اعتنقت الإسلام وناضلت من أجل الجزائر.. ماذا تعرف عن إيزابيل إيبرهاردت؟

إيزابيل ايبرهارت- مواقع التواصل
أحداث معقدة أثرت في حياة إيزابيل إيبرهاردت (مواقع التواصل)

فريدة أحمد

دون هوية ودون وطن، هكذا عاشت إيزابيل إيبرهاردت، أو سي محمود السعدي كما كانت تفضل أن تتخفى، ولدت في جنيف عام 1877، لأب أرميني وأم روسية، وتعلمت اللغة العربية، وعاشت في الجزائر حيث اعتنقت الإسلام، وانضمت لطائفة صوفية تقاوم الاستعمار الفرنسي، ونجت من محاولة اغتيال، وتركت عددا من القصص الأدبية القصيرة، ورغم أحداث حياتها المركبة، ماتت في 27 من عمرها جراء طوفان أغرق بيتها. 

كانت حياة إيزابيل منذ بدايتها غامضة ومثيرة، حتى أنها نفسها عاشت فترة من التيه والتخبط، لكن الأمر الأكيد في حياتها، والذي جعلها سعيدة حتى موتها، هو اعتناقها الإسلام، طبقا لصحيفة نيويورك تايمز.

ورصد عدد من المواقع الصحفية والأدبية، مثل: الجارديان وأكاديميا وإنكي كلوبيديا، حياة إيزابيل منذ نشأتها ورحيلها إلى صحراء الجزائر، والأحداث القوية المتلاحقة التي شكلت شخصيتها وأثرت في كتاباتها الأدبية.

كانت إيزابيل الطفلة الخامسة لأمها الأرستقراطية الروسية، ومعلم الأسرة المنزلي ألكساندر تروفيموفسكي، لذلك حملت لقب جدها لأمها "إيبرهاردت".

لم تنسب الصغيرة إلى والدها، لكنه لعب دورا مهما في حياتها التعليمية، ومن بين العلوم المختلفة التي حصلت عليها منه كان تعليمها اللغة العربية، التي كانت بداية لتعلم القرآن في ما بعد.

لم تسلم من تنمر وسخرية أختها غير الشقيقة، وحرمت من ميراث "الأب"، وكانت تشعر بأن مصيرها معتم من البداية، وظلت تعاني من الحيرة، وارتدت ملابس رجال.

الحياة تبدأ من الجزائر
خلال قراءاتها المتعددة، تمنت أن تحيا في مكان آخر في شمال أفريقيا، تحديدا في الجزائر، وكتبت تقول إنها هناك ستولد من جديد، لكنها اضطرت للانتظار حتى أتمت العشرين من عمرها.

سافرت مع أمها إلى الجزائر، وهناك اعتنقت الإسلام، وارتدت زي رجل بدوي، واتخذت لنفسها شخصية من صنع خيالها "سي محمود السعدي"، وانطلقت على حصانها في صحراء الجزائر التي كانت محتلة من قبل الفرنسيين، وكتبت العديد من القصص الصحفية والأدبية، التي تتحدث عن الواقع الجزائري ومعاناة المرأة الجزائرية ومقاومة الاحتلال باسم سي محمود السعدي، وكانت دائما تمثل عنصر قلق للفرنسيين، حيث انضمت لأعمال المقاومة في الانتفاضات الجزائرية، حتى أحبت سليمان إهني، جندي من شمال أفريقيا يعمل في الجيش الفرنسي.

سي محمود المناضل
كانت إيزابيل تجوب الصحراء باعتبارها سي محمود السعدي إلى قدر ما تستطيع، تبحث للكتابة عن قصص لم تعرفها في حياتها الأوروبية، وكانت تغطي صحفيا العمليات الوحشية التي خلفها الاستعمار.

انضمت إلى جماعة صوفية سرية "الطريقة القادرية"، المعروفة بمقاومة الاستعمار، مما جعل الفرنسيين يضعونها على القائمة السوداء، وتعرضت لمحاولة اغتيال نجت منها، ثم عفت عن المتهم بمحاولة اغتيالها، إلا أن الفرنسيين استغلوا تلك الأحداث ونفوها خارج الجزائر إلى مرسيليا.

أقامت لدى شقيقها وزوجته، حتى سافر سليمان إليها وتزوجها، دون إذن من رؤسائه في الجيش الفرنسي، ويعودان إلى الجزائر مرة أخرى، بعد أن حصلت على الجنسية الفرنسية من زوجها الذي انفصلت عنه بعد فترة.

واصلت إيزابيل الكتابة عن الحياة البدوية، حتى أنه في عام 2015 ترجمت لها نصوص قصصية تحت عنوان "ياسمينة" للمترجم الجزائري بوداود عمير، وتسرد محطات من سيرتها الذاتية ومقاومة الاستعمار والمرأة الجزائرية، إضافة إلى مؤلفاتها العديدة التي جمعت ونشرت بعد وفاتها، مثل "في ظل الإسلام الدافئ" و"ملاحظات على الطريق" و"صفحات إسلامية" و"المتشرد" و"في بلاد الرمال" و"يومياتي" و"ملاحظات وذكريات" و"رسائل ويوميات" و"كتابات على الرمل".

نهاية حزينة
انتهت حياة إيزابيل عام 1904، وهي في 27 من عمرها، حيث كانت تسكن في بيت من الطين في عين الصفراء بالجزائر، حين ضرب فيضان مفاجئ تلك المنطقة، لتكتشف جثتها تحت أنقاض البيت، ويكتشف كنز كبير من مخطوطاتها الأدبية التي طبعت وترجمت بعد وفاتها، وحصل أول عمل نشر بعد موتها "في ظل الإسلام الدافئ" على إشادة كبيرة من النقاد، واعتبرها كثيرون من بين أفضل كتاب الأدب المستوحى من أفريقيا.

ماتت إيزابيل في عمر صغير، لكن بقي عملها الأدبي والصحفي، وبقي شارع "إيزابيل إيبرهاردت" في عاصمة الجزائر شاهدا على مكانتها ودورها في مقاومة الاستعمار وتقديم رؤية حميمية ومختلفة عن حياة الجزائر والمرأة الجزائرية على وجه الخصوص.

المصدر : مواقع إلكترونية