زينب القادري: بالحب يستمر القفطان المغربي وبألوان عمق أفريقيا يلهم العالم
مريم التايدي-الدار البيضاء
طلبت من عارضة أزياء من جنوب الصحراء تشتغل لديها من مدة، بلطف ظاهر وبلغة فرنسية سليمة "استعدي عزيزتي". تقدمت الفتاة الفارهة الطول أمامنا بقفطان بقصة مغربية أصيلة وعمل يدوي، لكن المتغير فيه لونه الضارب في العمق الأفريقي.
لم نكن فوق منصة لعرض الأزياء، بل داخل ورشة عمل المصممة المغربية زينب القادري بمدينة الدار البيضاء، حيث قدمت لنا قفطانا يمزج بين ثوب حريري وثوب "الواكس" ذي الصيت الأفريقي المزركش بالألوان، مزين ببعض الإكسسوارات المستمدة من الثقافات العربية كـ"الخميسة" لكن مادتها من التي تصنع بها الأفريقيات بعض الحلي.
قفاطين مغربية بألوان الصحراء
القفطان الذي استعرضته أمامنا القادري واحد من مجموعتها الجديدة التي عرضتها في الأسبوع الثاني للموضة الأفريقية بمدينة الداخلة ضمن عروض مهرجان الموضة الأفريقية الذي نظمته مؤسسة "فيما" للموضة في أفريقيا، والذي يقام لأول مرة بالمغرب.
ونظم مهرجان "فيما" في دورته الحادية عشرة على مدى أربعة أيام تحت شعار "الفن والثقافة ناقلان للاندماج الأفريقي". ويعد هذا المهرجان، الذي ينظم للمرة الأولى خارج دولة النيجر، ملتقى لأبرز مصممي الأزياء من كافة أنحاء العالم عامة، ومن أفريقيا خاصة، وهو آلية لتعزيز بناء الجسور بين الموهوبين والتعريف بالغنى الثقافي والفني والحضاري للقارة السمراء.
وقدمت القادري مجموعتها المكونة من قفاطين مغربية مزجت فيها ألوان أفريقيا جنوب الصحراء، مستعملة أثوابا خاصة، وإكسسوارات وطرقا لوثاق غطاء الرأس على النمط الأفريقي من جنوب الصحراء، وقدمت مجموعة القفاطين عارضات أفريقيات على نغمات أغنية "نداء الحسن".
مزج القفطان وفستان الزفاف
ولدت زينب القادري بفرنسا، وتخصصت في الموضة والأزياء، وسبق أن قدمت عروضا للقفطان بقصات أوروبية، ومزجت بين القفطان وفستان الزفاف العصري، وطورت علامة تجارية خاصة بها منذ عودتها للعمل في المغرب.
تقول زينب في لقاء مع الجزيرة نت من داخل ورشتها، إن مشاركتها في مهرجان "فيما" بالداخلة جاءت تتويجا للتعاون والاشتغال المشترك مع مصممين من جنوب الصحراء، على رأسهم مدير مهرجان "فيما" ألفادي، الذي كان مدير لجنة التحكيم في "أفريفاطا- مواهب أفريقيا للموضة"، مشيرة إلى أن المواهب المشاركة في "فيما" كانت من ضمن الفائزين في "أفريفاطا".
وتوضح زينب القادري أن عيشها في فرنسا في أحياء المهاجرين جمعها مع الأفارقة من جنوب الصحراء وخصوصا السنيغال، "تربينا في أحياء شعبية، عشنا معا متعايشين متكاملين". وتضيف المصممة التي حققت شهرة مميزة في مدة وجيزة، أن "المغرب عمقه أفريقي، وقوته في امتداده الأفريقي".
الموضة رافد للتواصل
أضافت زينب وبريق في عينيها يجمع ذكريات الماضي بفخر النجاح، "أعطتني أمي الإبرة في السابعة من عمري، وقالت تعلمي، أبدعي، هكذا تتواصلين مع الأجانب".
يشكل غطاء رأس زينب المميز المستوحى من شكل غطاء رأس عابري الصحراء رسالةً مفتوحة، وتعتبره "التفاتةً للصحراء المغربية" حيث تصر عليه أثناء عروضها وتفخر به. كما تحرص زينب على تقديم عارضاتها بـ"توربون الأفريقي" الذي يميز المرأة الأفريقية.
خطوة الانفتاح على البعد الأفريقي ميّزت زينب، وهي التي أطلقت حدثا فنيا خاصا بالأزياء والموضة والإبداع على المستوى القاري هو "مواهب أفريقيا للموضة"، الذي يتميز بمشاركة مبدعين أفارقة شباب في مجال تصميم الأزياء، والذي ينظم بالدار البيضاء برعاية من الملك المغربي.
وترى زينب القادري أن تصاميمها نابعة من عشقها للقارة الأفريقية التي تتوفر على إمكانات كبيرة في الإبداع في مجال الموضة وتصميم الأزياء، وأن أفريقيا بثقافة متكاملة ستلهم العالم.
وأضافت أن الهدف من تنظيم تظاهرة خاصة بالموضة الأفريقية هو تجميع مواهب من مختلف مناطق القارة الأفريقية، وتوحيدها على قيم الجمال والإبداع والابتكار.
بالحب ينتشر القفطان ولا يضيع
يعرف القفطان المغربي انتشارا واسعا، ويشكل واحدا من التصاميم الملهمة، إذ أثار إعجاب المصممين العالميين من أمثال بالمان وإيف سان لوران وجون بول غوتييه وغيرهم.
كما لبسته نجمات عالميات فوق البساط الأحمر في كبريات التظاهرات العالمية، وتنافست في عرضه شهيرات الفن والغناء.
يعد القفطان قطعة مهمة لا تخلو منها خزانة مغربية، وهو لباس حفلات ومناسبات دون منازع، تحافظ عليه المغربيات وتتفنن في لباسه. وجعل منه المصممون قطعة صالحة لكل وقت، كالاستعمال اليومي وللبيت ولاستقبال الضيوف، والاستعمال المواكب للموضة بقصات قصيرة وجريئة، ومنه المثقل بالأحجار الكريمة.
حافظ القفطان على مكانته لتشبث المغربيات به وحبهن له، ورغم انفتاحه على مختلف الثقافات، ومزجه في كل مرة بلمسة من لمسات مختلفة، بقي القفطان وفيا لخصوصيته. تقول زينب القادري "القفطان يوصل رسالة، وإذا أحببته، وأحببت ثقافة بلدك، وشجعتها من قلبك، وساهمت في إيصالها للآخرين عبر تقريبها منهم لن تضيع"، وتابعت زينب جازمة "بالحب والثقة في الإبداع، القفطان لن يضيع".