جائحة كورونا عصفت بقطاع الحضانات.. ما تأثيرها النفسي في الأطفال وكيف تصرفت الأمهات العاملات؟

الطفل الذي لم يحظ بفرصة دخول الحضانة يكون أقل توافقا في المدرسة من زملائه الذين حظوا بتلك الفرصة، حسب الدكتور البارون.

3. سمحت السلطات الكويتية للحضانات باستقبال أعداد محدودة
سمحت السلطات الكويتية للحضانات باستقبال أعداد محدودة (الجزيرة)

بحثت سعاد طويلا عن بدائل آمنة لرعاية طفلها عوضا عن الحضانة خلال عملها، ولكنها كانت تخسر نحو ساعة يوميا لإيصال طفلها صباحا إلى منزل والديها والعودة لأخذه مجددا بعد الظهيرة على مدار 6 أشهر، حيث عصفت آثار فيروس كورونا في الكويت بقطاع الحضانات منذ منتصف مارس/آذار عام 2020 حتى مطلع الشهر الجاري.

سعاد التي عملت من منزلها قرابة 9 أشهر بسبب الإجراءات الاحترازية الصحية التي فرضتها الدولة إثر انتشار فيروس كورونا، تتحدث عن عودتها إلى العمل من المكتب، حيث تعمل في قسم لشؤون الموظفين في إحدى الشركات، وتقول "عدنا للعمل من مكاتبنا في يناير/كانون الثاني 2021، إلا أن الحضانات كانت مغلقة وهنا كانت الحيرة، فكنت اضطر إلى كثير من الإجازات والاستئذانات التي هددت استقرار عملي".

سعاد ليست المرأة العاملة الوحيدة في الكويت التي عانت من هذا الإغلاق الذي امتد نحو السنة ونصف السنة، فهناك كثير من الحالات، فمنهن من اضطرت إلى التخلي عن عملها، أو اختارت الاستمرار بالعمل في المنزل مقابل أجر أقل، فضلا عن أن كثيرا من الأمهات غير العاملات يحرصن على تسجيل أطفالهن في الحضانات أيضا بغرض التعليم والتأسيس والاختلاط بالأطفال الآخرين.

حُرم كثير من الأطفال ممن أتموا أو جاوزوا العامين في بداية أزمة كورونا من خوض تجربة الحضانة في الكويت، وهو العمر الذي ينصح به لدخول الطفل للتأسيس والتعلم والاختلاط، حسب خبراء، إلا أن حرمان بعض هؤلاء الأطفال يبدو أنه سيستمر حتى بعد إعادة افتتاح الحضانات مطلع الشهر الجاري بسبب التحديات الجديدة التي فرضتها الأزمة على القطاع، ومنها ارتفاع الأسعار لتعويض الخسائر، ومحدودية المقاعد لتقليل الاختلاط، وإغلاق عدد من الحضانات أبوابها للأبد بسبب الخسائر التي تكبّدتها.

1. بعد عام ونصف من الإغلاق حضانات الكويت تستقبل أطفالها
بعد عام ونصف العام من الإغلاق حضانات الكويت تستقبل أطفالها (الجزيرة)

الحضانة.. عالم الطفل الآخر

ويقول دكتور علم النفس في جامعة الكويت، خضر البارون، إن الحضانة تسهم إسهاما كبيرا في تنمية شخصية الطفل إذا دخلها في العمر الصحيح، وذلك بسبب العلاقات الاجتماعية التي سيبنيها مع أقرانه ومدرّسيه.

ويشدد على أن "سلوك والدة الطفل يختلف عن سلوك المربية في الحضانة، وهنا سيكون لتعاطي الطفل مع شخص آخر غير والدته أثر إيجابي بخاصة ما إذا كانت المربية والمعلمة تتقن التعامل مع الأطفال".

وبيّن البارون أن الطفل يطوّر ويبني عادات جديدة مع زملائه من الأطفال، كما أن الحضانات تولي اهتماما خاصًا بالطفل قد لا يحظى به بالقدر نفسه في المدرسة بسبب عدد الطلاب المتلقين، مؤكدا أن "الحضانة تعلم النطق الصحيح باللغتين العربية والإنجليزية، وتعدّه إعدادا جيدا للمناخ المدرسي"، موضحا أهمية أن يرى الطفل وجوها جديدة بعيدا عن أسرته.

فالطفل الذي لم يحظ بفرصة دخول الحضانة يكون أقل توافقا في المدرسة من زملائه الذين حظوا بتلك الفرصة، حسب الدكتور البارون، حيث إن الطفل بمجرد دخوله الحضانة يكتشف عالمًا آخر بعيدًا عن أبويه ومنزله.

2. الحضانات خيار الأمهات العاملات الأول لأبنائهن
الحضانات خيار الأمهات العاملات الأول لأبنائهن (الجزيرة)

هل يمكن الجزم بأهمية الحضانة؟

من جهته يرى الباحث التربوي الحُر الأستاذ أحمد الخميس، الحاصل على ماجستير التربية من جامعة الكويت، أنه لا يمكن الجزم بوجه قاطع بوجود فروق تربوية وسلوكية بين الأطفال الذين دخلوا حضانات ومن لم يدخلوا، بل أكد أهمية النظر إلى أسرة الطفل الذي يُقارن معه، هل هي أسرة متعلمة أم متواضعة في العلم؟ مشددا على أنه أمر نسبي.

وقال الخميس إننا "لا يمكن أن نجزم بأهمية الحضانة لجميع الأطفال، حيث إن هناك أطفالا متفوقين على غيرهم ولم يسجلوا في حضانات من قبل، ويرجع الموضوع إلى عوامل كثيرة من ضمنها البيئة المنزلية، والتربوية داخل الأسرة".

وأضاف أن الحضانة قد تساعد على تفوق بعض الأطفال على أقرانهم إذا لم تكن البيئة التعليمية متوفرة أو لم تكن الأسرة قادرة على توفير الجو الملائم للتربية والتعليم، على أن يكون هؤلاء الأطفال الذين تتم مقارنتهم في المستوى نفسه من ناحية مقدرة أسرهم وإمكانياتها، وإلا ستكون مقارنة غير علمية، كذلك من العوامل الأخرى المهمة قدرات الطفل نفسه.

ويؤكد الخميس أن تحديد وجود فروق بين الأطفال الذين ذهبوا إلى حضانات ومن لم يذهبوا يجب أن يكون وفق دراسة علمية بفروق دالّة إحصائيا تثبت أن من حضر أفضل، وأيضا تعدّ هذه الدراسة وفق عوامل وظروف تطبيق الدراسة، مستشهدا بوجود قامات علمية وأدبية كبيرة لم تحظ بفرصة دخول حضانة أو لم تكن موجودة على زمنهم.

المصدر : الجزيرة