تطبيق سعودي لتعقب الفتيات ومنع هروبهن

Saudi students walk at the exhibition to guide job seekers at Glowork Women's Career Fair in Riyadh, Saudi Arabia October 2, 2018. REUTERS/Faisal Al Nasser
تقارير إعلامية كثيرة تحدثت عن حالة سعوديات قررن الهروب من المملكة على خلفية ما تشهده البلاد من انتهاكات حقوقية (رويترز)

إيمان أحمد-الجزيرة نت

كشف موقع "إنسايدر" الأميركي عن خدمة موجودة داخل تطبيق "أبشر" بالمملكة العربية السعودية تمكّن ولي أمر الفتاة، سواء كان والدها أو زوجها أو شقيقها، من تتبع حركتها داخل المملكة وخارجها، وتعقبها إذا قررت الفرار من منزل والدها والسفر خارج البلاد.

وجاء التقرير الذي نشره الموقع الأميركي، عقب الضجة التي أحدثها هروب الفتاة السعودية رهف القنون (18 عاماَ) من عائلتها وطلبها اللجوء في كندا، إذ سلطت حادثتها الضوء من جديد على الأوضاع التي تعيشها المرأة داخل السعودية.

وتوفر خدمة "أبشر" التابعة لوزارة الداخلية السعودية، خدمات إلكترونية للمواطنين والمقيمين بالمملكة، مثل تجديد جوازات السفر، وتحصيل المخالفات المرورية، وملء طلبات استقدام العاملات الأجنبيات، إذ يتيح الموقع لمستخدميه عمل حسابات للفتيات عن طريق تسجيل أرقام هوياتهن الشخصية، فتظهر كافة بياناتهن المسجلة لدى وزارة الداخلية.

لكن، وبحسب ما أفاد "إنسايدر"، فإن الشخص الذي تقع الفتاة تحت وصايته سيتمكن عقب تحميل التطبيق من معرفة وقت ومكان سفر الفتاة، وكذلك إلغاء سفرها في حال عدم قبوله مغادرتها السعودية، وذلك بضغطة زر واحدة، وهو ما يعني عدم سماح مكتب الجوازات بالمطار لها بالمغادرة.

ويقسم التطبيق فئة "التابعين"، والمقصود بها هنا "النساء والأطفال"، إلى تابعين في الداخل وتابعين في الخارج، وهم الموجودون في دول أخرى بغرض الدراسة أو السياحة.

يضاف إلى ذلك خدمة "أذونات السفر"، التي تمنح الوصي الحق في تحديد الدولة التي ستسافر إليها ابنته أو زوجته، والمدة المسموح بها، وهي مقسمة إلى التالي:

1. رحلة واحدة إلى أي مكان.

2. رحلة واحدة بين مطارين محددين.

3. رحلات متعددة.

4. السماح بالسفر إلى أي مكان حتى موعد انتهاء جواز السفر (وهي مدة أقصاها 5 سنوات).

ومن خلال رقم جواز سفر الفتاة يمكن لوليها معرفة خط سيرها، وكافة الرحلات التي قامت بها.

استحدث تطبيق "أبشر" في 2012 خدمة إرسال رسائل نصية عبر الهواتف المحمولة إلى ولي الأمر عن سفر الزوجة أو الابنة، مع التاريخ واسم المطار، وذلك فور تسجيل رقم جواز سفرها بالجوازات وقبل صعودها الطائرة.

ومع تصاعد الانتقادات لهذه الخدمة، أُعلن إلغاء العمل بها في 2014، لكن مصادر من داخل المملكة أكدت لموقع "إنسايدر" أن الخدمة لا يزال العمل بها ساريا حتى الآن.

وكانت المرأة في السابق تحتاج إلى إذن مكتوب من وليها قبل السفر، يقر فيه بقبوله خروج الموصى عليها من البلاد.

‪هروب الفتاة السعودية رهف القنون (18 عاما) من عائلتها وطلبها اللجوء في كندا أثار ضجة واسعة بشأن أوضاع حقوق الإنسان بالسعودية‬ (الجزيرة)
‪هروب الفتاة السعودية رهف القنون (18 عاما) من عائلتها وطلبها اللجوء في كندا أثار ضجة واسعة بشأن أوضاع حقوق الإنسان بالسعودية‬ (الجزيرة)


طرق جديدة للهروب
مع تطور وسائل تعقب الفتيات، جعلهن يحاولن التحايل على خدمة "أبشر" ليتمكّن من الهروب ومغادرة حدود بلادهن دون علم أولياء الأمور.

تقول شهد المحيميد (17 عاماَ) التي هربت من أفراد عائلتها عام 2016 أثناء وجودهم جميعا في رحلة سياحية بمدينة طرابزون التركية، إنها كانت تفكر في الهروب قبل ذلك بسنوات حيث ظلت تعد الخطط، لكنها انتظرت حتى تسافر مع عائلتها خارج المملكة وبالتالي يسهل عليها الفرار، ولا يتمكن والدها من معرفة وجهتها نظرا لأن خدمة "أبشر" لا تعمل في تركيا، وخلال منتصف الليل والكل نيام بالفندق، تمكنت من الخروج والسفر إلى جورجيا البلد القريب من تركيا، وأخذت معها جميع هواتف أفراد أسرتها وبطاقاتهم البنكية، لكي تصعّب عليهم الوصول لها إذا اكتشفوا مغادرتها.

لاحقا طلبت شهد اللجوء إلى السويد، وتقول إنها أصبحت تقدم النصائح لغيرها من الفتيات اللاتي لا يزلن داخل بلادها عن كيفية الخروج دون تعقب من أولياء أمورهن.

وتضيف أن بعضهن تمكنّ من تغيير أرقام الهواتف المسجلة على خدمة "أبشر" الخاصة بأولياء أمورهن، حتى تصل رسالة التنبيه عن مغادرتهن إلى الهواتف الخاصة بهن.

كذلك فعلت سلوى ذات الـ24 عاما والتي هربت مع شقيقتها الصغرى (18 عاما) منتصف 2018 إلى ألمانيا، كما روت لموقع "بي بي سي"، إذ تمكنتا من عمل نسخة من مفتاح بيت العائلة، وخلال منتصف الليل سرقتا هاتف والدهما وغيّرتا رقم الهاتف، ثم قامتا بالضغط على خيار السماح لهما بمغادرة البلاد، وكأن والدهما هو من وافق على سفرهما.

وعقب وصولهما إلى ألمانيا، قدمتا طلب لجوء إلى كندا، وأصبحتا تعيشان الآن في مدينة تورنتو الكندية.

رهف القنون وأخواتها
بحسب "إنسايدر"، فإن ألف امرأة سعودية تحاولن الهرب خارج المملكة كل عام، والسبب هو حرمانهن من حقوقهن سواء داخل الأسرة أو في المجتمع بشكل عام.

تقول شهد المحيميد إنها كانت تمنع من الخروج من البيت، ولم يكن يعطيها أبوها إلا القليل من المال الذي يكفي فقط حاجاتها الأساسية، في مقابل مصروف يصل 1500 دولار شهريا لشقيقيها الذي يصغرها سنا.

كما أن والدتها لم تكن تستطيع التصرف في راتبها الذي تحصل عليه من وظيفتها، إذ إن والدها كان يحصل على كل المال الذي تجنيه، بحسب روايتها.

 

رهف القنون الهاربة من السعودية والحاصلة على اللجوء لكندا في مطلع العام الحالي 2019، ما زالت تلقى هجوما عنيفا من متابعيها داخل السعودية، فضلا عن حالة الرفض لما سلكته القنون خاصة من السيدات اللاتي يدعونها إلى العودة للوطن مرة أخرى.

وحسب تقرير "قاصرات إلى الأبد" لمنظمة هيومن رايتس ووتش، فإن ممارسات فرض ولاية الرجل على المرأة وإعاقة عملها وعدم قدرتها على التعامل مع الهيئات الحكومية وضرورة حضور وكيل عنها، جميعها أسباب وضعت المملكة في ذيل قائمة مؤشر الأمم المتحدة لتمكين المرأة.

المصدر : الجزيرة