آبل.. من المرآب إلى صدارة شركات التقنية

رماح الدلقموني

قبل أربعين عاما، كان رجلان عبقريان في نقاش بمرآب عن تصنيع حاسوب شخصي يمكن للمستهلك العادي استخدامه والاستفادة منه، كان الأول ستيف وزنياك مهندس الحاسوب في شركة "هيولت باكرد"، والثاني ستيف جوبز يعمل في شركة "أتاري"، وشكل الحاسوب الذي ابتكراه نواة لشركة أصبحت اليوم الأكثر قيمة في العام، وهي شركة أبل.

أما وزنياك فقد صمم عتاد الحاسوب ومكوناته ونظام التشغيل الذي يعمل به وأصبح يدعى "أبل 1″، لكن الفضل يعود إلى صاحب الرؤية الحالمة جوبز الذي ابتكر التصميم الإبداعي واستراتيجية تسويق الجهاز، وباع سيارته الفولكس فاجن مقابل 1300 دولار لتأسيس شركة أبل في الأول من أبريل/نيسان 1976.

اختار جوبز اسم أبل (التفاحة) للشركة إشارة إلى تلك الفاكهة التي ألهمت إسحق نيوتن اكتشاف الجاذبية عندما سقطت على رأسه من الشجرة، كما أنها كانت فاكهة جوبز المفضلة. لكن ما لا يعرفه الكثيرون أن تصميم الشعار الأصلي للشركة نفذه "رونالد واين"، وهو شريك ثالث مؤسس لأبل إلى جانب جوبز ووزنياك.
 
في الثالث من يناير/كانون الثاني 1977 سجل جوبز ووزنياك الشركة رسميا تحت اسم "شركة أبل للحاسوب" دون واين الذي انسحب وباع نصيبه فيها لشريكيه مقابل 800 دولار، وبعد ثلاثة عقود من ذلك التاريخ تحول اسم الشركة إلى "شركة أبل" في إشارة إلى توجهها نحو المنتجات الإلكترونية الاستهلاكية.

أبل 1

‪أبل 1 كان لوحة أما تضم معالجا وذاكرة وشريحة فيديو ويفتقر للشاشة ولوحة المفاتيح والصندوق الحاضن (أسوشيتد برس)‬ 
أبل 1 كان لوحة أما تضم معالجا وذاكرة وشريحة فيديو ويفتقر للشاشة ولوحة المفاتيح والصندوق الحاضن (أسوشيتد برس)
‪أبل 1 كان لوحة أما تضم معالجا وذاكرة وشريحة فيديو ويفتقر للشاشة ولوحة المفاتيح والصندوق الحاضن (أسوشيتد برس)‬
أبل 1 كان لوحة أما تضم معالجا وذاكرة وشريحة فيديو ويفتقر للشاشة ولوحة المفاتيح والصندوق الحاضن (أسوشيتد برس)

كان وزنياك في السادسة والعشرين من عمره وجوبز في الحادية والعشرين عندما بدآ العمل في مرأب منزل والدي جوبز -بول وكلارا- في مدينة لوس ألتوس بولاية كاليفورنيا على تطوير الحاسوب "أبل 1″، وكان ذلك المرآب أيضا أول مقر رسمي للشركة.

في تلك الأيام كان وزنياك يعمل في النهار بتصميم الآلات الحاسبة لشركة هيولت باكارد، وفي المساء يبني الأجهزة التي تمكنه من إجراء مكالمات هاتفية مجانية بعيدة المدى، في حين كان يعمل جوبز في قسم الإلكترونيات لشركة الألعاب الإلكترونية "أتاري".

في تلك الفترة كانت الإنترنت في مهدها، وكانت الهواتف الخلوية المحدودة بحجم كرة قدم، وكان مداها محدودا، وكذلك مدة المكالمة التي يمكن إجراؤها، أما ألعاب الفيديو المهيمنة في السوق فكانت على شاكلة ألعاب "ويلز" و"سي وولف" و"بونغ".

الشرارة الأولى

‪صورة تعود لعام 1984 تضم وزنياك‬ (يمين)(يسار)(أسوشتيد برس)
‪صورة تعود لعام 1984 تضم وزنياك‬ (يمين)(يسار)(أسوشتيد برس)

وكانت الشرارة عندما شاهد الاثنان الحاسوب "ألتير 8800" (Altair 8800) -وهو من نوعية "ابنِه بنفسك- على غلاف عدد يناير/كانون الثاني 1975 من مجلة "بوبيولار إلكترونيكس"، وكانا يطمحان إلى بناء حاسوب شخصي، فكانت النتيجة بعد ذلك بأشهر قليلة الحاسوب "أبل 1" الذي صممه وبناه وزنياك بيده، وعرض النموذج الأولي له على صديقه جوبز في 29 يونيو/حزيران 1975.

بيع الحاسوب "أبل 1" كدائرة كهربائية تضم اللوحة الأم والمعالج والذاكرة وشريحة فيديو بدائية، وكان على من يشتريه أن يضيف إليه لوحة المفاتيح والشاشة والصندوق الحاضن للعتاد، ولذا كان أقل مما يعتبر الآن حاسوبا شخصيا كاملا.

في الأول من يوليو/تموز 1976 تمكن وزنياك وجوبز من بيع مئتي وحدة من "أبل 1" لمتجر يملكه مهووسون بالحاسوب مثلهما مقابل 666.66 دولارا للجهاز، وقد اختار هذه الثمن وزنياك الذي كان يهوى الأرقام المتماثلة، وبحساب معدل التضخم يعادل ذلك المبلغ حاليا 2772 دولارا، أما القيمة التاريخية لهذا الحاسوب فتتجاوز في بعض الحالات 800 ألف دولار.

ولاحقا وظف جوبز خبير الإعلانات ريجيس ماكينا لتصميم شعار أبل الشهير، وبعد إطلاقها بعام تجاوزت مبيعات الشركة مليون دولار، ومع نهاية سنة 1978 أصبحت أسرع الشركات نموا في الولايات المتحدة، وفي سنة 1980 طرحت أسهمهما للاكتتاب العام، فبلغت 4.6 ملايين سهم بقيمة 22 دولارا للسهم، وقد بيعت جميعها في دقائق.

أبل اليوم

‪موظفو أحد متاجر أبل في اليابان يرحبون بأوائل العملاء في طابور الانتظار لشراء أحدث هواتف الشركة‬ (أسوشيتد برس)
‪موظفو أحد متاجر أبل في اليابان يرحبون بأوائل العملاء في طابور الانتظار لشراء أحدث هواتف الشركة‬ (أسوشيتد برس)

وتعد شركة أبل اليوم أكبر شركة تقنية معلومات في العالم من حيث العائدات، وأكبر شركة تقنية من حيث إجمالي الموجودات، وثاني أكبر شركة مصنعة للهواتف المتنقلة بعد الكورية الجنوبية سامسونغ، وصاحبة أغلى علامة تجارية بعد شركة ألفابت الأميركية الشركة الأم لغوغل.

في نوفمبر/تشرين الثاني 2014 أصبحت أبل أول شركة أميركية تتجاوز قيمتها 700 مليار دولار، وحتى يوليو/تموز 2015 كان لدى الشركة 115 ألف موظف بدوام كامل، كما ملكت 475 متجر تجزئة في 17 دولة حتى مارس/آذار 2016.

وتشكل منتجات أبل علامة فارقة في الأسواق وتقود حركة التقنية، على غرار هواتف آيفون وحواسيب آيباد اللوحية التي يصطف المئات أمام متاجرها المنتشرة حول العالم قبل أيام من طرحها في السوق تنافسا على من يكون أول من يظفر بشرائها.

المصدر : مواقع إلكترونية