أبطال صغار.. أنقذوا أرواح من حولهم بشجاعة

Nagwan Lithy - الشجاعة، لحظات نادرة لا تأتي لكل الأشخاص (بيكساباي) - أبطال صغار.. أطفال أنقذوا أرواح من حولهم بشجاعة
الشجاعة قد تكون لحظات نادرة لا تأتي لكل الأشخاص (بيكسابي)

فريدة أحمد

يحدث أن نصِف أفعالا صغيرة ينجزها الطفل بالبطولة لدعمه وتشجيعه وحثه على إنجاز الأكبر، فمثلا حين يحمل صغير حقيبة ثقيلة ننعته بالقوي، أو يساند مراهق صديقه وينهي عراكا نصفه بالشجاع، فماذا حين ينقذ طفل حياة الآخرين؟ هل نوفيهم حقهم أن نسمهم بالأبطال؟

الذكاء والحيلة
في مارس/آذار الماضي، تناقلت الأخبار العالمية قصة بطل مصري صغير لا يتعدى عمره ١٣ عاما أنقذ حياة خمسين تلميذا على متن حافلة خطفها سائقها ثم أشعل النار فيها بالقرب من مدينة ميلان الإيطالية.

رامي شحاتة، طفل مصري ولد في إيطاليا عام 2005، لم يخش الموقف وتحلى بشجاعة نادرا ما يتحلى بها الكبار، خبأ هاتفه المحمول بعدما استولى سائق الحافلة المدرسية على هواتف زملائه الآخرين، واستخدم الطفل الحيلة لمراوغة الجاني، فبدأ يتظاهر بتلاوة أدعية بالعربية بعدما صرخ السائق "لن ينجو أحد" واتصل بوالده يطلب مساعدته.

تلك المكالمة، جعلت الشرطة تحدد مكان الحافلة وأجبرت السائق على الوقوف، فأضرم النيران في الحافلة أثناء مواجهة الشرطة. وكان السائق قد سكب الوقود على الحافلة قبل ذلك ليتمكن من إحراقها، لكن الأطفال استطاعوا الهرب من خلال النوافذ الموجودة في مؤخرة الحافلة بعدما كسرتها الشرطة، وأشاد التلاميذ بزميلهم رامي قائلين "إنه بطلنا".

وترى د. رانيا حسين (متخصصة في سلوك الأطفال) أن الذكاء الطبيعي وسرعة البديهة أكثر ما ميز رامي عن الآخرين مما يواجه الخطر بشجاعة ودون خوف، موضحة أن قدرات البشر تختلف في تمييز الخطر والتعامل معه، البعض يتعامل بشكل سلبي يعتمد على الخوف والبكاء دون التصرف لحماية النفس أو الغير، لكن الذكاء الطبيعي مهارة تجعل الفرد يتعامل بحرص وجرأة في ذات الوقت، والتي عادة تكون حاضرة بقوة في سن المراهقة، حيث يبدأ الطفل يشعر بوجوده وأهميته وقدرته اللامحدودة لمواجهة الصعاب وتحقيق نجاح وتفوق غير عادي يتجاوز تلك المرحلة العمرية.

وتضيف د. رانيا أن القدوة التي يحظى بها المراهقون -سواء لأشخاص ذوي صفات قوية وشجاعة أو ناجحة من الأفلام أو الكارتون أو الحياة عامة ومدى احتفاء الآخرين بها- تجعل الطفل يبحث عن فرصة ليحقق نجاحه الشخصي، قائلة "ما أقدم عليه رامي، عمل شجاع ونادر، تفوق فيه ذكاؤه وحيلته وسرعة بديهته على خوفه، وهو مؤشر على قوة الثبات الانفعالي لديه الذي يأتي من خلال تحمل المسؤولية والثقة بالنفس ودعم الأسرة بالطبع".

‪منح طفلك الثقة بالنفس يساهم في تحليه بالشجاعة والجرأة‬ (بيكسابي)
‪منح طفلك الثقة بالنفس يساهم في تحليه بالشجاعة والجرأة‬ (بيكسابي)

سرعة التصرف
"أريد أن أصبح منقذا عندما أكبر".. تمنت رايلي بريدن ذات الخمس سنوات تلك الأمنية بعدما أنقذت طفلة صغيرة من الغرق في حمام سباحة.

في أحد الفنادق بولاية فلوريدا، كانت تسبح الطفلة الأميركية رايلي بمفردها، استفادت كثيرا من دروس السباحة التي كانت تتلقاها منذ كانت في الثانية من عمرها، حين وجدت طفلة صغيرة لم تتجاوز العامين تقترب من حافة حمام السباحة وتنزلق للعمق دون أن يسمع صوتها.

حاولت رايلي أن تصرخ طلبا للنجدة، وتلفتت حولها وجدت والدي الطفلة يجلسان بعيدا ويضحكان ولم يشعرا بسقوط ابنتهما، ولم تجد رايلي الشخص المسؤول عن الإنقاذ، قفزت في الماء وسحبت الصغيرة حتى ظهرتا على السطح وهي تصرخ "أمسكت الطفلة، أمسكت الطفلة".

ترى د. رانيا أن الثقة في النفس تعمل كمحفز للتصرف بسرعة وجرأة وشجاعة، مؤكدة أن رايلي كانت تحظى بدعم والديها اللذين كانا يعملان غواصين سابقين في مجال البحث والإنقاذ، بالإضافة إلى تلقيها دروسا متخصصة في السباحة مما جعلها تثق في الماء وفي قدرتها على إنجاز الأمر دون طلب المساعدة.

بدلا من الخوف
لم يجعل لاتريل شانيس (الأميركي ذو الست سنوات) الخوف والقلق يسيطران عليه واستبدلهما بسرعة البديهة وحسن التصرف، مما جعله ينجح في إنقاذ حياة والدته المريضة بالسكري.

وكانت الأم تعد طفلها ليساعدها إذا ما أصيبت بغيبوبة سكر، وفي أحد الأيام غابت عن الوعي وحاول لاتريل إفاقتها لكنه لم ينجح، تذكر كيف يطلب المساعدة سريعا، اتصل بوالده الذي اتصل بدوره بالشرطة.

لكن لاتريل اندفع بقوة حبه ورغبته في إنقاذ والدته، ولم يكتف بذلك، لكنه أسرع إلى الجيران طالبا النجدة، وعاد إلى البيت مرة أخرى واتصل بنفسه بالشرطة لأول مرة في حياته.

 قوة الثبات الانفعالي تنشأ من دعم الأسرة (بيكسابي)
 قوة الثبات الانفعالي تنشأ من دعم الأسرة (بيكسابي)

الحب والصداقة
قد تكلف الشجاعة الحياة ذاتها، وحين يقع الشخص البالغ في الاختيار قد يجبن، أما تايلر دوهان الطفل الأميركي ذو الثمانية أعوام، لم يتردد في دفع حياته من أجل إنقاذ حياة آخرين.

كان تايلر في زيارة مبيت لأقاربه في بلدة بينفيلد، عندما لاحظ فجرا اندلاع حريق في منزل متنقل يقيم فيه بعض أقاربه وجده القعيد الذي كان يعتبره أفضل صديق له، بحسب سي أن أن CNN.

وقبل وصول رجال الإطفاء تمكن تايلر من الولوج داخل المقطورة وإيقاظ ستة أشخاص من بينهم طفلان يتراوح عمر الواحد منهما ما بين أربع وست سنوات.

ثم عاد مرة أخرى إلى مؤخرة المقطورة لحمل جده غير القادر على التحرك، لكن الدخان كان قد عبأ رئتيه، ووجد من قبل رجل الإطفاء ملقى بجوار جده على السرير وقد فارق كلاهما الحياة.

 "الشجاعة، لحظات نادرة لا تأتي لكل الأشخاص، وحين تأتي لطفل فمعناه أن هناك دوافع أخرى تحركه، كالحب والصداقة والرحمة والعطاء والثقة والوفاء، وهي فطرة الإنسان التي يجب تغذيتها لتنمو وتتطور -بحسب د. رانيا- مؤكدة أن كل طفل يمتلك مقومات الشجاعة والبطولة والإقدام، فقط، يقع ذلك على عاتق الأهل الذين بإمكانهم دعم الطفل وتزويده ثقة بنفسه وقدراته، أو إضعافه وسلبه أي ثقة تمكنه من صنع ولو أي شيء بسيط.

المصدر : الجزيرة