بشرة بيضاء كاللؤلؤ.. ما تدفعه السمراوات مقابل نظرة المجتمع

Nagwan Lithy - وصلت نسبة مبيعات مستحضرات تفتيح البشرة إلى 10 مليارات دولار (بيكساباي) - "هوس البياض".. النساء ينفقن 10 مليارات دولار لتفتيح البشرة
نحو 40% من النساء الأفريقيات يبيضن بشرتهن (بيكسابي)

"ليست بيضاء" عبارة ترددت على مسامع كثير من فتيات المنطقتين العربية والأفريقية في الصغر في تجمعات العائلة ونساء القرية فحولتهن في الكبر لباحثات عن أفضل كريم تفتيح وعروض عيادات التجميل على التقشير الكيميائي وحقن الغلوتاثيون لنتائج أسرع، ساعيات نحو التماشي مع الإرث المجتمعي، وتجربة جديدة للحياة ببشرة بيضاء، ومتغاضيات عما قد يتعرضن له من ضرر صحي بالغ.

التفتيح مطلب جماهيري

السعي نحو تفتيح البشرة ليس أمرا جديدا على النساء، فالخلطات الطبيعية والكيميائية موجودة منذ عقود، فقط تتغير أشكالها وفعاليتها وأضرارها، لكن التسويق لها بات يلاحق الفتيات على المتاجر الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي.

تستعين الفتيات بكريمات تفتيح تعتمد على مادة "الهيدروكينون" المقاومة للميلانين الذي ينتجه الجسم، وتشمل أضراره تهيج في الجلد والعمى، أما الكريمات التي تعتمد على الستيرودات والمركبات المخصصة لعلاج حالات مثل الإكزيما ويصفها الأطباء للتفتيح فتؤدي إلى ترقق وإضعاف الجلد وظهور علامات التمدد عليه وكذلك الكدمات الزرقاء والندوب في محاولة من الجسم لرفضها.

يزيد استخدام تلك الكريمات بل ويتضاعف بسبب إدمان الفتاة عليها، فتضيف الشركات المصنعة مركبات التفتيح بنسبة كبيرة حتى تمنح الفتاة نتيجة مرضية، وما إن تتوقف الفتاة عن استخدامها يعود الجلد إلى لونه الأصلي.

كما ارتفعت مبيعات مستحضرات تبييض البشرة عام 2015، حيث وصلت نسبة المبيعات الإجمالية إلى ما يقارب 10 مليارات دولار، ومن المتوقع أن يصل الرقم في عام 2024 إلى 31.2 مليارا.

وربما لم تأت التحذيرات بنتائجها مع إدراك الفتاة ما تدفعه من مقابل مادي للحصول على لون بشرة قد لا ترغب فيه بالضرورة، لكنها ترغب في الحصول على الامتيازات الاجتماعية والاقتصادية لأصحاب البشرة البيضاء.

وبحسب صحيفة نيويورك تايمز، في أفريقيا والمجتمعات الفقيرة تسعى النساء للتوافق مع ما يريده الرجال من معايير للزواج بهن، الواقع الذي لو هربن منه فلن يهربن بسهولة من الإعلانات وعبارات التنمر والمقارنة.

هل تجعل مستحضرات التجميل الفتيات مزيفات؟
مبيعات مستحضرات تفتيح البشرة وصلت إلى 10 مليارات دولار سنويا (غيتي إيميجز)

الحقنة السحرية

أظهرت الإحصائيات التي جمعتها منظمة الصحة العالمية في عام 2011 أن 40% من النساء الأفريقيات يبيضن بشرتهن، وتصل النسبة إلى 77% في بعض الدول رغم تحذيرات المنظمة من أضرار تبييض الجلد كتلف الكبد والكلى، والذهان، والسرطان، وتلف دماغ الجنين في رحم المرأة.

وانتشر مؤخرا في الدول العربية علاج لمقاومة الصبغة الأساسية للجلد عن طريق حقن المرأة بمادة الغلوتاثيون حتى أصبحت النصيحة الأولى لأشهر لبعض الأطباء لسهولتها مقابل جلسات التقشير، وعائدها المادي الكبير على عيادات التجميل، فهي مجرد حقنة سريعة تحت الجلد تسري مع الدم، ونتيجتها أسرع وألمها أقل.

وتتكون مادة الغلوتاثيون من مضادات الأكسدة التي ينتجها الكبد بشكل طبيعي، وتوجد في السوق على هيئة حقن وحبوب.

ومن المميزات الأخطر التي يروج لها  بعض الأطباء بشأن تلك المادة هي قدرتها على تفتيح لون الجنين في رحم أمه، وتحذر إدارة الغذاء والدواء الأميركية ومنظمة الصحة العالمية من تلك المادة.

كوني متألقة

ووفق تقرير صحيفة نيويورك تايمز المنشور نهاية يوليو/تموز الماضي، تعد شركة "يونيلفرز فير آند لافلي" (Unilever’s Fair & Lovely) أشهر العلامات التجارية في بيع كريمات تفتيح بأسعار أقل من دولارين بفعل رسائل تبثها بواسطة إعلانات توجه النساء إلى أن هذا الكريم هو الحل لمشاكلك العاطفية مع زوجك، وخلافاتك في العمل، وطريقك للتقدم المهني وتولي مراكز القيادة، وإذا لم تفعلي فستفقدي اهتمام من حولك، فقط لأنك سمراء.

وتأمن الشركة من المنافسة، فهي الأولى في آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط، وتبيع ملايين المنتجات سنويا، وبحسب محللين ماليين فإنها تحقق 500 مليون دولار سنويا من مبيعاتها في الهند وحدها.

وحاولت الشركة مؤخرا تغيير طريقة تسويقها، وإنشاء خط إنتاج جديد للسمراوات، في اعتراف ضمني بأن لون البشرة السمراء ليس طبقة من الوسخ يجب التخلص منها، ولكن من غير المحتمل أن تؤدي الطريقة الجديدة إلى عكس الأحكام المسبقة المتأصلة في المجتمع واستغلتها الشركة لقرابة نصف قرن.

وهناك شركات عالمية أخرى متورطة في التسويق بناء على كلمات مثل: بيضاء، مشرقة، براقة، بياض اللؤلؤ، كشركة "لوريال" (L’Oreal)، و"جونسون آند جونسون" (Johnson & Johnson)، وغيرهما ممن بدأت في الخضوع لشعارات التغيير ومناهضة العنصرية في الغرب بعد حادث وفاة جورج فلويد في أميركا عقابا على بشرته السمراء، لكن الصورة لم تكتمل وسط رفض شركات أخرى خوفا على مبيعاتها، أو رفضا للتغيير.

المصدر : مواقع إلكترونية