صحفية أردنية متعافية: مواجهة سرطان الثدي جعلتني أكثر إيجابية وقوة

قالت رولا عصفور -بعد أن تعافت من سرطان الثدي- أصبحت أرى الحياة والأشخاص والمواقف التي أتعرض لها بطريقة مختلفة، كل شيء تغير وما يزال؛ المرض خلق رولا جديدة.

عصفور: اكتشفت أثناء المرض أنني أمتلك مواطن قوة داخلية أستطيع من خلالها تحويل مشاعر الحزن إلى فرح والغضب إلى سكينة (الجزيرة)

"كان قراري ألا أكون مجرد رقم من بين مليوني امرأة تصاب بسرطان الثدي سنويا، ولتحقيق ذلك كان عليّ أن أقوم بالاستفادة من كل ما سبق أن قرأته أو سمعته عن المرض". هكذا تحدثت الصحفية الأردنية المتعافية من سرطان الثدي رولا عصفور للجزيرة نت في حوار عبر البريد الإلكتروني.

ومنذ اللحظة الأولى، أعلنت رولا -صاحبة رواية "أحلام مبعثرة بين عمان ويافا"- رحلة تحد مع سرطان الثدي، متزودة بالوعي والإيمان وشغفها بالحياة، وتعاملت مع المرض كتجربة حياتية إنسانية عمدت لتوثيقها بالكلمة والصورة والفيديو أيضا، عبر رسائل إيجابية تبثها على وسائل التواصل الاجتماعي، مرفقة بمقولتها الخاصة "الحياة حلوة.. شوفها صح.. بتعيشيها صح". فماذا عن خطتها العلاجية الطبية وخطتها الموازية؟ ومن أين تستمد طاقتها الإيجابية؟

لم تسمح رولا عصفور للأفكار السلبية بأن تسيطر على عقلها (الجزيرة)

قوة جديدة

مواجهة سرطان الثدي جعلتها أكثر إيجابية وأكسبتها قوة جديدة، تقول للجزيرة نت "اكتشفت أثناء المرض أنني أمتلك مواطن قوة داخلية أستطيع من خلالها تحويل مشاعر الحزن إلى فرح، والانكسار إلى شجاعة، والغضب إلى سكينة وهدوء".

فهي تستثمر نظرتها الإيجابية القائمة على فكرة "أن على كل منا أن يختار في المواقف بين أن يُخلق منه إنسانا جديدا أو أن يستسلم ويضعف ويكون رهينا للخوف واليأس"، حسب قولها.

اكتشاف سرطان الثدي

هل كانت أول مرة تفحصين فيها؟ وترد رولا "لست ملتزمة بالفحص الذاتي شهريا، أو الفحص عند الطبيبة المختصة سنويا، لكنني لم أكن مهملة بالمطلق، وأذكر أنني ذهبت إلى الطبيبة وقمت بإجراء الفحص السريري للثدي، وأكدت أنه لا يوجد ما يستدعي القلق، ونصحتني بإجراء فحص "الموموغرام" (فحص الثدي بالأشعة) لأن عمري اقترب من الخمسين، وتم تحديد موعد، ولم أذهب بسبب انشغالي! وبالصدفة بعد عام وجدت كتلة في الثدي".

ردة الفعل الأولى

10 أيام كانت بين تلمس الكتلة وموعد الطبيبة أعطتني فرصة للتفكير في جميع الاحتمالات، لذا كنت مهيأة لقراءة وجه الطبيبة وهي تقوم بإجراء "الألتراساوند" (التصوير بالموجات فوق الصوتية). وتذكر أنها قالت للطبيبة وقتها "من تعابير وجهك يتضح أنني مصابة بالسرطان، وأضافت: ماذا بعد؟!" كانت هذه ردة فعلها الأولى كما أخبرت الجزيرة نت.

خبر الإصابة

وعن أول شخص قامت بإخباره تقول "لم أتمالك نفسي عندما دخلت المنزل ووجدت شقيقتي أمامي وطلبت منها أن تخبر أمي وأبي وأخوتي، وقلت لزوجي الذي أخذ على عاتقه إخبار ابننا".

ونشرت لاحقا مقطعين بعنوان "حكايتي مع مرض سرطان الثدي"، الذي تأكدت الإصابة به في 19 مايو/أيار 2020.

التحدي الحقيقي

كانت رحلتها مختلفة جدًّا ومليئة بالتحديات، وهي تعتقد أن التحدي الحقيقي للإنسان المصاب بالسرطان ليس مع المرض بل مع نفسه؛ فالله يعلم قوتنا أكثر منا، واختباره لنا يكون بهدف أن نزيل الغبار عما لا نراه في أنفسنا من إرادة وعزيمة".

واستثمرت خبرتها الإعلامية وقراءاتها السابقة، وهي مديرة مكتب مجلة عربية في عمّان سابقا، ومراسلة صحفية لوسائل إعلام عربية، كي لا تكون مجرد رقم بين مليوني امرأة تصاب بسرطان الثدي سنويا؛ إذ اعتمدت النظام الغذائي الصحي، ومارست رياضتها المفضلة؛ المشي، وكذلك اليوغا، وركزت على تمارين التنفس والتأمل، وكانت تذهب إلى معالجة بالطاقة أسبوعيا، كل هذا بالتوازي مع العلاج الطبي المعتمد، كما تخبر الجزيرة نت.

وتؤكد رولا أنها تستمد الطاقة الإيجابية بالتدريب يوميا من خلال العمل على شحن الفكر والروح بالعبادات، والتركيز على النِعم، وعدم الاختلاط بالأشخاص السلبيين، أو السماح للأفكار السلبية بأن تسيطر على عقلها، إضافة إلى قراءة ومشاهدة وممارسة كل ما يجعلها تشعر بالسعادة.

مساحة خاصة

وعن دور عائلتها الصغيرة؛ أهلها وزوجها وابنها في مشوارها العلاجي؛ تبين أن كل شخص منهم كان يقوم بدور يتوافق مع شخصيته وطريقة تفكيره، من خلال الدعم والتشجيع وإتاحة الفرصة لي للتعبير عن مشاعري وأحاسيسي، وإعطائي مساحة خاصة للتصرف من دون قيود اجتماعية.

امرأة صلعاء

رولا -التي نشرت على وسائل التواصل فيديو قص شعرها بمساعدة زوجها، وبدت فيه مبتسمة، حدثتنا عن قصته فقالت "بعد جرعة الكيميائي الأولى بأسبوعين تأكد لي أنه حان الوقت لخوض تجربة أن أكون امرأة بلا شعر، بعدما وجدت خصل كثيرة في يدي. وفاجأت زوجي بأن طلبت منه أن يقوم هو بحلق شعري، ووثقت تلك اللحظات للذكرى".

إنسانة جديدة

أثر سرطان الثدي على حياة رولا بطريقة خاصة، وعن هذا تقول "أصبحت أرى الحياة والأشخاص والمواقف التي أتعرض لها بطريقة مختلفة، كل شيء تغير وما يزال؛ المرض خلق رولا جديدة".

مشاركة التجربة

مشاركتها العلنية للتجربة على وسائل التواصل أسهمت في اجتياز رولا رحلة العلاج، فالحديث عن هذه التجربة "فرصة للتخلص من أي مشاعر حزن قد لا أكون مدركة لها من خلال البوح بصراحة ومن غير خجل؛ مما ساعد في منحي القوة والشجاعة وتحمل المضاعفات الناتجة عن العلاج ومواجهة الغرباء بشكلي الجديد (من غير شعر)".

قناة توعوية

طاقة إيجابية تتواصل ببث فيديوهات توعوية تقوم رولا بإعدادها وتقديمها، لدرجة أنها أسست قناة على يوتيوب خاصة بها (Rula Asfour) تقدم عبرها وفي مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات توعوية لمرضى ومريضات السرطان، وعن الأساليب التي قد تساعد في جعل الألم الناتج عن مضاعفات العلاج أقل.

إضافة إلى فيديوهات خاصة بقضايا اجتماعية تبث من خلالها الأمل والسعادة، وإجراء لقاءات مع مختصين في كافة المجالات.

وهذه القناة في تطور مستمر، "أراها بعد سنوات واحدة من أهم القنوات التوعوية والاجتماعية في الفضاء الإلكتروني"، كما تقول رولا.

رفع الوعي

وتؤمن رولا كإعلامية ومتعافية من السرطان بأهمية الإسهام في رفع الوعي حول سرطان الثدي، وضرورة الكشف المبكر، خاصة أن المرأة بطبيعتها حساسة لذا نجد أغلب النساء يتملكهن الخوف من اسم المرض، ويرفضن الحديث أو الاستماع لأي معلومات خاصة به، وما يزال هناك رفض من بعضهن لإجراء الفحص -رغم وجود مضاعفات- تخوفا من العواقب الشخصية والاجتماعية المنبثقة عن المعتقدات الخاطئة الشائعة حول الكشف المبكر، وحول المرض ومضاعفاته.

رولا عصفور: أغلب النساء يتملكهن الخوف من اسم المرض ويرفضن الحديث أو الاستماع لأي معلومات خاصة به (الجزيرة)

حقائق رئيسية

وتغيب الإحصاءات الدقيقة لعدد النساء المصابات بسرطان الثدي في الأردن، ويبين موقع البرنامج الأردني لسرطان الثدي الإلكتروني، وحسب الإحصاءات الأخيرة لوزارة الصحة الأردنية عام 2016 فقد سُجلت 1262 إصابة جديدة بسرطان الثدي بين الإناث، في حين بلغ المجموع التراكمي للإصابات المسجلة في الأردن 16 ألفا و268 إصابة بين عامي 1996 و2016.

وتشمل الإصابة بسرطان الثدي ما نسبته 39.8% من مجموع الإصابات بالسرطان لدى النساء، وبلغ معدل العمر عند التشخيص 52.7 عاما.

في حين تشير منظمة الصحة العالمية على موقعها الرسمي إلى أن سرطان الثدي هو أكثر أنواع السرطان شيوعًا مع أكثر من 2.2 مليون حالة عام 2020. وتُصاب نحو امرأة واحدة من بين كل 12 امرأة بسرطان الثدي.

المصدر : الجزيرة