هل تحارب تطبيقات الجوال الاتجار بالبشر؟

Human trafficing apps .. Ban Human Trafficing + Crime Push + Truckers against trafficing
بعض تطبيقات الجوال التي تسهم في توعية الناس وحمايتهم من الاتجار بالبشر (الجزيرة)
جوليا موراسكيفيتش

إن التكنولوجيا -وفقاً للقول المأثور- سيف ذو حدين. ولكن عندما يتعلق الأمر بالاتجار بالبشر، فإن هذا لم يثبت بعد، فهناك من الأدلة ما يؤكد أن الهواتف المحمولة، ووسائل الاتصال الاجتماعي، والرسائل الفورية، وغير ذلك من الأشكال الحديثة من الاتصالات أعطت تجار البشر أدوات جديدة للتجنيد، والإكراه، والاستغلال. ولكن هل تستطيع التكنولوجيا -وخاصة البرمجيات التطبيقية- أن تساعد في منع إغواء وخداع المستهدفين وإعانة الضحايا؟

لقد تغلغلت البرمجيات التطبيقية إلى كل مناحي الحياة الحديثة تقريبا، من استهلاك الأخبار والمواد الترفيهية إلى إدارة الصحة والموارد المالية. وتشجع لائحة الاتحاد الأوروبي التوجيهية بشأن الاتجار بالبشر على استخدام الإنترنت لأغراض "البحث والبرامج التعليمية التي تهدف إلى رفع مستوى الوعي والحد من خطر وقوع الناس، خاصة الأطفال، ضحية للاتجار بالبشر".

وتبدو البرمجيات التطبيقية أداة طبيعية لرفع الوعي، وإتاحة المعلومات حول بلدان المقصد، وتوفير الفرص للإبلاغ عن الاتجار بالبشر.

تطبيق "احظروا الاتجار بالبشر"، يستخدم لعبة إلكترونية لتثقيف الشباب حول الاتجار بالبشر ويرشدهم بشأن كيفية التعرف على المواقف الخطرة المحتملة

تطبيقات مختلفة
الواقع أن المطورين أنشؤوا بالفعل برمجيات تطبيقية قادرة على القيام بهذا على وجه التحديد. على سبيل المثال، طورت وزارة الخارجية الرومانية تطبيق "سافر بالسلامة"، وصممته لتوفير المعلومات للمواطنين الرومانيين أثناء تواجدهم بالخارج.

وبوسع مستخدمي التطبيق أن يتعرفوا على الظروف في الدولة التي يعتزمون السفر إليها، بما في ذلك ما إذا كانت أي تحذيرات صادرة بشأن تلك الدولة. وبوسعهم أيضاً أن يستخدموا التطبيق لتنبيه أقرب بعثة قنصلية رومانية في حالة الطوارئ، هذا فضلاً عن التعرف بسرعة على ما ينبغي لهم أن يفعلوه في حال وقوع حادث، أو الإصابة بمرض، أو فقدان وثائق. ومن خلال فتح قناة واضحة للاتصال، يستطيع التطبيق أن يساعد أي شخص وقع ضحية للاتجار بالبشر أن يصل إلى بر السلامة بسرعة.

ومن الأمثلة أيضاً تطبيق "احظروا الاتجار بالبشر" (Ban Human Trafficing)، الذي يستخدم لعبة إلكترونية لتثقيف الشباب حول الاتجار بالبشر، ويرشدهم بشأن كيفية التعرف على المواقف الخطرة المحتملة، ويعطيهم الفرصة أيضاً للإبلاغ عن الاتجار بالبشر إذا تعرضوا له.

والواقع أن المتاجرين بالبشر يستفيدون من افتقار ضحاياهم إلى المعرفة الكافية بشأن ظروف العمل في بلدان أخرى وجهلهم بحقوقهم في الخارج، ولا شك أن الجهود التثقيفية جيدة العرض التي يسهل الوصول إليها قادرة على تقويض هذه الميزة.

وتسمح تطبيقات أخرى مثل "كرايم بوش" (CrimePush) لضحايا الاتجار بالبشر بتحميل الأدلة: الصور أو ملفات الصوت، أو النصوص، فضلاً عن الإبلاغ عن الجرائم فور حدوثها.

ولكن أياً كانت جودة تصميم هذه التطبيقات وقدرتها على المساعدة فمن الأهمية بمكان أن نسأل أنفسنا إذا كانت فعّالة في الممارسة العملية. ونظراً للتعقيدات المحيطة بجريمة الاتجار بالبشر، فهل تتمكن تطبيقات كهذه من تقديم المساعدة التي قد يحتاج إليها مستخدموها حقا؟

تساؤلات
بادئ ذي بدء، هناك مسألة ضمان وصول المعلومات التي تقدمها تطبيقات مكافحة الاتجار بالبشر إلى أولئك الذين هم في أشد الاحتياج إليها. من المؤكد أن ضحايا الاتجار بالبشر المحتملين من المرجح أن يكونوا قادرين، مثلهم مثل أي شخص آخر، على الوصول إلى الإنترنت أو هاتف ذكي. ولكن هل يكون المعرضون لخطر الاستغلال على عِلم بوجود تطبيق يمكنه تزويدهم بالمعلومات حول الأماكن التي يمكنهم طلب المساعدة منها؟ وهل يستخدم الأشخاص الذين يقصدون الخارج للعمل تطبيقاً من شأنه أن ينبههم إلى الإشارات الدالة على أنهم ربما يوشكون على الوقوع ضحية لتجار البشر؟

ثم هناك حقيقة مفادها أن الكثير من المعلومات حول مخاطر الوقوع ضحية لتجار البشر متاحة بالفعل على الإنترنت وأماكن أخرى، ورغم ذلك، يقرر الناس اتخاذ اختيارات ربما تكون محفوفة بالمخاطر بشأن الانتقال من ديارهم إلى الخارج لقبول وظيفة في ظل ظروف مشكوك فيها.

فإلى أي مدى قد يكون من المحتمل أن يعمل تطبيق لا يساعد في تحسين الظروف المادية التي يعيش الناس في ظلها (والتي تدفعهم إلى خوض المجازفات وتحمل المخاطر) على تشجيع الضحايا المحتملين على النظر في خياراتهم بقدر أكبر من الحرص؟ ودون معالجة هذه الظروف، فهل يكون بوسع التكنولوجيات القادرة على زيادة الوعي إحداث أي فارق ملموس؟

التطبيقات توفر وسيلة واعدة للاستكشاف بفضل فعاليتها النسبية من حيث التكلفة وانتشار تكنولوجيا الأجهزة المحمولة على نطاق واسع

عقبات
وأخيرا، من الممكن أن يعمل ما يصاحب الاتجار بالبشر غالباً من عنف وإكراه على تقويض الجدوى من هذه التطبيقات. من المؤكد أن إحدى الميزات التي تتسم بها التطبيقات أنها يمكن إزالتها بسرعة من أي هاتف. ولكن ضحايا الاتجار بالبشر يبلغ بهم الخوف من العواقب في كثير من الأحيان مبلغاً يمنعهم من استخدام وسائل الاتصال المتاحة لهم للإبلاغ عن الجرائم التي ترتكب ضدهم.

ولكن ربما تكون التطبيقات قادرة على التغلب على مثل هذه العقبات. الحق أن تأثير التكنولوجيات الجديدة على الجريمة السرية نادراً ما يمكن توقعه، وهناك احتياج إلى المزيد من الأبحاث لتحديد ما إذا كان في الإمكان اعتبار التطبيقات أدوات فعّالة في الكفاح ضد الاتجار بالبشر.

وتوفر التطبيقات بالفعل وسيلة واعدة للاستكشاف بفضل فعاليتها النسبية من حيث التكلفة وانتشار تكنولوجيا الأجهزة المحمولة على نطاق واسع. فعلى سبيل المثال، ربما تساعد إستراتيجيات التسويق الأفضل وتحسين تدابير حماية الخصوصية التطبيقات في الوصول إلى أهدافها المرجوة، وتمكينها من تجنب السيطرة القسرية التي يمارسها المتاجرون بالبشر أو حتى التحرر منها.
________________
باحثة في مشروع "TRACE" (الاتجار بالبشر بوصفه مؤسسة إجرامية) الذي تموله الأمم المتحدة.

المصدر : بروجيكت سينديكيت