تمساح تونس.. عملاق يسقط نظرية الانقراض الشامل

الباحث على بوسنسنة قرب جمجمة التمساح المكتشف
الباحث علي بوسنينة قرب حفرية جمجمة التمساح المكتشف (الجزيرة نت)

الصغير الغربي-تونس

عثر باحثون في علم المستحاثات في محافظة تطاوين جنوب تونس على بقايا متحجرة لتمساح عملاق لم يكن معروفا من قبل لدى العلماء، كان قد عاش في المنطقة قبل 130 مليون عاما، ومن المنتظر أن يُحدِث هذا الاكتشاف تغييرا كبيرا في نظرة العلماء لنظرية الانقراض الشامل الذي يعتقدون أنه حصل في نهاية العصر الجوراسي قبل 145 مليون سنة وشمل كامل سطح الأرض.

وبحسب عالم المستحاثات الإيطالي فديريكو فانتي الذي قاد فريق البحث التونسي الإيطالي الذي نشرت نتائجه بدورية بحوث العصر الطباشيري "كرتسيوز رسيرش"، فإن هذا النوع من التماسيح -ويطلق عليه علميا اسم ماكيموسوروس ريكس (م. ريكس)- هو تمساح عملاق يعيش في المياه المالحة، ويقدر طوله بحوالي عشرة أمتار ويبلغ وزنه حوالي ثلاثة أطنان.

أما جمجمة هذا التمساح فهي بطول متر ونصف تقريبا، وتتميز أسنانه بشكلها المخروطي وعليها خطوط من الأعلى إلى الأسفل. وتدل ضخامة الجمجمة وشكل الأسنان وكثافتها على قوة عضة هذا التمساح الضخم، مما يعطي فكرة على نوعية غذائه وهو السلاحف البحرية بالإضافة إلى أنواع مختلفة من الأسماك.

وذكر الباحثون في مقالهم العلمي المنشور في بداية يناير/كانون الثاني الحالي، أن هذه المستحاثات تعود إلى العصر الطباشيري وبالتحديد إلى ما قبل 130 مليون سنة.

ويقول الباحث الجيولوجي التونسي علي بوسنينة إن فريق البحث قد حدد عمر هذه المستحاثات بالاعتماد على معطيات تتعلق بطبقات الأرض والترسبات الأحيائية التي تحتويها. فالطبقة الحاملة لجمجمة التمساح المكتشف تقع بين طبقة عليا تعود إلى العصر الباريمي (عمرها بين 125 و130 مليون عام) وطبقة سفلى تعود إلى العصر الهاتريفي (عمرها بين 130 و136 مليون عام).

‪فريق تونسي إيطالي شارك باكتشاف حفرية التمساح العملاق في جنوب تونس‬ (الجزيرة)
‪فريق تونسي إيطالي شارك باكتشاف حفرية التمساح العملاق في جنوب تونس‬ (الجزيرة)

ولم يمثل اكتشاف هذا التمساح الفريد من نوعه وحجمه عنصر الإثارة الأهم في هذا الاكتشاف، بل الفترة التي عاش فيها. فقد ظل علماء الحفريات يعتقدون لمدة طويلة أن هذا النوع من تماسيح "ماكيموسوروس" قد فني بانقراض شامل أنهى العصر الجوراسي قبل 145 مليون سنة، لكن اكتشاف ماكيموسوروس ريكس في وقت لاحق لهذا العصر يدل على أن تلك النظرية غير صحيحة، وأنه إذا حدث انقراض جماعي في ناحية من الأرض فإن الحياة استمرت في نواح أخرى من الكوكب.

وقد برهن هذا الاكتشاف كذلك على أن العديد من الزواحف في تلك الفترة أو الفترة التي قبلها نجت من الانقراض المفترض عبر الفصل الطبيعي الجغرافي، وعبر نظرية الانقراض المتواصل أو المستمر أو ما يسمي نظرية الانتخاب الطبيعي.

كما أعطى هدا الاكتشاف فكرة جديدة على الانتقال من العصر الجوراسي إلى العصر الطباشيري والذي صاحبته عدة أزمات إيكولوجية عامة على مستوى كامل الكرة الأرضية، كما يقول الباحث التونسي وعضو جمعية "أحباء ذاكرة الأرض" في تطاوين التي ساهمت باكتشاف العديد من المستحاثات في المنطقة.

‪اكتشاف هذه الحفرية يزعزع صحة نظرية الانقراض الشامل بنهاية العصر الجوراسي‬ (الجزيرة)
‪اكتشاف هذه الحفرية يزعزع صحة نظرية الانقراض الشامل بنهاية العصر الجوراسي‬ (الجزيرة)

وبحسب الباحث الإيطالي فانتي، فقد استطاع تمساح ماكيموسوروس أن يظل محافظا على نسله وفصيلته عشرة ملايين سنة إضافية على ما كان يعتقد علماء المستحاثات. وكان انقراض هذه الفصيلة في بداية العصر الطباشيري الأسفل، وبذلك تكون هذه الجمجمة وبقايا عظام ماكيموسوروس ريكس التي عثر عليها في تطاوين هي الوحيدة في العالم.

وفصيلة ماكيموسوروس هذه تحتوي على أربعة أنواع، ثلاثة منها عثر عليها في قارة أوروبا، وهي: ماكيموسوروس بوفيتوتي في ألمانيا سنة 2014، وماكيموسوروس هوجيي في سويسرا سنة 1837، وماكيموسوروس موزا سنة 1879. وقد عثر على بقايا هذه التماسيح في كل من ألمانيا والبرتغال وإنجلترا وفرنسا وسويسرا. أما ماكيموسوروس نواكيانوس فقد عثر عليه سنة 1938 ثم سنة 2015 في إثيوبيا، إلا أن أضخمها هو ماكيموسوروس ريكس -أي الملك- الذي عثر عليه في تطاوين مؤخرا.

يذكر أن فريق البحث التونسي الإيطالي يضم باحثين من جامعة بولونيا الإيطالية وباحثين من الديوان الوطني للمناجم بتونس، ويعمل منذ سنة 2009 على اكتشاف المستحاثات بمنطقة تطاوين، وقد توصل إلى العديد من الاكتشافات لبقيا ديناصورات وكائنات بحرية عديدة عاشت قبل عشرات ملايين السنين.

المصدر : الجزيرة