وأد الإناث المرحب به في آسيا.. صور متعددة للتخلص من المرأة

Nagwan Lithy - انتشار الاجهاض الانتقائي ضد الإناث بالصين (بيكساباي) - وأد الإناث المرحب به في آسيا.. صور متعددة للتخلص من المرأة
لماذا يكرهون الإناث؟ (بيكسابي)

فريدة أحمد

مازال وأد الأجنة "الإناث" ثقافة منتشرة في بعض دول آسيا كالهند وباكستان والصين.

وتظهر الإحصائيات إجهاض ملايين الأجنة بعد اكتشاف أنهن إناث، ذلك الإجهاض الانتقائي يهدد التركيبة الديموغرافية للسكان، بسبب التفاوت الكبير بين أعداد الذكور والإناث، رغم قيام الحكومات بسن تشريعات وقوانين تجرم تلك العادة.

على مدى عقود، قتلت الإناث بتلك الدول بعد خروجهن إلى الحياة، لكن مع تطور العلم وظهور أجهزة "الموجات فوق الصوتية" للكشف المبكر عن نوع الجنين، أصبح القتل المتعمد يحدث في مرحلة مبكرة، بما لا يلفت النظر على أنها عمليات وأد جماعية بأساليب حديثة.

تندرج تلك الجريمة ضمن مجموعة من الجرائم موجهة ضد النساء، حيث تعاني المرأة في تلك المناطق من أكثر نسب العنف القائم على التمييز، مثل جرائم الاغتصاب والقتل والضرب، حتى الوأد لأنها أنثى.

وتناقص عدد النساء في الهند بعدد 63 مليون امرأة بسبب تفضيل الذكور على الإناث والإجهاض الانتقائي، كما أن هناك 21 مليون فتاة غير مرغوب فيها، لأن الآباء يفضلون إنجاب الذكور، طبقا لإحصائيات وزارة المالية.

"كولوانت" هندية، وقعت ضحية تلك العادة، حيث أجبرها زوجها وأسرتها على الإجهاض ثلاث مرات لأن الأجنة كانت "إناثا".

عام 1961، كان هناك 976 فتاة مقابل كل ألف صبي دون سن السابعة، أما اليوم فقد انخفض الرقم إلى 914 فتاة عام 2011.

القتل الانتقائي للأجنة في الهند أدى إلى "فجوة بين الجنسين" تهدد بشكل حقيقي التركيبة السكانية.

ففي عام 1990 كان هناك 25 مليون ذكر أكثر من الإناث بالهند، مما دفع الحكومة عام 1994 إلى إدخال قانون يحظر اختبار "الموجات فوق الصوتية" لمعرفة نوع الجنين قبل الولادة، لكن مع ذلك توجد أكثر من أربعين ألف عيادة مسجلة للموجات فوق الصوتية، وعشرات غير مسجلة.

‪السلطات الباكستانية عثرت على 345 طفلا ميتا 99% منهم إناث‬ (بيكسابي)
‪السلطات الباكستانية عثرت على 345 طفلا ميتا 99% منهم إناث‬ (بيكسابي)

وبسبب تفضيل الذكور على الإناث، كانت البنات توأد بعد الولادة، لكن تقنية الموجات فوق الصوتية ساهمت في جعل الوأد يحدث مبكرا.

في دراسة أجرتها مجلة "ذي لانست" الطبية عام 2011، أفادت أن حالات إجهاض الحوامل بإناث تراوحت بين 4 و12 مليون حالة بين عامي 1980 و2010.

ومعظم هذه الحالات تمثل الحمل الثاني للأمهات بعد إنجابهن طفلة في حملهن الأول، بحسب صحيفة ذا تلغراف البريطانية.

ويعود تفضيل الذكور على الإناث لأسباب اقتصادية في الأساس، حيث يعتبر الرجل في الهند مصدر رزق الأسرة الأول، ولأنه أيضا يحصل على راتب أعلى من الأنثى على أداء نفس العمل.

كما أن ظاهرة دفع أسرة البنت مهرا للرجل عند الزواج يجعل الكثير من الأسر الهندية تفضل الذكور طمعا في المهر، وتتخلص من البنات باعتبارهن عبئا ماديا عند الزواج يكلفهم الكثير، إضافة إلى الأسباب الثقافية التي تعتقد في الذكر بأنه "حامل" لقب العائلة، بينما تتزوج الفتاة وتصبح تابعة لعائلة الزوج.

النظرة الدونية للمرأة في الهند، جعلها تسجل الدولة الأشد خطورة على النساء، طبقا لمؤسسة ثومسون رويترز، حيث إن الجرائم المرتكبة ضد المرأة ارتفعت بنسبة 83% بين عامي 2007 و2016 عندما كان يتم الإبلاغ عن أربع حالات اغتصاب كل ساعة.

وأشارت الأمم المتحدة إلى أن العنف ضد المرأة بالهند ينتشر على المستوى الأسري والجنسي والتحرش داخل الأسرة وفي الأماكن العامة ومواقع العمل.

وتعيش الكثير من النساء مع أسرهن في ظل قواعد راسخة في النظام الأبوي والممارسات الثقافية المرتبطة بتفوق الذكور ودونية الإناث.

في القمامة
النظرة الدونية للمرأة لا تقتصر على الهند، لكنها أمر شائع في باكستان مما يجعل من قتل الإناث أمرا منتشرا وعاديا.

ولم تتفاجأ المواطنة "زيتون" عندما استيقظت اليوم الثاني بعد وضعها أنثى، لتجدها قد اختفت من جانبها، ليخبرها الزوج "لقد اهتممت بأمرها".

تحكي الأم المكلومة قصتها على موقع الجزيرة الإنجليزية، قائلة "عندما كنت حامل، كان زوجي يطلب مني الدعاء بألا يكون الجنين أنثى، وعندما أنجبتها كنت أتوقع مصيرها".

‪الهند لديها معدلات عالية للجريمة ضد المرأة‬ (بيكسابي)
‪الهند لديها معدلات عالية للجريمة ضد المرأة‬ (بيكسابي)

بعد رحيل المولودة بأيام، شاهدت "زيتون" فريق إسعاف يلتقط جثة صغيرة من مكب نفايات خارج مبنى شقتها في هاريانا في مستوطنة للقطن العشوائي تعيش فيها بعض الأسر الأكثر فقرا بمنطقة كراتشي، وقالت زيتون إنها شاهدت ثلاثة أطفال آخرين ميتين في نفس المكان.

ونقلت صحيفة ديلي ميل البريطانية أن السلطات الباكستانية عثرت على 345 طفلا ميتا 99% منهم من الإناث، بأكوام النفايات في كراتشي المدينة الأكثر اكتظاظا بالسكان منذ بداية عام 2017.

وكشفت منظمة حقوقية باكستانية عن مقتل 1100 امرأة العام الماضي في جرائم شرف، وجاء في تقرير لجنة حقوق الإنسان المستقلة أن تسعمئة امرأة أخرى تعرضن للعنف الجنسي، ونحو ثمانمئة انتحرن أو حاولن الانتحار، بحسب "بي بي سي".

الطفل الواحد
ورغم أن النساء في الصين لا تتعرضن لما تتعرض له مثيلاتهن بمنطقة جنوب آسيا، فإن ثقافة قتل الأجنة الإناث لا تعتبر حدثا جديدا على المجتمع، وقد ساهمت سياسة "الطفل الواحد" -التي انتهجتها الدولة الشيوعية على مدار أكثر من ثلاثين عاما- في توغل تلك الجريمة.

وساهمت تلك السياسة -التي انتهت عام 2015- في عملية الإجهاض الانتقائي للأجنة، حيث قد يتم بموجب هذه السياسة تخفيض أجور الوالدين الذين لديهم أكثر من طفل ويتم حرمانهم من بعض الخدمات الاجتماعية، مما جعل الكثير من الآباء يفضلون إنجاب الذكور نظرا للثقافة الآسيوية التي تعتقد في "الذكر" الضمان لاستمرار العائلة وباعتباره "السند" لوالديه في سن الشيخوخة.

ورغم إقرار الحكومة قانون رعاية صحة الأم -الذي يحظر استخدام الموجات فوق الصوتية لكشف جنس الأجنة حتى لا يتم تحديد مصير الرضع الإناث مسبقا أو تشجيع الإجهاض الانتقائي- فإن ذلك لم يوقف تلك الجريمة، حيث إن العديد من الآباء لا يزالون لا يريدون تحمل نفقات تربية وتعليم طفلين، لذلك يتخلصون من الأجنة الإناث حتى يحصلوا على ولد.

المصدر : الجزيرة