يشمل مليون شخص.. منح الجنسية لأبناء الإيرانيات المتزوجات من الأجانب

سيحصل مليون شخص من أبناء إيرانيات المتزوجات مع الأجانب على الجنسية الإيرانية. الجزيرة copy.jpg
60% من الإيرانيات المتزوجات من أجانب أزواجهن أفغان (الجزيرة)

عبد الرحمن بور-طهران

صادقت الحكومة الإيرانية -بموافقة البرلمان، ومجلس صيانة الدستور- على قانون منح الجنسية الإيرانية لأولاد الإيرانيات المتزوجات من أجانب، وبذلك سيحصل عدد كبير منهم على الجنسية الإيرانية بعد انتهاء الخطوات اللازمة.

ويمثل الحصول على أي جنسية في العالم انتماء تترتب عليه واجبات وحقوق تجاه الدولة المانحة، وتعد الجنسية شرطا أساسيا للاستفادة من الفرص والامتيازات التي تقدمها الدولة لأبنائها، وهذا ما سيحصل عليه أبناء الإيرانيات المتزوجات من أجنبي وبقرار رسمي.

وجاء هذا القرار بعد 13 عاما من العمل بقانون أقره البرلمان الإيراني عام 2006، والذي قضى بطلب الحصول على الجنسية الإيرانية لأولاد الأجانب من أمهات إيرانيات، بعد إتمامهم 18 عاما.

‪سيحصل عدد كبير من الأطفال على جميع الحقوق الاجتماعية والتعليمية والتأمين والإعانات‬ (الجزيرة)
‪سيحصل عدد كبير من الأطفال على جميع الحقوق الاجتماعية والتعليمية والتأمين والإعانات‬ (الجزيرة)

منح الجنسية للمولود فورا
وفق القانون الجديد، يمكن للأم الإيرانية منح الجنسية الإيرانية لمولودها فورا، سواء كانت مقيمة في إيران أو في أي بلد آخر، وبالتالي يتمتع طفلها بكل الحقوق الممنوحة للمواطنين.

وكانت الحكومة أرسلت في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 مشروع القانون الجديد للبرلمان الإيراني للموافقة عليه، بعد اقتراح قدمته وزارة التعاون والعمل والرفاه الاجتماعي، بسبب حرمان الأطفال من جميع الحقوق الاجتماعية والتعليمية والتأمين والإعانات، فضلا عن مشاكل الإقامة الدائمة ومعاناتهم الاجتماعية.

وفي مايو/أيار من هذا العام، أقر البرلمان الإيراني المشروع، في حين رفضه مجلس صيانة الدستور، بسبب تخوفه من المشاكل الأمنية (الناجمة عن أنشطة آباء الأجانب).

التأكد من ملفات الآباء الأمنية
ولطمأنة الحكومة، أجرى البرلمان تعديلا على المشروع بإضافة موافقة وزارة الاستخبارات للتأكد من خلو ملفات الآباء من أي مشاكل أمنية قبيل منح الجنسية لأطفالهم، كما أضاف أيضا مخابرات الحرس الثوري للبت في الأمر.

وطالب البرلمان الشرطة الإيرانية بتسهيل معاملة إصدار التصريحات اللازمة لمنح الإقامة للآباء الأجانب، في حال توفر الشروط الأساسية، لا سيما الأمنية منها.

تجدر الإشارة إلى أن الإيرانيات المتزوجات من أجانب 60% منهن متزوجات من أفغان، و12% من عراقيين، و28% من جنسيات مختلفة، حسب إحصاءات غير رسمية.

وفق القانون الجديد يمكن للأم الإيرانية منح الجنسية الإيرانية لمولودها فورا (الجزيرة)
وفق القانون الجديد يمكن للأم الإيرانية منح الجنسية الإيرانية لمولودها فورا (الجزيرة)

استثمار منح الهوية
ويقول الدكتور حبيب الله مسعودي فريد مساعد الشؤون الثقافية والاجتماعية في منظمة الرعاية الإجتماعية في إيران للجزيرة نت؛ "الآن يمكن لجميع الأطفال الحصول على كافة الخدمات والإمكانات الموجودة في الدولة، مما سيضاعف شعورهم بالانتماء للبلد، ويسمح لهم بتكوين هوية".

ويرى فريد أنه يجب علينا الاستثمار في هؤلاء الأطفال، والاستفادة من دمجهم، وإلا سيشعرون بالضياع في المجتمع. كما "علينا الانتباه للبنات في إيران وحمايتهن، خاصة في المحافظات الحدودية، خوفا من تزويجهن بالإكراه، طمعا في المنفعة الاقتصادية التي يقدمها الرجل الأجنبي، للحصول على إقامة في إيران"، وفق تعبيره.

وأشار عضو لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان الإيراني أبو الفضل أبو ترابي إلى أن الحرمان من الهوية تسبب في إقحام هذه الفئة في مشاكل اجتماعية، ينتج عنها حقد دفين يؤثر عليهم سلبا وعلى باقي المواطنين.

‪هناك مخاوف من زواج القاصرات من رجل أجنبي لحصوله على الإقامة في إيران‬ (الجزيرة)
‪هناك مخاوف من زواج القاصرات من رجل أجنبي لحصوله على الإقامة في إيران‬ (الجزيرة)

امتيازات مقلقة
ويرى محللون أنه رغم ارتفاع مكانة المرأة الإيرانية، والاهتمام الحكومي بحقوق المواطنين، وتوفر العديد من الامتيازات لأبناء الإيرانيات بناء على القانون الجديد؛ فإن هناك أمورا مقلقة بشأن القرار.

وتعتقد المحامية والناشطة في حقوق المرأة مرضية محبي أن هناك خللا من الناحية الحقوقية والقانونية تتعلق بالقانون الجديد، الذي يسمح بإعطاء الجنسية لأولاد الإيرانيات اللاتي تزوجن زواجا شرعيا (عقد النكاح من دون تسجيله في الدوائر الرسمية)، وليس زواجا قانونيا (عقد نكاح يكتب ويسجل في المكاتب والدوائر الرسمية)، وهو الزواج المعتمد رسميا لدى الحكومة.

وتنتقد محبي تجاهل القانون الجديد قوانين الزواج السارية في البلد المبني على الزواج القانوني، مثل عدم سماحه بزواج القاصرات (أقل من 13 سنة للفتاة و15 سنة للشاب). أما في الزواج الشرعي فيمكن تزويج الفتاة في عمر أقل من تسع سنوات حسب المقررات الفقهية، مما يشكل خطرا على مستقبل الأطفال والفتيات، اللاتي قد يزوّجن عبر إغراء آبائهن بأموال "العريس الأجنبي"، بهدف الحصول على إقامته في البلد.

‪يمكن الآن لجميع أطفال الإيرانيات الحصول على كافة الخدمات والإمكانات الموجودة في الدولة‬ (الجزيرة)
‪يمكن الآن لجميع أطفال الإيرانيات الحصول على كافة الخدمات والإمكانات الموجودة في الدولة‬ (الجزيرة)

تحديات قرار التجنيس
إن انضمام المواطنين الجدد (الأطفال)، الذين يصل عددهم إلى أكثر من مليون شخص -حسب المتحدث الرسمي باسم اللجنة القضائية والقانونية في البرلمان حسن نوروزي- وسط ظروف اقتصادية صعبة، مع وجود التضخم والبطالة؛ سيزيد أعباء الدولة من جهة توفير المال لدراستهم ومساعدتهم المادية المقدمة من الحكومة، مما سيؤدي إلى مواجهة الحكومة تحديات مختلفة، بعد اتخاذها قرار التجنيس.

بدورها، طلبت وزارة الداخلية من جميع المحافظات والمديرية العامة للأحوال الشخصية في 13 أكتوبر/تشرين الأول الجاري بدء إجراءات القانون الجديد.

وبينما ينظر المراقبون إلى مرحلة دخول القانون حيز التنفيذ، وما إذا كان سيحتاج إلى تعديلات مستقبلا؛ يتساءل بعض المهتمين عن عدد الأمهات اللاتي سيتقدمن للحصول على الجنسية الإيرانية لأولادهن؟ وهل سيفضلن الاكتفاء بجنسية الوالد فقط؟

المصدر : الجزيرة