خالدة جرار.. أسيرة فلسطينية تخوض الانتخابات من سجن إسرائيلي

في اعتقالاتها الثلاثة الأخيرة أسست خالدة جرار لنظام تعليم ثانوي وجامعي للأسيرات الفلسطينيات معترف به من وزارة التربية والتعليم الفلسطينية وهيئة شؤون الأسرى.

خالدة جرار اعتقلت 4 مرات في سجون الاحتلال الإسرائيلي ومنعت من السفر وأفشلت محاولة إسرائيلية لإبعادها (الجزيرة)

من سجن الدامون الإسرائيلي للأسيرات الفلسطينيات تخوض القيادية الأسيرة خالدة جرار الانتخابات التشريعية المقرر عقدها بتاريخ 22 مايو/أيار المقبل، وتحمل الرقم "2" على قائمة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي رفعت شعار "نبض الشعب".

وخالدة جرار واحدة من 400 ناشطة فلسطينية يترشحن ضمن 35 قائمة انتخابية لخوض انتخابات المجلس التشريعي المقبلة. وتواجه جرار (56 عاما) حكما بالسجن عامين منذ اعتقالها من منزلها بمدينة البيرة وسط الضفة الغربية، في نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2019.

خالدة جرار في أثناء اعتصامها عام 2014 في المجلس التشريعي برام الله رفضا لقرار الاحتلال إبعادها (أرشيف- الجزيرة)

سيرة نضالية وقبول شعبي

يقول زوجها غسان جرار، الممنوع من زيارتها منذ أكثر من عام، إن قواعد عريضة في الجبهة الشعبية أصرّت أن ترشّح خالدة في موقع متقدم على القائمة الانتخابية لما تحظى به من سيرة نضالية طويلة وقبول شعبي في أوساط الفلسطينيين.

وبدأت جرار نشاطها السياسي منتصف السبعينيات عندما نشطت في العمل التطوعي بمدينة نابلس، ثم انتقلت إلى الدراسة في جامعة بيرزيت وكانت من أبرز القيادات الطلابية، وبعد تخرجها نشطت في الحركة النسوية الوطنية.

وفي مارس/آذار 1989 كانت جرار على رأس أكبر مسيرة نسوية فلسطينية شاركت فيها أكثر من 5 آلاف امرأة، انطلقت من مدينة البيرة إلى رام الله، وهاجمها الاحتلال واعتقل عددا كبيرا من المشاركات فيها ومنهن خالدة التي ضُربت في أثناء الاعتقال والتحقيق، وحوكمت بتهمة مقاومة الاحتلال والتحريض عليه.

القيادية الأسيرة خالدة جرار محكومة بالسجن عامين وترشحت لخوض الانتخابات التشريعية من سجن الدامون الإسرائيلي (أرشيف- الجزيرة)

مناصرة الأسرى الفلسطينيين

وفي السنوات التالية نشطت جرار في العمل الحقوقي لمناصرة الأسرى الفلسطينيين وشغلت منصب مديرة مؤسسة الضمير لرعاية الأسرى، وعانت مضايقات الاحتلال كما اعتُقل زوجها أكثر من 10 مرات.

ومنذ نهاية التسعينيات منعت جرار من السفر سنوات طويلة. وعام 2006 انتُخبت عضوة في المجلس التشريعي بالانتخابات البرلمانية الثانية التي تعقد منذ نشوء السلطة الفلسطينية، ورغم تعطّله بفعل الانقسام الفلسطيني، فإن جرار ترأست لجنة الأسرى في المجلس.

وفي أثناء ذلك، مثلت جرار فلسطين في قمة حقوق الإنسان بالإليزيه في فرنسا، وشاركت في مؤتمرات دولية حقوقية عدة.

[A beautiful article about Khalida’s life. In Arabic, but English translation will be available soon.] هي ليست نائبة في…

Posted by ‎حملة التضامن مع النائب خالدة جرار – Solidarity with Khalida Jarrar‎ on Saturday, 9 May 2020

اعتقالات أخرى لأسباب غريبة

وعلى خلفية نشاطها الوطني قرر الاحتلال عام 2014 إبعادها عن مدينة البيرة إلى أريحا جنوبا، فرفضت القرار واعتصمت بمقرّ المجلس التشريعي في رام الله مدة شهر. ويقول زوجها إنها "كانت أول مسؤول فلسطيني يتمرد على قرار من هذا النوع".

وإثر اعتصامها الذي تحول إلى قضية شعبية إذ انتشر التضامن معها في برلمانات كثيرة في أنحاء العالم، قرر الاحتلال وقف القرار، لكنه لجأ إلى اعتقالها بعد شهور ووجه إليها لائحة اتهام "غريبة" منها "العضوية في المجلس التشريعي، وزيارة أسرى مفرج عنهم أو معارض كتب طلابية…".

وفي ذلك الاعتقال أيضا، وجه الاحتلال إليها تهمة "تبوّء منصب قيادي في تنظيم محظور" في إشارة إلى الجبهة الشعبية، لكن التهمة سقطت أثناء المحاكمة.

وعادت هذه التهمة لتلاقيها في "ملف سرّي" عند اعتقالها مرة أخرى عام 2017 وتحويلها إلى الاعتقال الإداري، وهي أيضا التهمة ذاتها التي حوكمت بموجبها في اعتقالها الأخير نهاية 2019، الذي ينتهي أواخر أيلول/سبتمبر المقبل.

خالدة جرار تتحدث في إحدى الفعاليات (أرشيف الجزيرة)

حملة دولية للتضامن مع خالدة

وعلى هامش اعتقالاتها في السنوات السبع الماضية، أطلقت ابنتاها يافا وسهى حملة دولية عفوية للتضامن معها استقطبت شخصيات نسوية عالمية وبرلمانيين دوليين، إذ كانت جرار عضوة في البرلمان الأوروبي ممثلة عن فلسطين، وهي أيضا ممن نشطوا في رفع ملف الأسرى الفلسطينيين إلى محكمة الجنايات الدولية.

وعقب الحملة، وجّهت إلى إسرائيل كثير من رسائل الاحتجاج الأممية للرد على ظروف اعتقال جرار ومحاكمتها، لكن الاحتلال رفض الرد عليها. بل، وكما قال زوجها، فرض عليها عقوبات كإغلاق حسابها في "الكانتينا" (مبلغ شهري تحوله العائلة إلى الأسير لشراء مستلزماته الضرورية)، كما حُرمت من إدخال الكتب.

وفي اعتقالاتها الثلاثة الأخيرة، أسست جرار التي تحمل درجة الماجستير في دراسات حقوق الإنسان، لنظام تعليم ثانوي ثم جامعي للأسيرات الفلسطينيات معترف به من وزارة التربية والتعليم الفلسطينية وهيئة شؤون الأسرى.

رفيقاتي واخواتي في فلسطين والوطن العربي وفي العالم، من داخل الأسر ومن خلف قضبان الاحتلال ابعث لكنّ بأحر تحياتي وفخري…

Posted by ‎حملة التضامن مع النائب خالدة جرار – Solidarity with Khalida Jarrar‎ on Sunday, 7 March 2021

"وسيلة تجديد"

ورغم الثمن الباهظ الذي دفعته في سبيل نشاطها السياسي، يقول زوجها إن ترشح خالدة للانتخابات التشريعية جاء بإجماع الهيئات والأطر التنظيمية للجبهة الشعبية كما صرحت قائمتها.

وتقدمت جرار قائمة الجبهة الشعبية الانتخابية بعد الأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات الذي يقضي أيضا حكما بالسجن 30 عاما في السجون الإسرائيلية. وضمّت القائمة الأسير عاهد أبو غلمة ووليد حناتشة، فضلا عن الأسرى الذين يخوضون الانتخابات ضمن قوائم خاصة بالفصائل.

وفي رسالة من سجن الدامون -الذي تعتقل فيه نحو 40 أسيرة فلسطينية- وجهتها إلى النساء بمناسبة يوم المرأة العالمي، كتبت جرار "وطننا على أبواب انتخابات متعددة لطالما طالبنا بإجرائها وناضلنا لتحقيقها بصفتها أداة ديمقراطية لتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية ونفض غبار التكلس عنها".

وقالت إن الانتخابات وسيلة لتجديد المؤسسات التشريعية لتكون أدوات تصدّ لما نتج عن "اتفاق أوسلو"، (الذي تعارضه الجبهة الشعبية) وليست أدوات له. ودعت النساء إلى المشاركة بها على نطاق واسع، فكتبت "لتمارس المرأة الفلسطينية حقها وتنتزع تمثيلها في المجلسين التشريعي والوطني".

المصدر : الجزيرة