حل ألغاز التربية.. فروق يجب إدراكها بين الأولاد والبنات

الفتيات يصلن إلى مراحل النمو في وقت مبكر عن الفتيان (بيكسلز)

الاختلافات بين الذكور والإناث، من الألغاز الكبرى في الحياة بالنسبة للكثيرين، وأسباب تلك الاختلافات وكيفية التعامل معها، محل جدل بين الباحثين، هل هي اختلافات فطرية، أو اختلافات ناجمة عن التحيز الجنساني في عملية التربية؟

من المؤكد أنها خليط من العاملين، وقد تؤدي الاختلافات الجينية بين الجنسين إلى اختلافات سلوكية، يزيد من حدة تلك الاختلافات طريقة التربية والتنشئة، وعلى الأم إدراك الاختلافات بين الجنسين لتحديد طرق التعامل معها.

التربية أقوى من الفطرة

تقول ريم مصطفى عمران -الاستشاري التربوي واختصاصي تعديل سلوك الأطفال وصعوبات التعلم- إن الاختلافات الطبيعية بين الأولاد والبنات، من الناحية الجسدية والتركيبة الجينية والهرمونية، تؤثر على تطور المخ لكل منهما.

وتستدرك ريم أثناء حديثها مع "الجزيرة نت"، رغم تلك الاختلافات الفطرية، تترك طرق تربية الآباء للأبناء بصمة وتأثيرا أكبر في عملية نمو المخ لدى الأطفال.

تبدأ الفروق بين الجنسين صغيرة على شكل تفضيلات بسيطة في التعبير عن الحالة المزاجية وأسلوب اللعب، لكن تلك الفروق تزداد وتتسع مع أسلوب التربية والثقافة المتشبعة بالاختلافات بين الجنسين، ومن أبسط الأمثلة على ذلك حفلات الشاي للبنات وكرة القدم للأولاد.

12 طريقة لتنشيط دماغ طفلك وتحفيزه
البنات يعتمدن على حواسهن الخمس أكثر من الأولاد لتحليل المواقف وفهمها (غيتي)

الهرمونات تصنع الفرق

إدراك الأم للاختلافات بين الجنسين مهم لتحديد طرق التعامل والتربية، وتلخص ريم تلك الاختلافات في عدة نقاط:

1- تصل الفتيات إلى مراحل النمو في وقت مبكر عن الفتيان، فالنمو العام عند البنات متقدم بـ 6 أشهر عن الصبيان، مثل التحدث وتطوير التنسيق بين اليد والعين والتحكم في العواطف.

2- يتمتع الأولاد الصغار بمستويات أعلى من هرمون "التستوستيرون" المتحكم في العصبية وإطلاقها، ومستويات أقل من "السيروتونين" وهو ناقل عصبي يكبح العدوانية، مما يجعلهم أكثر سهولة في الإجهاد ويصعب تهدئتهم، من ناحية أخرى، تتمتع البنات بمستويات أقل من هرمون "التستوستيرون" ومستويات أعلى من "السيروتونين" فتظهر الفتيات الرضيعات نزعة أكبر لتهدئة أنفسهن عن طريق مصّ إبهامهن.

3- حاسة الشم لدى البنات أقوى وتنجذب للمذاق الحلو، على عكس الولد الذي ينجذب إلى المذاق الثقيل.

4- يتطور عمل المخ لدى البنات بشكل أسرع، ومع ذلك يتفوق الصبيان في الحساب والرياضة والتفكير المنطقي عن البنات، لكنهم يتراجعون في مجال اللغة والقراءة.

5- تعتمد البنات على حواسهن الخمس أكثر من الأولاد لتحليل المواقف وفهمها.

6- ينمو مخ البنت ويتطور بشكل متوازن، وهو ما يمنحها قدرة وبراعة أكثر للقيام بعدة أمور في وقت واحد.

7- بسبب نمو مخ الصبي، فهو قادر على التركيز في عمل واحد فقط، وتأتي ردة فعله عنيفة إذا قاطعه أحد.

8- نشاط البنات يصل إلى قمته في وقت أبطأ عن الصبيان، لكنه يدوم لفترة أطول، في حين أن الصبيان بسبب هرمون "التستوستيرون" يميلون إلى النشاط الزائد والحركة في الهواء الطلق والألعاب الرياضية لتفريغ طاقتهم.

ميدان - أب وابن طفل تربية عنف ضرب عقاب
الأولاد أكثر عدوانية وعصبية ويعتمدون على الصوت العالي خاصة في سن المراهقة (مواقع التواصل الاجتماعي)

قوالب سلوكية

بعض الاختلافات السلوكية تعتمد بشكل ما على الاختلافات الجينية بين الجنسين، ومع ذلك -كما تقول ريم- هناك اختلافات ناجمة عن الثقافة المجتمعية والتربية، ومنها:

1- تبدو الفتيات أفضل في تفسير العواطف وبناء العلاقات، ويبرز ذلك من خلال ألعاب مثل حفلات الشاي للبنات.

2- هناك اختلافات ملحوظة بين الأولاد والبنات عندما يتعلق الأمر باللغة، الفتيات يملن إلى تطوير مهاراتهن اللفظية أسرع من الأولاد، وتستخدم الفتيات الكلمات بشكل شبه حصري، بينما يميل الأولاد الصغار إلى استخدام الكلمات بشكل أقل وإحداث ضوضاء أكثر، ويدعم ذلك أيضا من خلال الألعاب المتحيزة للجنس مثل المسدسات.

3- في سن المدرسة، يميل الأولاد إلى اللعب في مجموعات كبيرة وتزدهر ألعابهم بالمنافسة، إذ يحاول كل منهم إثبات براعته الفردية وجدارته بأن يكون قائد المجموعة، بينما تميل الفتيات إلى اللعب في مجموعات صغيرة من اثنتين إلى أربع، وغالبا ما ينخرطن في محادثات حميمة، ويستمعن باهتمام إلى بعضهن بعضا ويحافظن على التواصل البصري.

4- الأولاد أكثر عدوانية وعصبية ويعتمدون على الصوت العالي خاصة في سن المراهقة، ويبدو ذلك بسبب الهرمونات، لكن أيضا التربية يمكنها أن تعدل الأمر أو تجعل منه سلوكا متكررا.

5- الفتيات المراهقات يشعرن بمزيد من الضغوط في الحياة أكثر من الفتيان المراهقين، خاصة عندما يتعلق الأمر بالعلاقات الشخصية، وتظهر طريقة التعبير عن مشاعرهن من خلال البكاء، بينما من المرجح أن يشتت الصبي نفسه بنشاط ما.

كيف تتعاملين مع طفلكِ ولدا كان أو بنتا؟

لا تنصح ريم الأم بأسلوب تربية مختلف تستعين به عند تربية أبنائها من الجنسين، قائلة "الأهم أن تدرك الأم تلك الاختلافات بين الولد والبنت حتى تستطيع التعامل مع كل منهما بطريقة تناسب اختلافاتهما".

وتضيف "مع وجود ولد وبنت توأم يجب أن تدرك الأم أن هناك فروقا بينهما، ولا يعني ذلك أن الولد متأخر عن البنت ولا يمكن مقارنتهما، فالبنت تتحدث وتتواصل وتدرك مبكرا عن الولد وهي أمور طبيعية".

وتحذر ريم من القوالب النمطية الجنسانية التي تضع الأمهات أبناءها فيها، كتدليل الولد أو الضغط الزائد عليه لينشأ رجلا، وعدم إجبار البنت خدمة شقيقها لمجرد كونها فتاة.

وتؤكد أن هناك أساليب وقيما عليهما تعلمها بشكل متساو، كالاحترام، والتعاون والمساواة، وتضيف "الاختلافات الفسيولوجية، لا يمكن القضاء عليها لكن يمكن التعامل معها بذكاء عبر وضع حدود للأولاد لاستعمال القدرات الحركية، من خلال إعادة توجيه الطاقة في مكان معين أو ممارسة رياضة ما، والحفاظ على جدول وروتين يومي متناسق".

ويعد الفيصل في التعامل مع الأطفال على اختلاف جنسهم وشخصياتهم، هو تفهّم الأم لاحتياجاتهم واختلافاتهم في المراحل العمرية المختلفة، واعتماد الاختيارات، في أغلب الأحيان، بدلا من التوجيه المباشر لتجنب الخلافات.

المصدر : مواقع إلكترونية