المردومة التونسية.. طريقة طبيعية لتسريح الشعر وصبغه بالأسود

تفرغ زهرة مسحوق الدبغة من المهراس.
العناية بطريقة التحضير وانتقاء مكونات جيدة من أهم أسرار نجاح إعداد الصبغة العربية (الجزيرة)

حياة بن هلال-تونس

تتعالى أصوات دقّ المهراس وتفوح رائحة فريدة من بيت الخالة زهرة -خمسينية من الجنوب التونسي- تتخللها دندنتها لإحدى الأغاني التونسية القديمة، تلك هي طقوسها في تحضير الدبغة أو الصبغة العربية أو "المردومة" كما تسمى في أغلب محافظات تونس.

تفتح زهرة صندوقا عتيقا تحتفظ فيه بأعشاب طبيعية في أكياس صغيرة، تجمع بعضها من الجبال المجاورة وتشتري أخرى من المحال التجارية لتختار من بينها مكونات "الصبغة العربية" وتشرع في إعدادها.

مكونات الدبغة
تضع زهرة بساطا على الأرض لجمع لوازم تحضير الدبغة، فتحضر المهراس (أداة نحاسية للدق) وبعض الصحون الصغيرة لتوزيع المكونات كل على حدة تجنبا للخلط والنسيان وآنية معدنية للغلي.

تجمع المكونات وتوزعها على الصحون، تقول للجزيرة نت بلغة الواثقة من نفسها "تتطلب صناعة الدبغة حرفة وتركيزا عاليين"، تحضر القرنفل الجاف ثم نبتة العفص أو كرات ورق البلوط كما يسمى في بعض الدول.

وتضيف نبتة "الحديدة" ونبتة "القمام" أو الجدرة أو كما تسمى باللغة الفصحى "نبتة الآس"، وهي نبتة عطرية لها فوائد جمة تقول زهرة إنها سر الرائحة الجميلة في صبغة الشعر كما أنها تدوم طويلا.

أوراق الحناء هي أيضا جزء من مكونات الدبغة، إضافة إلى السواك وحبة من البطاطا وكأس من الزيت.

‪السواك وعشبة الآس أو الجدرة من المكونات الأساسية للمردومة‬ (الجزيرة)
‪السواك وعشبة الآس أو الجدرة من المكونات الأساسية للمردومة‬ (الجزيرة)

طريقة التحضير
تقوم زهرة بقلي كرات العفص والقرنفل بعد تسخين الزيت جيدا قبل وضعهما في المقلاة، ثم تنتظر إلى أن يتحوّل الخليط إلى لون أسود قاتم، ومن ثمة تخرجه لتضعه على مناديل ورقية قصد امتصاص الزيت المتبقي.

في الوقت ذاته تضع آنية بها لتر من الماء على النار، تضيف إليها قطعة من السواك والقليل من أوراق الحناء وملعقة من نبتة الآس، لتضفي رائحة فواحة على الخليط، ثم تضع نصف حبة من البطاطا ليصبح الخليط متماسكا.

تنتظر إلى أن يتحول الماء إلى لون أحمر قان، بينما تهرس القرنفل والعفص -اللذين سبقا أن قامت بقليهما- في دقات سريعة قصد طحنهما جيدا إلى أن يصبح الخليط مسحوقا أسود اللون.

تضع المسحوق في صحن بجانبها ثم تهرس نبتة "الحديدة" وتضعها في إناء صغير على النار مع التحريك المتواصل إلى أن يتحول لونها إلى الأسود الداكن ثم تخلطها بمسحوق القرنفل والعفص.

تحضر زهرة آنية لتصفي الماء الأحمر الذي سبق أن غلت فيه الحناء والسواك وعشبة الآس والبطاطا، ثم تضيفه إلى المسحوق الأسود الذي جهزته قبل قليل وتضع الخليط على نار هادئة إلى أن يتماسك ويدر زيتا على سطحه.

ترفع الخليط من فوق النار وتتركه حتى يبرد، تقول زهرة "إن العناية بطريقة التحضير وانتقاء مكونات جيدة من أهم أسرار نجاح إعداد الصبغة العربية"، مشيرة إلى لمعان صبغتها، وعلامات الفخر تعلو محياها.

‪الخليط النهائي لمكونات الدبغة الخاصة بصبغ الشعر باللون الأسود‬ (الجزيرة)
‪الخليط النهائي لمكونات الدبغة الخاصة بصبغ الشعر باللون الأسود‬ (الجزيرة)

تسريح وصبغ
توزع "الدبغة" أو "الصبغة العربية" على الشعر بطريقة متساوية من الجذور حتى الأطراف مع الانتباه إلى الخصلات الداخلية للشعر قصد تغطيته كاملا باللون الأسود اللامع.

تقول فاطمة إحدى زبونات زهرة "لون الدبغة لا يضاهيه أي لون من أصناف الصبغات الكيميائية المضرة".

ولا يقتصر دور الدبغة العربية على صبغ الشعر باللون الأسود وتغطية الشيب لأكثر من سنة كاملة فقط، بل يتعدى ذلك إلى فرد الشعر المجعد وجعله ناعما، فهي مليّن طبيعي، كما أكدت ذلك جواهر وهي عروس من المنطقة للجزيرة نت "لم أذهب لصالون حلاقة في زفافي رغم أن شعري مجعد فقد استعملت الدبغة وهي فعلا مجدية".

تعتبر المردومة التونسية حلا طبيعيا أمثل للنساء اللاتي تصرفن أموالا طائلة على صبغ وتسريح شعرهن بطرق كيميائية مضرة بالشعر وبالصحة، علاوة على كون الشعر الأسود سمة من سمات جمال المرأة العربية.

المصدر : الجزيرة