ميكانيكية وسائقة إسعاف ونجّارة.. فلسطينيات في مهن غير تقليدية

ميرفت صادق-رام الله
بعد عامين من التدريب، تطمح الفلسطينية إيناس اعمير من طولكرم (شمالي الضفة الغربية) إلى افتتاح ورشتها الخاصة لتصليح السيارات بالطريقة التقليدية، أو باستخدام التكنولوجيا بعد أن حصلت على دبلوم مهني متخصص.
"الميكانيكي" إيناس اعمير
وبخلاف اختيار الفتيات تعلم مهن تقليدية كالسكرتارية وتصميم الأزياء، توجهت اعمير (24 عاما) لتعلم مهنة "ميكانيكي السيارات" في مركز للتدريب المهني تابع لوزارة العمل الفلسطينية، بعد أن أنهت دراستها الجامعية في تخصص العلوم المالية والمصرفية.
واجتازت اعمير امتحان القبول، وانخرطت فعلا في تدريب مع زميلة واحدة لمدة عام، وبين ثلاثين متدربا جميعهم من الذكور، ولم يتقبل معظمهم وجودهما بسهولة، وتقول اعمير: "فضلت تعلم مهنة لا تعرفها الفتيات واستمتعت بذلك".
بعد حصولها على دبلوم "ميكانيكي" عملت اعمير بشركة لتصليح السيارات لمدة عام، وتأمل أن تتاح لها الظروف المادية لافتتاح ورشتها الخاصة، رغم اضطرارها للعمل كمحاسبة "بسبب عدم تقبل المجتمع بسهولة عملها في تصليح السيارات".

وكانت "الميكانيكي إيناس" واحدة من خمس فلسطينيات احتفى بهن منتدى المنظمات الأهلية لمناهضة العنف ضد المرأة، لتحديهن العقبات الاجتماعية وعملهن بمهن غير تقليدية.
ومنهن صفية البلبيسي التي تعمل سائقة إسعاف منذ عشرين عاما في مدينة طولكرم، وهديل إبراهيم التي تعمل ميكانيكي سيارات أيضا في قرية بزاريا (شمال نابلس).

خلود قاسم نجارة الأثاث الخشبي
ومن بينهن أيضا خلود قاسم (39 عاما) من بلدة دير بلوط في محافظة سلفيت، التي تعمل منذ خمس سنوات مع زوجها في منجرة لصنع الأثاث الخشبي في منزلها، إلى جانب رعاية أسرتها وأطفالها.
تقول قاسم إن زوجها علّمها هذه المهنة بعد أن كانت تجيد الخياطة، ووجدت التشجيع من عائلتها وقريتها، كما أنها لم تجد صعوبة في ممارستها، وتعمل على قص الخشب وتشكيله وطلائه بالألوان والتصاميم التي يطلبها الزبائن يوميا.
وأسهمت -كما يقول زوجها شادي قاسم- في تطوير عمله كما ونوعا، وإضافة تصاميم خاصة بإنتاج غرف النوم.

باسمة الأفندي سائقة سيارة إسعاف
أما باسمة الأفندي (55 عاما) فتعمل منذ عشر سنوات سائقة لسيارة إسعاف داخل مدينة القدس المحتلة، بعد أن انخرطت لسنوات طويلة في مهنة التمريض، وأسهمت في إنقاذ جرحى المواجهات مع الاحتلال خاصة، ومن بينهم شقيقها الذي أصيب بعيار ناري متفجر بالقرب منها.
وكانت الأفندي، وهي أم لثلاثة أبناء، أول سيدة تحصل على تدريب متخصص في قيادة سيارة الإسعاف عام 2009، وضمن مجموعة من المسعفين الذكور، من منظمة الإسعاف الإسرائيلية كشرط لممارسة المهنة بالقدس، قبل أن تلتحق بجمعية المسعفين العرب.
وتعرضت الأفندي لاعتداءات إسرائيلية مباشرة خلال محاولاتها نقل الجرحى في المواجهات مع الاحتلال الإسرائيلي.
ولا تزال تذكر هجوم جنود الاحتلال عليها خلال عمليات إنقاذ الجرحى أثناء فترة إغلاق بوابات الأقصى قبل عامين، وأثناء مساهمتها في محاولة إسعاف الشهيد "محمد أبو غنام" بعد وصوله مستشفى المقاصد تعرضت للضرب من جنود إسرائيليين، ولا تزال تعاني من آثار ذلك حتى اليوم.
وتشرف الأفندي على طاقم إسعافي في سيارتها، وهي مسؤولة أيضا عن تدريب كوادر إسعافية جديدة في المدارس والمؤسسات الشبابية، وتشجع الفتيات على التوجه لمهنة الإنقاذ رغم خطورتها وصعوبتها في حالات الجرحى والشهداء.

مشاركة غير مرضية
وعلى ما يبدو، لا تعكس تجارب هؤلاء النساء تقدما في انخراط المرأة الفلسطينية في سوق العمل، إذا يفيد أحدث تقرير لمركز الإحصاء الفلسطيني بمناسبة يوم العمال العالمي، بأن مشاركة الرجال في القوى العاملة تشكل نحو أربعة أضعافها بالنسبة للنساء، بواقع 72% للذكور و21% للإناث.
وبينما يشكل العمل في الحرف المهنية ما نسبته 18% من القوى العاملة، فلا تتجاوز مشاركة المرأة فيه 2% فقط.
وتقول وزيرة شؤون المرأة آمال حمد للجزيرة نت "إن توجه النساء للعمل في مهن غير تقليدية يعكس قدراتهن على خوض كل المجالات وتعلم الصعب منها، حيث يحتاج السوق الفلسطيني لمزيد من الأيدي العاملة والمهرة في تخصصات مهنية من كلا الجنسين، إضافة إلى المهن التقليدية".
لكن الوزيرة تعتقد أن مشاركة المرأة الفلسطينية في كل القطاعات التقليدية كالوظيفة العمومية والخاصة والمهنية غير مرضية، بسبب استمرار تفضيل تشغيل الذكور على الإناث، إلى جانب الثقافة المجتمعية التي لا تشجع على عمل المرأة، خاصة في مهن غير تقليدية.
