أقلام الحبر الجافة ليست للكتابة فقط.. شابة لبنانية ترسم بها المشاهير

1تبدأ بخربشات صغيرة وينتهي الامر بعمل معقد يحتوي على الكثير من التفاصيل
تبدأ الشابة سامية داغر بخربشات صغيرة، وينتهي الأمر بعمل معقد يحتوي على الكثير من التفاصيل (الجزيرة)

تضفي سامية داغر الشابة اللبنانية الموهوبة على رسوماتها طابعا واقعيا لدرجة مذهلة، وكأن الصورة تم التقاطها بعدسة الكاميرا، وليست برسم اليد. هي تبحث عن تحديات جديدة تطور من خلالها موهبتها؛ لتحقق حلمها بالوصول إلى العالمية.

وبصرف النظر عن شهادتها في الفنون الجميلة، درست سامية الحمصي داغر التكنولوجيا، وحصلت على درجة البكالوريوس في علوم الحاسوب، وماجستير في هندسة البرمجيات من الجامعة اللبنانية، وقد يكون شغفها بالتكنولوجيا هو الذي ساعدها على تحقيق هذا المستوى من الواقعية بقلم حبر بسيط.

صنعت سامية لنفسها اسما من خلال ابتكار صور واقعية بقلم حبر جاف من المشاهير إلى صور الأشخاص اليومية، حيث يصعب أحيانا تمييز الأعمال الفنية عن الصور الفوتوغرافية.

ومن رسوماتها التي انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، رسم للمغنية العالمية ريهانا، ونجوم عرب مثل ظافر عابدين، وهيفاء وهبي، وكارمن بصيبص، وهبه طوجي، وأبطال المسلسل الأشهر عالميا "صراع العروش" (Game of thrones)؛ لتحظى بحوالي 147 ألف متابع على إنستغرام.

وتعد سامية اليوم واحدة من أفضل الرسامين بالأقلام الجافة في العالم كله، بسبب جمال أعمالها الفنية.

رسومات أم صور

وتتذكر داغر بأنها لم تكن قد أتمت الخامسة حين لاحظ والداها أنها تستنسخ تقريبا الشيء نفسه أو الصورة التي توضع أمامها، وتُعدّ هذه مهارة نادرة في هذه السن، فمفهوم الظلال والأشكال لدى الأطفال يكون غير ناضج بعد.

تعتبر سامية اليوم واحدة من أفضل الرسامين بالأقلام الجافة في العالم كله
معظم رسوماتها بأقلام حبر بسيطة يستخدمها الجميع أثناء الكتابة (الجزيرة)

وتشرح داغر، منتقلة من الخصوصية إلى تعميم علمي، قد يأتي في سياق مكتسبات نظرية راكمتها خلال سنوات دراستها لـ"الفنون الجميلة" في الجامعة اللبنانية- طرابلس، مدينتها، التي التحقت بها لتصقل موهبتها الفطرية، بعد سنتين من بداية تخصصها في هندسة الحاسوب في الجامعة نفسها، بعدما تأكدت أنها لا تنتمي إلى عالم الإحصاء والرياضيات والمعلوماتية؛ لكنها تفهمت أن لديها مستقبلا يطعم الخبز، فأكملت لنيل شهادة الماجستير.

وتتابع قولها للجزيرة نت بأن معظم رسوماتها بقلم حبر بسيط يستخدمه الجميع أثناء الكتابة، وأنها أحيانا تبدأ بخربشات صغيرة، وينتهي الأمر بعمل معقد يحتوي على الكثير من التفاصيل.

فهي تركز على التفاصيل بشكل كبير، وكذلك على النسب المثالية لميزات الوجه المختلفة، وكلها مجتمعة لتكوين رسومات لا يمكن تمييزها في بعض الأحيان عن الصور الفوتوغرافية.

فكثيرون لا يصدقون أنها رسوم حقيقية معتقدين بأنها مزيفة، وبأنها لا ترسم هذه الوجوه بيدها، بفعل طفرة البرامج وتطبيقات الهواتف الذكية، التي تحول الصورة في لحظات إلى رسم.

الديجيتال لصالح الموهبة

وبحسب داغر، فهي تعرفت أيضا على متعة جديدة في صناعة الفيديوهات الفنية، تعرضها في حسابها على الإنستغرام، الذي يتابعه أكثر من 146 ألف مستخدم. فالابتكار هنا جاء في قدرتها على توظيف سلاح الديجيتال، الذي حوربت به موهبتها لصالح الموهبة ذاتها، وهذا ما شجعها أكثر لتحسين وتطوير موهبتها لتبدع في هذه التقنية.

رسومات لا يمكن تمييزها في بعض الاحيان عن الصور الفوتوغرافية، فكثيرون لا يصدّقون أنّها رسوم حقيقيّة متهمين بانها مزيفة وبانها لا ترسم هذه الوجوه
أقلام الحبر تمثل التحدي الأكبر خصوصا أنه لا يمكن ارتكاب خطأ ما لأنه غير قابل للمحو (الجزيرة)

أقلام الحبر التحدي الأكبر

تشير داغر بأنها ترسم أمورا لتعبر عنها، ولا يمكن قولها إلا من خلال الورقة والقلم، رغم أنها أتقنت كل التقنيات المستخدمة في الرسم؛ إلا أنها اختارت أقلام الحبر، لأنها تمثل التحدي الأكبر، خصوصا أنه لا يمكن ارتكاب خطأ ما؛ لأنه غير قابل للمحو.

فكثيرا ما ترسم وجوه المشاهير بشكل واقعي لدرجة لا تصدق، فالرسم الأقرب إلى قلبها هو الوجوه والشخصيات "البورتريه"، حيث هناك قصة ما أو شعور أو حكاية، فهي تولد في المشاهد إحساس الفرح أو الألم أو الحنين، معتبرة أن نجاح البورتريه يرتبط بتفاعل الجمهور معه، بالإضافة إلى احتوائه المعايير والنسب الأساسية الضرورية؛ ولأن رسم صور الفنانين "بورتريه" هو شغفها الأول فترسمها.

وكانت داغر سعيدة بتقدير الفنانة هيفاء وهبي لفنها الاستثنائي التي علقت على رسمتها، وقالت "جميلة مثل موهبتك شكرا"، أما الممثل اللبناني المسرحي جورج خباز، فدعاها لحضور مسرحيته عام 2015.

رسومات لا يمكن تمييزها في بعض الاحيان عن الصور الفوتوغرافية، فكثيرون لا يصدّقون أنّها رسوم حقيقيّة متهمين بانها مزيفة وبانها لا ترسم هذه الوجوه
رسومات لا يمكن تمييزها في بعض الأحيان عن الصور الفوتوغرافية (الجزيرة)

الفن يقول ما لا يمكن قوله

توضح داغر بأنها تأثرت كثيرا بفن سلفادور دالي الرسام الإسباني الشهير، لتصبح رسوماته المصدر، الذي جعلها تعشق الفن أكثر، معتبرة الرسم طريقة تعبر من خلالها عن نفسها بدلا من الكلام أو لإيصال رسالة لا يمكن قولها.

فعندما تكون حزينة أو غاضبة تلجأ إلى الرسم، وحتى في سعادتها، فهي تختاره لتعبر عن فرحتها، وما دامت الرسمة مليئة بالألوان، فإنها كافية لتعبر عن فرحها، كما تعكس اللوحة حزنها وتشويش ذهنها إن كانت أحادية اللون.

2وما دامت الرسمة مليئة بالالوان فانها كافية لتعبر عن فرحها، كما تعكس اللوحة عن حزنها وتشويش ذهنها ان كانت احادية اللون_.jpg
ما دامت الرسمة مليئة بالألوان فإنها كافية لتعبر عن فرحها، كما تقول سامية (الجزيرة)

الرسم أسلوب حياة

تنهي سامية قولها بحسرة بأن الفن التشكيلي مهنة وهواية في الوقت نفسها، فهو مصدر دخل؛ إلا أنه يبقى دائما العمل الذي لا أمل منه في لبنان، لأن الدولة لا تهتم بفنانيها، ولا تقدم لهم أي شيء يساعدهم على تطوير موهبتهم وإيصالها إلى العالم، لذلك هي تقوم بالرسم بها فقط لأنها تستمتع بذلك، وتبقي كل أعمالها التي تعرضها على مواقعها الشخصية.

فالرسم عندها حب بحد ذاته، وتحمد الله الذي أنعم عليها بهذه الموهبة. فالرسم بالنسبة لها أسلوب حياة، وتعتبره شغفها الأول والأخير.

وتجزم بأنها تحدت الصعاب واستطاعت أن تعطي دروسا بتقنيات الرسم وأساسيات رسم البورتريه، وأن تبيع جزءا من رسوماتها، حسب الطلب سواء رسم بورتريه أو مشاريع فنية أو قصصا مصورة، وما إلى ذلك.

المصدر : الجزيرة