سوريون تفرقهم السياسة ويجمعهم الفيسبوك

(صفحة فيسبوك الثمانينات والتسعينات) ومصدرها ناشطون.
صفحة "فيسبوك التمانينات والتسعينات" تضم أكثر من 133 ألف مشارك (ناشطون)

سلافة جبور-دمشق

في طريقة جديدة ومبتكرة، اختار عشرات آلاف السوريين داخل سوريا وخارجها الهروب من واقعهم المؤلم الذي فرضته الحرب الدائرة في البلاد منذ أكثر من أربعة أعوام، من خلال "مناسبة" افتراضية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.

وعلى صفحة المناسبة -التي تضم حتى اليوم أكثر من 133 ألف مشارك، واختارت مؤسِستها اسم "فيسبوك التمانينات والتسعينات" لتطلقه عليها- كُتبت بضع كلمات تعريفية عنه باللهجة السورية العامية: "لو كان عندك فيسبوك لما كنت بالإعدادي أو الثانوي، شو كانت رح تكون البوستات؟ ممنوع دخول يلي ولدوا بعد العام 2000، أنتو عندكم حساب فيسبوك من لما عرفتوا تقرأوا وتكتبوا".

وفي ذلك المجتمع الافتراضي، أخذ آلاف السوريين يستحضرون في ذاكرتهم حقبة تميزت بالانغلاق شبه التام للمجتمع ووسائل الإعلام في سوريا، وراحوا ينشرون ذكرياتهم كما لو أن وسائل التواصل الاجتماعي كانت موجودة، ويتشاركون الابتسامة والضحك بشأن تفاصيل يومية لا يعرفها إلا من عاش في سوريا خلال تلك الفترة.

ولم تكن مؤسِسة صفحة المناسبة، نور الزمان حيدر -وهي فتاة سورية لها من العمر 25 عاما- لتتوقع أن تحظى فكرتها بهذا الإقبال، وأن تتحول لمكان يجمع ما فرقته الحرب، خاصة أنها أنشأته بسبب فضولها لمعرفة ما تشارك به أبناء جيلها في تلك المرحلة، وغيرتها من الجيل الجديد الذي استطاع منذ صغره مشاركة كل تفاصيل حياته على مواقع التواصل الاجتماعي.

وكتب عشرات الأشخاص لنور حيدر -كما أوضحت في حديثها للجزيرة نت- معبرين عن تأثرهم بهذه الصفحة التي تمتلئ بذكريات طواها النسيان وأخرى مشتركة كثيرة كان كل شخص يعتقد حصولها في حياته فقط، مع كمٍّ كبير من المشاعر التي امتلأت بها المنشورات.

وأكدت نور أنها لم ترغب على الإطلاق بإضفاء أي طابع سياسي على صفحة المناسبة، وساعدها على ذلك عدم تطرق أي من المشاركين لأحاديث سياسية أو مواقف نابعة من الواقع السوري اليوم.

بدوره أكد محمود -وهو أحد المشاركين في المناسبة والمتابعين اليوميين لها- أن هذه الصفحة الافتراضية أتاحت فرصة نادرة لاجتماع آلاف السوريين من الداخل والخارج على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم السياسية والفكرية، واشتراكهم في الضحك والتسلية بعيداً عن السياسة والحرب.

وتتفق شادية -وهي مشاركة أخرى في الصفحة- مع محمود في رأيه، إذ ترى أن السوريين اليوم بحاجة لمساحة تنسيهم خلافاتهم وصراعاتهم، "ومع صعوبة وجود هذه المساحة في الحياة الواقعية بسبب ظروف الحرب والهجرة وتشتت العائلة والأصدقاء، قد تكون مناسبات كهذه على وسائل التواصل الاجتماعي هي المكان الأنسب للحديث دون خلاف"، على حد تعبيرها.

المصدر : الجزيرة