نساء في مهب الخوف.. سرطان الثدي الإرث العائلي المميت

Hands joined in circle holding breast cancer struggle symbol on white background
رسائل أكتوبر الوردية للنساء بشأن التوعية بسرطان الثدي ترعب الكثيرات خاصة من لديها مصابات بالعائلة (شترستوك)

في أكتوبر/تشرين الأول من كل عام، يحتفي العالم بشهر التوعية بسرطان الثدي، حيث تبدأ المواقع الإلكترونية نشر أحدث الدراسات التي قدمت عن أكثر الأمراض فتكا بالنساء خلال الأعوام الأخيرة.

وتنهمر -عبر مواقع التواصل- الرسائل التي تستهدف النساء بشأن توعيتهن بضرورة الكشف الدوري، والمتابعة النصف سنوية للنساء الأكثر عرضة للمرض.

جملة سيئة الصدى، تسمعها ندى منصور (29 عاما) فتسري القشعريرة في أوصالها، تتذكر معاناة والدتها قبل 5 سنوات، أزيل الورم، ومعه الثدي بالكامل، لكن المعاناة لم تنته، لا تزال أمها تحت وطأة العلاج الهرموني، بعد أن أنهكتها شهور الكيماوي والإشعاع.

كانت أم ندى تنتظر دورها في هرم العائلة المصاب، فقد سبقتها جدتها لأمها، ثم ابنة خالتها، كان مؤكدا لدى الأم الخمسينية أنها أقرب المصابين في عائلتها، تتذكر ذلك اليوم الذي اكتشفت فيه التهابا مجهولا أصاب ثديها الأيسر، كان ذلك يوم خروج زوجها على المعاش (التقاعد) اكتفت بأن تربت على كتفيه وتهون عليه الأمر، بينما الورم الخبيث لا يرحم خلايا ثدييها.. فانتشر الالتهاب وتفاجأ الجميع.

Group of smiling confident women wearing pink
للطفرات الجينية الوراثية دور لا يقل عن 10% من حالات الإصابة بسرطان المبيض والرحم والمبيضين (شترستوك)

إرث غير مرغوب به

الإرث، الذي توارثته والدة ندى، لا تزال تدفع ثمنه هي وابنتها، إّذ أصيبت ندى باضطراب القلق، منذ أن صارت أمها تدفعها دفعا لمراقبة ثدييها، وتأخذها معها للفحص السنوي، وتستشير طبيب الأورام إذا ما تأخرت دورتها الشهرية، صارت الثلاثينية أسيرة "انتظار البلاء" فلا هي تتمنى وقوعه، ولا تستطيع رده مهما فعلت.

تقول ندى للجزيرة نت "بعد سنوات من معاناتي مع أمي ومع المرض المنتظر، أصبحت أكثر بلادة في انتظار المجهول، لا أفعل شيئا يزيد عن العادي، كل شيء أفعله كما يفعله غيري، غير أني أواظب على كشف سنوي في أحد المشافي المخصصة للنساء، هذا شر لا بد منه".

تلعب الطفرات الجينية الوراثية دورا لا يقل عن 10% من حالات الإصابة بمرض سرطان المبيض والرحم والمبيضين، إصابة أكثر من شخصين من ذات الفرع سواء للأب أو الأم ينذر بأن هناك تطورا جينيا وراثي في تلك العائلة، أو إصابة أفراد من العائلة بأنواع معينة بالسرطان على أجيال عدة، إصابة أفراد من العائلة بالسرطان في عمر أقل من 50 عاما.

هل السرطان وراثي؟

هذا هو عنوان مقال نشره موقع طب (webteb) وفيه أشار إلى تمكن العلماء من تطوير الفحوصات الجينية للكشف عن وجود الطفرات الوراثية بأحد أفراد العائلة أم لا، وإرشاد الشخص حول كيفية التعامل مع الخطر القريب، أو لبدء علاجات معينة في مراحل مبكرة قبل استفحال الأمر.

والتطور، الذي حققه العلماء بالكشف المبكر عن السرطان الوراثي، حول حياة ن.ج (34 عاما) لجحيم لا يحتمل، بعد أن أجرت الفحوصات الجينية لتكتشف أنها معرضة للإصابة بالسرطان الوراثي نقلا عن جيلين في عائلة أبيها، الفحص الذي خضعت له في مستشفى مصري شهير مخصص للنساء وأمراض الثدي، كشف لها أنها في حدود الأربعين ستكون مضطرة لبدء رحلة علاج مع السرطان، وربما قبل ذلك.

Doctor explaining to a patient the result of her mammogram.
تصوير الثدي (الماموغرام) ضروري كل سنتين لجميع النساء فوق 50 عاما (غيتي)

في انتظار الألم

في ذلك الوقت كانت "ن" ترتدي في إصبع يدها اليسرى خاتم الخطوبة، لم ينتقل حتى الآن لليد اليمنى، بل فارق كلتا يديها، ولم يعاود الظهور مرة أخرى، تقاوم "ن" الموت القادم مسربلا في ريعان شبابها بالرياضة ومحاولة الارتواء من الحياة، كلما أسعفتها الفرص، هي كذلك تدخر من أموالها ورصيد إجازتها، عملا بالمثل الشعبي "القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود" لم تخبر أحدا، هي فقط من تعرف الموعد وهي من تنتظر، وتحسب الأيام.

إرث الخوف هو الهاجس المسيطر على أغلب النساء، إذا تكررت الإصابة العائلية بسرطان الثدي، رغم أن 9 من 10 حالات مصابات بالمرض ليس لديهن تاريخ عائلي مرضي، وهناك عدة إجراءات من الممكن اتباعها لتقليل حجم المخاطر المتعلقة بوجود تاريخ للسرطان بالعائلة.

ويوصي "برنامج فحص الثدي بالأشعة – نيو ساوث ويلز" (NSW BreastScreen) بـ "إجراء الماموغرام" وصورة أشعة للثدي كل سنتين لجميع النساء البالغات 50-74 سنة من العمر.

وقد يكون من الضروري لبعض النساء نتيجة طبيعة تاريخهن العائلي إجراء الماموغرام على فترات أكثر قربا، اعتباراً من سن الـ 40، ويوصى بإجراء الماموغرام للنساء سنوياً إذا تم تشخيص أم أو أخت بالمرض قبل سن الـ 50.

الخوف من التصوير الإشعاعي

تخشى العديد من النساء التعرض للتصوير الإشعاعي، على اعتبار أنه سيزيد من مخاطر الإصابة بالسرطان، لذلك يحجمن عن المتابعة الدورية، وعن هذا تقول طبيبة الأورام سوزان هارفي، من الجمعية الأميركية لسرطان الثدي، إن التعرض للإشعاع في الماموغرام يستخدم كمية قليلة جدا من الإشعاع محسوبة ضمن الإرشادات الطبية و"إننا في حياتنا اليومية نتعرض لكم من الإشعاع يوازي الجرعة التي يتم استخدامها في التصوير الإشعاعي للثدي كل 6 أشهر أو كل عامين، بحسب معدلات الخطورة للحالة".

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية