من أين تشتري المسلمات المحجبات ملابس العيد في أميركا؟

آنا حريري في مكتبها ومع تصاميمها
آنا حريري مالكة موقع بنفس اسمها للملابس المحتشمة في لندن (الجزيرة)

مي ملكاوي-نيويورك

لا تواجه حنين العقرباوي اليوم مشكلة في إيجاد ملابس محتشمة مناسبة لحجابها في أميركا كما في السابق، فهي تعتمد على شراء ملابس العيد وملابسها العملية من مواقع الملابس المحتشمة التي بدأت تغزو الأسواق الأميركية بخدمات الشحن السريع والخصومات المغرية للشراء.

مواقع كثيرة مختلفة المنشأ، أكثرها من خارج الولايات المتحدة مثل تركيا وبريطانيا وبعضها من أميركا نفسها، تحاول توفير خدمات منافسة كالشحن المجاني وخصومات رمضان والعيد، وتتصدر تلك المواقع "مودانيسا" و"sevamerve" و"Annah Hariri"، إضافة إلى عدد آخر من الشركات الأميركية المنشأ تملكها نساء مسلمات مثل "AbayaAddict" و"Haut Hijab" وغيرها.

‪حنين العقرباوي: من الصعب إيجاد ملابس محتشمة بموضة جديدة في المحلات الأميركية‬ (الجزيرة)
‪حنين العقرباوي: من الصعب إيجاد ملابس محتشمة بموضة جديدة في المحلات الأميركية‬ (الجزيرة)

ملابس محتشمة بموضة جديدة
حنين وهي أميركية من أصول فلسطينية، تسكن ولاية نيوجيرسي، صارت تفضل شراء ملابس العيد أكثر من المواقع التركية، وتقول للجزيرة نت إنه من الصعب إيجاد ملابس محتشمة بموضة جديدة في المحلات الأميركية.

وتضيف "قد يلفتني فستان واسع في أحد المحلات لكنني باقترابي منه أجده مفتوحا من الأكمام والأطراف أو شفافا بشكل كامل، بالمقابل أجد ما أبحث عنه عبر المواقع التركية مباشرة ودون عناء".

وتتفق لجين المريري معها، وهي سورية أميركية من ولاية كونيتيكت، وتقول "في الماضي كنا نفصّل الثياب عند الخياطين، أو نوصي بها من بلادنا لكنها لا تكون كما نريد".

‪أحد تصاميم آنا حريري التي تتراوح نسبة مبيعاتها في أميركا بين 70 و80% من إجمالي مبيعات حريري‬ (الجزيرة)
‪أحد تصاميم آنا حريري التي تتراوح نسبة مبيعاتها في أميركا بين 70 و80% من إجمالي مبيعات حريري‬ (الجزيرة)

مشكلة الحجم أو الشكل
اليوم تتسوق لجين وهي مرتاحة على حاسوبها وتقول "أشتري نوعيات جيدة وأنيقة ومناسبة للصبايا، والأسعار متفاوتة ومعقولة حسب الجودة، المشكلة أحيانا بالحجم أو الشكل الذي لا يكون موافقا للصورة ولكنهم يوفرون خدمة الإرجاع".

آنا حريري مالكة موقع بنفس اسمها للملابس المحتشمة في لندن، قالت للجزيرة نت إن نسبة مبيعات موقعها من أميركا تتراوح بين 70% و80% من إجمالي مبيعات الموقع، الأمر الذي دفعها للتفكير بفتح فرع في الولايات المتحدة مستقبلا.

اتجاهات الموضة المحتشمة
أما الموقع التركي "مودانيسا" فارتفعت زياراته من أميركا نحو الثلث، في حين بلغ نمو مبيعاته في الولايات المتحدة العام الماضي 6% من مبيعاته العالمية، متوقعا أن يرتفع إلى 11% في 2019، وفق تصريح مديرة العلامة التجارية لشركة مودانيسا حوى كهرمان للجزيرة نت.

وتؤكد كهرمان أن أهمية السوق الأميركي للشركة تكمن في أنه سوق مستمر في النمو، ولأن "المتسوقين الأميركيين مؤثرون للغاية في تشكيل اتجاهات الموضة المحتشمة، فهم دائمًا موجودون عبر الإنترنت".

وعن المشكلات التي تواجه زبائن الموقع كالحجم أو عدم الرضى عن الطلب، شرحت كهرمان "الموقع فيه أكثر من 70 ألف منتج متنوع وكلها مدعومة بخدمات عملاء موثوقة وخيارات دفع محلية وخدمات التوصيل المجاني والإرجاع السريع".

‪حوى كهرمان: المتسوقون الأميركيون مؤثرون في تشكيل اتجاهات الموضة المحتشمة، فهم دائمًا موجودون عبر الإنترنت‬ (الجزيرة)
‪حوى كهرمان: المتسوقون الأميركيون مؤثرون في تشكيل اتجاهات الموضة المحتشمة، فهم دائمًا موجودون عبر الإنترنت‬ (الجزيرة)

وصول المحجبات لثياب تناسبهن
هذا التنافس دفع ببعض المخازن التجارية المعروفة إلى تبني خط اللباس المحتشم، فمحلات "أتش أند أم" و"فور إيفر تويني ون" تحاول أحياناً بيع ملابس بأكمام وفساتين طويلة.

كما تعاقدت مخازن "ميسيز" الشهيرة مع شركة "آبايا أدكت" لبيع منتجاتها داخل محلاتها، مما عدته مالكة الشركة ديانا خليل أمرا مهما لتسهيل وصول المحجبات للثياب التي تناسبهن دون الحاجة للطلب عبر الإنترنت.

وحول هذا التعاقد مع "ميسيز"، أكدت خليل -وهي طبيبة عيون أميركية إيطالية فلسطينية- أن "العديد من النساء ما زلن يفضلن التسوق عبر لمس القطع وتجربتها، ولأنهن غالبا ما يتسوقن في اللحظات الأخيرة للعيد، فقد ساعدتنا هذه الشراكة لوصولهن إلينا بسهولة، ونحن موجودون حاليًا في سان فرانسيسكو وفي ديترويت".

وأكدت أن مبيعات رمضان والعيد معا تبلغ ما يقارب 55% من مبيعات الشركة خلال السنة.

رواج مواقع الشراء الإلكترونية
وبالفعل، فهالة الجندي، وهي سيدة أميركية مصرية من مدينة نيويورك، تفضل الشراء الاعتيادي بتجربة القطعة وحجمها ورؤية شكلها قبل قرار شرائها، وتقول للجزيرة نت "في نيويورك أغلقت محلات ثياب عربية بسبب الغلاء وقلة البيع، وبسبب رواج مواقع الشراء الإلكترونية"، وتضيف "جربت مرة شراء فستان من موقع تركي فكان حجمه كبيرا، كما أنه لم يعجبني عندما وصلني ولم أرتده حتى اليوم".

وتقف سارة لطفي، وهي أميركية أردنية من ولاية نيوجيرسي، في الوسط حيث لا ترى أنها مضطرة للشراء تحديدا من تلك المواقع المحتشمة، فهي تجد طلبها من الثياب في مواقع أميركية أخرى فيها خدمات الشراء والإرجاع ممتازة ومجانية دائما.

كما تجد فيها ما تحتاجه للعيد وللعمل من قمصان طويلة الأكمام وتنانير متوسطة الطول وفساتين طويلة وكلها مناسبة للحجاب، وتقول "في كل الأحوال لست متزمتة تجاه طريقة اللباس، إنني أرتدي ما أجده مناسباً".

‪ديانا خليل: من المهم تسهيل وصول المحجبات للثياب التي تناسبهن دون الحاجة للطلب عبر الإنترنت‬ (الجزيرة)
‪ديانا خليل: من المهم تسهيل وصول المحجبات للثياب التي تناسبهن دون الحاجة للطلب عبر الإنترنت‬ (الجزيرة)

الملابس المحتشمة ليست للمسلمات المحجبات فقط
"الملابس المحتشمة في أميركا تستهدف طوائف كثيرة وليس فقط المسلمات المحجبات"، هكذا يرى الكاتب والمحلل السياسي المتخصص بالشؤون العربية والأميركية ماك الشرقاوي، ولهذا تكمن أهمية هذه التجارة في أنها تشمل العديد من الفئات وعوائدها قد تصل إلى مليارات الدولارات سنويا.

وحسب الشرقاوي فإن اليهود المتدينين المحافظين من الحاساديك الأرثوذكس والمسيحيين المحافظين وطوائف أميركية مثل الآيمش والمورمين قد يكونون مهتمين بهذه التجارة أيضا.

لكن هذا السوق لا يزال غير مخدوم كما يجب في أميركا، كما يقول، وقد سمح ذلك بغزو الأسواق الأميركية من قبل المصنعين الأتراك الذين كانوا سباقين في هذا الأمر في رأيه، قائلاً إن "الفرصة كبيرة لدخول الاستثمار العربي كالسوق المصرية وغيره في هذا المجال".

المصدر : الجزيرة