجح الأهل في تعليم أطفالهم آداب المائدة؟ وما دور هذه الآداب في بناء شخصياتهم؟ وهل إتقانها مؤشر على النمو العقلي للطفل؟

أسلوب التنشئة

تقول خبيرة الإتيكيت، رامه عساف العساف، "العلم في الصغر كالنقش في الحجر، وكثير من السلوكيات تنتقل من الآباء إلى الأبناء بالتقليد والاقتداء. ولهذا، على الآباء الحرص على إعطاء نموذج يقتدى به في حسن المعاملة والالتزام والانضباط، واتباع أسلوب تنشئة يعتني بكل التفاصيل، للوصول إلى شخصيات مميزة فريدة تتحلى باللباقة في التعامل والسلوكيات الحميدة".

يجب تعليم الأطفال كيفية استخدام أدوات المائدة بالشكل الصحيح (بيكسلز)

وترى العساف أن تعليم الطفل آداب المائدة يقع على عاتق الآباء في المقام الأول، عن طريق تدريب الأولاد على بعض الأمور، مثل:

  1. تحديد وقت ومكان لتناول الطعام داخل المنزل، بهدف تنمية مفهوم احترام الوقت والالتزام به لدى الطفل.
  2. طلب المساعدة في تنظيم مائدة الطعام ووضع أدوات المائدة في مكانها المخصص.
  3. غسل اليدين قبل التوجّه إلى مائدة الطعام.
  4.  تحديد مقعد مخصص للطفل على المائدة.
  5.  طلب عدم الجلوس والبدء بتناول الطعام قبل حضور جميع أفراد العائلة.
  6. عدم اللعب بأدوات المائدة في أثناء انتظار الطعام.
  7. استخدام أدوات المائدة بالشكل الصحيح عند تناول أصناف الطعام المختلفة.
  8. تناول الطفل طعامه من الجهة التي تليه، من دون انتقاء ما يحلو له بطريقة مزعجة.
  9. في أولوية هذه الآداب، يأتي تعليم الطفل مضغ الطعام بينما يكون الفم مغلقا، من دون إحداث أصوات مزعجة وعدم التحدث وفمه ممتلئ.
  10. عند الانتهاء من الأكل، يُستحسن أن يعبر الطفل عن الشكر على تقديم الطعام وتوفيره، مع المساعدة في وضع أدوات المائدة التي استخدمها في مكان التنظيف.
1-خبيرة الاتيكيت رامه عساف العساف- (الجزيرة)
رامه العساف: تكمن فائدة تدريس آداب المائدة في صقل شخصية اجتماعية مقبولة (الجزيرة)

يبدأ التعليم من عمر السادسة

تقول العساف "يمكن البدء بتطبيق تعليم الطفل آداب المائدة من عمر السادسة، لقدرة الطفل الكاملة على تناول الطعام بمفرده حتى في غياب والديه، مثل وجوده في المدرسة، على سبيل المثال".

وتضيف "تكمن فائدة تدريس آداب المائدة في تعزيز صفات حسن السلوك والتصرف في أماكن وجود الطفل المختلفة، وصقل شخصية اجتماعية مقبولة تتحلى بصفات التقدير والمشاركة والتعاون، وتحترم حرية الآخرين".

قليل من الحزم

وللحصول على التزام الطفل بآداب المائدة، لا بد من استخدام القليل من الحزم والكثير من اللين المصاحب للتعزيز. وللمحافظة على استمرارية الطفل في الالتزام، يجب الابتعاد عن استخدام أسلوب التهديد والوعيد في حال تجاوزه، وفقا للعساف.

وتنصح الوالدين بأن يُهيّئا الطفل مسبقًا، بأن يطلبا منه ألا يحدث إزعاجا على المائدة، قبل الخروج والولائم والتجمعات، مع مكافأته في حال التزامه بذلك وشكره على حسن التصرف.

وتضيف "كثير من الآباء يرغب في أن يتصرف أطفالهم بأسلوب يبعدهم عن الحرج أمام الآخرين. فتعليم الطفل آداب المائدة يفيد الطفل، ويعكس صورة جيدة عن الآباء بوصفهم نماذج يقتدي بها يكتسب الطفل صفاتها".

تعليم الطفل آداب المائدة يقع على عاتق الآباء في المقام الأول (بيكسلز)

النمذجة

من جهته، يقول المتخصص النفسي والمعالج السلوكي التربوي، مالك الشامي، "يبدأ الأطفال بتعلم كيفية التمييز بين الأشياء القابلة للأكل من غيرها في عمر السنة تقريبًا، إذ يبدأ الأطفال بعدها بمحاولة تقليد الأهل في سلوكياتهم، ومن ضمنها التعامل مع أدوات الطعام وآداب المائدة، أو ما يُعرف بالنمذجة".

ويتابع "رغم أن نمو العضلات الدقيقة للأطفال واستخدام الأصابع بالشكل السليم لم ينضج بعد، فإن معظم الأطفال يحاولون الأكل بمفردهم باستخدام أدوات الطعام التي يستخدمها الأهل، وبالطريقة ذاتها التي يستخدمها الأهل".

ويشير إلى أنه في عمر السنتين إلى 3 سنوات، يبدأ الأطفال في الميل إلى تفضيل استخدام أدواتهم الخاصة ضمن مفهوم الملكية، ويقل اللعب العشوائي بالطعام، ويصبح الأطفال قادرين على تعلم آداب المائدة بشكل مباشر ضمن مفاهيم التعزيز والعقاب، بالإضافة إلى النمذجة وتقليد سلوك الأهل.

وفي عمر ما قبل المدرسة، علينا التأكد من تعلم الأطفال آداب المائدة على شكل تعليمات مفصلة وواضحة، وتكرارها على الطفل وتمثيلها أمامه وتشجيعه عليها، وفقا للشامي.

الشامي: في عمر ما قبل المدرسة علينا التأكد من تعلم الأطفال آداب المائدة بشكل مفصل وواضح (الجزيرة)

تأخر نمائي أو عقلي

يرى الشامي أن لتعليم الطفل آداب الطعام آثارًا إيجابية على شخصيته ومهاراته وتعامله مع الطعام وحصوله على التقدير والتعزيز المجتمعي، مما يزيد من تقديره لذاته وثقته بنفسه، إلا أن مبالغة بعض الآباء بالتشديد على آداب المائدة يرفع من قلق الطفل وينفّره من تناول الطعام ويؤثر على صحته الجسدية والنفسية.

ويضيف "يمكن أن يشير التأخر في تعلم آداب المائدة إلى سن المدرسة، خصوصًا حين يتزامن مع أعراض أخرى، إلى تأخر نمائي أو عقلي لدى الطفل. وقد يتعلق الأمر بمشكلات انفعالية وسلوكية لدى الطفل. لذا، يمكن للأهل الاستعانة بالمرشدين والمتخصصين النفسيين في تشخيص وتحديد المشكلة وأبعادها، ووضع خطة لتطوير وتعديل سلوك الطفل".

الطعام العائلي بيئة مثالية للبدء

تحت عنوان "كيفية تعليم آداب المائدة للأطفال" نشر موقع "ذا نيريشت تشايلد" (thenourishedchild) قواعد يمكن للأهل الاستعانة بها في تعليم أبنائهم.

يأتي العمر والنضج مع الوقت والممارسة، وتعليم آداب المائدة شيء تستطيعين القيام به في كل مرة تجلسين فيها مع طفلك لتناول الوجبات.

ويجب ألا تكون آداب التعلم تجربة قمعية أو سلبية للطفل، بل على العكس تمامًا يجب أن تكون أوقات الوجبات ممتعة وداعمة وجذابة، ووقت تناول الطعام العائلي هو البيئة المثالية للبدء.

تعلم الآداب يجب ألا يكون تجربة قمعية أو سلبية للطفل (بيكسلز)

قواعد بسيطة وأساسية

وفي ما يلي، بعض القواعد اليسيرة لممارسة آداب المائدة الأساسية:

  1.  إيقاف تشغيل الأجهزة: ينبغي تناول الطعام على الطاولة مع إيقاف تشغيل التلفزيون. ولا يقتصر الأمر على منع مشاهدة التلفاز في أثناء تناول وجبات الطعام فحسب، بل تظهر الدراسات أن مشاهدة التلفاز في أثناء تناول الطعام قد تزيد من كمية الطعام الذي يأكله طفلك، خصوصًا الأطعمة الغنية بالدهون والسكر، مثل البيتزا والأطعمة المقلية والوجبات السريعة.
  2. الطلب والرفض بأسلوب مهذب: يجب أن يتعلم الأطفال كيفية طلب الطعام ورفضه بأدب، ويمكنك تعليم طفلك التعبير عن تفضيلاته بكلمات مثل "من فضلك"، و"شكرًا"، و"لا.. وشكرًا لك".
  3. مضغ الطعام بفم مغلق: المضغ مع غلق الفم مهمة صعبة لطفل صغير جدًا، وقد يستغرق طفلك بضع سنوات لإتقان مضغ الطعام وتحريكه في فمه بينما تكون شفتاه مغلقتين. لذلك، تحلي بالصبر في أثناء دفع طفلك نحو هدف المضغ وفمه مغلق.
    يمكن للأهل الاستعانة بالمختصين لتشخيص تأخر الطفل في تعلم الآداب ووضع خطة لتطوير سلوكه (بيكسلز)

     

  4. عدم التحدث والطعام في الفم: هذا امتداد لطريقة تناول الطعام المذكورة أعلاه، فليس من الممتع التحدث مع شخص يسقط الطعام من فمه في أثناء الحديث. ببساطة، اطلبي من طفلك أن يمضغ طعامه ويبلعه قبل التحدث، وأن ينتظر بأدب حتى يفعل ذلك.
  5. البقاء على الطاولة حتى انتهاء الآخرين: هناك قيمة في تعليم طفلك الانتظار حتى ينتهي الآخرون من تناول الطعام. بالطبع، ستحتاجين إلى أن تكوني واقعية بشأن المدة التي يجلس فيها طفلك على الطاولة في انتظار انتهاء الآخرين، وأشركيه في محادثة وأعذريه من الوجود على المائدة بعد فترة زمنية معقولة.
  6. استخدام المنديل: من الطبيعي أن ترغبي في مسح وجه طفلك إذا كان يعاني من الفوضى. لكن هذه مهمة سهلة التعليم، وقد يحتاج طفلك إلى بعض التعليمات العملية، وبعض التنبيهات اللطيفة على مائدة الطعام. ولكن مع مرور الوقت، سيتعلم طفلك كيفية مسح فمه والحفاظ على نظافة أصابعه ويديه.
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية