الأردنية هناء الرملي.. "مغيّرة الحياة" التي تحارب الفقر بالكتب

رولا عصفور- هناء الرملي- ثقة ومحبة الناس من أهم جوائز هناء الرملي الجزيرة.
هناء الرملي ناشطة اجتماعية في مجال التشجيع على القراءة (الجزيرة)

رولا عصفور-عمان

هناء الرملي مهندسة أردينة مدنية خبيرة استشارية في شؤون الإنترنت، كاتبة ومحاضرة وباحثة متخصصة في ظواهر رئيسية عدة على الإنترنت مثل التنمر الإلكتروني أو "البلطجة الإلكترونية" والاستغلال الجنسي وغسيل الأدمغة عبر الإنترنت.

وهي أيضا ناشطة اجتماعية في مجال التشجيع على القراءة، ومؤسسة ورئيسة جمعية "كتابي كتابك" لثقافة الأسرة والطفل القائمة على إنشاء مكتبات عامة وإقامة مشاريع للتشجيع على القراءة في المناطق الأقل حظا في القرى والمخيمات وجمعيات الأيتام.

معوقات لا حصر لها
واجهت هناء منذ البدء في مسيرتها المهنية معوقات لا حصر لها كونها مهندسة مدنية متخرجة ومتزوجة حديثا ومقيمة في السعودية في منتصف الثمانينيات، حيث منعت من ممارسة عملها مهندسةً طبقا لقوانين البلد في تلك الفترة الزمنية.

ولم تتمكن من العمل في مجالات أخرى كتدريس الرياضيات أو في مراكز ثقافية لاعتبار أنها من دون شهادة جامعية بسبب منع إثبات شهادة الهندسة في عقد العمل.

وللتغلب على هذه المعضلة، عملت من المنزل في دراسات وتصاميم للمنشآت في شركة هندسية خاصة.

‪التشجيع على القراءة والحوار مع الأبناء يحميهم من مخاطر الإنترنت‬ (الجزيرة)
‪التشجيع على القراءة والحوار مع الأبناء يحميهم من مخاطر الإنترنت‬ (الجزيرة)

دبلوم في البرمجة
توجهت إلى عالم تكنولوجيا المعلومات والإنترنت بعد حصولها على دبلوم في البرمجة في أوائل التسعينيات.

وأصبحت أول كاتبة للمقالات باللغة العربية حول الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات بشكل عام، ونشرت مقالاتها على موقع "نسيج.كوم" العربي الإخباري المتنوع الأول على الإنترنت عام 1996.

وفي نهاية التسعينيات عملت معدة برنامج متخصص عن الإنترنت في تلفزيون أبو ظبي، ثم أنشأت موقعا إلكترونيا خاصا باسمها بعدما تعلمت ذاتيا تصميم المواقع والجرافيك.

ثقافة الإنترنت
أطلقت مشروع ثقافة الإنترنت المجتمعية بعد إقامتها في عمان عام 2003، بعد متابعتها طريقة استخدام الشعوب العربية للإنترنت، حيث لاحظت أن المجتمع العربي يعاني من الجهل بالطرق التقنية والتربوية في الاستخدام الآمن للإنترنت.

ولم يجد هذا المشروع الدعم من الإعلام المحلي، أو الدعم المعنوي أو المادي من أي جهة لتحقيق انتشار هذه التوعية.

وبقيت لسنوات تعمل متطوعةً من خلال محاضرات وورش في المدارس الخاصة والحكومية والمراكز الثقافية.

إضافة إلى مشاركتها في البرامج الحوارية مع فضائيات وإذاعات عربية وعالمية ناطقة باللغة العربية.

وأنشأت موقعا تعليميا متخصصا في حماية الأسرة العربية من الإنترنت، ونشر لها عشرات المقالات التوعوية في العديد من الصحف المحلية والعربية والمواقع المتخصصة.

شاركت هناء في العديد من البرامج الحوارية مع القنوات الفضائية والإذاعية (الجزيرة)
شاركت هناء في العديد من البرامج الحوارية مع القنوات الفضائية والإذاعية (الجزيرة)

مبادرة كتابي كتابك
أسست هناء في عام 2009 مبادرة "كتابي كتابك" التي استطاعت من خلالها إنشاء 40 مكتبة عامة في قرى ومخيمات وجمعيات رعاية الأيتام، من دون أي دعم مادي من أي جهة.

بالإضافة إلى عشرات المشاريع للتشجيع على القراءة من ضمنها نادي "الكتاب 13 تحت الشمس"، ومشروع "كتاب في اليد ولا عشرة على الشجرة".

وانضم للمبادرة عدد من المتطوعين في قطر والإمارات والسعودية ولبنان ومصر وفلسطين وتونس والمغرب والجزائر واليمن.

العمل الاجتماعي
على الرغم من غياب الأثر الكبير في ردود فعل الناس من حيث التقدير والإجلال لما قدمته هناء، فإنها تشعر بالرضا عما حققته من إنجازات في مجال العمل التطوعي.

وتجد نفسها ملهمة وأن هناك أشخاصا يحذون حذوها ويعتبرونها المثل الأعلى في مجال العمل التطوعي.

الاستخدام الآمن للإنترنت
من خلال عملها خبيرة استشارية في مجال ثقافة الإنترنت والأسرة، تؤكد هناء للجزيرة نت "تستطيع الأسرة توفير إنترنت آمن في البيت من خلال الوعي والمعرفة والتقارب بين أفراد العائلة الواحدة والحوار فيما بينهم والرقابة المباشرة وغير المباشرة من قبل الأهل، وتشجيع الأطفال على القراءة".

وتضيف "لابد من استغلال الطرق التقنية في برامج حماية وفلترة محركات البحث وبرامج التصفح، والاطلاع على إعدادات الخصوصية لكافة مواقع التواصل والتطبيقات وتفعيل إعدادات الحماية".

المرأة ومواقع التواصل
وترى هناء أن المرأة التي أدركت أهمية وإيجابية مواقع التواصل الاجتماعي، أثبتت وجودها ودورها وحضورها بشكل فعال، في حين وقعت بعض النساء في دوامة إهدار الوقت والطاقة والمشاعر والوهم من خلال تكوين صداقات وهمية جعلتها ضحية للاستغلال والابتزاز.

‪هناء الرملي مقابل مكتبة
‪هناء الرملي مقابل مكتبة "كتابي كتابك" في جمعية سيدات قرى حوض الديسة في وادي رم بالأردن‬ (الجزيرة)

رهف القنون
تعتبر قصة رهف القنون واحدة من الأمثلة الحية لتمرد فتاة على مجتمعها وأهلها، إذ تعيش كأي فتاة في مجتمع مغلق صارم العادات والتقاليد والقوانين، وضمن أسرة محافظة ومتدينة.

لذا فهي حاضرة للتمرد على القيود إن فتح لها المجال ولاقت الدعم والتشجيع من طرف خارج حدود بلدها إذا تواصلت مع الغرباء في غياب الأهل، وفق رأي هناء.

جوائز وألقاب
فازت هناء بجوائز عديدة آخرها جائزة التميز الكندية من المركز العالمي الكندي لتكريم رواد التنمية والتطوير في 2019.

ونالت لقب "مُغيرة الحياة" من مؤسسة إنقاذ الطفل ومؤسسة دياكونيا السويديتين، ولَقب "المرأة التي تحارب الفقر بالكتب" من الإعلام السويدي باختيارها صاحبة أهم قصة نجاح ملهمة على مستوى العالم في مجال التشجيع على القراءة عن مبادرة "كتابي كتابك".

كما تم اختيارها عام 2014 من إدارة موقع فيسبوك بوصفها أهم ناشطة اجتماعية وصاحبة قصة نجاح مهمة في استخدام فيسبوك في العمل المجتمعي. وتعتبر هناء أن ثقة الناس ومحبتهم من أهم الجوائز التي حصدتها في حياتها.

مهارة وأمنيات
تمتلك هناء موهبة إدارة الوقت واستثماره، لذا استطاعت التفرغ لتربية أبنائها (مهند وزيد ومعتز وريم)، وحرصت على أن تنقل لهم شغفها بالعمل الذي تقوم به، وشغل الوقت بالدورات والأنشطة.

ومن الأمنيات المسجلة ضمن أولوياتها والتي تنتظر الدعم المادي كي ترى النور، طباعة مجموعة قصص للأطفال تدخل ضمن أدب الطفل العلاجي.

إضافة إلى تنفيذ مشروع خاص بالتوعية في التنمر الإلكتروني بأسلوب المسرح التفاعلي ومسرح الدمى، ومشروع خاص بالتوعية في مجال الاستغلال الجنسي بالفتيات والأطفال في العالم العربي عبر الإنترنت.

المصدر : الجزيرة