كم تربح الحكومات من الدورة الشهرية للنساء؟

الاستخدام الخاطئ للأدوية بغرض تأخير الدورة الشهرية يتسبب في أضرار صحية
الضريبة على المنتجات الصحية النسائية تصل إلى 27% في بعض الدول (بيكساباي)

 زهراء مجدي

تخضع المنتجات النسائية للدورة الشهرية لرسوم ضريبية مرتفعة على الرغم من ضرورة استخدامها بشكل دوري. فمثل السدادات القطنية والفوط الصحية وأكواب الحيض والمنتجات المماثلة لها تشكل حاجة أساسية لا مفر منها مثل الغذاء والدواء، بخلاف بساطة تكوينها من قطن مضغوط وخيوط، وبالتالي تتعالى حولها أصوات مطالبة بضرورة إعفائها الضريبي، ذلك لأن الضريبة هنا تقع على وظيفة بيولوجية لا تتحكم المرأة بها.

تكلفة الدورة الشهرية؟

على الرغم من أن الأسعار قد تختلف من مكان لآخر، والظروف البيولوجية لكل امرأة، فإن التكاليف المرتبطة بهذا الوقت من كل شهر تظل باهظة، ويضطر نصف سكان العالم تقريبا لدفعها. ففي المتوسط تستمر الدورة الشهرية لدى المرأة بين ثلاثة إلى سبعة أيام، ويتراوح متوسط فترة سن الحيض بين 13 و51 عاما، وهذا يعني أن المرأة في المتوسط تعيش 2280 يوما وهي حائض، ما يساوي 6.25 أعوام طوال حياتها.

تلجأ المرأة لتغيير وسيلتها كل ست ساعات في المتوسط على مدار أكثر من ست سنوات، بحسب موقع هاف بوست الأميركي، وبعملية حسابية بسيطة وفقا لمسح أجرته ولاية كاليفورنيا في استطلاع للرأي عام 1996 -تم تعديله حسب متوسط السعر العالمي للفوطة الصحية- كان الناتج يساوي مليونا و773 ألف دولار.

كان ذلك دون حساب حاجة البعض لاستخدام وسيلتين، أو تناول قطعة شوكولاتة لتخفيف المشاعر السلبية في ذلك الوقت، والحاجة للسكريات لتعويض الجسم عما يفقده، أو علاج حب الشباب الذي يصيب الكثيرات بسبب التغيرات الهرمونية كل شهر، والوسادات الدافئة التي تهدئ تشنجات الحوض، وحاجة المرأة هذه الفترة إلى مسكنات لتشنجات الدورة الشهرية، التي تكلف تسعة دولارات، وهي أغلى من المسكنات العادية لمجرد أنها مخصصة للدورة الشهرية ورغم احتوائها على المادة الفعالة نفسها.

‪بعض الدول‬ ألغت(مواقع التواصل)
‪بعض الدول‬ ألغت(مواقع التواصل)

وسيلة ربح

مع أخذ اختلاف سياسات الحكومات حول العالم في الحسبان، إلا أن منتجات الدورة الشهرية عادة ما تندرج تحت قائمة السلع غير الأساسية وتتساوى في نسبة الضرائب المفروضة مع الكافيار، وتزيد على الفياجرا وسمك السلمون والسجائر والخمور والإقامة في الفنادق. عدا بعض الدول مثل بريطانيا وإيرلندا وكندا وأستراليا التي تخفض أو تلغي الضريبة على المنتجات الصحية.

وتعد وسائل الحماية النسائية في المجر هي الأعلى بنسبة ضريبية قدرها 27%، تليها الدانمارك وكرواتيا والسويد بنسبة 25%. وفي أميركا تختلف الولايات في النظر للسدادات القطنية والضرائب المفروضة عليها خلال العامين الأخيرين، فقد نظرت عدة ولايات أميركية في قرار إعفاء منتجات العناية النسائية من ضرائب المبيعات بحجة أنها منتجات ضرورية ومدرجة في قائمة المنتجات الطبية، هي ومعها ورق التواليت، والمناديل والفوط الصحية، وأكواب الدورة الشهرية، وجميع العناصر المرتبطة بها مثل المسكنات.

في الوقت نفسه، يتمسك البعض بضريبة الدورة الشهرية، فقد استخدم حاكم ولاية كاليفورنيا حقه في النقض ضد مشروع قانون لإنهاء الضريبة المفروضة على هذه المنتجات. وبرر موقفه بأن هذه الضريبة مفروضة في جميع أنحاء العالم، وأن مثل هذا الإجراء سيخفض إيرادات الدولة بمقدار ثلاثمئة مليون دولار.

وكان الحاكم قد استخدم حقه في الطعن على مشاريع قوانين مماثلة، مثل قانون إعفاء حفاضات الأطفال من الضريبة.

‪النساء يدفعن ضريبة وظيفة بيولوجية يتعرضن لها شهريا خلال سنوات عمرهن‬ (الألمانية)
‪النساء يدفعن ضريبة وظيفة بيولوجية يتعرضن لها شهريا خلال سنوات عمرهن‬ (الألمانية)

النظافة ليست خيارا

وترى معظم السيدات من مستهلكات منتجات النظافة النسائية أن الضريبة المرتفعة على منتجات أساسية للمرأة، بمثابة تمييز ضد النساء. ويرى المدافعون عن تحرير هذه المنتجات من الضريبة أنها تمثل ظلما وعبئا يقع على النساء، لأن السدادات القطنية التي تمتص دم الحيض ليست ترفا بالنسبة لهن.

وأخيرا اكتسب هذا النقاش زخما بعدما وصل إلى وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبح حركة عالمية بهدف إنهاء وصمة العار المرتبطة بدم الدورة الشهرية عبر حملات إلكترونية على وسم "سعيدة بحيضي" #HappyToBleed، و"سدادات مجانية"  #FreeTheTampons. وزاد الأمر عام 2015، بعدما ركضت امرأة في ماراثون بلندن، من دون استخدام وسيلة لامتصاص الدم للفت الأنظار لتلك القضية، ولغير القادرات على دفع تكلفة الحيض.

ففي دراسة استقصائية أجرتها جامعة سانت لويس بمساعدة عشر منظمات مجتمعية تخدم السكان ذوي الدخل المنخفض، ونشرتها وكالة رويترز بداية العام الجاري، تم الكشف عن أن ثلثي النساء ذوات الدخل المنخفض في المدن الكبيرة بالولايات المتحدة لا يستطعن شراء منتجاتهن الشهرية مثل السدادات أو الفوط الصحية طوال عام 2018. وبدلا من هذه المنتجات الباهظة الثمن تتعايش النساء مع القماش والخرق وورق التواليت وسرقة المناشف الورقية من الحمامات العامة، ما أثر على شعورهن بذواتهن وكرامتهن وقدرتهن على الخروج والحركة والعمل.

وفي استطلاع رأي أجرته الجمعية الطبية البريطانية فبراير/شباط 2019، كشف عن اضطرار ربع النساء إلى ترك العمل والانقطاع عن الدراسة، لأنهن لا يستطعن تحمل تكاليف منتجات فترة دورتهن، ووجد المسح أن 51% من النساء عانين من هذه المشكلة، أو يعرفن سيدة عانت منها، واضطر أكثر من الثلثين إلى استخدام وسائل حماية بداية مثل القماش وتحملن الألم والالتهابات الناجمة عنه، أما 27% من المشاركات في الاستطلاع تركن العمل أو الدراسة لعدم قدرتهن على الخروج وقت الدورة الشهرية، وهو رقم أعلى بضعفين من نتيجة آخر مسح.

ومن المؤكد أن النسب في الدول المتقدمة تختلف عن الدول النامية التي لا تجد فيها المرأة الفوطة الصحية، بخلاف النساء في المصحات النفسية والسجون، واللواتي يتعايشن مع هذا الواقع دون خيار آخر، لأن حاجتهن لسدادة قطنية ما زال رفاهية في نظر الحكومات.

المصدر : مواقع إلكترونية