ملايين المكسيكيات يشاركن بإضراب "تاريخي" احتجاجا على قتل النساء

الملايين من النساء المكسيكيات يشاركن في إضراب" تاريخي" للاحتجاج على قتل النساء
أكثر من 3800 سيدة قُتلت في المكسيك العام الماضي (الألمانية)

أكثر من 3800 سيدة قُتلت في المكسيك العام الماضي، بينهن نحو ألف حالة صنفت على أنها قضايا قتل قائمة على معاداة المرأة. وتظهر الإحصاءات الرسمية أن هذا العدد من قضايا القتل يمثل زيادة بنسبة 10% مقارنة بعام 2018.

وعلى مدار الخمسة أعوام الماضية، ارتفعت نسبة قتل الفتيات الصغيرات السن في المكسيك بنسبة 96%، وجرى تسجيل 98 حالة عام 2019، وفقا لما قاله مركز أبحاث مكسيكو إيفالو.

وأدت الحوادث الأخيرة للقتل بسبب النوع، وأبرزها مقتل إنجريد إسكاميلا (25 عاما) في فبراير/شباط الماضي، والتي طعنها صديقها حتى الموت وقام بسلخها جزئيا ونزع أحشائها إلى تأجيج مزيد من الغضب بين النساء ودعوات للقيام بإضراب عام.

إضراب "يوم من دوننا"
ومنذ عام 2016، أصبح توثيق حوادث القتل التي تتم على أساس التفرقة بين الجنسين في أنحاء المكسيك -حيث يتم قتل نحو عشر سيدات يوميا- هو الشغل الشاغل يوميا لماريا سالجويرو (40 عاما) والمهتمة بشؤون الجغرافيا وتعيش في مدينة مكسيكو سيتي.

وتحديث خريطتها الإلكترونية لحوادث قتل النساء كان النشاط الوحيد الذي لم تستطع سالجويرو الابتعاد عنه، فقد كانت ضمن الملايين من السيدات اللاتي شاركن في إضراب هذا الأسبوع تحت عنوان "يوم من دوننا" (A day Without Us) الذي كان هدفه إظهار مساهمة المرأة في المجتمع.

ونتيجة لذلك، تغيبت السيدات والفتيات بصورة ملحوظة عن الحياة العامة في مكسيكو سيتي، حيث شوهد الرجال بصورة أساسية وهم يذهبون من وإلى العمل ويستقلون وسائل النقل العامة. وقال مركز المعلومات الخاصة بطرق المدينة، إن حركة السيارات كانت محدودة على الكثير من الطرق الرئيسية بالعاصمة.

وقالت سالجويرو لوكالة الأنباء الألمانية، "تخيل أن تصل مكتبتك يوما ما وتجد أن زميلتك لم تصل لأنها كانت ضحية حادث قتل". وأضافت "تخيل عدم ظهور معلمتك بالمدرسة أو مديرتك في العمل أو شقيقتك (غياب النساء)، يجعل هذا الأمر واضحا".

‪أحذية النساء‬ ترمز للغياب عن ا(الألمانية)
‪أحذية النساء‬ ترمز للغياب عن ا(الألمانية)

غياب النساء عن الحياة العامة
وقالت الجماعات التي نظمت الإضراب في بيان، "إذا لم تكن للنساء قيمة في المكسيك، إذن سوف نترك المكسيك دون ما ننتجه ونستهلكه".

ووفقا لاستطلاع أجرته صحيفة ريفورما، فإن 41% من النساء اللاتي تم استطلاع آرائهن قلن إنهن سوف يشاركن في الغياب عن الحياة العامة.

ومن بين المؤسسات المؤيدة للإضراب، المحكمة العليا المكسيكية، حيث قال رئيسها أرتورو زالديفار إنه يجب أن تشعر أي امرأة من أفراد الهيئة القضائية بالحرية في البقاء في المنزل، والغياب عن غرفتي البرلمان والبورصة المكسيكية والنقابات الرئيسية في البلاد.

وفي إشارة للدعم، تحدثت إريني إسبينوسا، نائبة محافظ البنك المركزي المكسيكي، عن معدلات القتل بسبب النوع الشهر الماضي أثناء عرضها تقرير التضخم الربعي، وقالت "إحصائيات العنف ضد النساء تعتبر ضمن الأعلى في أنحاء العالم، وهى غير مقبولة وأصبحت أمرا طبيعيا".

كما شاركت كنيسة "سانتوس كوسمي وداميان" في مكسيكو سيتي في الإضراب من خلال تغطية تماثيل قديسات بقماش قرمزي. ويرمز اللون القرمزي إلى الصوم الكبير، ولكنه أيضا أصبح مرتبطا بالحركة النسائية.

وشجعت شركات مكسيكية كبرى مثل جروبو بيمبو وولمارت وكوكاكولا الموظفات لديها على المكوث في المنزل في يوم الإضراب.

‪لقطة لبعض السيدات المشاركات بإضراب
‪لقطة لبعض السيدات المشاركات بإضراب "يوم من دوننا"  في المكسيك‬ ( الألمانية)

هل حقق الإضراب أهدافه؟
ووصفت يتزيل مايا، العضوة بجمعية برود دوترز كولكتف الإضراب بـ"اللحظة التاريخية". وأضافت "يبدو أنهم بدؤوا يلتفتون إلينا، ولكن الحقيقة هي أنه لا أحد يسمعنا".

وجاء رد فعل الحكومة باهتا، فقد تعرض الرئيس أندريس مانويل لوبيز أوبرادور لانتقادات لعدم اكتراثه لمعاناة النساء، وإخفاقه في التعامل مع إفلات منفذي الهجمات ضد النساء من العقاب.

ووصف الرئيس الإضراب بأنه محاولة من جانب المحافظين لتقويض حكومته. وشبه هذا الإضراب بالمظاهرات التي سبقت انقلاب ضد رئيس تشيلي الاشتراكي سالفادور أليندي عام 1973.

رغم الآمال بأن يقوم الرئيس المكسيكي -الذي خاض الانتخابات مستندا إلى برنامج انتخابي تقدمي يساري- بتقديم خطة للقضاء على جرائم القتل بسبب النوع بعدما تولى السلطة عام 2018، فإن التقدم الذي تم إحرازه كان بطيئا.

وقالت سالجويرو "المعتدون يرتكبون جرائمهم دون أن يوقفهم أحد، مما يبعث برسالة تفيد بأنه يمكنهم الاستمرار في القتل لأنه لن تتم معاقبتهم". وأضافت "لوبيز أوبرادور يدير ظهره للضحايا، لا توجد خطة ملموسة للعمل، لا نتائج، والإفلات من العقاب مستمر في التزايد".

وترى أروسي أوندا، العضوة المؤسسة لجمعية "ويتشز أوف ذي سي" النسائية التي ساعدت في تنظيم الإضراب، أن الإضراب حقق بالفعل أهدافه.

وقالت "الجميع يتحدثون عن القتل والعنف ضد النساء، فما أردنا تحقيقه تحقق بالفعل". 

المصدر : الألمانية