نشر صور أطفال الاحتضان.. يدعم قضيتهم أو يعرضهم للخطر؟

الأسر صارت تفتخر بأطفالها المحتضنين (بيكسلز)

مع بدء انتشار فكرة الاحتضان في مصر عبر المبادرة التي أطلقتها السيدة يمنى دحروج لتشجيع احتضان الأطفال الأيتام في المنازل، بدل الكفالة المادية فقط، ثم رد الفعل الإيجابي لمسلسل "ليه لأ" الذي ناقش الفكرة ذاتها من خلال احتضان الفنانة منّة شلبي للطفل "سليم"؛ زادت التجارب التي ينشرها أصحابها عن أطفالهم المحتضنين.

ومع زيادة التجارب زادت المخاوف من تعرض هؤلاء الأطفال للأذى، من خلال نشر قصص احتضانهم عبر مواقع التواصل، في مجتمع لا يسلم الطفل البيولوجي فيه من التنمر، فكيف سيفلت الطفل المحتضن.

وبعد النجاح "الكبير" لمسلسل "ليه لأ"، خرجت أكثر من أم محتضنة عبر منصات التواصل لتروي قصة احتضان طفلها بالصور والفيديوهات، ومتابعة تفاصيل يومه ويومها بعد الاحتضان لحظة بلحظة، ورغم أن الصور بها كثير من التلقائية، فإن كثيرين عدوها وسيلة لزيادة التعاطف مع التجربة، لكن آخرين هاجموها بشدة، لأنها تحمل كثيرا من الأذى للطفل، سواء حاليا أو في المستقبل.

تقول ن.ع (35 عاما) إنها هاجمت إحدى الأمهات المحتضنات في منشورات لها عن طفلها الجديد، إذ رأت أن "الأم المحتضنة" تعاملت معه بوصفه لعبة بلا إرادة منه، "هل تضمن هذه الأم ألا يتعرض طفلها ذات يوم للتنمر بسبب صوره التي غزت مواقع التواصل، ومن قال إننا نحتاج معلوماتها عن التجربة؛ فكافة المعلومات متاحة من خلال المبادرة الرسمية أو موقع وزارة التضامن، لكن أن يكون طفل عمره عامان وسيلة للشهرة والبحث عن تعاطف، هنا يجب أن نبحث عن ضمان لحماية هؤلاء الأطفال من أمهاتهم أولا".

وفي مقال نُشر على مدونة "جيليز" (Jellies) -التي تعنى بالكتابة عن التربية والعلاقة بين الآباء والأبناء- حددت المدونة 5 أسباب تجعل الوالدين يعيدون النظر قبل نشر صور الأبناء عبر مواقع التواصل.

وحسب المقال، فإن الطفل لا يبدأ إدراك وتقبل ماهية وجهات نظر الآخرين فيه وفي شكله وشخصيته إلا في سن الخامسة، لذلك وقبل هذه المرحلة العمرية فإن مسؤولية حمايته ونشر ما يخصه تقع على والديه، وعليهم إدراك أن كل صورة تنشر عن طفلهم هي طلقة رصاص إذا انطلقت لا أحد يعرف مداها.

الخوف من التنمر هو السبب الأول الذي وضعه المقال للتفكير مرتين قبل نشر الصور، ثانيا انتهاك خصوصية الطفل، وأن يشعر الأطفال بالحرج تجاه الصور التي ترفع لهم في الصغر حين يبدأ تشكل وعيهم عن العالم، ومن الممكن أن تحيل مجرد صورة تعبيرية لطفلك مستقبله إلى جحيم، حين تتحول صورة تم التقاطها في لحظة إلى "كوميكس" يتم نشرها ملايين المرات.

ورأى المقال أن المعلومات التي يكشفها الآباء عن أطفالهم هي خوارزميات يتم الاحتفاظ بها للأبد، ويتم تسجيلها عبر ذاكرة الإنترنت لعشرات السنين، وبالإضافة إلى كل ما سبق فإن ما يتم نشره عن طفلك، سواء كان صورا أو معلومات، يجعله هدفا سهلا للاختطاف والاستغلال.

وتشرح المديرة الفنية بمؤسسة الاحتضان لكفالة الأطفال لمياء نصار أن الأطفال المحتضنين ضمن المبادرة يتم نشر صورهم وأخبارهم عبر مجموعة مغلقة خاصة بالمؤسسة، بموقع فيسبوك، ومن حق هؤلاء الأمهات أن يسعدن بلحظات طالما تمنونها وانتظرنها.

وتقول لمياء للجزيرة نت "معظم الأسر الطبيعية في مصر لا تتعامل مع صور أطفالها بوصفها انتهاكات، والأسر الحاضنة تخاف على مشاعر أبنائها للغاية، بل هي أكثر حرصا في بعض الأحيان، وإذا كان هناك نشر صور أو تفاصيل يومية فهو من باب الفرح والحث على تغيير نظرة المجتمع لأبنائها، لكن بالطبع انتهاك خصوصية الطفل أو تعريضه للأذى والتنمر أشياء لا تخطر على البال أبدا".

وتواصل لمياء نصار شرح الهدف من دعم النشر عن الأطفال المحتضنين، فتقول "إن الاحتضان قبل أعوام قليلة كان سرا من أسرار الأسرة، إذا كان منزليا، وعدم الاكتفاء بالكفالة المادية للطفل في مكانه بالجمعية، لكن مع انتشار المبادرة وتوسع التوعية، فإن الأسر صارت تفتخر بأطفالها، وذلك ليس في مصر فقط، بل في العديد من البلدان العربية كذلك".

الصحة النفسية للطفل المحتضن ومتابعة حالته مع أسرته الجديدة من أهم الأهداف التي تحرص المبادرة المصرية للاحتضان على تحقيقها، فتقول لمياء نصار للجزيرة نت إن هناك دعما نفسيا للطفل والأم في كل مرحلة، بالإضافة إلى سعي المبادرة لتغيير نظرة المجتمع للطفل المحتضن، من خلال طباعة أول سلسلة قصصية تدعم فكرة الاحتضان وتدعم الأم والطفل والمجتمع المحيط بهما.

المصدر : الجزيرة