مصممو أزياء جزائريون: نحاول تقديم أزياء المرأة بشكلها المعاصر

مصمم الأزياء سمير كرزابي بأحد عروض الأزياء (الجزيرة)

حينما تذكر الأزياء والموضة والجمال تحضر المرأة بأول وهلة، في حين تتفنن أنامل الرجل لإرضاء أذواق النساء صعبة المنال، وهو الشائع في المجال.

ونجح عدد لا بأس به من المصممين عبر العالم باحتلال رأس قائمة الأفضل من يبدعون في تجديد تصاميم ملابس المرأة سنويا، ونافس الرجل المرأة في تصميم ملابس بنات جنسها فتميز حينا ونجح في الأحيان الأخرى.

لم يكن من السهل على فئة من الجزائريين استساغة خروج مصممي الأزياء النسائية الرجال للواجهة، بعدما جادت أنامل أسلافهم لسنوات في الظل، دون أن تسعى للترويج لنفسها، ويرى البعض ذلك هروبا من ملاحقات الرافضين لها في حين يفسرها آخرون بانتظارهم للوقت المناسب.

زنقة العرايس

لا يعتبر غريبا مشهد الخياطين الرجال في سوق "زنقة العرايس" الشعبي الكائن بحي القصبة في العاصمة الجزائر، ويكفي أن تدخل المرأة فتسأل عن المحترف في تصميم الزي التقليدي النسائي حتى تدلها الأصابع على دكاكين الرجال من محترفي المهنة.

واختار هؤلاء العمل في صمت وهدوء وبقوا منهمكين في ابداعهم وبين تلك الجدران التي كسرها جيل آخر ممن اختار التصميم للمرأة في العلن، دون الخوف من النظرة المجتمعية.

واستطاع المصممون كسر القشرة التي كانت تخفي أعمالهم، مختارين بذلك تمثيل الفن بعيدا عن التصنيفات، مقدمين صورة جمالية جديدة عن النساء في بلادهم.

طفرة

برز السنوات الأخيرة عدد من المصممين في الجزائر الذين شكلوا طفرة في مجال الموضة النسائية، ويعتبر سمير كرزابي أحد الرواد الذين صنعوا لأنفسهم خطا مختلفا في المجال.

يتحدث للجزيرة نت عن أخذه للحرفة من جدته، التي كانت تحترف حياكة اللباس التقليدي وكيف أنه خبأ شغفه بمجال التصميم للنساء، إلى أن حاز على شهادة جامعية وقرر أخيرا المجاهرة باختياره مجال التصميم وأزياء السيدات.

ويروي المصمم خجله بداية مشواره، يقول "كنت أجد نوعا من الصعوبة في التعاطي مع الزبونات ولكن بعد مرور فترة وجيزة وجدت أن الموضوع يشبه تعامل الطبيب مع زبائنه، لا علاقة له بجنس الزبون".

ويضيف كرزابي "اليوم وبعد 30 سنة من الخبرة أفتخر بكوني اخترت المجال الذي أحبه فعلا بغض النظر عن أي اعتبارات مجتمعية" ويضيف "الجمهور يبحث عن القطع المتميزة والمبتكرة ولا يهمه إن كان صاحب التصميم امرأة أو رجلا، لقد تجاوزنا الموضوع بمراحل في الجزائر".

وتصف أسماء (34 سنة) -وهي إحدى المعجبات بتصاميم كرزابي- أعماله فتقول "حينما أحضر عروض الأزياء التي يقدمها تتكرس لدي فكرة أن الرجل يفهم جسد المرأة أكثر من النساء أنفسهن".

ويؤكد كرزابي على الفكرة بإرجاعه لسبب نجاحه في المجال وخروجه من المحلية للعالمية بالقول "أتعامل مع كل ثوب على أساس أنني أصممه لأميرة، أركز على أدق التفاصيل التي قد لا تنتبه لها المرأة، أحب أن أصمم ملابس الأنثى كي تظهر بالصورة التي أتمنى أن أراها عليها".

وقد قدم عددا من عروض الأزياء في عدة عواصم على غرار باريس (فرنسا) وسول (كوريا الجنوبية) إلى جانب دبي (الإمارات). بالإضافة إلى الكاميرون وغيرها من الدول التي استخلص منها أن "التصميم مذكر والنعومة أنثى".

بلمهدي يضع اللّمسات الأخيرة على ثوب عارضة الأزياء الذي صممه (الجزيرة)

إلى النجومية

وسط أسماء نسائية لامعة في مجال الموضة ببلاده، لمع نجم المصمم الشاب الدين بلمهدي، الذي اقتحم المجال منذ 10 سنوات وفتح علامته التجارية بعد ذلك بـ 7 أعوام، حاول خلالها تقديم الجزائرية بشكلها المعاصر.

يقول بلمهدي للجزيرة نت إنه يصمم للمرأة من وجهة نظر رجالية. ويعتبر أن الثوب الذي يتخيله لها يقصد من خلاله تمرير فكرة عن جوانب مختلفة يحملها هو كرجل تجاه الأنثى.

ويضيف "لا أختار الألوان باعتباطية ولا شكل التطريز ولا القصة، لكل تفصيلة رسالة جمالية أرغب في أن تصل من خلال الفن الذي أقدمه".

وعن الفرق بين تصميم النساء لبنات جنسهن وما يقدمه الرجال في المجال نفسه، يرى بلمهدي أن "المرأة قد تغار من نظيرتها ولو بنسبة بسيطة في حين أن الرجل يسعى دائما لرؤيتها بشكل أكثر إبهارا".

وشارك بلمهدي في عديد من عروض الأزياء في باريس وغيرها، لكنه يركز في أعماله على منح اللباس التراثي الجزائري شكلا جديدا دون أن يفرط في الهيكل القديم لها.

المصمم الجزائري الدين بلمهدي لا أختار الألوان باعتباطية ولا شكل التطريز ولا القصة، لكل تفصيلة رسالة جمالية الجزائر (الجزيرة).jpeg
المصمم الدين بلمهدي: أختيار الألوان وشكل التطريز والقصة، لكل تفصيلة رسالة جمالية (الجزيرة)

شغف التصميم

من جهة أخرى، يعتبر الطالب في مجال تصميم الأزياء جوبا نايت مقدود أن تأثره بعدد من الأسماء الرجالية في مجال الأزياء النسائية بالعالم هو ما دفعه لاختيار تعلمها أكاديميا.

وأضاف مقدود للجزيرة نت "القسم الذي أدرس فيه كله إناث، الأمر الذي كان صعبا في البداية ولكنني تعودت على الفكرة، كما تعودت زميلاتي عليّ ولم يعد يشعر أي منا بالفرق، والورق يحسم الأمر في النهاية".

المصدر : الجزيرة