من "كهف" الغوطة إلى مجلس الأمن.. تعرف على طبيبة الأطفال السورية أماني بلور

أجمع الناشطون على شجاعة الطبيبة بلور وتضحياتها العظيمة في أثناء إدارتها مستشفى الكهف الذي أصبح رمزا للإنسانية، مؤكدين أن النظام السوري يحاول النيل منها بعد أن كشفت عن إحدى جرائمه. 

قدمت الطبيبة بلور نموذجا رفيعا في الإنسانية والتضحية ضمن عملها في مستشفى الكهف (الفرنسية)

لم يكن ظهور الطبيبة السورية الشابة أماني بلور في جلسة لمجلس الأمن ظهورا اعتياديا أو حدثا طارئا في مسار الثورة السورية، فشهادة طبيبة الأطفال بلور التي تحدثت فيها عن قصف ريف دمشق بالسلاح الكيماوي كانت كالصاعقة والصدمة الكبرى للنظام السوري الذي وجد نفسه محرجا أمام العالم.

هذا الظهور دفع النظام السوري إلى شنّ حملة إعلامية واسعة على الطبيبة بلور، مستخدما كل السبل لتكذيب شهادتها والتشكيك بوطنيتها، وذلك دفع آلاف السوريين من معارضي النظام إلى التضامن معها والإشادة بتضحياتها.

الطبيبة أماني بلور التي تضامن معها السوريون
لا تزال ذكريات مجزرة الغوطة حاضرة في ذاكرة الطبيبة بلور ولا تنسى الأطفال الذين ماتوا خنقا (مواقع التواصل)

شهادة مجلس الأمن

في تاريخ 29 مارس/آذار الماضي شاركت طبيبة الأطفال السورية أماني بلور -بناء على دعوة من وزارة الخارجية الأميركية- في جلسة لمجلس الأمن اختصت بالحديث عن الوضع الإنساني في سوريا، سردت خلالها تجربتها الشخصية بوصفها طبيبة مشرفة على فريق طبي مؤلف من 120 من العاملين في مستشفى "الكهف" الميداني، الذي كان يشرف على علاج جرحى قصف النظام السوري لمدن وبلدات الغوطة الشرقية.

أماني بلور: تم تفجير المستشفى أكثر من 20 مرة(موقع أنفوباي)
أصبحت الطبيبة الشابة أماني بلور شاهدا على فظائع ارتكبها النظام السوري بحق المدنيين (الصحافة الفرنسية)

وركزت بلور التي عاصرت حصار النظام للغوطة على استهدافه المنشآت الطبية وكيف كانت هدفا رئيسا له، مذكرة بمجزرة الغوطة الشرقية بدمشق بتاريخ 21 أغسطس/آب 2013 التي راح ضحيتها أكثر من ألف شخص معظمهم من النساء والأطفال، نتيجة قصف النظام السوري المنطقة بغاز السارين السام.

كذلك سلطت الضوء على أهمية المعابر الإنسانية في سوريا، في سبيل إمداد المدنيين في مناطق سيطرة المعارضة السورية شمال غربي البلاد، وحديث النظام عن أحقيته في السيطرة عليها والإشراف على دخول المساعدات، منبهة إلى أنه استخدم الحصار ومنع وصول الغذاء والدواء كسلاح لإجبار المعارضة على الاستسلام والقبول بالتهجير القسري.

د. أماني بلور أنقذت آلاف الأطفال في سوريا (موقع أنفوباي)
أنقذت الطبيبة الشابة حياة مئات من المدنيين ممن استهدفهم النظام السوري بنيرانه (الصحافة الفرنسية)

حملة شعواء

وتزامنا مع تجريد النظام السوري من حقوقه في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في شهر أبريل/نيسان الماضي، لإدانته بهجمات بالغازات السامة على مناطق المعارضة، شنّ النظام حملة واسعة النطاق على طبيبة الأطفال أماني بلور، بغية النيل منها وتكذيب روايتها في مجلس الأمن.

واستخدم النظام السوري أعزّ المقربين إليها وهو والدها، إذ ظهر في فيلم وثائقي، عرضه إعلام النظام وحمل اسم "من النفق إلى النور"، مكذّبا ابنته ونافيا قصف الغوطة ومدينة دوما بالغاز الكيماوي السام، قبل أن يتبرأ منها على الملأ.

وأكثر من ذلك، فإن الفيلم المذكور عرض شهادة للطبيب خالد الدباس الذي كان أحد العاملين في مستشفى الكهف مع الطبيبة بلور، نفى فيها وقوع أي قصف كيماوي على الغوطة، منكرا شهادة زميلته، علما أن الطبيب الدباس كان عرضة للاعتقال أكثر من مرة على الرغم من توقيعه تسوية مع النظام السوري.

عملت طبيبة الأطفال أماني بلور لمدة ست سنوات في الكهف وهي بطل الرواية الوثائقي للمخرج فراس فياض (موقع أنفوباي)
عملت طبيبة الأطفال أماني بلور 6 سنوات في الكهف وهي بطلة الفيلم الوثائقي "الكهف" للمخرج فراس فياض (الصحافة الفرنسية)

تضامن واسع

وفي الأيام القليلة الماضية تضامن ناشطون سوريون على مواقع التواصل الاجتماعي مع الطبيبة أماني بلور بإطلاق وسم #أتضامن_مع_الدكتورة_أماني_بلور، وعبّروا خلال منشوراتهم وتغريداتهم عن دعمهم الطبيبة الشابة التي نذرت نفسها وخبرتها الطبية في سيبل إنقاذ آلاف الجرحى والمصابين في سنوات حصار النظام للغوطة، قبل أن تصبح شاهدة على مجزرة السلاح الكيماوي.

وأجمع الناشطون على شجاعة الطبيبة بلور وتضحياتها العظيمة في أثناء إدارتها مستشفى الكهف الذي أصبح رمزا للإنسانية، مؤكدين أن النظام السوري يحاول النيل منها بعد أن كشفت عن إحدى جرائمه.

أماني والكهف

في نهاية عام 2012 تخرجت الشابة أماني بلور في كلية الطب بجامعة دمشق، في وقت كانت فيه الثورة السورية تدخل عامها الثاني، منادية بإسقاط النظام السوري.

ومع تحول الحراك إلى صراع مسلح، تطوّعت بلور في إسعاف الجرحى والمصابين في مدينة دوما بمستشفى ميداني تحت الأرض أطلق عليه اسم الكهف، أصبح عنوانا لفيلم وثائقي يرصد جهد الطبيبة والكادر الطبي في علاج الجرحى والمصابين.

وعلى مدى أكثر من 5 سنوات عملت بلور في المستشفى وسط مخاطر الحرب والقصف، وأنقذت حياة مئات الأرواح ممن أصيبوا بنيران النظام السوري وروسيا، قبل أن تخرج في حافلات التهجير الخضر عام 2018، بعد إحكام النظام قبضته على الغوطة وتهجيره مقاتلي المعارضة والمدنيين نحو الشمال السوري.

وتحولت الطبيبة التي تعيش اليوم في تركيا، وأصبحت في عقدها الثالث من عمرها، إلى أيقونة من أيقونات الثورة، ونالت أخيرا جائزة "راؤول والنبرغ" للأعمال الإنسانية الاستثنائية.

ولا تزال بلور تُثبت تغريدة على صفحتها الشخصية بتويتر أرفقتها بصورة ضحايا مجزرة الغوطة، تقول فيها "أستطيع أن أتذكر هؤلاء الأطفال، فقد كانوا جوعى بسبب الحصار، كانوا يحلمون بحياة أفضل. اختنقوا وماتوا".

"أتضامن مع الدكتورة أماني بلور"

وكان ناشطون أطلقوا حملة إلكترونية تضامنية مع الطبيبة السورية أماني بلور، باللغتين العربية والإنجليزية، تحت وسمي "أتضامن مع الدكتورة أماني بلور"، "I_Stand_With_Doctor_Amani_Ballour#"، بعد شهادتها على جرائم النظام السوري، تلتهما بعض التفاعلات.