مجرات خضراء ساخنة تكشف عن ماضي الكون
تعتبر المجرات ذات الوهج الأخضر نادرة جدا في الكون الفعلي، ومع ذلك فقد تمكن علماء فلك من جامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس الأميركية من اكتشاف أن معظم إن لم يكن جميع المجرات الأولى في الكون ذات وهج أخضر بسبب حرارتها الشديدة وكيميائيتها الخاصة.
وقال أستاذ الفيزياء في الجامعة ماثيو مالكان في بيان إن "اكتشاف أن المجرات الفتية ناصعة بشكل غير متوقع مع ضوء أخضر سيغير ويحسن بشكل كبير الطريقة التي ندرس بها تشكل المجرات عبر تاريخ الكون".
وعادة ما يكون وهج المجرات أبيض مع تغيرات طفيفة في اللون، فعلى سبيل المثال تبدو المجرات ذات المقدار الكبير من غاز الهيدروجين وردية قليلا، في حين تميل المجرات الأخرى التي تضم العديد من النجوم الحمراء الباردة إلى اللون الأحمر أو البرتقالي أو الأصفر.
أما المجرات الخضراء فهي نادرة للغاية، وذلك لأن التوهج بالأخضر يتطلب ظروفا خاصة جدا، فلا بد أولا من وجود مجرة مع سوبرنوفا (نجوم متفجرة) لتشكل الأكسجين، ثم نحن بحاجة إلى نجوم تحترق عند درجة حرارة حول خمسين ألف درجة كالفن، وهي حرارة أعلى من أسخن النجوم المعروفة في الكون، ثم تعمل النجوم الساخنة بعد ذلك على تأيين غيوم الأكسجين مرتين لصنع سحابة ذات وهج أخضر بتأين مضاعف (++O) في طيف الضوء.
وعادة، فإن مثل هذه النجوم تتواجد في مجرات صغيرة "قزمة"، وتعد "مجرات البازلاء الخضراء" أكثر أنواعها شيوعا، وعلى سبيل المثال فقد رصد تلسكوب الفضاء هابل المجرة "J0925+1403" التي يبلغ حجمها 20% من حجم مجرتنا درب التبانة.
واكتشف العلماء أن تلك المجرة تنفث فوتونات متأينة بكثافات لم يسبق مشاهدتها، ويعتقد مالكان أن سبب ذلك أن النجوم الفتية كانت أسخن في المجرات التي تشكلت في وقت مبكر من عمر الكون.
وتفحص مالكان وفريقه قطاع من السماء بحجم القمر البدر يدعى "سوبارو ديب فيلد" باستخدام تلسكوب "سوبارو" في هاواي فوجدوا أن كافة المجرات الصغيرة تنفث ضوءا أخضر بشكل مثير للدهشة، وأن الكون في مراحله الأولى (عندما كان عمره أقل من ملياري عام وأكثر كثافة بسبعين مرة من الآن) مكون في معظمه من مثل هذه المجرات القزمة.
ويعتقد مالكان أنه بعد إطلاق تلسكوب الفضاء "جيمس ويب سبيس تلسكوب" في 2018 وتلسكوب "دبليو فيرست" المزودين بمستشعرات لطيف ++O سيتمكن العلماء من رصد ودراسة الوهج الأخضر الكثيف الصادر من المجرات الفتية، مما سيشكل فرصة جيدة لمعرفة كيف تطورت المجرات الأولى.