ترتديه أفقر النساء.. لماذا ملابس البلوشيات هي الأغلى في إيران؟

تصنف ملابس البلوشيات من أغلى الملابس النسائية في إيران. (تصويري)لجزيرة copy.jpg
البلوش القدامى استوحوا النقوش المطرزة على الملابس النسائية في بلوشستان من التاريخ القديم (الجزيرة)

محمد رحمن بور-طهران

تعتبر القومية البلوشية من أفقر القوميات الموجودة في إيران وأكثرها حرمانا، لكن المفارقة العجيبة هي أن نساءها يلبسن أغلى الملابس التقليدية بين باقي القوميات، وذلك حفاظا على تراثها وتاريخها العريق الذي يعود لآلاف السنين.

وتصنف ملابس البلوشيات في إيران (جنوب شرق) من أغلى الملابس النسائية بسبب تطريزها يدويا، حيث يستغرق إتمام اللباس الواحد مع ملحقاته من الحجاب والسروال والأكمام بين ستة أشهر وسنة ونصف السنة تقريبا، بحسب كل زي وأشكاله المختلفة.

 ملابس البلوشيات تصنف من أغلى الملابس النسائية في إيران (الجزيرة)
 ملابس البلوشيات تصنف من أغلى الملابس النسائية في إيران (الجزيرة)

نشأة التطريز
لا يوجد تاريخ دقيق عن بداية فن التطريز في بلوشستان، لكنهم من أوائل الذين عملوا بهذا الفن، وذلك بعد دراسة النقوش الحجرية وكذلك الفخاريات المتبقية في مختلف المناطق في بلوشستان، مثل كلبوركان (قبل 7 آلاف سنة) ومدينة محروقة (قبل 5 آلاف سنة)، بحسب المؤرخين.

ويقول الباحث في الثقافة البلوشية زاهد آرام في حديثه للجزيرة نت "استوحى القدامى النقوش المطرزة على الملابس النسائية في بلوشستان من التاريخ القديم، واعتمدوا على نقش صور الطبيعة، مثل الجبال والأنهار والورود أو الأشكال الهندسية المختلفة، وكذلك أشكال الحيوانات مثل مخلب النمر وريش الطاووس والحمامة".



وأثرت الحداثة والأحداث التاريخية ووسائل الإعلام الحديثة والقنوات التلفزيونية على هذا الفن، مما أدى لابتكار نقوش جديدة، كما يقول آرام، فمثلا ابتكر نقش باسم بينظير بوتو (رئيسة وزراء باكستان التي اغتيلت عام 2007)، ونقش باسم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

ومجاراة للحدث الأهم في إيران، استحدث مؤخرا نقش جديد باسم "كورونا"، وسمي بهذا الاسم لأغراض تسويقية.

‪فن التطريز‬  (الجزيرة)
‪فن التطريز‬  (الجزيرة)

أهمية التطريز عند البلوش
ينتقل فن التطريز من جيل إلى جيل عبر التركيز على تعليم البنات البلوشيات منذ الصغر، حيث يتقن جميعهن فن التطريز بالإبرة، وذلك لسببين أساسيين، أولهما بسبب التزام البلوش بثقافتهم العريقة والحرص على ارتداء الملابس البلوشية فقط، ومن جهة أخرى فإن السعر المرتفع للملابس الجاهزة دفع البلوشيات لتعلم التطريز وتفصيل ملابسهن بأيديهن.

ويختلف أسلوب التطريز بين منطقة وأخرى في بلوشستان بالنسبة للملابس وسراويل النساء، حتى أنه يمكن للشخص تمييز الطائفة والمدينة التي تنتمي إليها الفتاة من خلال تطريز ملابسها والنقوش المستخدمة فيها.

‪البلوشيات يحفظن‬ (الجزيرة)
‪البلوشيات يحفظن‬ (الجزيرة)

لباس جديد في كل سنة
وتقول صديقة سعيدي -وهي خياطة ومصممة بلوشية- للجزيرة نت "لكل بلوشية بحدود 15 إلى 20 قطعة من الملابس، وتقوم كل منهن بخياطة لباس أو لباسين جديدين لنفسها في السنة، ويتراوح سعر ملابس البلوشية (ملابس البيت واليومية والاحتفالات) بين 800 ألف و5 ملايين تومان (من 55 إلى 335 دولارا) تقريبا.

وأضافت سعيدي "كانت خياطة الملابس سابقا على أساس النقوش الذهنية (أي من الخيال مباشرة على القماش)، ولكن حاليا صار الأمر أكثر سهولة عن طريق استخدام الأختام الخشبية لنقل النقوش على الأقمشة بواسطة الحبر، ثم تطريز تلك النقوش".

 
 
 
View this post on Instagram
 
 

✨♦️✨ سوزن‌ دوزی؛ تراوش ذهنی که عشق می‌آفریند #سوزن_دوزی_بلوچی

A post shared by غزال (@ghazal_design__) onFeb 4, 2020 at 12:54am PST



وأشارت إلى أن هنالك إقبالا كبيرا بين الجيل الجديد من البنات على تعلم فن التطريز بالإبرة لأنهن يقمن بخياطة ملابسهن بأيديهن، وهناك تنافس بين البنات على استخدام أحدث النقوش والألوان بأساليبهن الخاصة، كما يحملن أدوات التطريز معهن للعمل فيها في أي وقت ممكن حتى أثناء الزيارات.

وإضافة إلى استخدام فن التطريز بالإبرة في ملابس النساء، يستخدم هذا الفن أيضا في صناعة بعض الإكسسوارات، مثل: غطاء الوسادات والأسرة، حزام للكاميرا، ربطة عنق، المحفظات والحقائب وعلب السجائر والمناديل وغيرها.

‪هنالك إقبال كبير بين الجيل الجديد من البنات على تعلم فن التطريز بالإبرة‬ (الجزيرة)
‪هنالك إقبال كبير بين الجيل الجديد من البنات على تعلم فن التطريز بالإبرة‬ (الجزيرة)

شهادة الأصالة
حاز فن التطريز البلوشي على شهادة الأصالة من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، وكذلك سجل ضمن قائمة التراث الوطني الإيراني.

ويأخذ السياح تحفا جميلة من الإكسسوارات المطرزة على الطريقة البلوشية للمعاني الجميلة التي تحملها في طياتها من تاريخ وثقافة وجمال الطبيعة.

ويرى مراقبون أنه على الرغم من القيمة العالية لهذا الفن الجميل والطاقة الكامنة عند البلوشيات والثروة الإنسانية والفنية الهائلة عندهن فإن الاهتمام من قبل المسؤولين غير كاف من جهة الاستثمار بهذه الطاقة الموجودة والتسويق لمنتوجاتهن، ولا سيما أن منتجاتهن دخلت قصور ملوك الفرس، وكانت تصدر إلى دول العالم كافة، خاصة إلى فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة الأميركية.

المصدر : الجزيرة