استحسان واستهجان.. جزائرية تنتقم من شاب تحرش بها

Nagwan Lithy - عادة ما يُنسب الاعتداء الجنسي إلى ما ترتديه الأنثى (الجزيرة) - "ماذا كنت ترتدين": حكايات ترويها ملابس ضحايا التحرش (نسخة مختصرة)
تصرف الفتاة أثار استهجان عدد من الشباب عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقابل استحسان بعضهم (مواقع التواصل)

فاطمة حمدي-الجزائر

"قسما.. سأتبعك لباب بيتك بالكاميرا"، هذا ما قالته الشابة الجزائرية صاحبة الفيديو الذي أحدث جدلا واسعا والذي يظهر فيه شاب يحاول تغطية وجهه والهروب من صاحبة الهاتف التي قرّرت أن تصوّره بعدما تحرش بها في الشارع.

الفيديو أثار جدلا واسعا بعدما قرّرت الفتاة انتهاج مسلك جديد لحماية نفسها من "المعاكسات" والتحرش، حيث استدرجت الشاب نحو سيارات الشرطة كي تحمي نفسها من أي ردة فعل محتملة منه وحملت الكاميرا وبدأت بتصويره.

تقول الشابة في الفيديو "هذا هو الشاب الذي قال إنني أفسدت صيامه فقط لأنني أرتدي بنطال جينز وحذاء رياضيا"، مضيفة "أقسم أنني لن أتركك وشأنك وسأفضحك أمام الجميع وأنشر الفيديو كي تكّف أنت وأمثالك عن مضايقتنا".

"أمثالك سيخافون الخروج للشارع"
"من الآن فصاعدا.. أمثالك سيخافون الخروج للشارع". هكذا ردّدت الفتاة وهي تلاحق الشاب الذي فرّ من غضبها حين لم تستطع كبحه، خاصة وأنها استقوت بوجود رجال الشرطة المنتشرين بالشارع، وهو انتشار تعود عليه الجزائريون منذ انطلاق الحراك.

وانقسم الجزائريون عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين داعم لـ"شجاعتها وذكائها باختيار الطريقة التي تحمي بها نفسها"، وبين من اعتبر الفيديو "تشجيعا للبنات على استفزاز مجتمع محافظ بطريقة لبس لا يتقبلها".

المرأة تسترد حقها المجتمعي
واعتبر الدكتور في علم الاجتماع سعدي الهادي في تصريح للجزيرة نت استنكار بعض الشباب لما أقدمت عليه الشابة لحماية نفسها "خوفا من أن تعرف المرأة طريقها نحو استرداد حقها المجتمعي الذي كان لها في الأصل، حيث إن الدين لطالما أنصف المرأة".

وقال إن "البعض يريد أخذ بعض الحراك وترك بعضه، ونسي أن أي حركة شعبية في العالم تتولد عنها هزات ارتدادية تولّد مفاهيم مجتمعية جديدة، وعلى الجزائري أن يتوقّع ويعي ذلك وألا يتفاجأ به".

تقول إحدى المعلقات على الفيديو الذي انتشر بسرعة عبر فيسبوك، "لو تمنع ابنتك من الخروج خشية المتحرشين تكون أنقذت بنتا واحدة، لكن أن تربي ابنتك على عدم تقبل التحرش بها تكون أنقذت فتيات كثيرات، والعاقل يفهم معنى الرسالة بسرعة أما أولئك الـ.. فلن أكمل".

بين الاستهجان والاستحسان
ولاقى تصرف الفتاة استهجان من عدد من الشباب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبروا أن "ردة فعل الشاب في الفيديو كانت مسالمة باعتبار أنه اختار الهروب من الكاميرا بدل تهشيمها ومسح الفيديو الأمر الذي يحسب له".

في حين فسر آخرون اختباءه من عدستها بـ"معرفته أنه كان مخطئا بحقها وأنها أصابت حين عاقبته بالقوة الناعمة"، مشيرين إلى أنه "على كل فتاة حماية نفسها وعدم الصمت عن أي نوع من أنواع التحرش مهما كانت درجته".

معلقون طالبوا كل فتاة بحماية نفسها وعدم الصمت عن أي نوع من أنواع التحرش مهما كانت درجته (مواقع التواصل)معلقون طالبوا كل فتاة بحماية نفسها وعدم الصمت عن أي نوع من أنواع التحرش مهما كانت درجته (مواقع التواصل)
معلقون طالبوا كل فتاة بحماية نفسها وعدم الصمت عن أي نوع من أنواع التحرش مهما كانت درجته (مواقع التواصل)معلقون طالبوا كل فتاة بحماية نفسها وعدم الصمت عن أي نوع من أنواع التحرش مهما كانت درجته (مواقع التواصل)

حان وقت الدفاع عن النفس
ويرى سعدي الهادي أن الحراك "رفع الحس الفردي والحقوقي في المجتمع، حيث إن الجزائري أدرك أنه حان وقت الدفاع عن النفس بدل التزام الصمت، وهذا تأكيد لمبدأ المواطنة الذي ينادي به الحراك".

وتوقع الهادي أن يكون تصرف الفتاة خطوة أولى باتجاه خروج كل "مستضعف من سلطة لا تخدمه كإنسان مستقل، بدءا من السلطة الأبوية مرورا بالوصاية الذكورية، التي يراها البعض في غير محلها، وصولا للسلطة السياسية التي ثار ضدها الحراك".

وفي الوقت الذي اعتبر البعض أن "شجاعة هذه الفتاة وردة الفعل تلك نابعة من القوة التي استمدّها كل مستضعف وصاحب حق من الحراك"، تخّوف آخرون "من أن تتبع الشابات في الجزائر نهج صاحبة الفيديو" معتبرين ذلك "خطأ في فهم الحرية والحراك معا".

وقد ظهرت مع حراك 22 فبراير/شباط 2019 حملات عديدة تدعو إلى تغيير أسلوب الحياة في البلاد، على غرار مبادرة "نتربّاو قاع" (أي نتربّى جميعا) التي تدعو إلى تغيير كل العادات الفردية السيئة ليتغيّر وضع البلاد نحو الأحسن. 

المصدر : الجزيرة