هذا ما فعلته جائحة كورونا بأذهان أطفالنا
قامت جامعة أكسفورد البريطانية بإجراء مسح على 8 آلاف تلميذ عن كلمات من المرجح أن يستخدموها عند الحديث عن جودة الحياة خلال العامين الماضيين، فجاءت كلمة "القلق" في المقدمة، تليها تباعا كلمتا "التحدي" و"العَزل".
قالت الكاتبة والباحثة البريطانية في علم الاجتماع جيني بريستو إن الأطفال لم يكونوا في الأيام والشهور الأولى من الجائحة خائفين على أنفسهم، بقدر ما كانوا متخوفين مما يمكن أن يلحقه الفيروس بأقربائهم الأكبر سنا، لكن السرد الرسمي بشأن الوباء سرعان ما تحول إلى "حملة ترهيب" و"مشروع تخويف" أثّرا سلبا على سلوكهم ونفسياتهم.
ففي مارس/آذار 2020، وجّه مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس رسالة توبيخ للشباب، قائلا "اليوم لدي رسالة لكم: أنتم لستم محصنين، فهذا الفيروس قد يضعكم في المستشفيات لأسابيع أو قد يقتلكم.. الاختيارات التي تقومون بها بشأن أين تذهبون قد تشكل الحد الفاصل بين الموت والحياة بالنسبة لشخص آخر".
"القلق" كلمة الأطفال في عام 2021
لذلك ليس مستغربا -بحسب ما ذكرته الكاتبة في تقرير نشرته صحيفة "تلغراف" (telegraph) البريطانية- أن تكون عبارة "القلق" هي كلمة العام بالنسبة للأطفال خلال 2021 وفق بحث أنجزته جامعة أكسفورد البريطانية، حيث قام باحثون في "تقرير لغة الأطفال" بإجراء مسح على 8 آلاف تلميذ بين سن 7 و14 عاما، إذ طلب منهم نقاش كلمات من المرجح أن يستخدموها عند الحديث عن جودة الحياة وخبراتهم خلال العامين الماضيين، فجاءت كلمة "القلق" في المقدمة، تليها تباعا كلمتا "التحدي" و"العَزل".
مشروع التخويف!
وتؤكد بريستو من خلال تجربتها أن ما يريده الأطفال حقا هو أن يتوقف الجميع عن الحديث عن كوفيد-19، ويسمحوا لهم بالمضي قدما في مسيرة الاستمتاع والنمو، لكن هذه النتائج مثيرة للقلق ومؤشر على كيفية تأطير "مشروع التخويف" للطريقة التي تم بها تشجيع الأطفال والشباب على التعاطي مع تجربة الوباء والحديث عنها خلال العامين القاتمين الماضيين.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsارتفاع كبير في أعداد العرب الباحثين عن الصحة النفسية
بسبب كورونا.. حالات الاكتئاب والقلق زادت حول العالم خلال عام 2020
بسبب العزلة والتعلم عن بعد.. هذه أبرز المشكلات النفسية التي يعانيها الشباب أثناء جائحة كورونا
فخلال "صيف الإذلال" لعام 2020، تم إطلاق سراح الشباب من العزلة وقصفهم بعاصفة من التحذيرات تفاديا لـ"قتل الجدات" عبر الإفراط في الاستمتاع، ناهيك عن الذهاب لزيارتهن بالفعل.
كما تم إبعاد الأطفال الصغار عن أسرهم الممتدة كما لو كانوا "ناقلي فيروسات" يرتدون حفاضات، وبقي الآباء والأمهات المراهقون والشباب المحبطون ينتظرون بكل سذاجة افتتاح المدارس والكليات والجامعات وعودة الحياة إلى "طبيعتها".
إجراءات "غير إنسانية"
وترى الباحثة أن هذه فقط بعض الإجراءات "غير الإنسانية" و"الجنونية" التي فرضت على الأطفال خلال زمن الوباء، ولم تثبت جدواها في حماية كبار السن والأشخاص الأكثر عرضة للإصابة، لكننا لا نحتاج للنظر بعيدًا لرؤية تأثيرها السلبي على الشباب.
وتضيف أن اختيار الأطفال لكلمة "القلق" باعتبارها كلمتهم خلال العام المنصرم، مرده إلى أنهم تعلموا أن هذه هي الطريقة الصحيحة للشعور التي تم تطبيعها وجعلها مرادفا غير قابل للتفاوض للمسؤولية، وهو "سرد تخويف" يتوجب على البالغين الآن مقاومته وطمأنة أبنائهم بأن الأمور على ما يرام.
وترى أنه بالنسبة لمعظم هؤلاء الشباب، فإن تأثير الوباء كان نفسيا أكثر من تأثيره على النمو، وسيتطلب إعادة تكوين تلك التجربة التعليمية المشتركة التي اعتدنا أن نأخذها كأمر مسلم في المدارس الأولية جهدا، وهي ذات التوترات التي تتجلى أيضا في المدارس الثانوية والجامعات، لذلك لا يمكننا أن نكمل من حيث توقفنا قبل عامين ونتظاهر بأن كل شيء طبيعي.