صناعة تطبيقات الهواتف الذكية.. هل تتوفر لها بيئة خصبة بمصر؟

البرمجة وسيلة من وسائل حلول مشاكل المجتمعات - مواقع التواصل
تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي وتبادل الرسائل احتلت نصيب الأسد في استخدامات المصريين (مواقع التواصل)

يزداد الاهتمام بمجال صناعة التطبيقات الإلكترونية في مصر مع تنامي الحديث عن التحول الرقمي وميكنة الخدمات، إلا أنه بين عشرات تطبيقات الهواتف المحمولة التي يصنعها المطورون في مصر عدد محدود فقط يستمر بالمنافسة وتقديم خدماته للجمهور، حيث إن نصيب الأسد من المتابعة والاستخدام بالأغلب للتطبيقات الأجنبية.

هذا ما دعمته إحصائية رسمية لجهاز تنظيم الاتصالات المصري في السادس من سبتمبر/أيلول الماضي، حيث كشفت عن احتلال تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي وتبادل الرسائل الفورية كالواتس آب ومشاهدات الأفلام نصيب الأسد بين التطبيقات المستخدمة أثناء العام، فقد بلغ عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي مليوني مستخدم بواقع 52 مليون زيارة بالساعة الواحدة وباستهلاك 19 ألف تيرابايت، في حين استخدم المحادثات الفورية 1.5 مليون مستخدم بالساعة، وسجلت تطبيقات ومواقع مشاهدات الأفلام 1.4 مليون مشاهدة و89 ألف ساعة مشاهدة، بحجم بيانات بلغ 38 تيرابايت في الساعة.

 

"الأمر يتعلق بمستوى الثقافة والوضع الاجتماعي السائد"، هذا ما يؤكده مطور البرمجيات المهندس محمد هاني للجزيرة نت، مشيرًا إلى أن الأمر لا يتوقف على مصر فحسب بل ينسحب على المنطقة العربية كلها التي أمضت نحو 10 سنوات في الصراعات والثورات والتحولات الاجتماعية، مما ساعد على نمو استخدام تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي، ومن ثم تضاءل الاهتمام بصناعة التطبيقات الإلكترونية على عكس دول أوروبا التي لديها استقرار واهتمام بصناعة التطبيقات.

والمتابع لواقع التقنية في مصر يجد أن عبارة "السيستم واقع يا فندم" لطالما كانت مشكلة تواجه الكثير من المواطنين داخل المصالح الحكومية على غرار مصلحة البريد أو التموين أو غيرها، وهو ما جعل الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية تؤكد أخيرًا على الاتجاه للتنسيق بين الوزارات من أجل تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين وحل المشكلة.

ويعلق هاني قائلًا "إن الانتقال الرقمي في مصر والعالم العربي لا يزال جديدًا بسبب البنية التحتية التي لم ينته تطويرها بعد"، متابعًا أن هناك نقصا في مجال التعليم بالعالم العربي، مما يجعل صناعة واستخدام التطبيقات الإلكترونية وافدًا جديدًا على كثير من المواطنين بمصر، في ظل ارتفاع نسب الأمية حيث إن عدد الأميين 18.4 مليون نسمة بمعدل 25.8% في آخر إحصائية رسمية لرصد نسبة الأمية بمصر.

وفسّر هاني سبب اتجاه أغلب المبرمجين في مصر للعمل الحر أو من خلال الشركات الناشئة إلى ضعف بيئة الاستثمار بالمجال وعدم اتجاه الشركات إلى تنفيذ تطبيقات خاصة بها موجهة للجمهور نظرًا لأن الأمر ما زال جديدا داخل مصر، مؤكدًا أنه توجد حاجة إلى مزيد من الاهتمام بالمجال من خلال اتجاه شركات ومؤسسات ريادة الأعمال وحاضنات الأعمال لدعم مجال صناعة البرمجيات والاستثمار فيه؛ لكي تزدهر صناعة التطبيقات مع التركيز على دراسة جدوى للتطبيقات والفئات المستهدفة من تدشينها.

ورغم ذلك فقد نجحت العديد من التطبيقات المصرية في تحقيق الزخم حولها بل والفوز بمسابقات عالمية، مثل تطبيق "هوايا" أحد تطبيقات الزواج الذي أنشئ عام 2017، وشهد زخما جماهيريا في الآونة الأخيرة مع تفشي جائحة كورونا، ليصل إلى عدد من الدول العربية والأجنبية آخرها كندا.

وأيضًا تطبيق "اسأل نميسة" الذي ابتكرته شركة الذكاء الاصطناعى المصرية "DXwand " الذي فاز بجائزة أفضل المشروعات التكنولوجية على مستوى العالم في أبريل/نيسان الماضي، من خلال 350 عضو لجنة تحكيم فى المنافسة العالمية "#BuildforCOVID19". ويعمل التطبيق على مساعدة الحكومات على التفاعل مع مرضى كورونا وتقديم المعلومات عن الفيروس، وفاز التطبيق بين 1561 من المشروعات قُدّمت من 175 دولة.

وهناك تطبيق "شيزلونج" الذي استطاع الوصول إلى كثير من الدول العربية خلال المدة الماضية، حيث يعد التطبيق المصري أول عيادة نفسية إلكترونية تضم 500 طبيب نفسي ليكون بمنزلة وسيلة للتواصل مع المرضى وتقديم الاستشارات النفسية وعلاج مشكلات الإدمان بصورة تفاعلية.

وتعد الشركات الناشئة وتلك التي تبحث عن التسويق لمنتجاتها الأكثر اهتماما بمجال صناعة التطبيقات، ورغم ذلك فإن نسبة محدودة من تلك الشركات تحظى بالنجاح، ويظهر هذا في توقف العديد من التطبيقات بعد فشلها في الوصول إلى الجمهور على غرار تطبيق "جرائد" وهو تطبيق مصري كان يختص بإيصال الجرائد للمواطنين بصورة يومية، وهناك أيضًا تطبيق "هيدما ستور" الذي أنشأه عدد من الشباب المصري لبيع قمصان جاذبة للانتباه كتبت عليها عبارات باللغة العربية مثل "شد حيلك"، و"إن صدقت العزم وجدت السبيل" وغيرها.

وفي هذا السياق يرى المبرمج والمطور المهندس محمد عبد السلام -خلال حديثه للجزيرة نت- أن جزءا من أسباب ضعف الاهتمام بإنتاج التطبيقات يعود إلى الحاجة إلى مزيد من إتقان الإنتاج، مما يحتاج إلى دراسة مستفيضة من البداية، بدءا بتصميم التطبيق ومرورًا بدراسات الجدوى ودراسة السوق والجمهور المستفيد، بما يساعد في تقديم حلول حقيقية لمشكلة ما، وهو الهدف الأساسي من إنشاء التطبيقات، وبتحقق ذلك فإنه قد يسهم في جعل مجال البرمجة للتطبيقات في مصر أكثر أهمية.

المصدر : الجزيرة