شغف يترجم لتحف.. قطريات يبدعن في تصميم المجوهرات

ندى السليطي
المصممة القطرية ندى السليطي تشرف على كل صغيرة وكبيرة من المخطط الأولي لقطعة المجوهرات وصولا إلى القطعة النهائية (الجزيرة)

علي شاكر-الدوحة

تمكنت شابات قطريات من حجز مكانة لهن في خارطة عالم تصميم المجوهرات، المضمار الذي يعتقدن أن شهرته كانت حكرا على دول معينة دون سواها.

هذه الحرفة النوعية ترى فيها المصممات سبيلا لاختراق حواجز عدة في آن واحد، والبداية من كسر احتكار وهيمنة فكرة وصول المنتج المصمم الجاهز إلى بلادهن.

ولكل مصممة رواية سلكتها في درب تحقيق النجاح في عالم تصميم الحلي والمجوهرات. تقول سميرة الملا إنها دخلت هذا العالم بفضل حرصها الشديد على مواكبة ما يقدمه أشهر مصممي المجوهرات العالميين.

وترى نوف المير أن دعم ذويها الكبير هو ما حفزها، وذلك بفعل اكتشاف أسرتها لميولها المبكرة في خوض غمار هذه الحرفة الثمينة.

أما جواهر المناعي، فسلكت أولى خطواتها في عالم الحلّي بمشاركة شقيقتها، وذلك حينما بدأتا جمع إكسسوارات والدتهما التي تخلت عنها، لتقوما بإعادة تشكيلها، ثم طورتا الفكرة لتصنيع الإكسسوارات من القطع الحرفية مثل الكريستال والمطاط والبلور والحبال، وتحويل الأربطة إلى عقود وأساور راقية.

تصميم المجوهرات بأيدي شابات قطريات (الجزيرة)
تصميم المجوهرات بأيدي شابات قطريات (الجزيرة)

تصميم وتنفيذ
ندى السليطي دخلت عالم الاحترافية في التصميم عام 2011، وهي الآن تشرف على كل صغيرة وكبيرة في عملية تصميم الحليّ، من المخطط الأولي لقطعة المجوهرات، وتنسيق التصميم وشراء الأحجار، وصولا إلى القطعة النهائية.

بدورها تقول المصممة ليلى أبو عيسى للجزيرة نت إنها تصمم مجوهراتها في مشغلها الخاص، وتقوم بالإعداد والتصنيع مع صائغ خبير متمرس في الألماس وتشكيلاته، وهو ما مكنها من تقديم منتجاتها بطريقة منافسة لأشهر العلامات التجارية المعروفة.

وإن كانت كل من ندى السليطي وليلى أبو عيسى وجواهر المناعي وسميرة الملا يصممن جميع المجوهرات في مشاغلهن بالدوحة؛ فإن سميرة تضيف على ذلك بعدا آخر يتمثل في الاعتماد الجزئي على حرفيين يقيمون في الهند.

‪مجوهرات المصممات القطريات تصل للعالمية‬ (الجزيرة)
‪مجوهرات المصممات القطريات تصل للعالمية‬ (الجزيرة)

تسويق عالمي
وأدى انفتاح العالم على وسائل التواصل الاجتماعي لتوسيع رقعة السوق المستهدفة من المصممات، فهن لا يعتمدن على الطلب المحلي فقط.

وتؤكد ندى السليطي أن منصات التواصل الاجتماعي مكنتها من تلبية طلبات عميلات من دول في شرق آسيا وأوروبا، فضلا عن السوق المحلية.

ويميل الخليجيون لاستعمال تويتر في حواراتهم الاجتماعية والسياسية، على العكس من غالبية البلدان العربية الأخرى التي تعتمد أكثر على فيسبوك، بينما تفضل المصممات سناب شات وإنستغرام لترويج منتجاتهن.

وشكلت انطباعات القريبات والصديقات أولى خطوات تسويق ليلى أبو عيسى لتصاميمها من الحلي والمجوهرات، لاعتقادها بأهمية هذا الأسلوب لكسب ثقة الدائرة المحيطة بها، وهي دائرة قابلة للتوسع مع مرور الوقت، لكنها لم تغفل أيضا التسويق الإلكتروني الذي مكنها من بلوغ بعض الأسواق الإقليمية.

وتقول نوف المير إنها نجحت بتسجيل حضورها في السوق المحلية بفضل قدرتها على التسويق عبر "سناب شات"، وهي تخطط لتسويق منتجاتها في دول أخرى.

وتستهدف جواهر وسميرة -إضافة للتسويق الإلكتروني- المناسبات الاجتماعية، ولقاءاتهما مع رائدات الأعمال في بلادهن، للترويج لمنتجاتهن.

وتتأهب المصممات الخمس للمشاركة في النسخة الجديدة من معرض الدوحة للساعات والمجوهرات الذي يقام في العاصمة القطرية في الثلث الأخير من فبراير/شباط المقبل.

‪ندى السليطي: عالم المجوهرات عالمي، نتعامل مع مزارع لؤلؤ من تاهيتي إلى جانب قاطعي أحجار كريمة من إيطاليا وألمانيا والهند‬ (الجزيرة)
‪ندى السليطي: عالم المجوهرات عالمي، نتعامل مع مزارع لؤلؤ من تاهيتي إلى جانب قاطعي أحجار كريمة من إيطاليا وألمانيا والهند‬ (الجزيرة)

اختيار المواد الأولية
وعن آلية اختيار المواد الأولية اللازمة لتصميم المجوهرات، يظهر نوع من التمايز بين المصممات الخمس، فلكل منهن مصدر مختلف.

تقول سميرة: "أحصل على غالبية الأحجار الكريمة وشبه الكريمة من خلال زياراتي المتكررة لمعرض توسان الشهير الواقع في ولاية أريزونا الأميركية، الذي أقصده دوما لهذا الغرض".

وتقول ليلى إن الأمر يختلف تبعا للمنتج المراد تصميمه، "فلكل نوع من الألماس والأحجار الكريمة منبع مختلف، وأحاول قدر الإمكان ان أحصل على ما أريد من مصدره الأصلي، إذ أرتبط بعلاقات مع موردين من جهات شتى لتحقيق ذلك".

أما ندى فتجد صعوبة في تحديد موقع جغرافي بعينه للحصول على المستلزمات والمواد المطلوبة لصياغة المجوهرات.

وتقول إن "الجميل في عالم المجوهرات، أنه مجال عالمي، حيث إننا نتعامل مثلا مع مزارع لؤلؤ من تاهيتي، إلى جانب قاطعي أحجار كريمة من إيطاليا وألمانيا والهند، وهم بدورهم يحصلون على المواد الخام من دول مختلفة حول العالم".

المساندة الأسرية
المصممات القطريات أكدن للجزيرة نت أن الثقافة الاجتماعية في بلادهن لا تعرقل المرأة، بل تفسح لها المجال لتحقيق طموحاتها في عالم الأعمال.

وتقول ندى في هذا الصدد "لم نشعر بوجود حواجز اجتماعية في بلادنا، فلطالما حظيت المرأة في دولة قطر بقدر كبير من الاهتمام الرسمي، إلى جانب نيلها هامش حرية واسعا يتيح لها تحقيق طموحاتها".

أما نوف المير، فتقول إنها لولا المساندة الأسرية لما تمكنت هي ونظيراتها من تحقيق النجاح في مجال استثمارهن الذي يتطلب المشاركة في المعارض والفعاليات التسويقية المتعددة.

‪النسخة الأخيرة من معرض الدوحة للساعات والمجوهرات 2018 شهدت‬ (الجزيرة)
‪النسخة الأخيرة من معرض الدوحة للساعات والمجوهرات 2018 شهدت‬ (الجزيرة)

تنويع الأعمال
ويبدو أن هؤلاء المصممات يفضلن التفرغ للحرفة التي اخترنها عوضا عن تشتيت تركيزهن على أكثر من مضمار.

وتؤكد ليلى على أهمية التركيز على هذا المجال بقولها: "انطلقت من عالم الأعمال وتحديدا تجارة الماس، إلا أن شغفي لطالما تمحور حول التصميم، لذا أكرس جل وقتي لبناء علامتي التجارية وأعمالها".

وتوافقها الرأي نظيرتها جواهر، وذلك من خلال تشديدها على أهمية تنمية وتطوير عملها في مجال المجوهرات الذي تركز عليه دون سواه.

بل إن ندى فضلت ترك مجال الاستثمار في قطاع العقارات وإدارة الأصول، لتتجه نحو ميدان الذهب والمجوهرات لما يمثله الأخير من هواية وشغف ومهنة في الآن ذاته.

وقد شهدت النسخة الأخيرة من معرض الدوحة للساعات والمجوهرات، مشاركة تسع مصممات قطريات شابات.

المصدر : الجزيرة