خلال الحرب العالمية الثانية.. من كان خلف المشهد يعود إلى الواجهة

سيساعد الذكاء الاصطناعي على وضع الصور التاريخية في سياقها الزمني الصحيح (مصور مجهول - ويكيبيديا)
الذكاء الاصطناعي يساعد على وضع الصور التاريخية في سياقها الزمني الصحيح (مصور مجهول-ويكيبيديا)

تعتبر الصور من أهم الوسائل التي توثق الأحداث المهمة. وكثيرا ما نرى المئات من الصور التاريخية دون أن نعرف من قام بالتقاطها. إلا أن التقنيات الحديثة ستضع هؤلاء المصورين أمام الكاميرا لنعرف هويتهم بعد أن باتوا لمئات السنين خلف الستار.

التعرف على المصورين

فحسب دراسة حديثة نشرتها دورية "آي إي إي إكسبلور" (ieeexplore) في أغسطس/آب الماضي، استخدمت تقنية الذكاء الاصطناعي من قبل فريق دولي من جامعة تامبيري (Tampere University) في فنلندا ومن معهد البيئة الفنلندي (Finnish Environment Institute) وجامعة آرهوس (Aarhus University) في الدانمارك، وذلك لتحليل عدد كبير من الصور التاريخية التي التقطت خلال فترة الحرب العالمية الثانية، مما مكن من التعرف على هوية المصورين.

تمتلك التكنولوجيا التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي قدرات تضاهي -وأحيانا تتفوق على- قدرة العقل البشري. إذ يمكن لهذا النوع من التكنولوجيا التعلم الذاتي ومعالجة البيانات بالشكل الأمثل ومن ثم التنبؤ بأفضل النتائج الممكنة، وذلك كله من خلال برمجة حاسوبية تعد خصيصا لصقل هذه التكنولوجيا بتلك الصفات.

وقد استخدم الباحثون صورا من أرشيف الحرب الفنلندية المتاحة للعامة، والتي يبلغ عددها 160 ألف صورة تم التقاطها بواسطة 23 مصورا فنلنديا معروف الهوية أثناء الحرب العالمية الثانية، وذلك في الفترة من عام 1939 إلى 1945.

ومكنت تقنية الذكاء الاصطناعي -والتي تعتبر بمثابة العقل الحديث- الباحثين من تحليل الصور بشكل دقيق وسريع تعدى أي عملية فهرسة يدوية. واستنادا إلى خصائص كل صورة، وأيضا تمييز الفروق بين المصورين، استطاعت هذه التقنية الكشف عن هوية المصورين، وكذلك التعرف التلقائي على كثير من الأشياء التي تم التقاطها في العديد من الصور.

استطاع الذكاء الاصطناعي التعرف على مصوري الصور اعتمادا على خصائص الصورة (مصور مجهول - ويكيبيديا)
استطاع الذكاء الاصطناعي التعرف على مصوري الصور اعتمادا على خصائص الصورة (مصور مجهول-ويكيبيديا)

دقة جيدة

وحول دقة النتائج التي توصل لها الفريق، صرح ألكسندروس يوسيفيدس، الأستاذ المشارك والخبير بالذكاء الاصطناعي بجامعة آرهوس، في البيان الصحفي المنشور على موقع "يوريك ألرت" (EurekAlert) قائلا "لقد فوجئنا بمدى الدقة التي أمكن للذكاء الاصطناعي التعرف بها على المصورين استنادا إلى بعض الخصائص مثل محتوى الصورة وإطارها".

وأظهرت الصور التي تم تحليلها أن الذكاء الاصطناعي قد تعرف على المصورين الذين يتمتعون ببعض الخصائص المميزة في التقاط الصور، ولكن عجز عن التعرف على البعض الآخر. إذ بلغت دقة تمييز الصور نسبة وصلت إلى 41.1%.

وكانت صور أستاذ علم النباتات الفنلندي هيكي رويفاينين -والذي عمل مصورا أثناء حروب عدة خاضتها فنلندا خلال فترة الحرب العالمية الثانية- من بين أكثر الصور التي كان من السهل التعرف عليها.

تطبيقات مُلحَّة

يعتبر هذا التحليل التلقائي لمجموعات الصور والمشاهد المتعددة بمثابة أداة جديدة يمكنها وصف المحتوى الموجود في أي أرشيف فوتوغرافي. وقد تساعد هذه الأداة الجديدة الاتحاد الأوروبي في مبادرته التي أطلقها تحت اسم "إمكانية الوصول الموجه" والتي دخلت حيز التنفيذ في سبتمبر/أيلول الماضي.

إذ تهدف هذه المبادرة إلى تسهيل الوصول لمواقع الإنترنت. ومن ثم وضعت المبادرة شروطا تستلزم إضافة وصف نصي لأي صورة تتم مشاركتها في الفضاء الإلكتروني العام.

يقول أنسي مانيستو المحاضر بجامعة تامبيري، والمهتم باستقصاء الصور الموجودة في الصحافة منذ أكثر من 25 عاما "لطالما كان تحليل البيانات الضخمة الموجودة في محتويات الصور حلما بالنسبة لي. لذا فإنني مفتون جدا بما حققه الذكاء الاصطناعي من نتائج. إذ إن التعرف على خصائص الصور، مثل محتواها وإطارها، سيحمل العديد من التطبيقات الواعدة لعدد من العلوم الإنسانية والاجتماعية".

وبالطبع سيوفر الذكاء الاصطناعي المطبق بهذا المنحى فرصة فريدة للتعرف السريع والدقيق على الوجوه، ومميزات الصور المختلفة وخصائصها. ومن ثم سيساعد على ربط الصور التاريخية ذات الأزمنة المختلفة ببعضها البعض، كما سيساهم في وضع هذه الصور في سياقها الزمني الصحيح.

المصدر : الجزيرة