إسراء غريّب.. هذا ما كشفه التحقيق بشأن وفاتها

الراحلة إسراء غريب (التواصل الاجتماعي)
إسراء غريّب تعرضت لسلسلة من العنف الجسدي وأخضِعت لأعمال شعوذة (مواقع التواصل)

ميرفت صادق-رام الله

كشف تحقيق فلسطيني رسمي عن أن الفتاة إسراء غريّب -التي لاقت وفاتها قبل ثلاثة أسابيع أصداء محلية وعربية ودولية واسعة- توفيت نتيجة الضرب والتعنيف الأسري، إلى جانب تعريضها لتعنيف نفسي وأعمال شعوذة، نافيا روايات سابقة حول سقوطها في منزلها.

وقال النائب العام الفلسطيني أكرم الخطيب إن المرحومة غريّب تعرضت لسلسلة من العنف الجسدي وأخضِعت لأعمال شعوذة من عائلتها، مما أدى إلى تفاقم حالتها النفسية والصحية.

وعلل طبيب التشريح ومعد التقرير أشرف القاضي وفاة الفتاة غريّب "نتيجة القصور الحاد في الجهاز التنفسي نتيجة لمضاعفات الإصابات المتعددة التي تعرضت لها".

وسرد التقرير مجريات دخول غريب المستشفى في بيت جالا فجر العاشر من أغسطس/آب الماضي، بعد ساعات من سقطوها من ارتفاع نحو 1.5 متر، وتبين إصابتها بكسر في الظهر مع وجود جروح حديثة وكدمات قديمة على أطرافها العلوية، وصولا إلى وفاتها في منزلها بعد ذلك بـ12 يوما.

‪إسراء فقدت حياتها بسبب العنف والتعذيب‬  (مواقع التواصل)
‪إسراء فقدت حياتها بسبب العنف والتعذيب‬  (مواقع التواصل)

نتائج وإجراءات
ونتيجة لتقرير الطب الشرعي، قال الخطيب إن الأمر ناتج عن الإصابات المتعددة، مما يتطابق مع رواية تعرضها للضرب والتعذيب؛ مما أدى إلى وفاتها مما "يشكل عناصر جريمة القتل".

وشدد النائب العام -في مؤتمر صحفي بمدينة رام الله، حضره حشد من المدافعين عن حقوق المرأة وحقوق الإنسان عامة- على أن إسراء غريّب لم تقتل على خلفية الشرف، ولكن بسبب الضرب والتعذيب.

وأعلن النائب العام إحالة المتهمين الثلاثة (م.ص) و(ب.غ) و(أ.غ) إلى المحكمة بتهمة قتل الفتاة غريّب. وقدّر متابعون أن المتهمين الثلاثة من عائلتها.

وفي ما يتعلق بإجراءات التحقيق والتشريح، قال الخطيب إن التحقيق بدأ بعد وصول جثمان غريّب مستشفى بيت جالا الحكومي في 22 أغسطس/آب الماضي، وبسبب الإصابات الظاهرة على جسدها، ووجود شبهة جنائية؛ تقرر التحفظ على الجثة وإحالتها إلى الطب الشرعي، وعليه كلف الطبيب الشرعي أشرف القاضي بتشريح الجثة.

وكشف النائب العام عن أن الأدلة أثبتت عدم صحة ادعاء سقوط الفتاة عن شرفة المنزل. وقال إنه ادعاء تم اختلاقه وتعميمه لتضليل التحقيق، وبهدف إخفاء الجريمة وتبرير الإصابات الجسدية قبل دخولها المستشفى.

وأثبت التحقيق أن إدخالها في المرة الأولى كان بسبب عنف أسري، و"لكن تم إخراجها من المستشفى بسبب عدم تصريح المرحومة بسقوطها في المنزل دون ذكرها أي اعتداء تعرضت له".

قضية ومطالب
وخلال المؤتمر الصحفي، حمل نشطاء فلسطينيون لافتات تدعو إلى سن قانون حماية الأسرة من العنف، وطالبوا بالعدالة لإسراء غريّب وللنساء اللواتي يتعرضن للعنف.

وقالت ناشطات من اتحاد لجان المرأة إن 18 فتاة فلسطينية قتلت على خلفية شرف العائلة أو في ظروف أخرى منذ بداية عام 2019.

وتحولت وفاة غريب إلى قضية رأي عام محلي وعربي، وسط رفض لروايات العائلة التي تحدثت عن إصابتها "بمس من الجن" أو بمرض نفسي. وطالبت مؤسسات نسوية ونشطاء فلسطينيون في وقفات متعددة الحكومة الفلسطينية بالكشف عن "قتلة إسراء" وإقرار قانون حماية الأسرة.

وكشف النائب العام الفلسطيني عن اعتقال أحد الأشخاص المتهمين بالشعوذة في القضية، كما نفى تعرض جهات التحقيق لأية ضغوط أو تدخلات من أية جهة.

ردود ودعوات
وشهد الإعلان عن أسباب وفاة إسراء غريب ردود فعل فلسطينية مستنكرة كل ما أحاط بقضيتها. وقال الإعلامي أحمد ملحم على صفحته بموقع فيسبوك "لم تنتصر العدالة، بل سقطت ضحية مع إسراء.. لو كان هناك عدل لما تُركت إسراء تذهب إلى مصيرها وحدها.. حين كان بالإمكان إنقاذها".

وكتب الكاتب والروائي الفلسطيني أنور حامد على صفحته "إذن إسراء غريب قتلت، كما أكد النائب العام، وقبلها كثيرات (…) لا تصمتوا عن جريمة قتل بعد الآن، واضح أن لصوتكم في هذا الفضاء قوة وتأثيرا".

وتساءلت المدونة والصحفية تحرير بني صخر باستنكار إن كان القتلة سيستفيدون من العذر المخفف للجزاء في حالة القتل على خلفية الشرف كما ينص القانون الفلسطيني، رغم ثبوت عدم قتلها على هذه الخلفية؟

وعلى ضوء نتائج التحقيق، دعت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان إلى استخلاص العبر من حادثة وفاة المرحومة، بما يضمن عدم تكرار الأخطاء التي جرت مع غيرها من النساء، وذلك من خلال الإسراع في إقرار قانون حماية الأسرة من العنف ووضعه موضع التنفيذ.

وطالبت الهيئة بتصويب وهيكلة دائرة الطب الشرعي لتصبح هيئة مستقلة بذاتها وإخضاعها للرقابة، وفتح تحقيق جنائي في الادعاءات الواردة في التقارير الصحفية حول وجود تلاعب في عمل التقارير الطبية العدلية سابقاً.

ودعت إلى ملاحقة المدعين بالمعالجة من الجن والسحر وممارسي الشعوذة والمروجين لها، وتجريم هذه الأفعال وتوعية الموطنين بخطورتها.

المصدر : الجزيرة