هنادي الحلواني للجزيرة نت: أتعهد بفضح انتهاكات سجون الاحتلال بحق المقدسيات

تعرضت هنادي خلال الأعوام الماضية لتجربة الاعتقال حوالي 62 مرة، إلى جانب إصدار قرارات إدارية ضدها بالإبعاد عن ساحات الأقصى، تُجدَّد كلما تنتهي.

ظهرت هنادي الحلواني -المقدسية المرابطة على أعتاب الأقصى ومحفظة القرآن- عبر وسائل التواصل الاجتماعي بوصفها إحدى المبعدات إداريا عن المسجد الأقصى لمنعهن من دخول ساحات حرم الأقصى، وهو الأمر الذي حرمهن أيضا من المشاركة في الأحداث على مدار الأسبوعين الماضيين.

وتوجهت الحلواني لبث فيديوهات مباشرة على منصات التواصل الاجتماعي قرب ساحات المسجد الأقصى التي تسكن إلى جوارها، ليتوجه لها حسابات مزيفة ومستوطنون بالهجوم والسب، ولم يكتفوا بذلك، بل أصرت بعض الحسابات على تذكيرها بأبشع لحظات مرت بها داخل سجون الاحتلال.

أجرت الجزيرة نت حوارا هاتفيا مع المقدسية هنادي الحلاوني لتروي ماذا حدث لها، ولتكشف قصة أكثر قسوة مرت بها بسبب نضالها في أجل المسجد الأقصى لسنوات مضت، أدت إلى صدور قرار بإبعادها عن ساحات الأقصى، وخلال حديثها أوضحت الحلواني سبب أطلاق الاحتلال عليها لقب أخطر مقدسية على إسرائيل.

حادثة مريعة تعرضت لها وتستخدمها المستوطنات ضدها على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ تطلب هنادي من المؤثرين غلق خاصية التعليقات قبل بدء البث المباشر بسبب التعليقات المؤلمة التي تقوم بها حسابات مجهولة تذكرها بحادثة مروعة حدثت لها أثناء اعتقالها، حيث قامت إحدى الحسابات بوصف جسدها والتنمر عليها قائلة "هل تتذكري يوم نزعنا حجابك؟".

ما زالت هنادي تذكر ظروف اعتقالها القاسية، منذ احتجازها بالعزل الانفرادي وحيدة في غرفة أشبه بالمرحاض، إذ تم نزع كافة ملابسها وهو ما يعرف بالتفتيش العاري، قالت ما آلمني حقا أن كان هناك ثلاث كاميرات تقوم بتصوير كل ما يحدث حتى بعد أن انتهوا من نزع ملابسي تركوني بتلك الغرفة أكثر من 15 دقيقة وحيدة بدون ملابسي، فقط أمام الكاميرات.

وأضافت هنادي أنها لن تبكي وسوف تكون صامدة، ولكن ما يحدث معها أثناء المباشر هو اعتراف صريح وفج بهذا الانتهاك ضدها من قبل الحسابات الوهمية التي لا تتوانى عن تذكيرها بهذا الموقف رغم مرور سنوات عليه، إلا أن تلك الحسابات مصرة على استخدامه ضدها خاصة في الآونة الأخيرة، ومع ذلك فهي لم تكن الوحيدة التي تعامل بقسوة داخل سجون المحتل.

نزع الحجاب وسيلة للتنكيل بالمرابطات

تعرضت هنادي خلال الأعوام الماضية لتجربة الاعتقال حوالي 62 مرة، إلى جانب إصدار قرارات إدارية ضدها بالإبعاد عن ساحات الأقصى، تجدد كلما تنتهي.

شملت تلك القرارت 15 مرابطة مقدسية، وتتصدر هنادي القائمة التي تشمل خديجة خويص وفاطمة خضر والعشرينية مادلين عيسى، كما تشمل القائمة سيدات وفتيات من كافة الأعمار بينهن الابنة والأم والجدة، لكن ما حدث مع هنادي الحلواني مختلف؛ فهي المرأة الوحيدة التي اعتقلها الاحتلال من داخل بيتها وتعرضت 3 مرات إلى الحبس الانفرادي وما شاهدته كان مؤلما جدا.

تتذكر هنادي تجربتها قائلة "تعرضت للضرب والحبس الانفرادي مع جنائيات، وما كان أبشع من ذلك فقد أجبرت على خلع حجابي وجلبابي أمام الرجال بالسجن، بالبداية ظننت أن المشكلة بالدبوس المعدني في الحجاب وقلت لمَ لا، لكن اكتشفت بعدها أنهم أخذوا الحجاب والجلباب بالكامل، ولم أكن أرتدي زيا إسلاميا تحت الجلباب، كان ذلك بالحبس الجنائي".

وتابعت قائلة "من هول الموقف قامت السجينات اليهوديات بتدبير بشكير لأستر رأسي، شعرت أنهن أشفقن علي كما لم يفعل السجانين، وبعدها بلحظات جاء السجان ليعطيني حجابي"، لم تكن هذه المرة الوحيدة التي انتهكت فيها حقوق الإنسان مع هنادي، بل إن مرات كانت تدخل الحجز في الصيف بدرجات حرارة مرتفعة وتستمر بالحبس حتى الشتاء والبرد، وكانت تمنع من إدخال الملابس الشتوية الملائمة لها أثناء الحبس، لم تكن هنادي الحلواني هي الوحيدة في داخل السجن وإنما كانت بصحبة مرابطات أخريات تعرضن لانتهاكات قاسية.

الدورة الشهرية ممنوعة في سجون الاحتلال

احتجزت هنادي ذات مرة مع مرابطة خمسينية تُدعى (س.ن) وهي جدة لـ17 حفيد، انقطعت عنها الدورة الشهرية منذ سنوات، لكن لظروف الضغط النفسي ربما أو الأوضاع الصحية نزفت، تقول هنادي "طالبنا السجانين أكثر من مرة حفاضات نسائية، فرفضوا بشكل قطعي وتجاهلوا طلبنا، ورغم إصابتها بعدة أمراض مزمنة لم نطلب دواء لتسكين آلامها، فقط طلبنا فوط صحية نسائية، ومع استمرار السجانين بالرفض لم تجد المرابطة بدا إلا أن تستخدم جزءا من (بطانية) متسخة تماما يبدو أنها لم تغسل من سنوات، وقامت بتقطيعها بأسنانها لتلائمها، كانت تبكي وتخشى أن تكون بها أمراض مثل الإيدز أو أي عدوى أخرى، لكن لم يكن هناك أي حل آخر، كل شيء كان قذرا للغاية حتى المرحاض كان ملوثا ولا يوجد أي صابون بغرفة الاحتجاز المعبأة بالرائحة القذرة".

وبحسب هنادي، فإن المرابطات يخشين ذلك كثيرا حتى إنهن يحتفظن بحفاضات في ملابسهن خشية حدوث دورة شهرية في فترة الاحتجاز.

وأوضحت هنادي أن "الأسيرات الصادر بحقهن حكم قضائي بمدة عقوبة فقط من يسمح لهن بدخول الفوط النسائية والملابس الشتوية، بينما الحجز تحت قيد التحقيق والفترات القصيرة لا يسمح لهن بذلك ولا يسمح لهن بأدوية الأمراض المزمنة أيضا".

ظهرت هنادي الحلواني -وهي أم لـ4 أبناء من المرابطين المقدسيين- في فيديوهات الإفطار الجماعي في ساحات الأقصى وفي "تحدي المقلوبة" الذي يخشاه الاحتلال.

بابتسامة هادئة قوية لم تُشعر أحد بحجم المعاناة التي عاشتها وتعيشها في حياتها اليومية، وبأسى شديد ما زالت تتألم من قرار إبعادها عن ساحات الأقصى، ولكنها تحاول أن تتماسك بسماع الآذان في الخمس صلوات ببيتها الملاصق للأقصى، ولكنها ما زالت تشتاق إلى الصلاة فيه وتنتظر انتهاء قرار إبعادها الحالي الذي من المفترض أن ينتهي في شهر يونيو/حزيران المقبل، وتأمل ألا يتم تجديده كما الحال في السنوات الماضية.

تدرس هنادي الآن في جامعة بيرزيت وهي من أعرق جامعات القدس، وتتابع مشوارها في الدراسات العليا، وتهتم ببرنامج الديمقراطية وحقوق الإنسان.

ورغم كل الانتهاكات التي تعرضت لها، اختتمت المقدسية هنادي الحلواني حديثها للجزيرة نت قائلة "عهدت على نفسي فضح انتهاكات الاحتلال ضدنا في المعتقلات والسجون، ولذلك تكلمت عن ما حدث لي والمرابطات، ولكن أنا لم أقدم شيئا للأقصى والقدس، من يقدم تضحية حقيقية هم من في غزة، قدموا أرواحهم وبيوتهم وعائلات بأكملها صارت تحت التراب من القصف نساءا وأطفالا، أما أنا فلم أقدم شيئا".

المصدر : الجزيرة